نقل مبنى البرلمان من مكانه الحالى بوسط العاصمة إلى إحدى المناطق الجديدة فى القاهرة فكرة قديمة كان الهدف منها إنشاء قاعة جلسات حديثة تستوعب الزيادة المتوقعة فى عدد نواب البرلمان بسبب زيادة عدد السكان التى يترتب عليها زيادة عدد الدوائر الانتخابية، كما تستجيب القاعة الحديثة لتطبيق نظام التصويت الألكترونى لأهميته فى استبيان العدد الحقيقى من النواب المؤيدين أو الرافضين للمشروعات المطروحة للتصويت عن طريق الشاشة الإلكترونية التى تمنع اللبث الذى يحدث مع رفع الأيدى أو الوقوف. لائحة مجلس الشعب المتخلفة لعدة قرون عن التكنولوجيا الحديثة المطبقة فى معظم دول العالم ومازالت تعتمد على التصويت برفع الأيدى والقيام والجلوس، رغم النص فيها على التصويت الإلكترونى الذى أجاز أيضًا فى حالة تطبيقه قيام ثلاثين عضوًا من الحاضرين بالاعتراض كتابة لدى رئيس المجلس على نتيجة التصويت الإلكترونى، ويجوز فى حالة الموافقة على طلبهم أخذ التصويت برفع الأيدى والقيام والجلوس! ويؤخذ طبقًا للائحة التصويت نداء بالاسم إذا طلبت الحكومة أو رئيس المجلس ذلك، وإذا تقدم عشرون عضوًا بطلب كتابى على الأقل قبل الشروع فى أخذ الآراء وفى حالة عدم وضوح النتيجة عند أخذ الرأى برفع الأيدى أو القيام والجلوس. ومرت عن طريق تطبيق هذا النظام المتخلف فى أخذ الرأى مشروعات قوانين مشكوك فى نتائج الموافقة عليها لعدم استبيان نتيجة التصويت عليها بدقة أو لعدم اكتمال النصاب القانونى للتصويت، وظل التصويت الإلكترونى مجرد اقتراح يتجدد فى كل لقاء للمسئولين مع الوفود البرلمانية الأجنبية التى تزور البرلمان المصرى وتسأل عن طريقة الموافقة على مشروعات القوانين داخل البرلمان، ويتحجج رئيس البرلمان أو وزير شئون البرلمان بضيق القاعة التى تحولت إلى قشة تقصم ظهر مصداقية البرلمان. وفى أعقاب قرار الحكومة انشاء عاصمة إدارية جديدة على طريق القاهرةالسويس لتخفيف الزحام على منطقة وسط القاهرة، تضمن القرار نقل البرلمان إلى العاصمة الجديدة، ضمن المؤسسات التى ستنقل إلى الموقع الجديد، وهو اقتراح جيد لتفريغ وسط العاصمة من الزحام وتخفيف حدة المرور، وهو إجراء أمنى أيضًا لوجود مجلس الوزراء ومجلس النواب والعديد من السفارات والمواقع الاستراتيجية فى مربع واحد مما يخلف نوعًا من التوتر يكون ملحوظًا فى شارع قصر العينى الحيوى عندما يكون البرلمان منعقدًا. وفى آخر زيارة لوفد أجنبى سويسرى إلى البرلمان ناقش المستشار إبراهيم الهنيدى وزير العدالة الانتقالية ومجلس النواب مع السفير السويسرىبالقاهرة الاستفادة من التجربة السويسرية فى التصويت الإلكترونى داخل البرلمان، وكلام المستشار الهنيدى أو حلم تطبيق النظام الالكترونى هو كلام مكررة ممل لا تتذكره الحكومة إلا مع الوفود الأجنبية، ويتبخر بعد سفر الضيوف، وكأن تطبيق النظام الإلكترونى من المستحيلات، ويحتاج إلى خبرات أجنبية، لتطبيقه، أو كأنه إجراء نادر، جميع الوزراء السابقين للبرلمان تبنوا فكرة التصويت الإلكترونى وتصدرت مباحثاتهم مع زوار البرلمان، وفى جميع الفصول التشريعية السابقة فى عهد نظام الحزب الوطنى كانت هذه الفكرة حاضرة أيضًا، وكانت الحجة الدائمة لعدم تطبيق نظام التصويت الالكترونى ضيق القاعة الحالية لأن هذا النظام يتطلب مساحة لكل نائب تتيح له استخدام جهاز التصويت، وأصبح الأمل فى انشاء قاعة برلمانية حديثة تليق ببرلمان الثورة وبالسلطات الكثيرة التى حصل عليها هو إيجاد مبنى آخر للبرلمان بعد أن أصبح المبنى الحالى عشوائيًا غير مناسب لعقد الجلسات، لكن لن يتحقق هذا الحلم فى يوم وليلة وإذا كانت الحكومة جادة فى إنشاء العاصمة الجديدة فإن ذلك يستغرق سنوات ستظل فيها قاعة البرلمان الحالية تنوء بعبء شديد ولا تؤدى دورها المطلوب فى المرحلة الحالية، ولكن سيتم التعامل معها على طريقة العين بصيرة والإيد قصيرة حتى تفرج!