أكد الباحث الاثري سامح الزهار المتخصص في الاثار الاسلامية والقبطية ان البداية الحقيقية لظهور ¢كعك ¢ العيد كانت منذ حوالي خمسة آلاف عام فقد اعتادت زوجات الملوك في مصر القديمة تقديم الكعك للكهنة القائمة علي حراسة هرم خوفو وكان الخبازون في البلاط الفرعوني يتقنون صنعه بأشكال مختلفة كاللولبي والمخروطي والمستطيل والمستدير حتي وصلت أشكاله إلي ما يقرب من 100 شكل نقشت بأشكال متعددة. وقال الزهار إنه علي مدي العصور تطورت صناعة كعك العيد ولم تندثر ففي عهد الدوله الطولونيه "868-905م" كانوا يصنعونه في قوالب خاصة مكتوب عليها ¢كل واشكر¢ وقد احتل مكانة مهمة في عصرهم وأصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر أما في عهد الدولة الإخشيدية "935-969م" فكان أبوبكر محمد بن علي المادراني وزير الدولة الأخشيدية صنع كعكا في أحد أعياد الفطر وحشاه بالدنانير الذهبية وأطلقوا عليه اسم كعكة¢انطونلة¢. وأضاف انه بالنسبة للدولة الفاطمية "969-1171م" فكان الخليفة الفاطمي يخصص ما يقرب من 20 ألف دينار لعمل كعك عيد الفطر حيث كانت المصانع تتفرغ لصنعه بداية من منتصف شهر رجب وملء مخازن السلطان به. وكان الخليفة يتولي توزيعه بنفسه. وأوضح ان صلاح الدين الايوبي حاول جاهدا القضاء علي كل العادات الفاطمية ولكنه فشل في القضاء علي عادة كعك العيد وباقي عادات الطعام التي ما زالت موجودة إلي اليوم. وأكد الزهار ان صناعة الكعك استمرت في العصر العثماني "1261-1517م". واهتم سلاطين العثمانيين بتوزيع الكعك في العيد علي المتصوفين والتكيات والخانقات المخصصة للطلاب والفقراء ورجال الدين وظل التراث العربي معبراً عن حاله حتي يومنا هذا خاصة بمصر وبلاد الشام بحكم الارتباط الجغرافي والتاريخي. واستعرض الباحث الاثري مظاهر الاحتفال بعيد الفطر عند الفاطميين موضحا انهم كانوا يعتمدون علي الحسابات الفلكية في تحديد بدايات الشهور الهجريه لبراعتهم في علوم الفلك الا انه في عهد الحاكم بأمر الله خرج المصريون واجبروه علي اعادة استطلاع الهلال ورؤيته.. وقد كان هذا في شهر رمضان. وتابع انه كان يتم اعداد كحك العيد في دار تسمي "دار الفطر" و ذلك من منتصف رجب الي منتصف رمضان وايضا اعداد ¢سماط العيد¢ اي الولائم التي سيأتي اليها كبار رجال الدوله وكانت ترصد ميزانيات ضخمه بلغت في بعض السنوات 20ألف دينار ذهب لشراء الدقيق والسكر والمكسرات والعسل وماء الورد والمفارش الحريرية للاسمطه والفوط التي يغطي بها الكعك. وأوضح ان الاحتفال بعيد الفطر كان يبدأ بعد صلاة العشاء الأخيرة في شهر رمضان فكان الوزير يحضر الفطار الاخير في شهر رمضان مع الخليفة في آخر اسمطة رمضان ثم يبدأ القراء والمبتهلون التوافد لقصر الخليفه ويقومون بعمل ختمة قرآنيه وابتهالات وتواشيح وكانت ترسل سيدات القصر اواني الماء لتوضع امام القراء لتشملها بركة ختم القرآن وبعد انتهاء التلاوة والتكبير يقوم الخليفة بنثر الدراهم والدنانير عليهم وتوزع عليهم اطباق القطائف وملابس العيد ومبالغ نقدية ثم تجري بعض العروض العسكرية واستعراض الخيول والحلوي والآلات الموسيقية. وأضاف أن اهم المظاهر هي صلاة العيد حيث اعتاد المصريون تأدية الصلاة في الساحات خارج اسوار القاهرة الشمالية اي خارج باب النصر فيتحرك الخليفة بموكبه الي المصلي ويخرج من باب في القصر يسمي باب العيد ويدخل الي المصلي فيستريح فيه بعض الوقت ثم يخرج ومعه الوزير وقاضي القضاه خلفه ليصلي صلاة العيد وعقب الانتهاء منها يصعد المنبر لخطبة العيد ويجلس في اعلي المنبر ويعطي الوزير الخطبة مكتوبة الي الخليفة ليقرأها بنفسه علي الناس وبانتهاء الخطبة يعود الخليفة من الطريق الذي جاء منه وعندما يقترب من القصر يتقدمه الوزير ليمهد له الطريق ثم يدخل من باب العيد الذي خرج منه فيجلس في الديوان الكبير وبه سماط فيه انواع الكحك المختلفه ليأكل من يأكل ينقل من ينقل وذلك حتي صلاة الظهر. وأشار الي انه بعد صلاة الظهر كانت تبدأ الاحتفالات الشعبية في الشوارع ومن اهم مظاهرها كانت طائفة تعرف بصبيان ¢الخف¢ يقدمون ألالعاب البهلوانية واستعراضا للخيول وفي أيديهم الرايات وكانت تستمر الاحتفالات في شوارع القاهرة طول ايام العيد الثلاثة.