تنبيه : هذا المقال غير نقدي غير موضوعي وغير محايد ..وسواء اتفقتم معي في الرأي أو لم تتفقوا فالفن أولا وأخيرا وجهات نظر تعكس فكر مقدميها وتُفسر وفقا لأهواء جمهورها وثقافتهم ومداركهم..وعلى كل فإن النقاد الفعليين سوف يصدعونكم لاحقا بالعديد من المقالات النقدية لذا لا ارغب في الخوض بأسس النقد الدرامي وجُل ما افعله هو كتابة رأيي كمشاهدة في المقام الأول واسمحوا لي أصحبكم في جولتي غير النقدية... الدراما الرمضانية الحالية باهتة فبالطبع حلقة مدتها 30 دقيقة يصاحبها ساعة ونصف ساعة من الإعلانات سوف تجعلك تكره الدراما ليس لمسلسل الإعلانات الذي تتخلله مشاهد ننساها عقب كل فاصل بل لأن صناع الدراما لم يقدموا دراما حقيقية لأجل المجتمع والفن بل لأجل المعلنين ولم يكتفوا بالإعلانات الخارجية بل زجوا بإعلانات المستحضرات التجميلية والمجوهرات والسلع الاستهلاكية بداخل الكثير من المسلسلات كحشو وزيادة في التأكيد على الرسالة الإعلانية ... أغلب مسلسلاتنا الدرامية يا سادة قد تبهرك إخراجيا " شغل فنادق " فمخرجو السينما قد هجروا الفن السابع لأنه لم يعد " يأكل عيش " وارتموا في أحضان منتجي الدراما التليفزيونية المدفوعين من المعلنين فبات لدينا مسلسلات متميزة إخراجيا وفنيا وتصويريا وجاء ذلك على حساب الحبكة والقصة والسيناريو والذي في أغلبه عبارة عن مباراة بين الممثلات في الملابس وفي الاستعراض المبالغ به في شرب السجائر والبيرة والذي منه أضف عليه بضعة كلمات بذيئة وإيحاءات جنسية ومجموعة نقاد يخرجون لنا ليخبرونا بأن ذلك هو واقعكم ولغتكم وألفاظكم ! بالطبع هو واقعنا ولكن أين الفن في دراما تصور الواقع فوتوغرافيا كما هو دون أن تضفي عليه رطوش أكثر تميزا ؟؟ ألم يدرسوا ويفهموا الفروق بين المدرسة الطبيعية في الدراما والمدرسة الواقعية؟؟ أشك في ذلك فهم " ليسوا دراماتورجية بقدر ما هم ترزجية بيطرزوا المسلسل ويفصلوه 30 حلقة علشان رمضان واقلب يا مخرج ويا كاميرا مان ! " بالطبع ليس هناك عمل فني متكامل ولا نستطيع أن نجزم بوجود عمل درامي عالمي استطاع أن يحصل على عشرة كاملة ولكن هناك عمل فني راق يستحق المشاهدة ولكني لا أجده حاليا في دراما الإعلانات في الموسم الرمضاني حتى أن التخلف حدا بواضعي السياسات الإعلامية إلى تجميع كافة المسلسلات في رمضان بدعوى كثافة المشاهدة !! ألم يخبروهم بأننا نمتلك التليفزيون طول السنة آي والله أومال بنتفرج على Arab Idol , The Voice إزاي باقي السنة؟؟ ألم يخبروهم بأن يقوموا بتوزيع المسلسلات على مدار فصول السنة الأربع مثلما تفعل ماما أمريكا ؟؟ ألم يخبروهم بأن المنتجين إن خشوا انخفاض كثافة المشاهدة لمسلسلاتهم المعروضة في غير دورة رمضان يمكنهم عرض حلقة أسبوعية من كل مسلسل وبالتالي يصبح لدينا 7 حلقات لسبع مسلسلات مختلفة كل أسبوع بما يشوق المشاهد وبما يضمن أنه سوف ينتظر للحلقة القادمة بدلا من عدم استطاعته مشاهدة الحلقات يوميا لظروف العمل أو غير ذلك؟؟ وحتى لا تنعتوني بالمفترية الظالمة لا أنكر أن هناك لمسات جمالية في كل مسلسل بالطبع لا تدفعك لمتابعته والانبهار الكلي به لكنها كفيلة بأن تشعرك بأن هناك بصيص أمل ومحاولات لإنقاذ ما تبقى من الدراما المصرية ؛ أولى هذه المحاولات هو ما أود تسميته بالتريو المرعب المكون من (نيللي كريم والمخرجة كاملة أبو ذكري والسيناريست مريم ناعوم) واللاتي يسعين لإضفاء رونق خاص على دراما نسائية كاملة بدءا من القصة والحبكة مع تميز مسرحية سجن النسا للكاتبة المناضلة فتحية العسال اضف إلى ذلك أننا نرى " نانسي عبد الفتاح" مديرة للتصوير مثلما قدمت مع كاملة سابقا مسلسل " ذات " في رمضان الماضي لتفتح لنا أبواب الأمل على مصرعيها بإننا في مصر " عندنا مديرة تصوير شاطرة تقدم صورة معبرة ومخرجة متميزة وبتعرف تدير location ".. تستمر المحاولات مع بعض الرطوش من غادة عبد الرازق فرغم ضعف سيناريو "السيدة الأولى" نسبيا وهشاشة المعالجة إلا أنني لا انكر انبهاري المستمر بأداء غادة وبتجربة محمد بكير في الإخراج الدرامي التليفزيوني فضلا عن التميز في الموسيقى التصويرية للمسلسل لأمين بو حافة.. وننتقل إلى المفاجآة المدوية خلال هذا الموسم الدرامي بأداء "مريام فارس" والتي كنت ألقبها دوما (بمطربة المراهقات ومعشوقة الفتيات) فمريام من خلال مسلسل "اتهام" رغم عدم متابعتي الدقيقة للمسلسل فاجآتني بإنها " بتعرف تمثل " لا وبتعرف تنكد عليك عزيزي المشاهد وتنقل لك أحاسيس تدفعك للبكاء أو الإحساس بالقشعريرة إذ يصادف كلما استرق لها مشاهد في مسلسلها أراها تبكي وتنتحب ولكنها بالفعل قنبلة تمثيلية تفجرت ولا انسى أن احي المطرب آدم الذي تغنى بتتر العمل، وعلى سيرة التترات تحية أكبر وأعظم لمن اختار رائعة المتصوف محي الدين بن عربي المعروفة باسم " فلله قوم في الفراديس " كتتر لمسلسل الوصايا السبع الذي يأخذ حاليا زخما هائلا والذي ربما اتابعه بعد رمضان والمسلسل بالطبع فكرة جديدة على عالمنا العربي ولكن لا جديد تحت الشمس في الدراما العالمية.. أما عن البروباجاندا التي تجيدها مجموعة MBC والتي جعلتنا نتوق لمشاهدة " سراي عابدين " فلا أجد لها عزاءا أو مبررا فدوما تتميز MBC بأنها بارعة في أن تدس لك السم في العسل تدفعك لمتابعة أي شئ عبر قسم كامل يعمل ليل نهار لتصميم بروموهات برامجها ومسلسلاتها فقد يكون البرنامج سقيل ورخيص لكن الإبهار في تصميم العرض الترويجي له يدفعك لمتابعته .. وهكذا فعلت معنا وأحسسنا بأن سرايا عابدين سوف يكون دراما يخلدها التاريخ ولكننا نفاجئ بأنه سقطة درامية كبرى ؛ فالسيناريو بطئ وممل لأقصى حد تقليد فج لمسلسل "حريم السلطان" التركي ولكن في نسخة رديئة !! أداء مفتعل من جانب أبطال العمل فضلا عن سقطات تاريخية ولغوية ومغالطات عدة تربك المشاهد ولعل أبرز ما بهذا المسلسل هو الديكور وحسن تصميمه حتى المخرج المبدع عمرو عرفه قد خذلنا ببعض خدع الجرافيكس والمؤثرات البصرية الواهية التي أراها لا تليق بعمل درامي ضخم مثل هذا بل تليق بدراما الأطفال التاريخية وقد بالغ عرفه في استخدام الإضاءة وما يعرف ب Focusing كعناصر إبداعية للإيحاء بجو المؤامرة ولكن تلك العناصر – من وجهة نظري - أفسدت العمل لأنها لم تبرز جمال الديكور بصورة أخاذة حتى أن كادرات عمرو عرفه السينمائي المبدع كانت تذكرني بالمسلسلات التاريخية التي اعتدنا رؤيتها في أواخر التسعينات على القناة الأولى قديما ولكنها لا تناسب عصر الآن ! أما عن مسلسلات الدراما أكشن أو محبي دراما التيك آواي الشبابية فهي : الصياد المأخوذ عن قصة مسلسل أمريكي نسيت اسمه ، عد تنازلي ، تفاحة آدم ، ولا تنس أن تختم بجو نجم الجيل الفاشل في التمثيل بمسلسله " فرق توقيت " .. وعن أوسكار أغرب عمل درامي مصور بالطبع وبلا منازع يحصل مسلسل "كلام على ورق" أو كما أحب أن اسميه مسلسل "هيفاء وهبي" على أغبى وأغرب عمل فيكفي أن الصورة مقلوبة !! ولا اعلم ما كان يدور بخلد المخرج محمد سامي والذي احب عدسته ومنظوره أن يفعل تلك الفعلة الشنيعة وأن يتبع أسلوب الكاميرا المائلة في تصوير العمل برمته " مش لاقية له مبرر الصراحة غير إنه بيشجعنا نقلب تليفزيوناتنا وإحنا بنتفرج" ، وعلى سيرة التصوير والإخراج من أخبر مصوري مصر أن هز الكاميرا أثناء التصوير لأعلى ولأسفل يضفي جو من المشاعر على المشاهد بل إنه يصيب المشاهد بالصداع وبالخوتة السودة !! وبالطبع مثلما تحدثنا عن مريام لابد لنا أن نتحدث عن هيفا فهى الممثلة الزجاجية الملامح ورغم حبي لهيفا الفنانة الاستعراضية إلا أنها بالفعل لا تجيد التمثيل فعينيها متحجرة لا تعطيك أي مشاعر متصلبة فهي تنطق الحوار "زي الطالب الحافظ كلمتين وبيسمعهم" وبالطبع ترى هيفا بكامل جمالها وأنثوتها لكنها مش بتمثل يا جدعان !! من السمات البارزة في دراما هذا العام الرغبة العارمة في اتباع تكنيك القطع المتوازي وتكنيك الفلاش باك فمسلسلات السيدة الأولى ، سراي عابدين ، كلامة على ورق وهلم جرا تتبع ذلك التكنيك " تحس إن السيناريستات بيقعدوا قعدة ويتفقوا بأسلوب يلا يا ولاد السنة دي هنزهق الناس flashback " وللعلم الفلاش باك من أضعف التكنيكات المستخدمة دراميا لأنه يربك المشاهدين ولكم في " كلام على ورق" الفاشل في الفلاش باك عبرة وعظة !! الكارثة الحالية أن الدراما التي نراها لم تعد تشبهنا .. لم تعد تعبر عنا ..فهي إما تتناول قضايا الكادحين ومن هم تحت خط الفقر فتنقل لنا ثقافة العشوائيات والانهيار والدمار والسوداوية الفجة .. أو تعكس عالم الرفاهية وتعبر عن الأثرياء والرأسماليين ولا عزاء للطبقة المتوسطة في الدراما الآن وربما يكون ذلك اتجاه عام لقتل الطبقة المتوسطة دراميا وواقعيا عبر الأحوال المعيشية الصعبة التي نحيا في ظلها حاليا وغلاء الأسعار.. واتحداكم جميعا أن تتذكروا أي حلقة من أي مسلسل شاهدتموه رمضان الماضي أو حتى تتذكروا أي مسلسل يعرض حاليا ؛ فجميعنا ننشغل بهموم الحياة وننسى تلك المسلسلات وننتظر رمضان القادم لنتلقى جرعة درامية أخرى.. الغريب أننا لم ننس (عائلة ونيس أو ليالي الحلمية أو زيزينيا أو مسلسل أوراق مصرية أو مسلسل الليل وآخره أو الضوء الشارد) أو غيرها من روائع الدراما المصرية التي خلدت وسوف تخلد وسوف نترحم على أصحابها لأننا حاليا نرى إخراجا بلا سيناريو ودراما بلا طعم وقصة بلا لون أو طابع مميز.. انتظروا مقالي القادم عن البرامج والإعلانات.. وللحديث بقية..ورمضانكم كريم