الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد 2025 /2026 بالجامعات    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد رسامة شيوخ وشمامسة جدد بكنيسة في المنيا    انخفاض صادرات مصر من السلع الاستراتيجية ب3.5% فى الربع الأول والواردات تتراجع ل3.8 مليار دولار    ميناء دمياط يستقبل 16 سفينة خلال 24 ساعة وتداول 28 سفينة إجمالًا    تحالف قطاع خاص يستهدف غزو السوق الإفريقية عبر استنساخ تجارب الصين وتركيا والهند    خبيران: الزيادة الجديدة بأسعار الغاز ضريبة يدفعها المواطن ولن ترفع التضخم    السعودية وروسيا ودول في "أوبك بلس" تعلن عن زيادة كبيرة في إنتاج النفط اعتبارًا من يوليو    وزير الري يشدد على الصيانة الدورية لمكونات قناطر أسيوط الجديدة لضمان سلامتها وجودة تشغيلها    مصدر مقرب من حماس يكشف ملامح رد الحركة على مقترح ويتكوف    أوكرانيا تخلى المزيد من المناطق في منطقة سومي    بعد المقاولون ودجلة.. كهرباء الإسماعيلية ثالث المتأهلين للدوري لأول مرة في تاريخه    ثنائي هجومي في تشكيل فاركو أمام الزمالك    نائب وزير الإسكان يقوم بجولة تفقدية لمحافظة الإسكندرية بعد الاضطرابات الجوية    بإطلالة أنيقة.. بشرى تبهر جمهورها بأحدث ظهور لها    وزير الصحة يتفقد مستشفى الضبعة والعلمين بمطروح لمتابعة استعدادات موسم الصيف    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال رصف شارع الجيش بدسوق    حظك اليوم السبت 31 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    فضل صيام يوم عرفه وكيفية الاستعداد    مصادرة 37 مكبر صوت من التكاتك المخالفة بحملة بشوارع السنبلاوين في الدقهلية    إنتر ميلان يطارد النجمة الرابعة في نهائي دوري أبطال أوروبا 2025    بعد 9 مواسم.. الأهلي يعلن رحيل السولية    تجربته الأولى.. جون هيتينجا مدربا ل أياكس    بدر عبد العاطى وزير الخارجية ل"صوت الأمة": مصر تعكف مصر على بذل جهود حثيثة بالشراكة مع قطر أمريكا لوقف الحرب في غزة    وزير التعليم العالي ومحافظ المنوفية ورئيس جامعة المنوفية يفتتحون مركز الاختبارات الإلكترونية بكلية الحقوق بجامعة المنوفية    وزير التربية والتعليم يبحث مع منظمة "يونيسف" وضع خطط لتدريب المعلمين على المناهج المطورة وطرق التدريس    وزارة الصحة تعلن خطة التأمين الطبي لعيد الأضحى المبارك وموسم الاجازات الصيفية بجميع المحافظات    "حياة كريمة" تبدأ تنفيذ المسح الميداني في المناطق المتضررة بالإسكندرية    شبكة المنظمات الأهلية: الاحتلال دمّر بنى اقتصادية ويستهدف المؤسسات الإغاثية    غدا على المسرح الكبير بدار الأوبرا .. مي فاروق تحيي حفلا غنائيا بقيادة المايسترو مصطفي حلمي    على باب الوزير!    أيمن أبو عمر يوضح أعظم العبادات والطاعات في عشر ذي الحجة    وزير الخارجية ل"صوت الأمة": السياسة الخارجية المصرية تستند لمبدأ "الاتزان الاستراتيجي"    استخراج حجر بطارية ألعاب من مريء طفل ابتلعه أثناء اللعب.. صور    سقوط طالبة من سلم الدور الأول بكلية البنات عين شمس والجامعة تنقلها لمستشفي الطوارئ    أفضل الأدعية المستجابة عند العواصف والرعد والأمطار    بعد انتهاء أزمتها.. آية سماحة توجه الشكر لنقابة المهن التمثيلية    محمد الريفي عن طليقته: ربنا يكرمها ويكرمني.. ومستحيل أتكلم عن الماضي    ماذا قالت وكالة الطاقة الذرية في تقريرها عن أنشطة إيران؟    كيف تعامل مستشفى قنا العام مع حالة الولادة لمصابة بفيروس HIV؟ .. مصدر طبي يكشف ل«الشروق»    مصدر كردي: وفد من الإدارة الذاتية الكردية يتجه لدمشق لبحث تطبيق اتفاق وقّعته الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية قبل نحو 3 أشهر    وزيرة التنمية المحلية تطمئن على جاهزية محافظة الإسكندرية لمواجهة الطقس السيئ    برأة راندا البحيري من تهمة سب وقذف طليقها    ماذا يأكل الحجاج؟ بعثات الحج السياحية تشارك في جلسة «تذوّق الوجبات»    250 مليون نحلة طليقة في الهواء بعد انقلاب شاحنة.. ماذا حدث في واشنطن؟    المنظمات الأهلية الفلسطينية تحذر من كارثة صحية وبيئية مع استمرار العدوان على غزة    معالم سانت كاترين السياحية استقبلت 4 آلاف سائح خلال أسبوع    أبطال فيلم المشروع X يحتفلون بعرضه في الكويت.. اليوم وغدًا    جنايات القاهرة تقضي بالسجن المشدد 7 سنوات لرجل أعمال أنهى حياة زوجته بالتجمع الخامس    قبل وقفة عرفة.. «اليوم السابع» يرصد تجهيزات مشعر عرفات "فيديو"    الزمالك وفاركو.. استعداد أمني مشدد لتأمين مباراة الجولة الأخيرة من بطولة الدوري    رسوم ترامب والسباق الانتخابي الكوري الجنوبي: من يحسم المواجهة؟    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز.. ضبط 4 طن دقيق مدعم بالمحافظات    تعليم الجيزة يعقد اجتماعًا طارئًا فجرًا لوضع اللمسات النهائية لامتحانات الشهادة الإعدادية    الإفتاء تكشف كفارات الحج التي وضعها الشرع    جراديشار: شاركت في مباراة بيراميدز ولم أكن أعرف أسماء لاعبي الأهلي    سويلم: الأهلي تسلم الدرع في الملعب وحسم اللقب انتهى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 31-5-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صاحب السعادة
نشر في التحرير يوم 21 - 08 - 2014


1
طلب أحد الوزراء حضور جلسة تحضير الكاريكاتير!
حاول أحمد رجب أن يعتذر، لكن الوزير أصر، وحضر الاجتماع، وجلس على مقعد فى نهاية الحجرة صامتًا، وعلى مدى ساعتين ونصف الساعة جلس الساخران يفكران حتى انصرف الوزير زهقًا.. وبعد لحظات من انصرافه مزق أحمد رجب الكاريكاتير الذى رسمه مصطفى حسين، وبدآ فى خلق فكرة الكاريكاتير من البداية لأن لحظات التكوين لم يكن لأحد أن يطلع عليها قبل أن تنضج وتصبح جاهزة للعرض على الناس.
فاجتماعات تحضير الكاريكاتير ليست جلسات «فرفشة» كما يتصور البعض، لكنها أشبه باجتماعات عاصفة، لا مجال فيها للهزار، ففى الخمسينيات كان اجتماع الكاريكاتير بين مصطفى أمين وعلى أمين ورسامَى الكاريكاتير رخا وصاروخان عاصفًا، وإذا رأيتهم وجدتهم فى حالة هم وغم كأنهم يتفقون على صيغة نعى ينشرونه فى «الأهرام» -على حد تعبير أنيس منصور- مع إنهم كانوا يفكرون فى ما يضحك الناس ويوجع قلب الوزراء!
جلسات أحمد رجب ومصطفى حسين لا تختلف كثيرًا عن هذه الجلسات، بل إن علاقتهما تؤكد نظرية أن «الأقطاب المختلفة تتجاذب»! فعلى الرغم من «العشرة» الطويلة، والصداقة القوية التى تجمع بين القطبين الكبيرين، فإن كليهما يختلف تماما عن الآخر، فأحمد رجب ملتزم جدا فى حياته لدرجة أنك يمكن أن تضبط ساعتك على مواعيد حضوره وانصرافه من «أخبار اليوم». أما مصطفى حسين فهو يعشق السهر ولا يلتزم بأى مواعيد -على حد تعبيره- ولا يعرف متى نام ومتى يستيقظ، لكنه فى الوقت نفسه صاحب ريشة استثنائية.. وأستاذ لم يتجاوزه الزمن.. وفنان وصفه صلاح جاهين بأنه أحسن رسام فى مصر.. فهو صاحب قدرات خاصة جعلت أجيالا كاملة لا تعرف رساما سواه ولا تتذوق الكاريكاتير إلا إذا كان بريشته، لذلك كان ارتباطه بأحمد رجب بمثابة المعجزة شاء القدر أن تكون ما تبقى لنا من زمن المعجزات الصحفية الذى لم نلحق به.
2
كلاهما حالة فريدة تستحق أن نقف أمامها طويلًا لنعلم سر الخلطة التى جعلت اثنين بهذه الموهبة والقدرة الخارقة يذوبان معا، فتشعر أن ريشة مصطفى حسين تفكر وعقل أحمد رجب يرسم! قصة التعاون بين أحمد رجب ومصطفى حسين بدأت فى عام 1974 عندما صدر قرار من الرئيس أنور السادات بالعفو عن الأستاذ مصطفى أمين بعد أن قضى تسع سنوات فى السجن وقرر تعيينه مشرفا على دار «أخبار اليوم»، ليبدأ رحلة إعادة هذه الصحيفة الكبيرة إلى مكانتها مع توأمه الذى عاد من منفاه الاختيارى فى لندن، وكانت أول فكرة خطرت على بال التوأم هى عمل كاريكاتير يومى يكتبه أحمد رجب ويرسمه مصطفى حسين.
ويروى مصطفى أمين قصة بداية الكاريكاتير اليومى على صفحات «الأخبار» بقوله: «لاحظت أن الأخبار تنقصها الصور الكاريكاتيرية وعلى الفور فكرت فى عمل كاريكاتير فى الصفحة الأولى، وآخر فى الصفحة الأخيرة، ولم يطل تفكيرى كثيرا فى الفنان الذى سوف يحقق لى الهدف الذى أنشده».
إنه أحمد رجب تلميذى الذى بدأ محررا فى مجلة «الجيل»، وكان أسلوبه الساخر لافتا إلى النظر للوهلة الأولى، وقد شجعته فى البداية أن يقوم برسم الكاريكاتير لكنه لم يكن مستعدا لذلك، وأكد لى أنه مستعد لإعطاء الأفكار للرسامين وهم يقومون بتنفيذها، لكننى بدأت أفكر فى رسام موهوب ينفذ أفكار أحمد رجب، وعرفت أن عندنا رساما يعمل ب(الأخبار) اسمه مصطفى حسين يقوم برسم القصص، واخترته لكى ينفذ الفكرة، وبالفعل بدأ التعاون بينهما، وفوجئت فى نهاية الشهر الأول بأن توزيع (الأخبار) قد زاد 100 ألف نسخة!».
3
شهادة الأستاذ مصطفى أمين الأب الروحى لكاريكاتير «الأخبار» كانت مهمة قبل أن نذهب إلى عالم ثنائى الكاريكاتير الأشهر أحمد رجب ومصطفى حسين صاحبى أشهر رسومات كاريكاتير عرفتها مصر طوال تاريخها، فقد عملا سويا على مدى أكثر من 36 عاما، ولم يفترقا سوى ست سنوات فقط، لكنها كانت بمثابة 60 عاما على القراء الذين كانوا يعرفون يوم السبت بكاريكاتير الثنائى أحمد رجب ومصطفى حسين، لكن شاء القدر أن يعودا مرة أخرى إلى العمل معًا بعد أن زالت أسباب الخلاف الذى نشأ بينهما فى نهاية عام 2003. وذلك عندما علم أحمد رجب بمرض صديق عمره مصطفى حسين، ويومها نسى الكاتب الكبير كل أسباب الفراق، وتذكر الأيام الجميلة والذكريات الطيبة واتصل برفيق كفاحه وهو على فراش المرض. وقد روى المبدع مصطفى حسين تلك الواقعة بقوله: «مرضت بالسرطان، وكانت حالتى تسوء كل يوم عن الذى سبقه، لعدم توافر العلاج الذى أحتاج إليه، فدخلت فى غيبوبة، ووقتها تدخل أحمد رجب وقلب الدنيا من أجلى وطلب من المسؤولين أن يأمروا بسفرى إلى الخارج وعرفت أنه كتب: عقلى وقلبى وكل مشاعرى خارج السيطرة؛ لأن إنسانا من أعز الناس يقف الآن على حافة الحياة.. وأتوسل إلى الله أن لا يغيب عن ناظرى.. مصطفى حسين الذى قاسمنى أعنف معارك الصحافة يخوض الآن -وحده-آخر معارك العمر دفاعا عن الحياة.. صلوا معى من أجل مصطفى حسين» وقال أيضا: «إننى أكتب هذا العامود كل يوم بعد إجازة قصيرة من فكر ضبابى شارد مع المنعطف الذى يجتازه مصطفى حسين». واستطرد حسين قائلا: «عندما سافرت للعلاج فى لندن كان يتصل بى باستمرار، وهذه مسألة مكلفة ماديا ومعنويا، لكن مكالمته كان لها أثر بالغ فى نفسيتى، فأنا طريح الفراش بلا حول ولا قوة لمدة أربعة أشهر، وكان المنظر الذى أشاهده من الحجرة لا يتغير، مما كان يشعرنى بالكآبة والرتابة لكن أحمد رجب هون على ما قاسيته خلال فترة المرض». لذلك كان من الطبيعى عند عودتى أن أعتذر له وأقول: «سامحنى يا أحمد.. إنتَ أحسن منى» فعادت علاقتى به أفضل مما كانت عليه. المدهش أنه حين مرض مصطفى حسين وذهب إلى الولايات المتحدة للعلاج فى رحلة مرضه الأخيرة قبيل وفاته، مرض أيضا أحمد رجب، ودخل إلى المستشفى لأن قلبه لا يتحمل مرض رفيق عمره. رجب وحسين ثنائى لا يمكن تكراره، فقد أبدعا سويا شخصيات لا يمكن تجاوزها، والفرق بينها وبين أى شخصيات أخرى هى أنها «من لحم ودم»، فلا بد أن تكون قابلتها عشرات المرات وجلست معها، واصطدمت بها، وتشاجرت معها أيضا! رحم الله صاحب السعادة وصانع البهجة مصطفى حسين الذى مهما اختلفنا معه فلا خلاف على موهبته، وقدراته الاستثنائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.