أكثر العناصر تعرُّضًا للظلم فى منظومة كرة القدم هم الحكام الذين لا يجدون مَن يشجعهم أو يسامحهم على أخطائهم. الجماهير تتناسى هفوات اللاعبين والمدربين وتمنحهم الفرصة تلو الأخرى من أجل تصحيح الأوضاع، لكنها لا ترحم ذلك الرجل الذى يقف وحيدًا فى الملعب -بلا سند أو مساندة- إذا أصدر قرارًا لا يعجبهم أو يصب فى صالح فريقهم.. الحَكَم مطالب دائمًا بأن يكون ملاكًا منزَّهًا عن الخطأ وإلا طالته اللعنات والاتهامات بالانحياز أو الرشوة وربما بالعمى! جهاد جريشة لم يحتسب ضربة جزاء صحيحة من لمسة يد واضحة فى مباراة الأهلى والإسماعيلى، أول من أمس، وأطلق صفارته، مشيرًا إلى خطأ على المهاجم، هذا ما رأيناه جميعًا بعد الإعادة التليفزيونية البطيئة من مختلف الزوايا، لكن.. هل كان أحد منّا متأكّدًا قبلها أن المدافع شوقى السعيد هو الذى ضرب الكرة بيده وليس عمرو جمال؟ هل الالتحام الهوائى بينهما -مع وجود لاعبين آخرين حولهما- كان يسمح لجريشة أن يرى اللعبة بوضوح؟ أتمنى من كل الغاضبين أن يضعوا أنفسهم مكانه كى يلتمسوا له العذر على هذا الخطأ غير المقصود الذى تكرَّر وسيتكرَّر مع كل قضاة الملاعب على مستوى العالم. العائد المادى الذى يحصل عليه الحكام المصريون لا يتناسب مع حجم الجهد الذى يبذلونه ولا يعوّض كم الضغوط أو الشتائم التى يتعرّضون لها، بدلات حَكَم الدورى الممتاز عن المباراة الواحدة تبلغ 2000 جنيه، بينما مثيله فى الليجا الإسبانية ينال 3400 يورو (نحو 33 ألف جنيه مصرى) أما حُكَّام الدورى الإنجليزى فيعاملون كمحترفين ويتقاضى كل منهم راتبًا شهريًّا يصل فى المتوسط إلى 24 ألف يورو، بما يعادل 230 ألف جنيه! سياسة (القلب الأسود) مع الحُكَّام جعلت الجمهور المصرى يتذكَّر حتى اليوم الوقائع التالية: 1- ضربة الجزاء التى احتسبها (الديبة) عام 72 على مروان كنفانى حارس مرمى الأهلى، عندما اصطدم بإبراهيم الدسوقى لاعب الزمالك، فى لعبة ما زالت محل جدل حتى اليوم. فاروق جعفر نفَّذ الضربة بنجاح وأحرز هدفًا اقتحمت بعده الجماهير الغاضبة أرض الملعب وأُلغيت المباراة. 2- حسن شحاتة أحرز هدفًا صحيحًا فى مرمى إكرامى عام 82، لكن محمد حسام ألغاه بناءً على راية مساعده عبد الرؤوف عبد العزيز، الذى أشار إلى تسلل اللاعب رغم وجود 3 من مدافعى الأهلى يسبقونه بمسافة كبيرة. هذا الهدف الملغى تسبَّب فى ضياع بطولة الدورى من الزمالك. 3- عام 2009 احتسب كمال ريشة حَكَم مباراة الأهلى وطلائع الجيش، هدفًا لصالح أبو تريكة رغم وجود دفعة واضحة باليد اعترف بها (القديس) بعد ذلك! هذا الهدف الباطل مهَّد الطريق إلى فوز الأهلى بلقب الدورى عقب مباراة فاصلة مع الدراويش. 4- عام 2011 تغاضى ياسر محمود عن احتساب ركلة جزاء لصالح الزمالك بعد أن تعمَّد حسين حمدى لاعب مصر المقاصة، لمس الكرة بيده داخل المنطقة، كما رفض أيضًا احتساب هدف صحيح لصالح عبد الشافى بدعوى وجود تسلل كان وهميًّا، خسر الزمالك هذا اللقاء بهدف واحد، وأعلن ياسر اعتزاله التحكيم.