كل الجرائم تهون أمام جريمة خيانة الوطن. نحن الآن أمام أكبر وأخطر جريمة خيانة عظمى فى تاريخ مصر الحديث، حيث المتهم الرئيسى كان رئيسًا للجمهورية وباقى المتهمين كانوا يمارسون خيانتهم من داخل قصر الرئاسة!! كارثة «الإخوان» الكبرى أنهم ليسوا فقط جماعة إرهابية تتاجر بالدين، ولكنها جماعة لا تعرف معنى الوطن، ومن هنا تذهب إلى مستقنع الخيانة، بل وربما تتعامل مع هذه الخيانة باعتبارها نوعًا من الجهاد!! هكذا امتد الطريق بالجماعة منذ نشأت تحت رعاية وتمويل الاحتلال البريطانى والشركة الفرنسية التى كانت تغتصب قناة السويس، وحتى النهاية وهى فى عهدة المخابرات الأمريكية ودعم واشنطن التى دعمت الجماعة حتى وصلت إلى الحكم، وقاتلت من أجلها بعد أن أسقطها الشعب فى «30 يونيو». فى غياب معنى الوطن تصبح الخيانة عندهم مجرد وجهة نظر. وتفاجأ فى أعقاب ثورة يوليو 52 وبينما مصر تضغط بكل ما تملك على بريطانيا لتحقيق الجلاء بعد احتلال لأكثر من سبعين عاما، بأن الجماعة تدير مفاوضات سرية مع المحتل، وتعرض قبول ما رفضته مصر من شروط.. مجرد «وجهة نظر» لأنهم لا يعرفون معنى الوطن!! ويتطور الأمر إلى صراع لم يتوقف للاستيلاء على السلطة ومؤامرات ومحاولات اغتيال بدؤوها فى الأربعينيات، وعادوا إليها بعد ثورة يوليو، ومخططات لتدمير كل المرافق كما حدث فى مؤامرة 1965، ثم تأكيدهم مرة أخرى على معنى غياب الوطن حين أقاموا صلاة الشكر -كما اعترف مرشدهم- لهزيمة مصر فى عام 1967 (!!) بينما شعب مصر العظيم يرفض الهزيمة ويتعاهد مع قيادته على الثأر ويوفى بالعهد بعد نضال وتضحيات لا يعرفها من يعتبرون الخيانة «وجهة نظر»!! التفاصيل كثيرة على مدى ما يقرب من نصف القرن بعد ذلك، لكن أحدًا لم يتصور أن يصل الأمر إلى هذه الفجيعة، حيث الإخوان فى الحكم «مهما كان الطريق إلى ذلك» وحيث رئيس مصرى «أيًّا كان توجهه» يسقط فى بئر الخيانة، ويحول قصر الرئاسة إلى مركز للتجسس على الدولة التى يحكمها، ونقل أسرارها إلى دول أجنبية، وتهريب أخطر المستندات التى تتعلق بالأمن القومى لكى يتم تسليمها لأعداء الوطن الذين هم -فى نفس الوقت- أصدقاء الجماعة وداعموها ومن استخدموها -وما زالوا- ضد مصر وشعبها وجيشها وثورتها التى أجهضت مخططاتهم، ومنعتهم من تحويل مصر إلى مركز للإرهاب الذى يعصف بالمنطقة وينشر فيها الفوضى الأمريكية تحت غطاء عصابات الإرهاب التى تتاجر بالدين.. بدءًا من «الإخوان» وحتى «الدواعش». فى أوراق التحقيق التى نُشر بعضُها حول هذه القضية أشياء مرعبة، فالأسرار الخطيرة التى تم تسريبها أعتقد أن الدولة تعاملت -بعد الثورة- مع آثارها السلبية الخطيرة، وأعتقد أن العدالة لن تترك حق الوطن فى هذه القضية مهما كانت الضغوط (!!).. لكن الأهم أن ندرك أن تسريب الوثائق الخطيرة وتعريض أمن مصر إلى الخطر كانا نهاية طريق لا بد أن نعرف كل أسراره.. بالطبع ندرك الآن أن مصر «فى عهد مرسى» كانت تحت حكم عصابة خائنة بكل معنى الكلمة، ولكننا نريد أن تكون هذه القضية كاشفة لأسرار لم يعد ممكنًا أن نتجاهلها!! نريد أن نعرف هل كان مرسى مجرد أداة فى يد تنظيم الجماعة المتحالف مع الأمريكان، أم أن دوره بدأ فى أمريكا طالبًا للعلم، وانتهى به مع أمريكا أداةً لتنفيذ سياستهم؟! ونريد أن نعرف هل كان التجسس من داخل «الاتحادية» استمرارًا لطريق بدأ قبل ذلك بكثير، خصوصا إذا كان مدير مكتب مرسى، وهو المسؤول الأول عن تسريب الوثائق، هو نفسه مسؤول الاتصال بنين «الإخوان» والمخابرات الأمريكية قبل ثورة يناير؟! ونريد أن نعرف «مع كل شعب مصر» لماذا أرادت دويلة قطر أن تحصل على وثائق الأمن القومى المصرى؟ وما ردنا على ذلك؟ وهل سنمضى فى التصدى لإرهاب «داعش» وأخواته فى تحالف يتصور البعض أنه يمكن أن يضم الإرهاب المعتدل (!!) الذى يجمع بين الإخوان وقطر وتركيا، والذى كان -ولا يزال- موضعًا لرعاية أمريكية.. حتى الآن على الأقل؟!