فى الجولة الثانية من كأس الأمم الأوروبية الحالية اختلف الأداء تماما من خلال المجموعة الأولى والثانية بعد الحذر والخوف من نتيجة لقاءات الافتتاح، شاهدنا تحررا فى النواحى الخططية بعد أن اتضحت كل أوراق المنتخبات المشاركة والسعى واللهاث على نقطة لتأمين الصعود إلى دور الثمانية والدخول فى مصافِّ العظماء الثمانية فى أوروبا. المجموعة الأولى.. اليونان: بعد انضباط عالٍ وخططى للفريق فى لقائه الأول ومعدل بدنى أكثر من رائع وتكتيك مناسب لقدرات لاعبيه، خرج علينا البرتغالى فرناندو سانتوس بتشكيل غريب جدا، بداية من خط دفاعه بعودة لاعب مهم جدا من لاعبى الوسط هو كاتسورانس للعب فى قلب الدفاع، أعتقد أنه أثر كثيرا على شكل اليونان فى أقوى وأهم خطوطه، وأيضا التغيير فى أكثر من لاعب أثر على قوة المنتخب فى الانسجام الذى ميزه فى اللقاء الأول، كما أن تغيير رأس الحربة من جيكاس إلى سامراس أثر بشكل قاطع على كل خطوط الفريق ليختلف الشكل والأداء فى كل الخطوط من فريق متجانس إلى فريق واهٍ، أهم ما يميزه التماسك ولكنه تحول إلى فريق فاقد للهوية والتنظيم والانضباط فى كل خطوطه. التشيك: لعب على أمر واحد فقط هو الضغط من البداية لخطف هدف، وقد كان مع أفضل لاعبى الفريق يارشيك الذى بدأ البطولة كلاعب ارتكاز صريح، ولكنه تحول إلى طرف يمين لوقف أخطر جبهة لدى اليونان، وأدى ذلك بنحاج كبير، اعتمد على التسديد القوى من الخارج فى المساحات التى كان يتركها لاعبو اليونان فى غرابة شديدة، اعتمد على ملء خط الوسط حتى لا يُرهَق اللاعبون بدنيا مع فريق قوى جسمانيا، أعطى تعليمات لخط الدفاع بالكامل بعدم التقدم إلى الأمام خصوصا الطرفين، وهم النقاط التى تقارب خطى الدفاع والوسط حتى لا يفقد الفريق المخزون البدنى لينهى اللقاء من بدايته، وليدخل مرة أخرى فى المنافسة على الصعود إلى الدور الثانى. بولندا: اللعب مع الروس بنفس السلاح فى عدة أمور، الأولى السرعة، الثانية الهجمة المرتدة، الثالثة التحرك دون كرة للرباعى الأمامى. اعتمد على ثلاثى ارتكاز على عكس اللقاء الأول بخروج لاعب أطراف ريبوس، وإشراك نازرينكو، وهو نقطة التمويل فى اللقاء فى الدفاع والصناعة والسيطرة والتحكم فى سير اللقاء، من أهم النقاط تفعيل الأطراف، خصوصا الجبهة اليمنى التى لعبت على زيكوف المتقدم جدا إلى الأمام، وبالفعل نجح فرنشيسك سمودا المدير الفنى لبولندا فى وقف أهم وأخطر مفاتيح لعب الروس فى الخط الأمامى، بولندا كما ذكرت غيرت طريقة لعبها من 4-2-3-1 إلى 4-3-2-1 بالزيادة فى الوسط، أهم قوة للروس. روسيا: لعبت بنفس طريقة 4-3-3 وبنفس الفريق والاعتماد على الهجمة المرتدة والانطلاق السريع من الأطراف ومن الخلف، خصوصا زيركوف والاعتماد على الخماسى أرشافين ودزاجويف وكارزكوف وشيركوف وزرينوف، بالإضافة إلى المدافع الأيسر زريكوف للتوغل والاختراق والتسديد والهجمة المرتدة والتحرك فى كل مكان، ولكن فى رأيى الشخصى نقطة الاختلاف كانت عند أرشافين الذى تعمد تعطيل اللعب على غير عادة الأداء للروس من التقدم لإرباك الخصم، وهذه كانت أضعف النقاط التى أثرت على سرعة الروس وانطلاقتهم، وأيضا «المنظرة» فى الأداء من اللاعب نفسه، يكفى أن أقول من خلال الكرات التى تسلمها أرشافين إنه تم قطعها أكثر من 19 مرة منه، وهذا معدل كبير جدا على لاعب يُعتبر نقطة الانطلاق للروس فى كل هجماتهم، مما أعطانا إحساسا بالتراخى، خصوصا فى الخط الأخير الأضعف بالنسبة إلى البولنديين. المجموعة الثانية.. البرتغال: عدة نقاط كان لها تأثير كبير على شكل البرتغال، مع أن الفوز غير مستحَق للأداء العالى غير المتوقع من نجوم الدنمارك، أولا سوء حالة رونالدو، ثانيا الضغط المفروض على الفريق، ثالثا الأنانية فى معظم أوقات اللقاء لنانى، رابعا ثلاثى الوسط ليسوا بلاعبين مهاريين للتواصل، خامسا ضعف دكة البدلاء فى النواحى الهجومية بعيدا عن فريلا فهو لاعب وسط، سادسا هناك مساحة شاغرة كبيرة بين خطَّى الوسط والهجوم، سادسا الكرات العالية على الفريق أصبحت عبئا عليهم، وأعتقد أن التوفيق ضرب كل هذه النقاط. الدنمارك: يستحق أكثر من فريق بحجم البرتغال يمتلك أغلى وأمهر لاعب فى العالم الذى يساوى ثمنه كل لاعبى الدنمارك بالكامل ال23، ومع ذلك يتعادل، وكان الأكثر ظهورا فى الملعب من كل لاعبى البرتغال. مجهود بدنى وقوة وتحرك واستغلال أخطاء الخصم خصوصا فى الخط الأخير من كرات عالية عن طريق الجناحين، مارتن أولسن قدّم واحدة من أفضل مبارياته التكتيكية بعد الخسارة بهدفين بالضغط أكثر على خط دفاع البرتغال بثلاثى أمامى، بينتنر فى القلب وميكيلسن البديل فى اليمين وكرون ديل فى اليسار، لاعب ارتكاز واحد هو كيفست، وأمامه لاعبان هما كريستن إريكسن وبلسون البديل فى منطقه المناورات للضغط أكثر على خطَّى الوسط والدفاع، ليحول الشكل الدنماركى إلى طريقة 4-1-2-3 على عكس بداية اللقاء بطريقة 4-3-2-1، وهو إلى حد ما نفس الشكل التكتيكى للقاء السابق أمام هولندا، ولكن الأخطاء تكمن فى الكرات العالية لقلبَى الدفاع التى لم تكن موجودة فى السابق، وهى أهم وأخطر أوقات المباراة على فريق لا يمتلك خبرة مثل الدنمارك. ألمانيا: فريق تشعر كأنه كتيبة عسكرية، الكل يعمل بانتظام، هناك شىء مدربون عليه، لديهم مهامُّ عليهم تأديتها بشكل سليم جدا، توافق فى كل الخطوط، طريقة اعتادها منذ أن تولى القيادة خواكيم لوف، تشعر كأنهم أصحاب خبرة عالية جدا مع أنهم الأقل عمرا فى البطولة، بالطبع هناك أسباب تجعلك تقتنع بالمانشافت، أولا معظم قوام الفريق من بايرن ميونخ، فى كل خط تجد أكثر من لاعبين، يعنى التجانس فى كل خط، ثانيا الخبرة التى اكتسبها الفريق فمنذ أكثر من عامين لم يدخل عليهم لاعب جديد فى التشكيلة عدا هومليس، ثالثا الفريق يتحرك ككتلة واحدة فى كل الخطوط، رابعا الأكثر وصولا إلى المرمى من باقى المنتخبات بجانب الروس، خامسا أفضل المنتخبات فى استغلال أخطاء الخصم. دليلى على هذا بالعودة إلى هدفهم فى البرتغال من كرة عالية هى أهم وأخطر ثغرة فى البرتغال، والليلة أمام هولندا الجبهة اليسرى التى يلعب بها لاعب صغير السن أمام مولر، وأزريل وأحيانا شفينشتايجر، سادسا أعتقد أنها أهم وأخطر نقطة فى الفريق، أعنى لاعبى الارتكاز، أفضل من يؤدون أدوارهم، وبشكل مدروس ومحدد هجوميا ودفاعيا، لذلك تَفوَّق الألمان على أغلى وأقوى خط هجوم فى العالم، والسبب معروف عند الهولنديين، أولا التشكيل الخاطئ لهم من بداية البطولة، أفيلاى على حساب ديرك كاوت، وثانيا شنايدر على حساب فان دير فارت، واللعب برأس حربة واحد وهو يمتلك رأسَى الحربة الأكثر تهديفا فى أوروبا، وثالثا عدم تعديل وتغيير الطريقة بما يتناسب مع إمكانيات الخط الأمامى، والإصرار على لاعب صغير السن فى جبهة لا تجيد الدفاع مكونة من أفيلاى وفاليمس، الاثنان لا يتحملان ضغط بطولة بحجم اليورو، ورابعا خط دفاع دون لاعبى ارتكاز للتأمين، خصوصا فى اللقاء، والخطأ فى الهدفين للاعبى الارتكاز المكلفين برقابة شفينشتايجر قبل صناعة الهدف. أعتقد أن هولندا تستحق الخروج للفردية فى الأداء والأخطاء التى يحملها مدير فنى محنك مثل بيرت فان ميرفاك.