هل تغزلت صباح فى عيون جمال عبد الناصر وقالت له «من سحر عيونك ياه».. هذا هو ما ذكرته صباح فى مسلسل «الشحرورة» للكاتب أيمن الشندويلى، وقدمه باعتباره حقيقة فى الحلقة رقم 21.. الأكثر من ذلك أن عبد الحليم حذرها أن لا تغنيها فى الحفل الذى يحضره جمال فى الذكرى الخامسة لثورة 23 يوليو، مؤكدا لها أن هذه رغبة الجيش المصرى إلا أنها تحدت الجميع وقالت له «من سحر عيونك ياه.. من سحر جفونك ياه» وبادلها عبد الناصر نظرة بنظرة وضحكة بضحكة وغزلا بغزل خصوصا فى المقطع الذى تقول فيه «نسيت ليالى نورتهالى نسيت ياه»!! الحقيقة الثابتة هى أن هذه الأغنية قدمت فى فيلم «إغراء» للمخرج حسن الإمام عام 57، وكتب الكلمات الشاعر مأمون الشناوى ولحنها الموسيقار محمد عبد الوهاب، وكانت تتغزل فيها صباح طبقا للسيناريو فى عيون حبيبها شكرى سرحان.. الكاتب الكبير نجيب محفوظ كان هو الرقيب فى تلك السنوات، ووجد فى أداء صباح لكلمة «ياه» قدر من المبالغة الأنثوية ورفض التصريح بها، وهكذا تأخر عرض الفيلم أسبوعا حتى أعادت صباح التسجيل مرة أخرى وأقلمت أداءها المبالغ فيه فى «ياه»!! هذه هى الحقيقة ولا شىء أبعد من ذلك، ولكن بعد أن عرضت هذه الحلقة، أول من أمس، من المؤكد أن الجميع سوف يصدق أن صباح كانت علاقتها بالثورة مزيجا من الحب لعبد الناصر، والتحدى أيضا للجيش، بينما عبد الحليم يبدو أنه رسول الغرام لعبد الناصر والخادم الأمين لما يريده أعضاء مجلس قيادة الثورة!! إنه تاريخ لم يحدث وليس من حق أحد أن يشطح به خياله إلى هذه الدرجة.. ربما يصبح السؤال المنطقى هل صباح تكذب عامدة متعمدة؟ إجابتى هى لا.. إنها فقط تعتقد أن هذه هى الحقيقة!! الإنسان مع مرور عشرات السنوات تختلط عليه الحقائق بالخيال ويضيف ويحذف لا شعوريا الكثير.. إلا أن الواضح هو أن كاتب المسلسل لم يبذل أى جهد توثيقى ليتأكد من المعلومة أو حتى يُعمل العقل ليعرف ظروف تقديم هذه الأغنية، هل هى أغنية حفل أم أغنية فيلم مكتوبة طبقا لموقف درامى؟ صباح غنت بالمناسبة لجمال عبد الناصر «أنا شفت جمال» والإذاعة المصرية تقدم هذه الأغنية باعتبارها أغنية عاطفية معتقدين أنها تقصد الصفة وليست اسم جمال.. أتذكر أن المخرج كمال عطية، وكان يمارس أيضا تأليف الأغانى، كتب لصباح أغنية «الغاوى ينقط بطقيته».. وقدمت الأغنية فى حفل ببورسعيد، وكان عبد الناصر حاضرا الحفل، وقال لى كمال عطية إن كلمة خارجة انطلقت من متفرج استمع إليها الجميع على الهواء وارتبكت صباح، ولكن جاء القرار بضرورة الاستمرار فى الغناء.. لا أتصور أن هذه الواقعة سوف يتضمنها المسلسل. كثير من التحليلات الغنائية التى تحمل مبالغة تتعلق بعبد الناصر تم تداولها مثل أن أغنية «آه يا أسمرانى اللون» كتبها الأبنودى وغنتها شادية ولحنها بليغ تتغزل فى الأسمرانى عبد الناصر، وإن مقطعا فى أغنية عبد الحليم «جانا الهوى» يقول «اللى شبكنا يخلصنا»، أراد الكاتب محمد حمزة، والملحن بليغ، أن يوجهاها لوما إلى عبد الناصر بعد هزيمة 67.. وغيرها من الظلال التى لا تمت للحقيقة بصلة، إلا أنه من الممكن التسامح معها.. ولكن أن تصبح «من سحر عيونك ياه» رسالة غزل فى عيون وجفون جمال عبد الناصر.. يبدو أن الأمر اختلط على صباح بين عبد الناصر ورشدى أباظة!!