لا يمكن لأحد أن يحصى آلاف الكلمات التى كتبت وعشرات الصفحات التى سوّدت خلال الأعوام الماضية مطالبة محمد سعد بالوقوف مع نفسه واحترام موهبته وعدم إهدارها، وكنت دائما أتأرجح بين التعجب من إصراره الشديد على ما يفعله بقناعة تشبه العقيدة، والتأذى من نوع الأعمال التى يقدمها ويتم الترويج لها باعتبارها أفلاما سينمائية جماهيرية، وكان محركى فى الحالتين هو الغيرة على الموهبة وعلى الفن، على الموهبة التمثيلية التى شارف صاحبها على الخمسين من عمره دون أن يقدم عملا واحدا يخلد به اسمه، وعلى فن الصورة الذى يترسخ له مفهوم خاطئ فى أذهان الجمهور بصورة متزايدة فى كل عمل. والأزمة الحقيقية فى فيلم «تك تك بوم» هى أن محمد سعد ومعه صناع الفيلم لم يكتفوا بنهج إهانة الموهبة والفن الذى التزم به النجم فى أفلامه السابقة، بل دفعتهم الرغبة فى الاستفادة من الظرف المجتمعى الذى تعيشه البلاد إلى الخروج إلى رحاب إهانة الوطن كله.. لا يهمنى هنا إصرار سعد على التلوى بجسده والتطجين بلسانه، فهو اختياره بأى حال من الأحوال.. ولا يشغلنى تصوير فيلم تتكون كل مشاهده من ثلاث أو أربع لقطات على الأكثر، جميعها تم تصويرها بكادرات من المواجهة وبمستوى كاميرا واحد، كأن المخرج لم يقم بعمل «ديكوباج» لفيلمه من الأساس، فهو أيضا اختيار شخصى، لكن ما جرحنى بشكل شخصى، بالفعل، هو الإساءة المتعمدة إلى الوطن والثورة والثوار والشرطة، وكل من كان له علاقة بالأشهر الماضية. فالسينما الروائية تقوم بدور تسجيلى سواء شئنا أم أبينا، والفيلم الذى يدخله جمهور المراهقين الآن سيعرض بعد عقد من الزمان على الشاشات حاملا وصفا مرجعيا لما كانت عليه الحال فى وقتنا هذا، وبعيدا عن محاولة محمد سعد النجم والمؤلف وغالبا المخرج، للاستفادة من ثورتنا فى خلق إفيهات متدنية يداعب بها شباك التذاكر، فإننى أشعر بشكل شخصى بالإهانة الشديدة لفكرة مشاهدة ابنى يوما عملا ما يرصد الثورة، وقد قام بها مجموعة من الأشخاص كتبوا على حواسبهم «بروفة تخطيط ميدان التحرير»، ثم اتجهوا لتيكا صانع البمب محاولين ضمه إلى الثورة، التى ما كانت لتنجح دون جهوده الأمنية الضخمة!