أسعار الأسماك اليوم 6 ديسمبر.. «البلطي» يبدأ من 30 جنيهًا    ارتفاع أسعار الذهب بداية تعاملات اليوم السبت الموافق 6 ديسمبر 2025    سعر الدولار أمام الجنيه بداية تعاملات اليوم 6 ديسمبر 2025    أسعار الخضروات اليوم السبت 6-12-2025 في قنا    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر الكامل للدور الهام الذي تضطلع به الوكالة الدولية للطاقة الذرية    مصر ترحب بتجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)    أخبار مصر: قصة واقعة الطفل زياد التي هزت بورسعيد، سيناريو هوليوودي في اختفاء فتاة الشرقية، تطبيق منظومة "مرور بلا أوراق"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 6-12-2025 في محافظة قنا    مفاجأة طبية لدواء جديد يبطئ تطور مرض الزهايمر 8 سنوات    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين في قضية رشوة الضرائب الكبرى    بعتيني ليه تشعل الساحة... تعاون عمرو مصطفى وزياد ظاظا يكتسح التريند ويهيمن على المشهد الغنائي    "قتل اختياري".. مسلسل يفتح جرحًا إنسانيًا عميقًا ويعود بقضية تهز الوجدان    استكمال محاكمة 32 متهما في قضية اللجان المالية بالتجمع.. اليوم    أولى جلسات محاكمة عصام صاصا فى مشاجرة ملهى ليلى.. اليوم    ميرتس يدعو لتقاسم أوروبي موحّد لمخاطر الأصول الروسية المجمدة    منتخب مصر الأول يستعد لكأس للأمم الإفريقية بالمغرب    منتخب «طولان» جاهز للإمارات في كأس العرب اليوم    رئيس وزراء الهند يعلن عن اتفاقية مع روسيا ومرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي    هل عادت سوريا إلى عصور الظلام، إلغاء حفل الموسيقار مالك جندلي في حمص يثير غضب السوريين    ليفربول يسعى لتصحيح مساره في الدوري الإنجليزي أمام ليدز يونايتد    «توخيل» يطمئن جماهير إنجلترا: جاهزون لمواجهة كرواتيا وغانا وبنما في المونديال    كشفتها الأجهزة الأمنيةl أساليب جديدة لغسيل الأموال عبر المنصات الرقمية    إجراءات صارمة بعد فيديو السخرية من مدرسة الإسكندرية    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى مدينة 6 أكتوبر دون إصابات    «آخرساعة» تكشف المفاجأة.. أم كلثوم تعلمت الإنجليزية قبل وفاتها ب22 عامًا!    إعلام فلسطيني: طيران الاحتلال الإسرائيلي يستهدف شرق مدينة غزة    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    حفل توقيع كتاب «حوارات.. 13 سنة في رحلة مع البابا تواضروس» بالمقر البابوي    عمرو مصطفى وظاظا يحتلان المرتبة الأولى في تريند يوتيوب أسبوعًا كاملًا    «تصدير البيض» يفتح باب الأمل لمربي الدواجن    رغم العزوف والرفض السلبي .. "وطنية الانتخابات" تخلي مسؤوليتها وعصابة الانقلاب تحملها للشعب    بدائل طبيعية للمكمّلات.. أطعمة تمنحك كل الفائدة    قائمة أطعمة تعزز صحتك بأوميجا 3    شاهد لحظة نقل الطفل المتوفى بمرسى المعديات فى بورسعيد.. فيديو    خبير اقتصادي: الغاز الإسرائيلي أرخص من القطري بضعفين.. وزيادة الكهرباء قادمة لا محالة    منافس مصر – لاعب بلجيكا السابق: موسم صلاح أقل نجاحا.. ومجموعتنا من الأسهل    قائمة بيراميدز - عودة الشناوي أمام بتروجت في الدوري    منافس مصر - مدافع نيوزيلندا: مراقبة صلاح تحد رائع لي ومتحمس لمواجهته    رويترز: تبادل إطلاق نار كثيف بين باكستان وأفغانستان في منطقة حدودية    النائب عادل زيدان: التسهيلات الضريبية تدعم الزراعة وتزيد قدرة المنتج المصري على المنافسة    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب    عالم مصريات ل«العاشرة»: اكتشاف أختام مصرية قديمة فى دبى يؤكد وجود علاقات تجارية    أحمد مجاهد ل العاشرة: شعار معرض الكتاب دعوة للقراءة ونجيب محفوظ شخصية العام    "بيطري الشرقية" يكشف تفاصيل جديدة عن "تماسيح الزوامل" وسبب ظهورها المفاجئ    نتنياهو بعد غزة: محاولات السيطرة على استخبارات إسرائيل وسط أزمة سياسية وأمنية    تفاصيل مثيرة في قضية "سيدز"| محامي الضحايا يكشف ما أخفته التسجيلات المحذوفة    وفاة عمة الفنان أمير المصري    أزمة أم مجرد ضجة!، مسئول بيطري يكشف خطورة ظهور تماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    الصحة تفحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس    القاصد يهنئ محافظ المنوفية بانضمام شبين الكوم لشبكة اليونسكو لمدن التعلم 2025    دعاء الرزق وأثره في تفريج الهم وتوسيع الأبواب المغلقة وزيادة البركة في الحياة    وزارة الداخلية تحتفل باليوم العالمي لذوى الإعاقة وتوزع كراسى متحركة (فيديو وصور)    عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة يوضح أسباب تفشّي العدوى في الشتاء    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



8 خرافات ل«الدعاة والشيوخ» على المنابر والفضائيات
نشر في التحرير يوم 07 - 08 - 2014

«الخرافات» هى بضاعة رائجة، تزدهر فى أوقات يستشرى فيها الجهل حتى يصل منتهاه. «الخرفات» يستخدمها الدعاة والشيوخ على المنابر والفضائيات ليرهبوا الناس من الدين نفسه، لا من خطورة ترك العبادات أو للترويج للحط من المرأة تماشيا مع الموروث المريض القادم من تاريخ العرب قبل الإسلام. «الخرافات» أيضا بزنس، يصل بها هذا الداعية أو ذاك الشيخ إلى مبتغاه المادى من أموال الفضائيات والمنابر.
فى السطور التالية، نقدم للقارئ أشهر الخرافات الدخيلة الكاذبة، التى يلوكها شيوخ المنابر والفضائيات، والتى أسهمت بقدر كبير فى تشكيل الوعى الدينى الخاطئ عند كثير من المسلمين.
المرأة نعجة أو شاة أو بقرة أو ناقة لأن الكل مركوب
تأمل ما جاء فى تفسير القرطبى فى آية «إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزّنى فى الخطاب».
قوله تعالى: إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة أى قال الملك الذى تكلم عن أوريا إن هذا أخى أى: على دينى، وأشار إلى المدعى عليه. وقيل: أخى أى: صاحبى. له تسع وتسعون نعجة... قال النحاس. والعرب تكنى عن المرأة بالنعجة والشاة، لما هى عليه من السكون والمعجزة وضعف الجانب. وقد يكنى عنها بالبقرة والحجرة والناقة، لأن الكل مركوب.
وهذا من أحسن التعريض حيث كنى بالنعاج عن النساء. هذا بالضبط ما جاء فى تفسير القرطبى!
المطالبة بمراجعة الروايات غير المتواترة المنقولة عن النبى صلى الله عليه وسلم لا تعد إنكارًا للسنة كلها
الصحيح أن الحديث الذى ورد بشأن «الشجاع الأقرع» هو فى عقوبة من لم يؤد الزكاة.. وهذا لا يكون إلا فى يوم القيامة لا فى القبر.
التسليم الدائم وإلغاء العقل والتفكير
العقل فى تاريخ الفكر الإسلامى إما أن يراد به مقابلة النقل فيقال أهل النقل وأهل العقل، وإما أن يراد به إمعان النظر واستبصار الحكمة والمعقول فى ما أتى به المنقول.
رغم أن القرآن قد أعطى مكانة وتكريما خاصا للعقل تتضح أكثر ما تتضح فى تلك المزاوجة فى الدعوة بالبراهين العلمية العقلية الكونية والدعوة بالآيات النقلية، وبذلك يكون هناك رباط مقدس عقده القرآن بين العقل والنقل، وبين الله أنه لا تعارض بين العقل الصحيح الصريح والنقل الصحيح.
وهذا ما تقرره الآيات القرآنية وأقوال العلماء والفقهاء ويكفى أن نقول فى البداية إن علماء المسلمين حصروا المقاصد الضرورية والعامة للشريعة الإسلامية كلها فى خمسة مقاصد قال عنها الإمام الشاطبى رحمه الله فى (الموافقات): (إن الأصول الكلية التى جاءت الشريعة بحفظها خمسة وهى: الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال).
وطوال عصور الازدهار والنهوض الحضارى للأمة لم يكن هناك أى تعارض أو قطيعة بين العقل والنقل، وهذا على العكس تماما مما يحدث فى عصور الانحطاط والتراجع الحضارى.
ولعل هذا الكلام يكون ملموسًا بشكل بالغ الوضوح للدرجة التى لا ينفع معها إنكار فى زماننا هذا وأيامنا تلك.
فلو حاول أحد منا أو جرب أن يسأل واحدًا من دعاتنا وشيوخنا الأفاضل عن الأشياء التى لا تتفق مع العقل فى كتب الحديث أو كتب التفسير والسير القديمة وتسأل عن كيفية الإيمان بها وهى لا تتفق مع العقل.. يردون عليك بأنها أشياء يجب الإيمان بها سواء اتفقت مع العقل أو ناقضته.. إذ العقل عندهم لا مجال له فى أى قضية متصلة بالدين سواء من قريب أو من بعيد، لا فرق عندهم فى ذلك بين الأصول وبين الفروع!
وهنا نسأل: أليس هذا العقل شرط وأساس فى وجوب العبادات جميعا على الشخص المسلم؟ ألا تجب الصلاة إلا على المسلم البالغ العاقل (صاحب العقل) وغيرها من العبادات الأخرى؟ ألا تسقط العبادة عن المجنون (فاقد العقل) حتى يفيق؟ وألم تحرم الخمر إلا لأنها تذهب العقل وتغيبه عن الوعى، وبالتبعية فأى مادة أو عقار تعاطيه يذهب العقل يأخذ حكم التحريم كالخمر لنفس السبب ونفس العلة؟!
وما فائدة تلك الآيات العديدة والمتناثرة فى سور القرآن التى تخاطب أولى النهى وأولى الألباب، وأفلا يتدبرون، وأفلا يتفكرون، وأفلا يعقلون.. أم أن هذه الآيات كانت لأشخاص وأقوام غيرنا، أم ماذا بالضبط؟
لماذا يجنح الدعاة والشيوخ إلى التفسيرات الفقهية القديمة حتى وإن خالطها الغموض ومخاصمة العقل والمنطق ويثورون ضد التأويلات العقلية الحديثة التى لا تضر الدين فى شىء؟
وهل كتب التراث جميعها لا تُخطئ، هل هى قرآن أو وحى مقدس؟ وهل كل ما ورد إلينا عن السلف صحيح لا ينبغى مناقشته أو المساس به، وهل المطالبة بإعادة النظر فى تلك الكتب وما فيها من روايات وآراء واجتهادات لا تتناسب مع محكم القرآن والعقل ومراجعتها تعد كفرًا بينا ومحاولات لهدم دين الله كما يزعم هؤلاء ويدلسون على جمهورهم من العوام بذلك؟
هل المطالبة بمراجعة بعض الروايات غير المتواترة والمنقولة عن النبى والسؤال عنها تعد إنكارا للسنة كلها؟! لماذا يرفع هؤلاء سيف التكفير على رقبة كل من يخوض فى هذه المسائل؟
أعتقد أن الإجابة على ذلك تتلخص فى ضيق أفق هؤلاء الدعاة وتعصبهم لوجهة نظرهم لا للدين ولا للقرآن ولا للسنة.. فالتدين الحقيقى يجعل العالم أو الداعية وكذلك الإنسان العادى على حالة من الرفق والتسامح والصبر على المخالف تختلف تماما عما نراه من مشايخنا الذين ازدحمت بهم الفضائيات.
هم يتحدثون عن العقل ومكانته وكيف كرم الله به الإنسان، لكنهم فى حيز التنفيذ يضيقون بهذا العقل ذرعا، ويخافون منه أشد الخوف.. لأنهم فى ما يبدو يريدون قيادة الجمهور والبسطاء من العوام كالقطيع دون تفكير أو استفهام أو مساءلة.
وقد نالوا ما أرادوا وأصبحوا كالملوك والأباطرة فى الوجاهة والثراء والنجومية والتقديس من الأتباع.
الثعبان الأقرع وظهوره فى القبر
ما يتردد فى الوعى الشعبى أن حكاية الثعبان الأقرع قد جاءت فى حديث «من تهاون فى الصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة: ست منها فى الدنيا، وثلاث عند الموت، وثلاث فى القبر، وثلاث عند خروجه من القبر».. ومن ضمن ما ذكر من عذاب القبر فى الحديث هو ظهور الشجاع أو الثعبان الأقرع لتارك الصلاة.
والحقيقة أنه حديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك فهو شائع ومتداول على المنابر تخويفا وترهيبا لتارك الصلاة.
ورغم هذه الشهرة وهذا التداول، إلا أن هذا الكلام ليس صحيحًا ولا أساس له.
وقد قال عنه ابن باز فى مجلة «البحوث الإسلامية»: أما الحديث الذى نسبه صاحب النشرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عقوبة تارك الصلاة وأنه يعاقب بخمس عشرة عقوبة إلخ: فإنه من الأحاديث الباطلة المكذوبة على النبى صلى الله عليه وسلم كما بين ذلك الحفاظ من العلماء رحمهم الله كالحافظ الذهبى فى «لسان الميزان» والحافظ ابن حجر وغيرهما.
والصواب أن الحديث الذى ورد بشأن هذا الشجاع الأقرع هو فى عقوبة من لم يؤد زكاة ماله وهذا لا يكون إلا فى يوم القيامة وليس فى القبر.
فقد جاء فى صحيح البخارى عن أبى هريرة قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له شجاع أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، فيأخذ بلهزمتيه -يعنى شدقيه- فيقول: أنا مالك. أنا كنزك. ثم تلا هذه الآية «ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير)».
سورة الأحزاب كانت تعادل سورة البقرة
فى «تفسير القرآن العظيم» المعروف بتفسير ابن كثير وفى شرح الآية الأولى من سورة الأحزاب، نقرأ: «سورة الأحزاب وهى مدنية. قال عبد الله بن الإمام أحمد: حدّثنا خلف بن هشام: حدثنا حمّاد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن زرّ قال: قال لى أبى بن كعب: كأين تقرأ سورة الأحزاب؟ أو كأين تعدّها؟ قال: قلت: ثلاثا وسبعين آية، فقال: قطّ، لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة».
وفى تفسير «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبى بخصوص سورة الأحزاب، نقرأ: «مدنية فى قول جميعهم. نزلت فى المنافقين وإيذائهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطعنهم فيه وفى مناكحته وغيرها. وهى ثلاث وسبعون آية. وكانت هذه السّورة تعدل سورة البقرة. وكانت فيها آية الرجم: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم).
حسب هذا الكلام فإن سورة الأحزاب كانت تعادل سورة البقرة فى الحجم والمساحة، ولكن النسخ قد أوصلها لنا بهذا الشكل الذى هو بين أيدينا.. وكأننا نقدم بأيدينا أقوى المبررات والأدلة الدامغة لمن يقولون بتحريف القرآن وعدم قداسة النص.
ولم يتحمل الشيخ محمد الغزالى رحمه الله مثل هذا الكلام ففى كتابه «نظرات فى القرآن» بعد أن فند مُبررات من قالوا بالنسخ والناسخ والمنسوخ يقول عن «الناسخ والمنسوخ»:– «فضلا عن كونه فهمًا خاطئا فهو جرأة غريبة على الوحى وظلم لكتاب الله».
ويقول أيضًا فى كتابه «تراثنا الفكرى فى ميزان الشرع والعقل»: «وهذا كلام سقيم، فإن الله لا ينزل وحيا يملأ أربعين صفحة ثم ينسخه أو يحذف منه أربعا وثلاثين ويستبقى ست صفحات وحسب ويضيف الغزالى: «وأنبه إلى أن ما يتصل بالقرآن لا يتحمل هذه الحكايات المنكرة».
وقفة مع حديث نزول الله إلى السماء
جاء فى صحيح مسلم «عَنْ أَبِى سَعِيدٍ وَأَبِى هُرَيْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ؟»
يقول ابن باز: (قد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإثبات النزول وهو قوله صلى الله عليه وسلم «ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعونى فأستجيب له من يسألنى فأعطيه من يستغفرنى فأغفر له» وقد أجمع أهل السنة والجماعة على إثبات صفة النزول على الوجه الذى يليق بالله سبحانه لا يشابه خلقه فى شىء من صفاته.
ومع احترامى لهذا الكلام فإنه لا يكفى لتنزيه الله عن التجسيم المشابهة، إذ لا بد أن نضيف إليه أيضًا تلك الإضافة المهمة والذكية للشيخ الغزالى: «يستحيل أن يكون النزول على حقيقته المادية، يخلو منه المكان الذى تركه ويشغل به المكان الذى قصده» بمعنى أنه لم يغادر بذاته مكانا ليحل فى مكان آخر.
صوت المرأة عورة
كذبة من أكبر الأكاذيب التى شاعت بين المسلمين.. وهى عبارة سيئة السمعة يتم تداولها على ألسنة المتشددين والمتنطعين دون تدبر أو نظر.
فليس فى القرآن الكريم آية ولا فى سنة النبى الكريم حديث صحيح يمكن أن يتوصل به عاقل إلى هذا الحكم الشاذ.
وحتى لا يظن أحد أننا نختلق القضايا، أعود مرة أخرى إلى الكتاب المهم للشيخ الغزالى «تراثنا الفكرى فى ميزان الشرع والعقل» لأتوقف مع ما قاله: «وعندما كنت أدرس فى جامعة الجزائر الإسلامية، كان الطلاب عن يمينى فى المدرجات والطالبات عن يسارى، ولاحظت أن الوجوم يخيم على البنات، بعد أيام قلائل كن يسألننى فيها على استحياء!».
وعلمت أن الطلاب الذكور هددوهن إذا سألن، فإن صوت المرأة عورة!
ولا شك أن ما أورده الشيخ الغزالى لم يكن نابعا فقط من عقول هؤلاء الطلاب، بل هو ما تعلموه عن مشايخ الفكر العفن الذى ينشره بعض العلماء، على حد تعبير الغزالى رحمه الله.
وللشيخ أيضًا مقال رائع فى كتابه الممتع «قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة» جاء فيه تحت عنوان: حرمة صوت المرأة.. إشاعة كاذبة، نقرأ فيه:
وذكرنا من قبل أن أمرا إلهيًّا صدر بامتحان المؤمنات المهاجرات، وكان عمر يتولى ذلك الامتحان فهل قال أحد: إن صوت المرأة -حين تسأل فتجيب- عورة؟
اللهم إلا أن يزعم متقعّر أن الامتحان كان تحريريا لا شفويا! كان النساء على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يروين الأحاديث ويأمرن بالمعروف وينهين عن المنكر، فما زعم أحد أن صوت المرأة عورة.
العورة فى أصوات النساء -وأصوات الرجال أيضًا- أن يكون الكلام مريبا مثيرا له رنين ردىء!
ولا يوجد بين رجال الفقه من قال: صوت المرأة عورة، إنها إشاعة كاذبة.
عمر والنهى عن تعليم الكتابة للمرأة
وفى ذات السياق المعادى للمرأة وفى نفس المصدر المشار إليه سابقا، يواصل الغزالى «كما ذكر بعضهم أن عمر كان ينهى عن تعليم النساء الخط، وهذا أثر منكر وقد كانت ابنته حفصة رضى الله عنها كاتبة فلمَ علمها أو تركها تتعلم الخط إذا كان هذا لا يسوغ؟ ولم يبقَ إلا أن يقول أحمق: تعلمت الكتابة فى الجاهلية فلما جاء الإسلام نهى عن ذلك لأن الأمية جزء من غاياته ورسالاته!»
حديث خلق آدم على صورة الرحمن
أخرج البخارى ومسلم عن أبى هريرة: «خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعًا، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك، نفر من الملائكة، جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله».
الإشكالية الكبرى فى هذا الحديث هى فى تحديد الضمير فى «على صورته» عائد على من؟
يقول ابن تيمية: «لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع فى أن الضمير فى الحديث عائد إلى الله تعالى». ومعنى هذا الكلام أن صورة آدم هى على صورة الله! وحول هذا الحديث يقول شيخنا الغزالى فى «تراثنا الفكرى»: «وأمامى كتاب جيد الطبع ردىء المعانى عنوانه «عقيدة أهل الإيمان فى خلق آدم على صورة الرحمن»، لقد تساءلت: فما معنى قوله تعالى: «ليس كمثله شىء» إذا كان آدم على صورة ربه؟!... ولو سمحنا لهذا الفكر أن ينتعش وتتسع مباحثه فسيقضى على الإسلام فى أنحاء العالم ويتعرض لهزائم ماحقة. ويصل الغزالى إلى النقطة المهمة والحاسمة فى مثل تلك القضايا ليقول: «وإنما دفع إليها ما يحشده البعض من آثار موهمة لا صلة لها بالعقائد -ولو صحت- لأن العقائد مبناها على النصوص القطعية المتواترة». وهكذا يعلنها الغزالى صراحة أن الأمور الاعتقادية لا تبنى إلا على اليقين، حيث آيات القرآن الكريم قطعية الثبوت والدلالة، وكذلك الأحاديث المتواترة وليس على أحاديث الآحاد التى لا تفيد إلا الظن العلمى. وهو الموضوع الشائك والحساس الذى سنتناوله بالتفصيل فى كتابات قادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.