فشل الإرهاب الأسود فى ضرب ثورة 30 يونيو، وأثبت أنه يسعى لتخريب مصر وتدميرها وإيقاع ضحايا جدد يضافون إلى سجل جرائم هؤلاء الإرهابيين، فى نفس الوقت الذى سعى فيه هؤلاء الإرهابيون إلى إفساد احتفالات المصريين بثورتهم بعد مرور عام على قيامها ونجاحها بالتخلص من هؤلاء الذى كانوا يسعون إلى تفتيت الوطن وتفكيك أوصاله لحساب مشروع أمريكى صهيونى، لكن الشعب أبى أن ينصاع لذلك واتجه للاحتفال بالثورة فى كل عواصم مصر، ليتأكد أن ما حدث فى 30 يونيو كان ثورة شعبية حقيقية فى عموم مصر كلها، ولم تكن مجرد مظاهرات فى القاهرة الكبرى. لكن رسالة هذا الإرهاب كانت قاسية فى ثانى أيام الصيام فى شهر رمضان المعظم، إنسانيا واجتماعيا، وكذلك سياسيا. الأمر الذى يجعل من حتمية الحساب ضرورة قصوى فى ما حدث من «خلل أمنى» جسيم حول أهم مقر سيادى فى مصر، وهو «بيت الحكم» الذى يدير الرئيس السيسى شؤون الوطن من خلاله.. ولا بد من كشف نتائج التحقيقات العاجلة على وجه السرعة، ولا تضاف إلى التحقيقات -إن كانت قد تمت أساسًا- التى لم يكشف النقاب عنها فى أهم حدثين: تدمير مديريتى أمن الدقهليةوالقاهرة، ولا يقلل ذلك من جهود رجال الشرطة والجيش معًا، سواء فى منع ومحاصرة الجريمة الإرهابية قبل وقوعها، أو مواجهتها بعد وقوعها، فهى عظيمة بلا شك ولا ينكرها سوى الجاهدين والمتآمرين. لكن الكشف عن أوجه القصور أمام الشعب الذى أصبح الرقيب الأول بعد ثورتى 25 يناير، و30 يونيو، وتوقيع الحساب والعقاب على المقصرين، قد يسهمان فى تطهير جهاز الشرطة، خصوصا من ممثلى الإرهابيين فيه وداعميهم من جانب، وفى تحقيق المزيد من الطمأنينة للشعب المصرى كله. فقد تكون الاحتفالات التى كان قد انتهى الاستعداد لها، قد أجلت يوم 30 يونيو، خوفًا على الشعب وتجنبًا لوقوع المزيد من الخسائر، إلا أن الاحتفالات مستمرة ولن تتوقف، وإذا لم تتم هذا العام، فإننا العام القادم سنكون فى وضع أفضل، نحتفل فيه بالثورة وإنجازاتها دعمًا لثقة الشعب المصرى فى نفسه كالعادة. فى نفس الوقت فإنه ليس من الواجب أن نفقد الثقة فى رجال مصر الأبرار من الشرطة والجيش معًا، وفى قدرتهم على مجابهة الإرهاب الأسود، بعدما ثبت أن جماعة الإخوان وأنصارها هم صانعو هذا الإرهاب وقادته ومنفذوه على الأرض، والمحرضون له بكل السبل، ويستخدمون وسائل الإعلام فى نقل رسائل التحريض بوجوه كالحة ومكشوفة، ولا أعرف حتى الآن لماذا لم يتم إلقاء القبض على «جماعة أنصار الإخوان» وهم معروفون بالاسم حتى الآن؟ وقد ألقى القبض على اثنين أو ثلاثة منهم بتهمة التحريض على الإرهاب: «مجدى حسين، ونصر عبد السلام»، ولكن أين الباقى؟! وهنا بيت القصيد، حيث إن الحكومة لا تتوافر لديها الإرادة الصلبة فى مواجهة هذا الإرهاب، فقد تتوافر عندها جهود جيدة، لكنها بلا رؤية حقيقية وشاملة، وفى هذا الصدد نقول: من المؤشرات ما يدل على غياب الإرادة، ومن ذلك: 1- لماذا تترك جماعة أنصار الإخوان حتى الآن، وهم المحرضون والداعون للعنف مباشرة؟! 2- لماذا يترك 4 رؤساء جامعات ينتمون للإخوان وهى «الإسكندرية - بنى سويف - السويس - المنيا»، ولم يتم عزلهم، مثلما تم عزل رئيس جامعة بورسعيد، بعد اعتصام استمر ثمانية أيام بمشاركتى، وهو من الإخوان؟! فضلًا عن فسادهم وإهدار المال العام جهارًا نهارًا ودون حسيب أو رقيب!! ومن أسف أن يترك هؤلاء فى مواقعهم حتى الآن! على الرغم من أنه قد بُح صوتنا فى كشف هؤلاء أمام رئيس الحكومة ووزير التعليم العالى الجديد، وتم تسليمه ملفا كاملا بالموضوع. 3- لماذا لم يتم تطهير المناصب القيادية من شاغليها المنتمين إلى جماعة الإخوان الإرهابية فى جميع محافظات مصر فى التعليم خصوصا وفورا؟! أليس هذا قصورًا فى أداء وزير التعليم الذى استمر فى ثالث حكومة بعد ثورة 30 يونيو، ناهيك بإدارته السيئة فى التعامل مع مدارس الإخوان وفشله الذريع فى ذلك؟! 4- لماذا استمر تردد المجلس الأعلى للصحافة فى إزاحة قيادات الصحف من جماعة الإخوان لمدة عام، حتى أزاحهم منذ أيام؟! أليس هذا قصورًا وغيابًا للإرادة الحاسمة؟! 5- لماذا السكوت عن صحف تعمل لحساب الإخوان الإرهابية وتنعت الجيش المصرى وثورة 30 يونيو بأفظع الاتهامات وأقذع الألفاظ «المصريون مثالا.. إلخ؟!». 6- أين الدوائر القضائية الخاصة بالإرهاب لسرعة الحسم فى القضايا العديدة، والتى بلا حصر الآن، وكان قد سبق إقرار ذلك بالتنسيق بين النيابة والمجلس الأعلى للقضاء؟! فالأمور تسير بشكل عادى، وبإجراءات عادية باستثناء محكمة المنيا للجنايات؟! 7- لماذا السكوت حتى الآن عن رجل اقتصاد الإخوان حسن مالك وشركائه، وهم يصبون فى دعم إرهاب الإخوان، دون أن نتجاهل جهد ما حدث فى شركات «زاد» لخيرت الشاطر وصاحبه؟! 8- أين تفعيل الحكومة لقرار اعتبار جماعة الإخوان «إرهابية» الذى أقره المهندس محلب، بعد أن كان الببلاوى قد وضعه فى الدرج بعد حادثة مديرية أمن الدقهلية لخداع الرأى العام المصرى والتلاعب به؟! وهى تهمة سياسية بالدرجة الأولى يستحق المحاسبة عليها، وإذا لم يقم محلب بالتفعيل.. فالحساب واجب إذن! 9- ما الموقف من تطبيق المادة 74 من الدستور بحظر الأحزاب السياسية على أساس دينى والذى يقتضى حل 22 حزبا دينيا فى مقدمتها: «النور والوطن والحرية والعدالة والبناء والتنمية والأصالة والعمل والاستقلال والحضارة».. إلخ. وأخيرًا، فإن غياب الإرادة وضبابية الرؤية هما العنصران الحاسمان فى عدم القضاء على الإرهاب الأسود حتى الآن، والأمر يحتاج إلى مراجعة وليس باستدعاء رموز مبارك إلى المشهد، لأن ذلك يزيد الأمور تعقيدًا ويسحب من رصيد شرعية الثورتين، ولهذا الحديث بقية.. فالثورة مستمرة حتى النصر بإذن الله.. ولا يزال الحوار متصلا.