بحيرة البرلس تقع شمال محافظة كفر الشيخ، بطول 118 كيلومترا، وعلى مساحة إجمالية 108 آلاف فدان، وتعد ثانى أكبر البحيرات الطبيعية فى مصر، كما تعد مكانا طبيعيا لما يقرب من 135 نوعا نباتيا بريا ومائيا. البحيرة تحتوى على 50 جزيرة صغيرة، ويربطها بالبحر المتوسط ممران هما: بوغاز برج البرلس وبوغاز قنال برمبال بمركز مطوبس، وتعد ملوحة البحيرة مرتفعة فى الشمال الشرقى، بينما تنخفض فى الجنوب، كما ينشط إنتاج الملح التجارى فى جنوب البحيرة، وتكثر بها مزارع الأسماك، ويحيط بالشاطئ الجنوبى مستنقعات خيزرانية وكميات وفيرة من النباتات المائية، كما تشتهر البحيرة بأسماك البلطى والقراميط، بعد أن هجرتها أسماك الدنيس والقاروص والحنشان بسبب تلوث مياهها بسبب بعض المصارف أهمها مصرف كتشنر. مديرية أمن كفر الشيخ شنت منذ أيام حملة مكبرة على بحيرة البرلس، استهدفت القبض على اللنشات المخالفة لقانون الصيد فى البحيرة، وتمكنت الحملة من مصادرة 44 لنشا مخالفا. المهندس محمد طه رئيس الإدارة المركزية لمنطقة وسط الدلتا للثروة السمكية، أكد أن الثروة السمكية بدأت حملتها منذ 26 مارس 2014 وحتى 30 يونيو الماضى، واستطاعت الحملة إزالة ما يقرب من 18 ألف فدان تم استقطاعها من المسطح المائى للبحيرة. 750 ألف وحدة زريعة جديدة تعيد الأمل من جهته، أضاف المهندس محمد زيدان مدير الثروة السمكية بكفر الشيخ، أن الهيئة ستقوم بإلقاء نحو 750 ألف وحدة زريعة أسماك حشائش داخل البحيرة، من أجل تنميتها وزيادة الأسماك. صيادو البحيرة، يثير مخاوفهم العقوبات الخفيفة لقانون الصيد رقم 124 لسنة 1983، خصوصا فى مادتيه رقمى 7 و8، اللتين تمنعان الصيد أو الإرساء فى المناطق الممنوع الصيد بها. حكومات تتعاقب على البحيرة.. والإهمال يزداد حكومات تعاقبت، وقوانين سُنّت، وتشريعات أطلقت، للحد من الزحف نحو المسطح المائى لبحيرة البرلس، شمال محافظة كفر الشيخ، كان من أبرزها تحويلها إلى محمية طبيعية بموجب قرار مجلس الوزراء لسنة 1989، إلا أن القرار لم يغير شيئا من واقع البحيرة. كما تعرضت البحيرة إلى استقطاع أجزاء منها وضمها إلى المزارع السمكية المجاورة، حيث زادت المساحة المستقطعة على 50 ألف فدان، من خلال مافيا البحيرة التى تقوم بتجفيف مساحات من المسطح المائى، وبناء جسور وسدود تعيق حركة دخول الماء إليها، وضم المساحات إلى المزارع السمكية. مجدى أبو حنيفة، رئيس المركز الوطنى لحقوق الإنسان وأحد أبناء مركز مطوبس، أوضح أن إحدى الجمعيات التى أنشئت بقرار انتفاعى وتدعى جمعية استصلاح الأراضى (مكسيكو)، انحرفت عن الهدف الذى أنشئت من أجله، وهو توزيع أراض واستصلاحها على صغار الملاك من أبناء مركز مطوبس، وقامت بتمليك الأراضى إلى غير مستحقيها من خارج أبناء المركز، مضيفا أن الجمعية وزعت الأراضى على رجال نظام مبارك وذوى السطوة، وكان النصيب الأكبر لأقارب علاء مبارك، حيث حصل مجموعة من أفراد عائلة راسخ «تحتفظ (التحرير) بأسمائهم» على مساحة 7 أفدنة بسعر 2856 جنيها لكل واحد منهم، إضافة إلى أحمد محمد عبد الوهاب، ابن وزير الصناعة السابق، الذى حصل على مساحة 21 فدانا بسعر الفدان 2890 جنيها، وكذلك نورا عاطف عبيد ووليد عاطف عبيد، اللذان حصلا على مساحة 14 فدانا و5 قراريط و6 أسهم، بسعر 2890 جنيها للفدان، وكذلك طارق محمد سلطان أبو على ابن وزير الكهرباء السابق، الذى حصل على 7 أفدنة و6 قراريط، وأمانى عبد الأحد جمال الدين وأحمد عبد الأحد جمال الدين، اللذان حصلا على مساحة 13 فدانا بسعر 5572 جنيها. المافيا تستولى على أراضى البحيرة.. وصيد «الزريعة» يهدد الصيادين الصغار أكد اللواء عبد الرحمن شرف مدير أمن كفر الشيخ، أن الحملات الأمنية المكثفة ستزيد خلال الأيام القادمة على بحيرة البرلس، لمصادرة أى لنشات تعمل داخل البحيرة، وذلك من أجل إتاحة الفرصة للصيد اليدوى من أصحاب القوارب والمراكب الصغيرة، وحتى تسترد البحيرة مكانتها كثانى أكبر بحيرات مصر مساحة. مخالفة صيد زريعة الأسماك أمام بوغاز البرلس ووسط البحيرة، تعد من أهم مشكلات البحيرة التى تقف دون تنميتها، بعد قيام مافيا الصيد بتجريفها من الزريعة الصغيرة، فى تجارة تشبه تجارة المخدرات، حيث يحترف مجموعة من الجشعين اصطياد تلك الزريعة من البوغاز ومن على شاطئ البحر قرب البوغاز، على الرغم من عدم قانونية الصيد فى تلك الأماكن، إلا أن مافيا الصيد مستمرة فى ممارساتها. تجارة زريعة الأسماك تحقق الثراء الفاحش لأصحابها، نظرا لبيع الزريعة بمبالغ طائلة لأصحاب المزارع السمكية المتاخمة للبحيرة، كما يقوم صيادو الزريعة بتجفيفها واستغلالها فى صناعة أعلاف الأسماك والحيوانات، ويستخدمون فى الصيد لنشات ممنوعة قانونا من السير فى البحيرة، كما يتم تعليق شباك مخالفة وذلك لتجريف البحيرة من الزريعة. البحيرة تتعرض كل يوم إلى إلقاء آلاف الأمتار من المياه المسممة والملوثة، والمحملة بالمعادن الثقيلة، مما يؤدى إلى ارتفاع منسوبها عن مستوى سطح البحر، وباتت البحيرة غارقة فى الأمراض والتلوث من أمونيا ونتريت وعناصر أخرى من المعادن الثقيلة مثل النيكل والكوبالت والمنجنيز والرصاص والزنك والنحاس والحديد، وكلها بسبب صرف المصانع. مخلفات مصرف كتشنر قضى على الأسماك الدكتورة نبيلة شاهين أستاذة البيئة وفسيولوجيا النبات بجامعة طنطا، أوضحت أن الأمراض التى تعرضت لها الأسماك من سموم التلوث، أهمها مرض التسمم الدموى «الأيرو موناسى»، وهو مرض بكتيرى، ويزامله مرض آخر بكتيرى وهو الميكروب السبحى المكور، مضيفة أن هناك خمسة أمراض أخرى تصيب الأسماك، لا سيما البورى والبلطى، وهى أمراض فطرية وطفيلية مثل مرض الكانديدا، والإسبرجيلاسى، والهيتروفس، والإكيتوبودا، والأرجسيلوزيس، موضحة أن برج البرلس هى الأعلى بإصابة الأسماك بطفيل الهيتروفيس (32% تقريبا) تليها الشخلوبة 22%. أستاذ بيئة: الحل فى معالجة مياه المصارف شاهين أضافت أن الحل يكمن فى معالجة المياه قبل أن يلقى بها فى المصارف، سواء كانت صرفا صحيا أو زراعيا أو صناعيا. أستاذة البيئة، أوضحت أن من أهم الملوثات هو صرف مخلفات مياه مصرف كتشنر الملوث، التى تحمل مياه الصرف الصناعى الخاص بمصانع الغزل والنسيج والأصباغ بالمحلة الكبرى إلى البحيرة، دون إجراء أى معالجة لها، مما يعد كارثة بكل المقاييس، إضافة إلى انتشار ورد النيل وانخفاض المحصول السمكى فى البحيرة بسبب الصيد الجائر للزريعة الصغيرة. يشتكى صيادو بحيرة البرلس من تلوث المياه، جراء إلقاء مصرف كتشنر بمخلفاته فى مياهها، مما أدى إلى هجرة أنواع كثيرة من الأسماك من أشهرها الدنيس والوقار والبورى، فى الوقت الذى سيطر فيه كبار الصيادين من أصحاب السطوة والمحسوبية على مساحات كبيرة من المسطح المائى للبحيرة، وقاموا بضمه إلى المزارع السمكية المجاورة للبحيرة، مستغلين فى ذلك الانفلات الأمنى بعد ثورتى يناير ويونيو، وهو ما أدى إلى ضيق رزق صيادى البحيرة الصغار. مسعد مصطفى، صياد من أصاحب القوارب الصغيرة، أوضح أن خير البحيرة قل، وأصبحت مهنة الصيد «متأكلش عيش»، بعد أن سيطر لصوص البحيرة على مساحات كبيرة منها، لاستقطاع أجزاء من البحيرة وضمها إلى مزارعهم المجاورة، مما أدى إلى ضيق المسطح المائى. مسعد اتهم شرطة المسطحات المائية بالتقاعس، وترك البحيرة يتم نهبها على مرأى ومسمع من الجميع، مضيفا أن مصدر رزق آلاف الأسر فى كفر الشيخ يقوم على خير البحيرة، وأنهم لا يعرفون مهنة أخرى سوى الصيد. عبد النبى محمد، شيخ الصيادين فى مركز البرلس، أضاف أن من أسباب قلة الخير وهجرة الأسماك، هو تلوث البحيرة من خلال إلقاء مخلفات مصرف صرف الغربية والشهير بكتشنر فى البحيرة، وهى مياه مليئة بالأمونيا والمواد الصلبة، التى أدت إلى هجرة الأسماك. شيخ الصيادين، أشار إلى أن البحيرة يتم إطماؤها، أى علو أرضها عن البحر المتوسط، مما أدى إلى عدم دخول مياه البحر إلى البحيرة، وأدى ذلك إلى تحولها إلى مجرد بركة من مياه الصرف الصحى، موضحا أن البحيرة تحتاج إلى فتح وتطهير بوغازى برمبال وبرج البرلس، للسماح بدخول المياه المالحة إلى البحيرة من جديد، وبالتالى عودة الأسماك إليها. محمد طالب بتشديد الرقابة على البحيرة، حتى لا يتم الصيد المخالف بواسطة اللنشات غير المسموح بها، لأن البحيرة محمية طبيعية منذ عام 1991 بموجب قرار مجلس الوزراء، مضيفا أن اللنشات تجرف البحيرة من الأسماك، كما أن بعض الصيادين يقوم باستخدام شباك صيد مخالفة لصيد زريعة الأسماك. مجدى مرعى، أحد أشهر صيادى بحيرة البرلس ونقيب الصيادين، أوضح أن التلوث قضى على خير بحيرة البرلس، فقد شهد هذا العام تلوثا لمياه البحيرة بعد أن تم فتح قناطر إدفينا لتمرير المياه الملوثة القادمة من مصرف الرهاوى بمحافظة الجيزة، كما تلوث النيل أيضًا عن طريق إلقاء مخلفات مصانع المبيدات الحشرية والزراعية فى كفر الزيات، مما أدى إلى موت الأسماك فى النيل والبحيرة، مطالبا بإزالة الحوش والسدود وضبط اللنشات ومراكب الصيد المخالفة. من جهته، أوضح المهندس محمد زيدان مدير الثروة السمكية بكفر الشيخ، أن البحيرة يتم تنميتها سنويا من خلال إلقاء ملايين الزريعة الصغيرة للأسماك، مضيفا أن البحيرة تشهد هذه الأيام حملة مكبرة لإزالة التعديات على المسطح المائى، من خلال كراكات هيئة الثروة السمكية وبالتعاون مع شرطة المسطحات ومديرية أمن كفر الشيخ. زيدان أضاف أنه ولأول مرة يتم إزالة التعديات من خلال خرائط وإحداثيات تمت من هيئة الاستشعار عن بعد، لافتا إلى أنه سيتم عمل حزام وطريق واق دائرى حول البحيرة لمنع أى تعديات عليها.