فى 6 أكتوبر 1981 كان الرئيس الراحل أنور السادات يحتفل منتشيا بانتصار الجيش المصرى على العدو الإسرائيلى، يجلس بفخر فى العرض العسكرى، مرتديا بدلته العسكرية، ممسكا عصا المارشال، قبل أن تحدث المفاجأة بإطلاق نيران على منصة العرض العسكرى من قِبل خالد الإسلامبولى ورفاقه، أدت إلى قتل السادات وسط دهشة واسعة من الحرس والجنود والضباط وكبار رجال الدولة! فى 7 أكتوبر 1981 كان عاصم عبد الماجد، القيادى فى الجماعة الإسلامية، يقود ما أطلقوا عليه وقتها «الثورة الإسلامية»، ودخل فى اشتباك عنيف مع قوات مديرية أمن أسيوط واحتلها بعض الوقت، متسببا فى قتل ما يقرب من 150 ضابطا وعسكريا، ثم دخل البلد فى «حرب شرسة ضد الإرهاب»، خصوصا فى الصعيد، مررنا بحادثة الدير البحرى، وتفجيرات طابا، وغيرهما، لكن تمكنت الدولة فى النهاية من فرض السيطرة الأمنية، وقلَّت الحوادث الإرهابية تدريجيا حتى اختفت، لكن هل انتصرنا على الإرهاب؟! الحقيقة المرَّة أن هذا الإرهاب نفسه وصل إلى السلطة، وحكم مصر على يد جماعة الإخوان عام 2012! وشهد احتفال 6 أكتوبر فى هذا العهد حضور قاتلى السادات كعبود وطارق الزمر والإرهابى القديم عاصم عبد الماجد! ولولا ثورة الشعب المصرى العظيم فى 30 يونيو لاستمرّ هذا الإرهاب يحكمنا حتى الآن! لماذا هذا الكلام؟! ببساطة لأننى أستشعر الخطر من طريقة الحرب على الإرهاب التى ننتهجها هذه الأيام، صحيح أن الحرب الأمنية على الإرهاب ستؤدى إلى القضاء المؤقت عليه، لكنها لا تقضى نهائيا على «البيئة الحاضنة للإرهاب»، والبيئة الحاضنة للإرهاب هى بيئة الفقر والجهل والمرض والعشوائيات وانهيار التعليم والثقافة والفن، قد يبدو كلامى مثاليا فى إطار حرب شرسة يتمكَّن فيها الإرهاب من تفجير مديريات الأمن وقتل جنود وضباط لا ذنب لهم فى سيناء إلا أنهم يسهرون على حماية هذا الوطن، لكن الحل الصحيح، وليس الحل الأسهل، هو أن تكون الحرب على الإرهاب حربا متوازية فى عدة اتجاهات، بالأمن على الخارجين عن القانون، وبالتنمية والعدالة الاجتماعية والتعليم والثقافة ونشر الخطاب الدينى المعتدل عن طريق الأزهر الشريف، وأن يتم كل ذلك فى إطار من الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وحرياته، فكبت حرية التعبير السلمى تؤدى بالتأكيد إلى انتهاج طريق غير سلمى فى التعبير، التطرف والاستبداد وجهان لعملة واحدة، قد نسير اليوم فى محور واحد، وهو الضرب بيدٍ من حديد على يد كل إرهابى، دون العمل -ولو بالتدريج- للقضاء على البيئة الحاضنة للإرهاب، لكننا سنكون على نفس الطريق الذى جرى انتهاجه فى 1981، الإرهاب يقتل رئيس الدولة وسط جنوده، تأجيل أى حديث عن الحريات السياسية لأن البلد يحارب الإرهاب، تأجيل أى حديث عن الديمقراطية لأن البلد يحارب الإرهاب، هل نحاسب الحكومات المختلفة على الفشل السياسى والاقتصادى؟ كان الرد نحن فى حالة طوارئ البلد يحارب الإرهاب، إذا أجَّلنا الإصلاح السياسى والاقتصادى فإننا لن ننجح فى تحقيق هذا الإصلاح، ولن ننجح فى القضاء على الإرهاب.. وقد نجد أنفسنا بعد سنوات أخرى فى يد حكم فاشية دينية جديدة!