فجر المحامى فريد الديب محامى المخلوع كبرى مفاجآته فى مرافعته اليوم، حين قال أنه وفقا للدستور لايزال مبارك رئيسا للجمهورية حتى هذه اللحظة، وأن فترة ولايته كانت تنتهى 18 سبتمبر 2011، مضيفا أنه اذا لم يتم اختيار رئيس بعده وهو مالم يتم حتى الآن، وبالتالى فمبارك هو رئيس الجمهورية. كما دفع ببطلان اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ولائيا لأن المادة 85 من دستور 1971 تحدد محاكمة الرئيس بتهمة الخيانة العظمى وما يرتكبه من جرائم أمام محكمة خاصة. وأوضح أن المحكمة يجب أن يترافع فيها النائب العام نفسه ويتولى أمر الإحالة أمام المحكمة، وبالتالى فالمحاكمة باطلة. وأضاف الديب أمام هيئة المحكمة أن مبارك لم يتنح بنفسه فهو أبلغ عمر سليمان بقرار التخلي هاتفيا وهو ما يعد باطلا، وفقا للقانون. وأنهى الديب -رئيس هيئة الدفاع عن الرئيس المخلوع حسنى مبارك ونجليه علاء وجمال- مرافعته، حيث طالب ببراءتهم مما هو منسوب إليهم من اتهامات، كما دفع بعدم اختصاص محكمة الجنايات بمحاكمة مبارك، مؤكدا أن محاكمة رئيس الجمهورية تكون أمام محكمة خاصة نص عليها دستور 1971، وأن محاكم الجنايات غير مختصة ولائيا بمحاكمة رئيس الجمهورية. وأجلت المحكمة القضية إلى جلسة الغد؛ وذلك لاستكمال المرافعة عن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وبقية المتهمين في القضية. وطالب فريد الديب ببراءة المتهمين من كافة الاتهامات المنسوبة إليهم سواء المتعلقة بقتل المتظاهرين السلميين إبان أحداث الثورة أو الاتهامات المتعلقة باستخدام النفوذ الرئاسي والرشوة والتربح وإهدار المال العام في سابقة التصدير الغاز المصري لإسرائيل، كما دفع ببطلان أمر الإحالة الصادر من النيابة العامة. وقال «الديب» إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة ما كان له أن يعطل العمل بأحكام دستور 71، موضحا أن حل مجلس الشعب قرار لا يملكه إلا رئيس الجمهورية طبقا لأحكام الدستور. وأوضح «الديب» أن تعطيل العمل بالدستور معاقب عليه طبقا لقانون العقوبات، واعتبر الديب أن الاختصاص في نظر هذه القضية لا ينعقد لمحكمة الجنايات وإنما يكون للمحكمة الخاصة التي نص عليها الدستور والتي تتشكل من 12 عضوا نصفهم من أعضاء مجلس الشعب يتم اختيارهم بالقرعة، فيما بينهم و 6 آخرين من مستشاري محكمة النقض والاستئناف، ويرأس المحكمة أقدم المستشارين، وتنعقد جلساتها في دار القضاء العالي، ويباشر الاتهام أمام المحكمة النائب العام. وأضاف أن النص الدستوري واضح وصريح في هذا الإطار بأن رئيس الجمهورية لا تجوز محاكمته إلا أمام محكمة خاصة، وإنه طبقا للدستور فإن حسنى مبارك ما زال رئيسا للجمهورية حتى يومنا هذا. واعتبر «الديب» أن المادة 83 من الدستور تنص على أنه إذا قدم رئيس الجمهورية استقالته من منصبه وجه كتابا بالاستقالة إلى مجلس الشعب، وأن مؤدى ذلك أن استقالة رئيس الجمهورية كانت يجب أن تكون مكتوبة، وأن توجه إلى مجلس الشعب على نحو تصبح معه عندها هذه الاستقالة غير دستورية. ونقل فريد الديب عن نص خطاب التنحي الذي ألقاه عمر سليمان -نائب رئيس الجمهورية السابق- في 11 فبراير الماضي «استجابة لمطالب الشعب أبلغني الرئيس رغبته في التنحي وأبلغني .......»، إلا أن عددا من المحامين عن المدعين بالحق المدني قاطعوه واتهموا فريد الديب بالتغيير في نص خطاب التنحي الذي أذاعه التلفزيون المصري، مشيرين إلى أن هذا لم يكن نص خطاب التنحي وطالبوا الديب بالتزام الدقة فيما يقول. وتساءل «الديب» في مرافعته هل يترك رئيس الجمهورية منصبه بهذه الكيفية على الرغم من وجود نصوص واضحة للدستور وكان مجلس الشعب قائما في هذا التاريخ؟. واعتبر أن البيان الذي أصدره عمر سليمان يعني أن الرئيس السابق لم يكتب خطاب استقالة من منصبه، وإنما أبلغ نائبه بهذه الاستقالة وهو ما أكده عمر سليمان في أقواله في التحقيقات، وأشار إلى أن مبارك توجه لشرم الشيخ وأنه قرأ على سليمان بيان التخلي تليفونيا فوافق عليه وتم إذاعته في التلفزيون. واستطرد الديب قائلا: «اعرف أن هذا الكلام صادم ولكن هذا يناقض الدستور»، وفي نفس البيان وفقا للديب: «كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد»، معتبرا أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة اضطلاعا بتكليفه إدارة شئون البلاد من جانب رئيس الجمهورية انتهى إلى عدة قرارات أهمها تعطيل العمل بالدستور. واعتبر فريد الديب أنه ما كان للمجلس الأعلى أن يقدم على ذلك، وأن تعطيل العمل بالدستور غير جائز ومعاقب عليه. واستعرض فريد الديب -المحامي عن مبارك- عددا من نصوص القوانين وأحكام محكمة النقض في معرض تأكيده على أن محاكمة مبارك أمام محكمة الجنايات هي غير جائزة قانونا وتتناقض وأحكام الدستور. وشدد على أن الدستور هو القانون الأسمى والأعلى وبالتالي فإن على ما دونه من تشريعات النزول على أحكامه، مشيرا إلى أن دستور عام 71 نص صراحة على أن اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى أو بارتكاب جرائم جنائية يكون بناء على اقتراح صادر من ثلث أعضاء مجلس الشعب ولا يصدر قرار الاتهام إلا بناء على موافقة الثلثين من أعضاء المجلس فيما تؤول السلطة في هذه الحالة إلى نائب رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء لحين الفصل في الاتهام أمام المحكمة الخاصة التي نظم القانون تشكيلها وإجراءات المحاكمة أمامها في ضوء ما أقره الدستور وأنه إذا ما أدين رئيس الجمهورية أمام هذه المحكمة الخاصة يتم إعفاؤه من منصبه دون اخلال بالعقوبات الأخرى المنصوص عليها قانونا. وأشار إلى أن قانون السلطة القضائية نص صراحة في المادة 15 على أنه فيما عدا المنازعات الإدارية التي تدخل ضمن نطاق اختصاص أعضاء مجلس الدولة فإن المحاكم تفصل في كافة الجرائم إلا ما استثني منها بنص خاص، موضحا أنه في إحالة مبارك يكون النص الخاص هو المادة 85 من الدستور الذي أفرد محكمة خاصة بشأن الاتهامات المتعلقة برئيس الجمهورية. وأشار الديب إلى أن الدستور لم يورد نص خاص لمحاكمة الوزراء أمام محكمة خاصة، وإنما خص تلك المحكمة لرئيس الجمهورية وحده، بحيث تكون محاكمة الوزراء أمام المحاكم العادية وذلك عن الجرائم التي تقع منهم بسبب وظائفهم، مشيرا إلى أن هذا الأمر لا يمثل إخلالا بحق النائب العام بالادعاء ضد الوزير. وأكد الديب أنه في 13 يونيو من عام 1956 صدر قانون محاكمة الوزراء ورئيس الجمهورية ثم صدر في عام 58 قانون آخر في شأن محاكمة الوزراء وحدهم في الاقليمين المصري والسوري خلال فترة الوحدة بين البلدين، وأن هذا القانون معمول به في مصر حتي الآن، مشيرا إلى أن المادة الثانية من القانون الصادر سنة 56 أوردت التشكيل الكامل للمحكمة الخاصة التي تحاكم رئيس الجمهورية. وقال «الديب» أنه في ضوء ما تقدم يصبح مبارك متمتعا بصفته كرئيس للجمهورية حتي الآن. وقد أثارت عبارة الديب حفيظة المحامين عن المدعين بالحق المدني، وأثارت جدلا واسعا في صفوفهم، حيث قام بعضهم بالاعتراض طالبين من رئيس المحكمة أن يتيح لهم فرصة الرد على هذه الادعاءات، مشيرين إلى أن ما حدث في مصر كان ثورة شعبية اجبرت مبارك على التنحي وليس الاستقالة. وانهى «الديب» مرافعته بتوجيه كلمتين احداهما للمحكمة، معتبرا أنه اجتهد في هذه المرافعة وعمل قدر طاقته وقال «لعلني أكون أوفيت بالغاية واسهمت كمدافع عن مبارك ونجليه في جلاء الحقيقة غير عابئ إلا بأداء الواجب وغير مصغ إلا لصوت الضمير وغير مصغ لآراء زملائي الذين لا يعلمون». واستطرد الديب «أقول للمحكمة ما قاله المستشار يحيي الرفاعي في كلمته بختام مؤتمر العدالة الأول الذي قال فيها لقد تعهد قضاة مصر بأن يحملوا الأمانة وأن يرفعوا راية الحقيقة وأن يمضوا في طريقهم غير مبالين بما يحيط بهم، فتلك مهمتهم وهم في أداء رسالتهم لا يلتمسون إلا الحقيقة وفي احكامهم لا يقولون إلا كلمة الحق لا تضعفهم رغبة في سبيل الحق، ووجه الخطاب إلى هيئة المحكمة بقوله فامضوا ايها العظماء في طريقكم فالدنيا بأثرها تترقب كلمة العدل في حكمكم». وخاطب مبارك بقوله: «يا نسر الجو الجريح يا قائد نسور مصر الأبطال يامن حملت روحك على كفيك وقاتلت من أجل مصر وواجهت الموت فنجاك الله لتواصل مسيرة السلم، لا تحزن وأنت تفاجئ بغدر من غدر بك وأنت تسمع بنيك واخوتك وقد قلبوا لك ظهر المذلة وانقضوا عليك وأنت أعزل، لا تحزن وكن جلدا كعادتك فأنت لست بأفضل من رسول الله عندما وجد عنتا من أهل مكة ومكث في الطائف واكتشف أن أهلها ليسوا بأفضل من أهل مكة»، وتلا دعاء رسول الله عندما خرج من الطائف «اللهم اني اشكو إليك قلة حيلتي وضعف قوتي وهواني على الناس»، وحث مبارك على الامتثال وطالبه بترديد هذا الدعاء الكريم. وقال الديب لمبارك «ان حكموا لك بالبراءة فهذا حكم الله، وان حكموا عليه بالعقوبة فلا تبتئس فتلك إرادة الله». وعقب انتهاء الديب من مرافعته ثار عدد من المحامين المدعين بالحق المدني ضد ما ورد في مرافعته وهتفوا بسقوط مبارك، فيما صفق له المحامون عن المتهمين وأجل رئيس المحكمة المستشار أحمد رفعت انعقاد الجلسات إلى جلسة غدا بحيث يبدأ الدفاع عن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي مرافعته.