ليلة رأس السنة، كانت موعد الثوار لاستعادة ميدانهم المفضل «التحرير» مجددا، ومثلما سطروا أروع ملحمة فى تاريخهم الحديث، أيام «ثورة يناير»، التى لم ينجزوا أهم أهدافها، حتى الآن، استعادوا، ليلة أول من أمس، بعضا من إبداعهم الجميل، عندما احتفلوا فى الميدان بميلاد اللحظات الأولى من العام الجديد، على أنغام الأغانى الوطنية، والأناشيد الصوفية، والترانيم المسيحية، وقصائد الشعر. ولم يخلُ الأمر، بالطبع، من ترديد الهتافات السياسية، التى ركزت على استكمال مسيرة الثورة ولفت الاهتمام وجود عشرات من الشيعة المصريين يحملون صور وشعارات رموزهم الدينية. على مدار أربع ساعات، كان الحفل، الذى نظمته الإعلامية جميلة إسماعيل، لافتا للغاية بتألقه، حيث بدأ بإلقاء الشاعر عبد الرحمن يوسف قصيدة، ألهبت حماس الحضور، الذين توافدوا بمئات الآلاف، رغم برودة الجو الشديدة. ثم صعد المطرب رامى عصام إلى المسرح، ليقدم فقرة ضمت أهم أغنياته التى حفظها شباب الثورة، واختتمها بقصيدة الشاعر محمد بهجت «الجيش العربى فين؟»، التى رددها معه أغلب الحضور، خصوصا فى مقطع «الجيش العربى ف مصر.. ساكن فى مدينة نصر.. يصحى من النوم العصر.. وبيفطر شاى ومنين». وفى الحادية عشرة مساء، قدم الشيخ أحمد التونى عددا من الأناشيد الصوفية، ثم أعلنت جميلة إسماعيل عن قدوم مسيرة، بها آلاف المسيحيين، حاملين الشموع فى مشهد لافت، من كنيسة «قصر الدوبارة» القريبة من ميدان التحرير، للمشاركة فى الاحتفال، وقام الحضور بتحيتهم، وقاد المسيرة راعى الكنيسة القس الدكتور سامح موريس. فريق «ترانيم الحياة أفضل»، التابع لكنيسة الدوبارة، قدم مجموعة من الترانيم. وشارك فى الصلاة مجموعة من كهنة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، على إيقاع هتاف «مسلم ومسيحى.. إيد واحدة». واختتم المطرب الفنان على الحجار الحفل، ليلهب حماس الجمهور، خصوصا مع أغنيته «أحمد حرارة»، المهداة إلى طبيب الأسنان الشاب، الذى فقد عينيه فداء لثورة يناير، وأغنية «ضحكة المساجين»، التى اضطر الحجار إلى إعادتها، بناء على طلب الحضور. ومع بدء أول أيام العام الجديد، ارتفع صوت الجميع بالنشيد الوطنى «بلادى.. بلادى». أمين إسكندر القيادى بحزب الكرامة قال: «فى الوقت الذى يحاول فيه البعض إشعال الفتن الطائفية، فى أسيوط، كانت الترانيم والأناشيد الصوفية تعلو فى التحرير». منسق عام حركة «كفاية»، محمد الأشقر، أكد «مشهد الآلاف يؤكد أن الشعب المصرى سينزل فى 25 يناير بالملايين، وسيُسقِط حكم العسكر»، أما المتحدث الإعلامى لحركة «6 أبريل»، الجبهة الديمقراطية، طارق الخولى، فأشاد بالحضور الكثيف للشعب المصرى، مضيفا «الشعب عقد العزم على استكمال ثورته، وسيبقى ميدان التحرير منبرا وقبلة للباحثين عن الحق والعدالة والحرية».