إذا كتبت بعقلى سأرفض أن يضخ المصريون 6 مليارات فى يوم واحد لمشروع القناة، طمعا فى الربح تحت شعار الوطنية.. وأتصور أننا نحتاج أولا إلى مشروع قومى لإنقاذ منظومة الصحة المنهارة.. ثم التعليم، ثم قناة السويس. لكن مجلس العلماء الذى شكله الرئيس جدد تفاؤلى.. وأتمنى أن يطرح الرئيس على الشعب مشروع الصحة بنفس حماس وشهادات مشروع القناة، ود.مجدى يعقوب قادر على تقديم النموذج الناجح لإنجلترا وتشكيل فريق العمل القادر على إنجازه.. أتمنى إعلان التأمين الصحى لكل مواطن مصرى مقابل الضرائب، ويبدأ بتأميم كل المستشفيات التجارية الخاصة -وتعويض أصحابها من حصيلة الشهادات- وفتح أبواب معاهد التمريض لتدريب المتطوعين فى المجالات التى تعانى قصورا مثل الحضانات ورعاية المسنين والإدارة والرقابة. نطالب بحكومة فى خدمة المواطن وليس العكس، نحن نتحمل مرتبات وزراء ومسؤولين ومستشارين وجهات رقابية وأمنية وخدمية تأخذ ولا نشعر بعطائها.. سوء إدارتها وضيق أفقها يجرف الأمل فى عودة مصر دولة قانون ووطنا عزيزا. وإذا كتبت بمشاعرى، سأكتب أن كل مصرى تابع برنامج «مانشيت» للصحفى الصارخ فى البرية جابر القرموطى الأسبوع الماضى ارتجف خوفا من غده، ولعن غدر وعجز وطنه.. وتأكد أن أمنه وسلامته لن يعودا قريبا.. وبارك هجرة أبنائه لبلاد أرحم عليهم من وطنهم وأكرم، بلاد فى لحظة إصابتهم بمرض أو حادثة طريق لن تتركهم ينزفون على الأرصفة، أو يموتون فى المستشفيات التجارية والحكومية لنقص الدم. المصريون استبدلوا بأرقام بوليس النجدة أرقام القرموطى والحسينى وحتى شريف اللطيف!.. لأن معجزة الحق فى الخدمة والحياة ببلدنا لا تتم إلا بالفضيحة وصراخ المذيع، فيتبدل الطناش إلى عينينا، والمفيش إلى متوفر، وكله تمام وتحت أمر المواطن وفى خدمته! أى دولة هذه التى يعجز المواطن فيها عن علاج مصاب أو مريض فى خطر إلا لو فاز بمداخلة تليفزيونية على الهواء!! كيف يتسول ابن سريرا لأمه بالدموع واستنزاف المشاعر على الهواء، وليس بالحق فى الرعاية الكريمة!!.. وكيف يستجدى أب حضانات لثلاثة توائم مبتسرين والمذيعة تفتح مزادا على الهواء وتعلن أسماء مديرى المستشفيات المتفضلين لتشجيع أمثالهم من ذوى القلوب الرحيمة! يموت أطفال إهمالا فى مستشفى تجارى اعتاد استنزاف أموال المرضى بلا ضمير، وينجو لأن دفاتره سليمة ومفتشيه راضون عنه!! كنت مذهولة لأن أثرياء مصر يسرعون للعلاج فى الخليج والصين وإسرائيل دون الوطن، ويتباهون بحجز أجنحة بمستشفيات خاصة يدفعون أجرتها سنة مقدم، لضمان سرير وخدمة خاصة لهم ولأصحابهم. اقترحت إلغاء وزارة الصحة لاستفزاز وزيرها ومستشاريها وعباقرة إدارتها، لكن يبدو أن مرضهم مزمن وعلاجه منتهى الصلاحية.. ويكفى دليلا أن تليفزيون الحكومة يوم الخميس المظلم ظل يذيع مشهدين بايتين -من افتتاح طوارئ قصر العينى من شهرين!!- مع صوت مسؤول يؤكد أن انقطاع الكهرباء لم يلغ العمليات فى كل مستشفيات القاهرة، والصورة تفضح كذب المسؤول وغباء من أذاعها، لأن الأسرّة خالية وفُل، والممرضات بتتمرجح على سرير الكشف انتظارا للافتتاح! أكره اليأس واليائسين، لكن كفانا من مسؤولين عجزة يعشقون المنصب ويكرهون المهمة.. لن نقبل عبارة «سلوك المواطن هو سبب المصايب والتخلف والانهيار».. وإلا استبدلوا مواطنين من الصين بنا لإرضاء المسؤولين. مطالبنا بسيطة.. سرير لكل مريض، وطريق فى الشارع لسيارة الإسعاف، ودم فى المستشفى لإنقاذ الحياة، وموظف حسابات بدفتر واحد. سلوك المواطن لن يتحسن إلا بزوال خوفه من الجوع والمرض.. مشروع التأمين الصحى الشامل هو الحل، وكلنا هنا نشترى كل شهادات الصحة فى يوم ولو بأقل فايدة.. مش عاوزين ربح عاوزين راحة واطمئنان.. حقنا نعيش ونموت بكرامة فى بلدنا.. سنصبر يا ريس لو بدأ تنفيذ اقتراحات مجلس علمائك المبشر.