قدم الدكتور عز الدين شكرى فشير، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، استقالته أمس من منصب الأمين العام، لوزير الثقافة الدكتور عماد أبو غازى، عقب انتهائه من المهام الرئيسية التى كلفه بها، وأهمها صياغة مشروع لإعادة هيكلة المجلس الأعلى للثقافة. وقال فشير -فى بيان صحفى- إنه أعد أيضا مشروعا متكاملا لتعديل نظام جوائز الدولة بما يضمن معالجة عيوب النظام القائم، كما اتفق مع الوزير على خطة النشر بالمجلس للعام القادم. وفيما يتعلق بإعادة هيكلة المجلس نفسه، أوضح فشير أن المشاورات المكثفة التى أجراها مع مثقفين من داخل وخارج المجلس الأعلى للثقافة عبر الشهور الماضية أسفرت عن بلورة توافق عام حول مهام وأدوار المجلس الجديد، وكيفية تشكيل لجانه وهيئاته بحيث تعبر عن تنوع الجماعة الثقافية، وتكون حلقة وصل بين المثقفين والمجلس، إلا أن هناك خلافا لا يمكن حسمه من خلال هذه المشاورات حول علاقة المجلس بوزارة الثقافة، بين هؤلاء الذين يريدون فصله بالكامل عن الوزارة، وهؤلاء الذين يرون بقاءه داخل الوزارة. وقال فشير إنه فى ضوء حالة الاستقطاب التى تسود أوساط المثقفين، فإن حسم هذا الخلاف يتطلب وقتا كبيرا «وهو وقت لا أملكه، فى ضوء عدم استعدادى للتضحية بواجبات الكتابة والتدريس»، وعن توقيت استقالته، ذكر فشير أنه حصل على موافقة د.عماد أبو غازى على الاستقالة منذ أسبوعين، لكنه فضل الانتظار للانتهاء من بعض المشاورات والأمور التنظيمية داخل المجلس، وعن سبب اختياره عدم البقاء لمتابعة تنفيذ هذه المشروعات، قال فشير «مقعد السلطة لا يريحنى، وبين مقعد السلطة ومقعد الكتابة أختار الكتابة بلا تردد، فالكتابة حرية لا يعادلها أى منصب». التعليق: القعيد: قرار شديد الصعوبة.. واستمراره فى منصبه «تضحية» تستحق أكد الكاتب والأديب يوسف القعيد: أشخاص قليلون لديهم القدرة على أن يقولوا «لا» للاستمرار فى مناصبهم، وهى مسألة شديدة الصعوبة، وقلة قليلة فقط هم من لديهم القدرة على هذا الاختيار، لكنى كنت أفضل أن يستمر شكرى فى منصبه خلال هذه المرحلة الحرجة التى تمر بها مصر، لأن استمراره فى منصبه، كان سيفيد المثقفين المصريين المستقلين كثيرا، وكان سيشكل حاجزا كبيرا ويمنع من تغول العقليات العتيقة التى ما زالت تدير مصر بمنطق النظام السابق، حتى لو كان وجوده فى منصبه كأمين للمجلس الأعلى للثقافة سيعوقه قليلا عن الكتابة أو ممارسة عمله الأكاديمى الذى يفضله ويعطيه الأولوية. مصر كانت تستحق منه هذه التضحية، وكنت أتمنى أن يستمر فى موقعه التحليل: التخلص من المنصب فى التوقيت المناسب أصبح الثقافة الجديدة فى مصر «ما بعد الثورة» استقالة عز الدين شكرى من منصبه، بصفته أمينا للمجلس الأعلى للثقافة، تتسق بدرجة كبيرة مع أجواء مصر «المثالية» التى ينتظرها كثيرون فى مرحلة ما بعد الثورة، ذلك أن الرجل يحشد أسباب استقالته فى منطق أساسى هو «انتهاء المهمة»، وهو منهج يغيب عن مسؤولين كثر، يتشبثون بمناصبهم ولا يتركونها رغم فشلهم فى المهام التى عليهم القيام بها. وإذا كان هناك اتجاه يرى أن رفض المناصب الحكومية فى هذا التوقيت شديد الحساسية، يعتبرا تهربا من تحمل المسؤولية، فالأمر فى حالة شكرى مختلف، لأنه وافق على تحمل المسؤولية فى أبريل الماضى، وحدد مهمته فى إعادة هيكلة المجلس ووضع قواعد جديدة «عادلة» فيما يتعلق بجوائز الدولة التى كان يشوبها فى السنوات السابقة مجاملات عدة، ولما استشعر أنه انتهى من هذه المهمة قدم استقالته. يبقى أن تفضيل شكرى- الذى صدرت له أكثر من رواية، نافست واحدة منها «غرفة العناية المركزة» على جائزة البوكر- الكتابة عن مقعد السلطة «تفضيلا شخصيا» لم يستطع أن يحسمه «أدباء» آخرون وصلوا إلى مناصب مماثلة وانحازوا إلى السلطة أكثر مما انحازوا إلى ما يكتبونه