حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    أوكسفام: أرباح مليارديرات مجموعة العشرين في عام واحد تكفي لانتشال جميع فقراء العالم من براثن الفقر    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    زوار يعبثون والشارع يغضب.. المتحف الكبير يواجه فوضى «الترندات»    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    ترامب يعلن عن لقاء مع رئيس بلدية نيويورك المنتخب في البيت الأبيض    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    تضرب الوجه البحري حتى الصعيد، تحذير هام من ظاهرة تعكر 5 ساعات من صفو طقس اليوم    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    منى أبو النصر: رواية «شغف» تتميّز بثراء نصّها وانفتاحه على قراءات متعددة    ياسر ثابت: واشنطن تلوّح بضغط سريع ضد مادورو... وفنزويلا مرشّحة لساحة صراع بين أمريكا والصين وروسيا    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    تراجع في أسعار اللحوم بأنواعها في الأسواق المصرية اليوم    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    مهرجان القاهرة السينمائي.. المخرج مهدي هميلي: «اغتراب» حاول التعبير عن أزمة وجودية بين الإنسان والآلة    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    بالأسماء| إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي بأسيوط    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    علي الغمراوي: نعمل لضمان وصول دواء آمن وفعال للمواطنين    قليوب والقناطر تنتفض وسط حشد غير مسبوق في المؤتمر الانتخابي للمهندس محمود مرسي.. فيديو    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العيدية.. أصلها فاطمي وليس فرعونيًا
نشر في التحرير يوم 28 - 07 - 2014

الخليفة الفاطمى كان يوزع 3307 دنانير على أعوانه وخدمه.. و107 قطع من الكسوات وزعت على الأمراء
قبل فترة ليست بقصيرة انشغلت جدا بالبحث عن أصل العيدية وملابس العيد، هل هى عادة إسلامية أم إنسانية؟ ومتى وزعت العيدية لأول مرة؟ ومن الذى وزعها؟ وفى أى بلد تم توزيعها؟ ولماذا ارتبطت الأعياد بملابس جديدة؟ ومن الذى ربط الأعياد بالملابس؟ وما أول بلدة سنت هذه السنة؟
السنة النبوية كانت أول مصدر اتجهت إليه للبحث عن أصول العيدية والملابس الجديدة، وعندما فشلت فى العثور على ما يعيننى ملت إلى القصص والأخبار التاريخية المرتبطة بفترة النبوة والخلفاء الراشدين، ولا أخفى عليكم فقد صادفت كذلك عدم توفيق، وانصرفت لفترة وانشغلت بمسائل أكثر أهمية، لكن مع كل عيد كان يثار السؤال: لماذا العيدية؟ ولماذا الملابس الجديدة فى العيد؟
لا أخفى عليكم أننى حاولت التأصيل للعيدية وللملابس الجديدة بالرجوع إلى الفترة الفرعونية، وعدت إلى بعض النصوص والدراسات المرتبطة بهذه الفترة، ظنا بأن هذه العادة تعود إلى العصر الفرعونى، وأن المصريين هم أصحاب السبق فى إدخال هذه العادة إلى البشرية، وأضعف الإيمان نخرج بأنها عادة مصرية خالصة مثل الاحتفال بشم النسيم، وللأسف صادفت أيضا عدم التوفيق.
قبل أن أنصرف عن الفكرة وأجعلها مجرد سؤال دون إجابة يثار فى مناسبته، عدت إلى بعض المصادر التى تناولت الدولة الفاطمية: أخبار مصر فى سنتين للمسبحى (ت 420 ه)، ومواد البيان لعلى بن خلف (ت 437 ه)، ونصوص من أخبار مصر لابن المأمون (ت 588 ه)، ونزهة المقلتين فى أخبار الدولتين لابن الطوير (617 ه)، والسجلات المستنصرية تحقيق د.عبد المنعم ماجد، مجموعة الوثائق الفاطمية تحقيق د.جمال الدين الشيال، وكذلك كتابى المؤرخ المصرى تقى الدين المقريزى (ت 845 ه): اتعظ الحنفا والخطط، إضافة إلى صبح الأعشى للقلقشندى(ت 821 ه)، والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (ت 874 ه)، وغيرها من الكتب التى أرخت لمصر خلال الفترة الإسلامية، وإلى بعض الدراسات الهامة عن الدولة الفاطمية.
بعد مراجعة وبحث توصلت إلى أن للفاطميين الفضل فى ربط الأعياد ببعض العادات التى نتوارثها حتى اليوم، ومنها العيدية والملابس الجديدة، حيث كان كما سنبين لاحقا الحكام يوزعون الأموال والحلل الجديدة على أرباب الدولة.
قال ابن الطوير فى عيد الأضحى: يسير رسم الأضحية إلى أرباب الرتب والرسوم، كما سيرت الغرة فى أول السنة من الدنانير بغير رباعية ولا قراريط على مثال الغرة بعد الطبقة العليا إلى ما دونها من عشرة دنانير إلى دينار، أما لحم الجزور فإنه يفرق فى أرباب الرسوم للبركة فى أطباق مع أدوان الفراشين، وأكثر ذلك فى فرقة قاضى القضاة وداعى الدعاة للطلبة بدار العلم والمتصدرين بجوامع القاهرة ونقباء المؤمنين بهم المتشيعين للبركة، فإذا انقضى ذلك خلع الخليفة على الوزير ثيابه الحمر التى كانت عليه ومنديلا آخر من القصر، قال: وثمن الضحايا على ما تقدم من غير رباعية ولا قراريط ما يقرب من ألفى دينار.
وأمر بتفرقة كسوة العيد والهبات، يعنى فى عيد النحر، سنة خمس عشرة وخمسمئة، وجملة العين: ثلاثة آلاف وثلثمئة دينار وسبعة دنانير ومن الكسوات: مئة قطعة وسبع قطع برسم الأمراء المطوّقين، والأستاذين المحنكين، وكاتب الدست، ومتولى حجبة الباب وغيرهم.
قال: ووصلت الكسوة المختصة بالعيد فى آخر شهر رمضان يعنى من سنة ست عشرة وخمسمئة، وهى تشتمل على دون العشرين ألف دينار، وهو عندهم الموسم الكبير، ويسمى بعيد الحلل، لأنّ الحلل فيه تعم الجماعة، وفى غيره للأعيان خاصة، وقد تقدّم تفصيلها عند ذكر خزانة الكسوة من هذا الكتاب.
قال: ولما كان فى التاسع والعشرين من شهر رمضان، خرجت الأوامر بأضعاف ما هو مستقرّ للمقرئين والمؤذنين فى كل ليلة برسم السحور بحكم أنها ليلة ختم الشهر، وحضر المأمون فى آخر النهار إلى القصر للفطور مع الخليفة، والحضور على الأسمطة على العادة وحضر إخوته وعمومته، وجميع الجلساء، وحضر المقرئون والمؤذنون، وسلّموا على عادتهم وجلسوا تحت الروشن».
وأمّا الوزير المأمون فإنه توجه وخرج من باب العيد، والأمراء بين يديه إلى أن وصل إلى باب الذهب، فدخل منه بعد أن أمر ولده الأكبر بالوصول إلى داره والجلوس على سماط العيد على عادته، ولما دخل المأمون بقاعة الذهب وجد السروع قد وقع من المستخدمين بتعبية السماط، فأمر بتفرقة الرسوم على أربابها، وهو ما يحمل إلى مجلس الوزارة برسم الحاشية، ولكل من حاشية أولاده وإخوته، وكاتب الدست، ومتولى حجبة الباب، ومتولى الديوان، وكاتب الدفتر، والنائب لكل منهم رسم يصرف قبل جلوس الخليفة، وعند انقضاء الأسمطة لغير المذكورين على قدر منزلة كل منهم، ثم حضر أبو الفضائل ابن أبى الليث، واستأذن على طيافير الفطرة الكبار التى فى مجلس الخليفة فأمره الوزير بأن يعتمد فى تفرقتها على ما كان يعتمده فى الأيام الأفضلية، وهو لكل من يصعد المنبر مع الخليفة طيفور.
ورفع الفرّاشون ما أعدّوه برسم الجهات، ثم كبر المؤذنون، وهللوا، وأخذوا فى الصوفيات إلى أن نثر عليهم من الروشن دراهم ودنانير ورباعيات، وقدّمت جفان القطائف على الرسم مع الحلوى، فجروا على عادتهم، وملؤوا أكمامهم، ثم خرج أستاذ من باب الدار الجليلة بخلع خلعها على الخطيب وغيره، ودراهم تفرّق على الطائفتين من المقرئين والمؤذنين، ورسم أن تحمل الفطرة إلى قاعة الذهب، وأن تكون التعبية فى مجلس الملك، وتعبى الطيافير المشورة الكبار من السرير إلى باب المجلس، وتعبى من باب المجلس إلى ثلثى القاعة سماطا واحدا مثل سماط الطعام، ويكون جميعه سدا واحدا من حلاوة الموسم، ويزين بالقطع المنفوخ، فامتثل الأمر، وحضر الخليفة إلى الإيوان، واستدعى المأمون، وأولاده وإخوته، وعرضت المظال المذهبة المحاومة، وكان المقرئون يلوّحون عند ذكرها بالآيات التى فى سورة النحل والله جعل لكم مما خلق ظلالا إلى آخرها.
ركوب الخليفة
اتضح مما سبق أن الخليفة الفاطمى كان يوزع العيدية فى العيدين الفطر والأضحى، وقد كان يقوم بتوزيع الأضاحى والأموال والكسوة فى عيد الأضحى، والأموال والكسوة ومد أسمطة الطعام والحلويات فى عيد الفطر، وحسب ما وصل إلينا من أخبار فقد كانت عملية التوزيع تتم فى إطار احتفال يبدأ بركوب الخليفة لصلاة العيد.
وركب المأمون، حسب ذكر المقريزى، من داره وجميع التشاريف الخاص بين يديه، وخدمت الرهجية، ومن جملتهم الغربية وهى أبواق لطاف عجيبة غريبة الشكل تضرب كل وقت يركب فيه الخليفة ولا تضرب قدّام الوزير إلّا فى المواسم خاصة وفى أيام الخلع عليه والأمراء مصطفون عن يمينه، وعن شماله، ويليهم إخوته وبعدهم أولاده، ودخل إلى الإيوان، وجلس على المرتبة المختصة به، وعن يمينه جميع الأجلاء والمميزون وقوف أمامه، ومن انحط عنهم من باب الملك إلى الإيوان قيام، ويخرج خاصة الدولة ريحان إلى المصلى بالفرش الخاص، وآلات الصلاة، وعلق المحراب بالشروب المذهبة، وفرش فيه ثلاث سجادات متراكبة، وأعلاها السجادة اللطيفة التى كانت عندهم معظمة، وهى قطعة من حصير ذكر أنها من جملة حصير.
وأقبل الخليفة من قصوره بغاية زيه، والعلم الجوهر فى منديله، وقضيب الملك بيده، وبنو عمه، وإخوته وأستاذوه فى ركابه، وتلقاه المقرئون عند وصوله والخواص، واستدعى بالمأمون، فتقدّم بمفرده، وقبل الأرض، وأخذ السيف والرمح من مقدّمى خزائن الكسوة، والرهجية تخدم، وحمل لواء الحمد بين يديه إلى أن خرج من باب العيد، فوجد المظلة قد نشرت عن يمينه، والذى بيده المدعو فى ترتيب الحجبة لمن شرّف بها، لا يتعدّى أحد حكمه، وسائر المواكب بالجنائب الخاص، وخيل التخافيف، ومصفات العساكر والطوائف جميعها بزيها، وراياتها وراء الموكب إلى أن وصل إلى قريب المصلى، والعماريات والزرافات، وقد شدّ على الفيلة بالأسرّة مملوءة رجالا مشيكة بالسلاح لا يتبين منهم إلّا الأحداق، وبأيديهم السيوف المجرّدة، والدرق الحديد الصينى، والعساكر قد اجتمعت وترادفت صفوفا من الجانبين إلى باب المصلى، والنظارة قد ملأت الفضاء لمشاهدة ما لم يبلغوه، والموكب سائر بهم، وقد أحاط بالخليفة والوزير صبيان الخاص، وبعدهم الأجناد بالدروع المسبلة، والزرديات بالمغافر ملثمة، والبروك الحديد بالصماصم والدبابيس.
ولما طلع الموكب من ربوة المصلى ترجل متولى الباب، والحجاب ووقف الخليفة بجمعه بالمظلة إلى أن اجتاز المأمون راكبا بمن حول ركابه، وردّ الخليفة السلام عليه بكمه، وصار أمامه، وترجل الأمراء المميزون والأستاذون المحنكون بعدهم، وجميع الأجلاء، وصار كل منهم يبدأ بالسلام على الوزير، ثم على الخليفة إلى أن صار الجميع فى ركابه، ولم يدخل من باب المصلى راكبا غير الوزير خاصة، ثم ترجل على بابه الثانى إلى أن وصل الخليفة إليه فاستدعى به، سلم وأخذ الشكيمة بيده إلى أن ترجل الخليفة فى الدهليز الآخر، وقصد المحراب والمؤذنون يكبرون قدّامه.
هيئة الموكب
وركوب الخليفة لصلاة العيد يجهز له، حسب ذكر القلقشندى فى صبح الأعشى، ابتداء من العشر الأخير من رمضان، وتعبّى أهبة المواكب على ما تقدّم فى أوّل العام وغيره، ويركب الخليفة بهيئة المواكب العظيمة على ما تقدّم فى أوّل العام: من المظلّة والتاج وغير ذلك من الآلات، ويكون لباسه فى هذا اليوم الثياب البيض الموشّحة المجومة «1»، وهى أجلّ لباسه ومظلته كذلك، ويخرج من باب العيد على عادته فى ركوب المواكب إلا أن العساكر فى هذا اليوم من الأمراء والأجناد والركبان والمشاة تكون أكثر من غيره، وينتظم القوم له صفّين من باب القصر إلى المصلّى، ويركب الخليفة إلى المصلّى فيدخل من شرقيّها إلى مكان يستريح فيه دقيقة، ثم يخرج محفوظا بحاشيته كما فى صلاة الجمع المتقدّمة الذكر فيصير إلى المحراب، والوزير والقاضى وراءه كما تقدّم، فيصلى صلاة العيد بالتكبيرات المسنونة.
أجل ثياب
إذا تكملت عدة شهر رمضان، وهى عندهم أبدا ثلاثون يوما، وتهيأت الأمور، كما تقدم ذكره، ركب الخليفة بالمظلة واليتيمة، ولباسه فى هذا اليوم، حسب ذكر ابن تغرى بردى فى النجوم الزاهرة، الثياب البياض الموشحة، وهى أجل لباسهم، والمظلة أبدا زيها تابع لزى ثياب الخليفة.
ويخرج الخليفة من باب العيد إلى المصلى، وعساكره وأجناده من الفرسان والرجالة زائدة على العادة موفورة العدد، فيقفون صفين من باب العيد إلى المصلى. ويكون صاحب بيت المال قد تقدم على الرسم لفرش المصلى، فيفرش الطراحات على رسمها فى المحراب مطابقة، ويعلق سترين يمنة ويسرة، على الستر الأيمن الفاتحة وسبح اسم ربك الأعلى، وعلى الأيسر الفاتحة وهل أتاك حديث الغاشية، ويركز فى جانبى المصلى لواءين مشدودين على رمحين قد لبست أنابيبهما من الفضة، ويرخيهما، فيدخل الخليفة من شرقى المصلى إلى مكان يستريح فيه قليلا، ثم يخرج محفوظا كما يخرج للجمعة، فيصلى بالتكبيرات المسنونة والقوم من ورائه على ترتيبهم فى صلاة الجمعة. ويقرأ فى الأولى بعد الفاتحة «سبح اسم ربك الأعلى»، وفى الأخرى «الغاشية»، ثم يصعد إلى ذروة المنبر وعليها طراحة سامان، أو دبيقى، وباقى درجه مستور بالأبيض.
ويقف الوزير أسفل المنبر ومعه قاضى القضاة، وصاحب الباب، واسفهسالار العساكر، وصاحب السيف، وصاحب الرسالة، وزمام القصر، وصاحب دفتر المجلس، وصاحب المظلة، وزمام الأشراف الأقارب، وصاحب بيت المال، وحامل الرمح، ونقيب الأشراف الطالبيين. فيشير الخليفة إلى الوزير فيصعد ويقبل رجله بحيث يراه الناس، ثم يقف على يمينه. ثم يشير إلى القاضى فيصعد إلى سابع درجة، فيشير إليه الخليفة فيخرج من كمه درجا أحضر إليه أمس من ديوان الإنشاء قد عرض على الخليفة والوزير، فيقرؤه معلنا، وأوله البسملة ويليها ثبت بمن شرف بصعوده المنبر الشريف فى يوم كذا من سنة كذا من عبيد أمير المؤمنين، صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه الأكرمين، بعد صعود السيد الأجل. ويذكر الوزير بألقابه ونعوته. ومرة يشرف الخليفة أحدا من أقارب الوزير، فيستدعيه القاضى، ثم يتلو ذلك ذكر القاضى وهو القارئ فلا يسع القاضى أن يقول نعوت نفسه بل يقول المملوك فلان ابن فلان. وقرأه مرة ابن أبى عقيل القاضى فقال عن نفسه: العبد الذليل، المعترف بالصنع الجميل، فى المقام الجليل، أحمد بن عبد الرحمن بن أبى عقيل. أو غير ذلك حسب ما يكون اسم القاضى. ثم يستدعى من ذكرنا وقوفهم على باب المنبر، فيصعدون، وكل له مقام يمنة أو يسرة، ثم يشير إليهم الوزير فيأخذ كل واحد نصيبا من اللواء الذى يحاذيه، فيسترون الخليفة ويستترون، ثم يخطب الخليفة خطبة بليغة. فإذا فرغ كشفوا ما بأيديهم من الألوية وينزلون أولا بأول القهقرى. ثم ينزل الخليفة إلى مكانه الذى خرج منه، ويركب فى زيه المفخم إلى قريب من القصر، فيتقدمه الوزير، كما ذكرنا، ويدخل من باب العيد، فيجلس فى الشباك، وقد نصب منه إلى فسقية كانت فى وسط الإيوان سماط طوله عشرون قصبة، عليه من الخشكنان والبستندود والبرماورد مثل الجبل الشاهق، وفيه كل قطعة منها ربع قنطار فما دون ذلك إلى رطل، فيدخل الناس فيأكلون ولا منع ولا حجر، فيمر ذلك بأيدى الناس، وليس هذا مما يعتد به، بل يفرق إلى الناس، ويحمل إلى دورهم. ونذكر مصروفها فى ترجمة العزيز، فإنه أول من رتبها فى عيد الفطر خاصة.
البحث عن أصل للعيدية، فى شكلها المالى أو فى هيئة ملابس أو أطعمة وحلاويات، يحتاج بالفعل إلى دراسة وإلى بحث، حيث إن بعض الشعوب الذين يعتقدون بديانات غير الإسلام يربطون احتفالات الأعياد بالتوسعة فى الطعام والملابس ومنح مبالغ مالية، الذى يعود إلى التوراة والأناجيل يكتشف أن أتباع الديانة اليهودية والمسيحية كانوا وما زالوا يمدون موائد الطعام احتفالا بالعيد، ونظن أن إدخال الأطعمة والحلويات فى الأعياد كان نتيجة طبيعية لفترة الصيام التى تسبق الأعياد، حيث تسبق الأعياد المسيحية فترات صيام، لهذا فى العيد تجهز الأسر الموائد بالأطعمة والحلويات التى انقطعوا عنها خلال فترة الصيام.
هذا عن الطعام، وماذا عن الأموال والملابس الجديدة؟ هل أدخلها الحكام احتفالا بالأعياد؟ هل بدأت فى شكل هبات وعطايا من الحكام لمخدوميهم؟ فى الدولة الفاطمية كانت حسب ما وضحنا صنيعة الحاكم، حيث يقوم الخليفة فى احتفال يبدأ بصلاة العيد، ثم بمد الأسمطة أو بتوزيع الأضحية، وهو ما سنتناوله بشكل مفصل فى مقال تال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.