مصدر يكشف ل"أهل مصر" موعد إعلان الحكومة الجديدة    تأييد حكم حبس مدير حملة أحمد الطنطاوي    مجلس النواب يوافق نهائيا على مشروع خطة التنمية الاجتماعية 2024/2025    ارتفاع أسعار الخضراوات اليوم الإثنين في الفيوم.. البطاطس ب 20 جنيهًا    محافظ المنيا: تواصل استقبال القمح وتوريد 346 ألف طن منذ بدء الموسم    محافظ قنا: جهود مكثفة لإنجاز ملف التصالح فى مخالفات البناء    ارتفاع حصيلة شهداء العدوان على غزة إلى 36 ألفا و479    الدفاع الروسية: خسائر الجيش الأوكراني نحو 1.7 ألف جندي خلال يوم    صندوق الأغذية العالمي يعلن تقديم مساعدات إنسانية ل65 ألف متضرر من الفيضانات في أفغانستان    «نسك».. بطاقة ذكية تُسهل رحلة الحجاج وتُعزّز أمنهم خلال حج 2024    بعد وصافة أوروبا.. سكاي: إدارة دورتموند تجتمع مع ترزيتش لتمديد عقده    الرباط الصليبي يبعد مدافع أتالانتا من قائمة إيطاليا في يورو 2024    رئيس أتليتكو مدريد يكشف حقيقة مفاوضات صلاح.. ومونديال الأندية الجديد ومستقبل فيليكس    نتيجة الشهادة الإعدادية جنوب سيناء 2024.. متاحة الآن على هذا الرابط    تخرج دفعة جديدة من ورشة «الدراسات السينمائية» بقصر السينما    مهرجان روتردام للفيلم العربي يسدل الستار عن دورته ال 24 بإعلان الجوائز    لإنتاج 6 مسكنات ومضادات حيوية.. وزير الصحة يشهد توقيع شراكة بين «الدواء» وشركة أمريكية    ممثل الأغلبية: نوافق على أضخم موازنة فى تاريخ مصر والأكثر إدراكا للصدمات الاقتصادية    نقيب المعلمين: تقديم الدعم للأعضاء للاستفادة من بروتوكول المشروعات الصغيرة    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    السكة الحديد: تعديل تركيب وامتداد مسير بعض القطارات على خط القاهرة / الإسماعيلية    سلطنة عُمان ترحب بالمبادرة الأمريكية لإنهاء الحرب في غزة    عميد الكلية التكنولوحية بالقاهرة تتفقد سير أعمال الامتحانات    القاهرة الإخبارية: 12 شهيدا جراء قصف إسرائيلى استهدف المحافظة الوسطى بغزة    عاشور: الجامعة الفرنسية تقدم برامج علمية مُتميزة تتوافق مع أعلى المعايير العالمية    لمواليد برج الدلو.. ما تأثير الحالة الفلكية في شهر يونيو 2024 على حياتكم؟    «شرارة» يؤكد على دور الأغانى والأناشيد الوطنية في غرس القيم وإعلاء حب الوطن    مقابلات للمتقدمين على 945 فرصة عمل من المدرسين والممرضات في 13 محافظة    وزير الصحة يستقبل مدير المركز الأفريقي لمكافحة الأمراض لتعزيز التعاون في القطاع الصحي    "أسترازينيكا" تطلق حملة صحة القلب فى أفريقيا.. حاتم وردانى رئيس الشركة فى مصر: نستهدف الكشف المبكر لعلاج مليون مصرى من مرضى القلب والكلى.. ونساند جهود وزارة الصحة لتحسين نتائج العلاج والكشف المبكرة عن الحالات    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    رئيس جامعة المنوفية يشارك في اجتماع مجلس الجامعات الأهلية    «ابتعدوا عن الميكروفون».. رئيس «النواب» يطالب الأعضاء باستخدام أجهزة القاعة بشكل صحيح    أفشة: الجلوس على الدكة يحزنني.. وأبو علي هيكسر الدنيا مع الأهلي    بالأسماء.. شوبير يكشف كل الصفقات على رادار الأهلي هذا الصيف    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات اليوم الإثنين    عاجل..صندوق الإسكان الاجتماعي: الفترة المقبلة تشهد الانتهاء من تسليم جميع الوحدات السكنية المطروحة ضمن الاعلانات السابقة    28 يونيو الجاري .. جورج وسوف يقدم حفله الغنائي في دبي    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    انهيار منزل ونشوب حريق في حادثين متفرقين دون إصابات بقنا    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    "ما حدث مصيبة".. تعليق ناري من ميدو على استدعائه للتحقيق لهذا السبب    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    هل يجوز ذبح الأضحية ثاني يوم العيد؟.. «الإفتاء» توضح المواقيت الصحيحة    أول تعليق من التعليم على زيادة مصروفات المدارس الخاصة بنسبة 100 ٪    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    محمد الباز ل«بين السطور»: فكرة أن المعارض معه الحق في كل شيء «أمر خاطئ»    أفشة: كولر خالف وعده لي.. وفايلر أفضل مدرب رأيته في الأهلي    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العبور الأكبر
نشر في التحرير يوم 02 - 09 - 2011

هل لكل كتب الطب فائدة إن لم يكن الإنسان يغسل يديه قبل الأكل وبعد استخدام الحمام؟ لا. الإنسان الذى يقرأ كتب الطب لكنه لا يلتزم بالمبادئ الصحية البسيطة يشبه الحمار الذى يحمل كتبا على ظهره ولا يفقه منها شيئا. هكذا مكان عبور المشاة. رسالة احترام وتراحم توجهها الدولة والمجتمع والمواطن إلى المواطن. رسالة أفضل من كل البيانات العسكرية والخطب الرئاسية والمقالات التى تنادى بالكرامة والحرية. ورسالة أهم من ذكريات الصحفى الفلانى عن نجاح مصر فى كسر المؤامرة الدولية منذ خمسين سنة، وأهم من أهم كتاب عن التربية الوطنية.
لأن مكان عبور المشاة تربية «وطنية» عملية على أن الوطن يحترمنى كفرد ويقدر حياتى وحياة أطفالى بغض النظر عن وضعى الاجتماعى وعن رصيدى فى البنك وعن معتقدى. وهو تراحم اجتماعى بين راكب السيارة مهما كان نوعها والسائر على قدميه سواء كان شابا أو شيخا أو طفلا. مكان عبور المشاة هو قول السيد المسيح والنبى محمد والحكماء الذين سبقوهما أو جاؤوا بعدهما مكتوبا على الأرض، أن أحب لأخيك ما تحبه لنفسك. وهو -لو تفكرت فى غرضه- القانون فى قلب روح جوهره.
إن كنت تقود سيارة وتوقفت قبيل مكان عبور المشاة فإنك تقول للعابر من الناس: إننى أراك، أنت إنسان من روح ودم ولست كما مهملا. ليس من حقى أن أستأثر بالطريق لأنى أجلس فى سيارة بينما تسير أنت على قدمين. أى تصادم بينى وبينك لن يؤذينى فى شىء لكننى رغم ذلك أتوقف لأنه سيؤذيك وقد يودى بحياتك، وأنا حريص عليك.
أما إن كنت ماشيا على قدمين وأصررت على استخدام مكان عبور المشاة فأنت ترفع كتاب الحقوق المقدس بيدك عاليا، وتحتكم إليه. أنت تؤدى دورك فى إقرار دولة القانون والإصرار عليها. صدقنى إن الإصرار على حقوقك الصغيرة هو السبيل لكى يصير القانونُ الحكمَ فى الأمور الكبرى.
لكننا إذ نتحدث عن القانون نعود إلى حيث بدأنا. إن هذا «التغيير الضخم جدا جدا» لن يتحقق إلا بسلطان. بخطوط سوداء وبيضاء يتعارف عليها العالم كله، بإضاءة واضحة ويفط واضحة حاسمة تخبر السائقين أن هذا مكان الأولوية فيه للمشاة، بقانون يعلمه الجميع، وبعقوبات صارمة لمن يخالف، بآليات عملية لضبط من يخالف.
نريد أن نبدأ فورا بنموذج فى حى معين يمتد إلى ما يجاوره من أحياء. تعالوا نبدأ من الأقاليم لعل القاهرة تدرك أن قوانين المرور ممكنة التطبيق، ليس فقط فى دول الغرب والشرق البعيدين، وإنما على بعد خطوات. تعالوا نبدأ أمام المصالح الحيوية وأمام المدارس. تعالوا نبدأ بمطبات صناعية قبيل مكان عبور المشاة بأمتار خمسة حتى نتعود. المهم أن نبدأ. المهم أن نقول للمواطن السائر على قدميه: إنك مهم وإننا جميعا نقف احتراما لك.
الشارع المصرى يكاد لا يلتفت للمواطن السائر على قدميه ولا يكترث به. مدينة أسيوط، التى تجملت مؤخرا بطلاء مبانيها بنفس اللون، تخلصت من الأرصفة نهائيا، فى تصرف لم أر مثيلا له فى مدينة أخرى. حجة من أيدوا هذا القرار أن المشاة لم يعودوا يلتزمون بالرصيف فى سيرهم. ولو فكر هؤلاء قليلا لوجدوا أن الناس لا يلتزمون بالأرصفة لأن الأرصفة لم تعد معدة للسير. إما لأن محلات البقالة تشغل أجزاء من الرصيف، وإما لأن المبانى تشغل أجزاء من الرصيف بمداخل جراجاتها الأرضية، وإما لأن السيارات تسد الأرصفة، إلى آخره. لو أردنا إصلاح الوضع فعلينا أن نحل هذه المشكلات ونعيد الحياة إلى الأرصفة، لا أن نلغيها، كمن كُسرت يده فقطعها.
تخطيط المدن يجب أن يعتمد فلسفة المدن، التى تتسم بالنظام والالتزام. وهو أيضا تخطيط وظيفى لا يترك الأمور -فى الحيز العام- لرغبات الأفراد العشوائية. الرصيف له دور، إشارة المرور لها دور، الأسهم والاتجاهات لها دور، وأماكن عبور المشاة لها دور. لو أنجزنا هذا فقد أنجزنا إنجازا ضخما يعيد الحياة للمدينة المصرية التى تتآكل مفرداتها منذ ستين عاما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.