كتب رامي محسن رغم الاستعدادات الواضحة لخوض الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق الانتخابات البرلمانية فإن التحالفات ما زالت على غير وفاق حتى اللحظة، فالجميع يسعى فى مساره بهدفه الوصول إلى ائتلاف يمثل القوى المدنية، ولكن التخبط كان سيد الموقف بين مشاورات واجتماعات لم تسفر عن شىء حتى الآن. (1) لائحة جديدة لمجلس النواب أبرز الأزمات التى ستواجه عضو البرلمان القادم.. أن المجلس دون لائحة داخلية.. ونعلم أن اللائحة الداخلية لأى برلمان هى بمثابة المنظم لعمل المجلس والقانون الحقيقى الذى يحكم آلياته.. فاللائحة هى التى تنظم آليات انتخاب رئيس المجلس والنصاب التصويتى.. والإجراءات التى تنظم عمل الأدوات الرقابية.. والإجراءات التى تنظم الجزاءات التى توقع على عضو البرلمان.. كما تنظم ما لعضو البرلمان من حقوق وما عليه. فكيف ستبدأ أولى جلسات انعقاد البرلمان.. دون لائحة منظمة، كيف سيتم انتخاب رئيس البرلمان والوكيلين واللجان ورؤسائها.. دون أن توجد قواعد منظمة لذلك.. لا سيما وسقوط اللائحة القديمة التى تنظم عمل مجلس الشعب ولا يجوز إعمالها على البرلمان القادم. (2) التعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة بالبرلمان الجديد نص الدستور ومن بعده القانون على تخصيص مقاعد لذوى الإعاقة، حيث إن هناك 8 مقاعد طبقا للقانون.. بالإضافة إلى ما يزيد بعد ذلك وفقا للنتائج الانتخابية، المشكلة الحقيقية.. كيف سيتم التعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة.. من تجهيزات لوجستية وتجهيزات خاصة للقاعة وأماكن مخصصة لهم.. وطريقة الدخول من وإلى البرلمان.. على البرلمان القادم أن يتنبه لذلك. (3) التصويت الإلكترونى لدينا سابقة التصويت الإلكترونى فى أثناء إقرار الدستور الحالى، وبالتالى يجب على البرلمان القادم أن يستخدم التصويت الإلكترونى فى أثناء التصويت على القرارات.. أو مناقشة القوانين... أو اتخاذ أى عقوبات أو جزاءات. فالنصاب التصويتى طبقا لقانون مجلس النواب سكون معقدا هذه المرة.. لا سيما وكثرة أعضاء البرلمان مما يستلزم معه التصويت الإلكترونى تجنبا للتشكك والمغالطات.. بالإضافة إلى أن التصويت الإلكترونى من شيم البرلمانات الديمقراطية. (4) تكدس موظفى البرلمان ألغى الدستور الحالى مجلس الشورى واكتفى بمجلس النواب، كما نص فى مادته (245) على أن ينقل العاملون بمجلس الشورى الموجودون بالخدمة فى تاريخ العمل بالدستور إلى مجلس النواب، بذات درجاتهم، وأقدمياتهم التى يشغلونها فى هذا التاريخ، ويحتفظ لهم بالمرتبات، والبدلات، والمكافآت، وسائر الحقوق المالية المقررة لهم بصفة شخصية، وتؤول إلى مجلس النواب أموال مجلس الشورى كاملة. وهذا يعنى أن هناك تضاعفا فى عدد موظفى البرلمان.. زائد على الحاجة.. لا سيما وتضارب المواقع الوظيفية.. فكيف سيتم تنظيم ذلك؟ وكيف سيتم الدمج بين موظفى الشعب والشورى؟ خصوصا بين أصحاب الدرجات الوظيفية المماثلة، وكيف سيتم التغلب على مشكلة التكدس الوظيفى.. ومشكلة الرواتب الهائلة لكل هؤلاء الموظفين.. دون أن يكون هناك إهدار للمال العام!! (5) مكان انعقاد الجلسات نعانى منذ برلمان الإخوان من أزمة ضيق قاعات مجلس الشعب (النواب حاليا)، حيث إن التجهيزات اللوجيستية والمكانية غير معدة لاستيعاب كل هذا العدد من النواب، ولمسنا ذلك فى أثناء برلمان الإخوان، أضف إلى ذلك أن هناك 70 سيدة على الأقل داخل المجلس القادم بنص القانون، فكيف سيتم استيعاب كل ذلك داخل قاعات مجلس الشعب الضيقة. بالإضافة إلى اللجان العامة للمجلس فالقاعات المجهزة لانعقاد لجان المجلس بطبيعة الحال ضيقة للغاية.. وطبقا للقانون أن كل نائب يجب أن يكون عضوا فى لجنة واحدة على الأقل.. وجرت العادة أن النائب يكون عضوا فى أكثر من لجنة، فكيف سيتم استيعاب كل أعضاء اللجان داخل القاعات الضيقة، لا سيما أن هناك خبراء خارجيين ومتخصصين يحضرون هذه اللجان طبقا لاحتياج كل لجنة. (6) تشكيل الحكومة نص الدستور فى المادة (146) منه على أن يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء، بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوما على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوما، عُدَّ المجلس منحلا ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يوما من تاريخ صدور قرار الحل. وهذا يعنى أن هناك أزمة سياسية وليست دستورية، أزمة قد تعصف بالبرلمان أجمع وتؤدى إلى حله، لذلك على عضو البرلمان من الآن أن ينتبه إلى خطورة هذه المادة وأن ينظر إلى مصلحة الوطن لا مصلحته الشخصية. (7) ميزات برلمانية تهدر المال العام اللائحة السابقة كانت تقر بعض الميزات البرلمانية التى -من وجهة نظرنا- تعتبر إهدارا للمال العام، وبالفعل قد أساء استخدامها بعض النواب، مثل السفر المجانى طيران لنواب المحافظات، والسفر المجانى للمحافظات باستخدام القطار، والاقتراض من المجلس بما لا يجاوز ال50 ألف جنيه، وجواز سفر مميز. حيث نص القانون على أن يستخرج لكل عضو من أعضاء مجلس النواب اشتراك للسفر بالدرجة الأولى الممتازة بسكك حديد جمهورية مصر العربية، أو إحدى وسائل المواصلات العامة الأخرى أو الطائرات من الجهة التى يختارها فى دائرته الانتخابية إلى القاهرة، ولا تحسب هذه المبالغ ضمن ما يتقاضاه العضو. كل هذه الميزات كانت تعطى للنائب، وأتصور أن مثل هذه الميزات ليست لها قيمة وإنما فقط إهدار للمال العام، وأتصور أنه على البرلمان القادم أن يتخلص من هذه الميزات.. لا سيما أن برلمان الإخوان وإلى هذه اللحظة لم يسدد بعض النواب القروض التى اقترضوها من المجلس.. ولم يتم ملاحقتهم جنائيا. (8) إقرار القرارات بقوانين أقر الدستور فى المادة (156) منه على أنه إذا حدث فى غير دور انعقاد مجلس النواب ما يوجب الإسراع فى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، يدعو رئيس الجمهورية المجلس لانعقاد طارئ لعرض الأمر عليه. وإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يوما من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها فى الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار. وهذا يعنى.. أن على المجلس القادم أن يقر القرارات بقوانين التى صدرت فى عهد الرئيس عدلى منصور، وفى عهد الرئيس السيسى أيضا، وهى تتجاوز ال250 قرارا بقانون.. وذلك كله خلال 15 يوما.. على أن تعرض وتناقش وإما تقر كليا أو جزئيا أو تزول بأثر رجعى. (9) التدريب البرلمانى للأعضاء الجدد نجزم أن أزمة نواب مصر منذ قديم الأزل هى عدم تلقى التدريب والتوعية الكافية على العمل البرلمانى، هذا البرلمان أكثر البرلمانات أهمية، وأكثرهم تعقيدا، هذا البرلمان يأتى بعد ثورتين، ويأتى فى ظل دستور جديد، هذا البرلمان مطالب بتطبيق الدستور الجديد وهذا يعنى أن المنظومة التشريعية سيتم تغييرها، هناك قوانين بعينها أقرها الدستور الجديد على البرلمان أن يناقشها ويقرها، هناك أجندة تشريعية مزدحمة تنتظر البرلمان القادم. هذا يتطلب نائبا واعيا.. مدربا.. يقدر أهمية دوره.. على درجة من المسؤولية والتدريب مما يجعله قادرا على استخدام أدواته البرلمانية، وقادرا على التشريع ومراجعة القوانين والقرارات والتقارير الرصدية والتقارير التى تصدر من اللجان البرلمانية. لذا.. يجب أن يتم تدريب الأعضاء -أجمعين- على آليات العمل البرلمانى، والتعامل مع اللائحة وطرق استخدام الأدوات البرلمانية، سلسلة من التدريبات المستمرة، وتبادل الخبرات بين البرلمانات العربية والدولية، وعلى النائب أن يؤمن بأهمية التدريب والتأهيل البرلمانى.. ويؤمن بالباحث البرلمانى. (10) حساسية بعض القوانين التى تنتظر البرلمان هناك بعض القوانين ذات الحساسية السياسية والمجتمعية تنتظر البرلمان القادم، مثل قانون التظاهر.. وقانون بناء الكنائس.. وقانون الحد الأدنى على الدخل.. وقوانين استثمارية واقتصادية لمواجهة عجز الموازنة.. ومشكلات البطالة وارتفاع الأسعار... وكيفية تعامل البرلمان معها. كل هذه القوانين وغيرها ذات الحساسية المجتمعية والسياسية... نعتقد أنها من أهم الأزمات التى تواجه البرلمان القادم.. وعلى النائب أن يستعد لطريقة التعامل معها.. إما أن يكون جدير بثقة الناخب.. وإما أن يكون سببا فى إخفاق كثير من الجهود.