لطلاب المدارس والجامعات.. النقل تعلن فتح باب التقدم لاشتراكات الأتوبيس الترددي BRT بخصومات خاصة    عاجل- الرئيس السيسي يصدّق على قانون تنظيم ملكية الدولة في الشركات    مصادر: اتصالات مكثفة لحث إسرائيل على التعامل بإيجابية مع مقترح التهدئة في غزة    من «المسافة صفر».. القسام تهاجم موقعًا إسرائيليًا جنوب غزة وأحد منفذي العملية يفجر نفسه    وصول جثمان والد الشناوي إلى مسقط رأسه في كفر الشيخ    خالد بيومي: غياب بيان رسمي من الزمالك يخلق ضبابية حول أزمة أراضي 6 أكتوبر    تموين الفيوم يضبط 150 مخالفة تموينية متنوعة ويصادر كميات من السلع المدعمة والفاسدة    مرسى مطروح: تحرير 7 محاضر لمحلات الجزارة والدواجن وتوجيه إنذارات بعدم المخالفات بالشارع    ما حكم إخبار بما في الخاطب من عيوب؟    محافظ الغربية: دعم كامل لمصنع تدوير المحلة.. وملف المخلفات على رأس الأولويات    الشروط والأوراق للتقدم لمنحة الطلاب الوافدين بالأزهر للعام الدراسي 2026    تحرك عاجل من "سلامة الغذاء" بشأن شكوى مواطن من مطعم بالبحيرة    نيابة عن الرئيس السيسي.. رئيس الوزراء يلقي كلمه مصر في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الأفريقية «تيكاد9»    الأزهر للفتوى: العمل الإنساني الحق يبدأ من غزة ودعم صمود شعبها واجب ديني وأخلاقي    «سي إن إن» تبرز جهود مصر الإغاثية التى تبذلها لدعم الأشقاء في غزة    كلية التمريض بجامعة قناة السويس تعلن فتح باب التسجيل لبرامج الدراسات العليا    " التعليم" تعلن مواعيد المقابلات الشخصية بمدارس التكنولوجيا التطبيقية    "ميستاهلش كل ده".. أحمد ياسر يفجر مفاجأة حول راتب زيزو مع الأهلي    ارتفاع أسعار النفط مع تجدد المخاوف بشأن إمدادات الخام الروسي    تيسيرًا للمواطنين.. تصميم وتنفيذ بوابة جديدة لمدينة الشروق    حالة الطقس في السعودية.. تقلبات جوية وأمطار رعدية على عدة مناطق    تجديد حبس سوزي الأردنية في اتهامها بنشر محتوى خادش    إصابة 16 شخصا إثر حادث تصادم بين سيارتين ميكروباص بطريق سفاجا - قنا    التموين تضبط أطنانا من الأغذية الفاسدة في بورسعيد.. صور    ضبط عامل صور السيدات داخل الحمام في كافية بالنزهة    انطلاق مهرجان يعقوب الشاروني لمسرح الطفل    الليلة.. إيهاب توفيق يلتقي جمهوره في حفل غنائي بمهرجان القلعة    التضامن: التدخل السريع يتعامل مع حالات مسنين بلا مأوى في محافظات القاهرة والجيزة والغربية والدقهلية    اليوم.. قصور الثقافة تفتتح معرض «وفاء النيل» بمركز الهناجر    "كلنا بندعيلك من قلوبنا".. ريهام عبدالحكيم توجه رسالة دعم لأنغام    بعد نجاح «قرار شخصي».. حمزة نمرة يستعد لطرح ألبوم ثاني في 2025    تغيير اسم مطار برج العرب إلى مطار الإسكندرية الدولي    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    «الإفتاء» تكشف حكم التهادي بحلوى المولد النبوي بين الناس    العقارب تلدغ طفلين في أعمار حرجة بالفرافرة وسط موجة حر قاسية    جامعة الإسكندرية شريك استراتيجي في إنجاح منظومة التأمين الصحي الشامل    «القاتل الصامت».. خبير تغذية يحذر من أضرار «النودلز» بعد وفاة طفل المرج    رئيس وزراء أستراليا يرفض اتهامات نظيره الإسرائيلي بأنه ضعيف لاعترافه بالدولة الفلسطينية    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    فيلم درويش يتخطى 16 مليون جنيه في أول أسبوع عرض    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 وعدد الإجازات الرسمية المتبقية في العام    صلاح: التتويج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج بعمر 33 إنجاز مذهل    الموجة 27 وتزيل 29 حالة تعدى على أراضى الدولة والزراعة بالشرقية    وزير التموين يحدد موعد معارض «أهلًا مدارس» في المحافظات    برلمانى: الدور المصري في وساطة الأزمة الفلسطينية يعكس خبرة وعراقة الدبلوماسية المصرية    مديرية أمن الوادى الجديد تنظم حملة للتبرع بالدم    الاحتلال الإسرائيلي يقتل نجم كرة السلة الفلسطينى محمد شعلان أثناء محاولته الحصول على المساعدات    بعد تداعيات الجراحة الثانية.. شقيق أنغام يدعو لها بالشفاء    الأهلي يوفر أتوبيسًا للاعبي الفريق لتقديم واجب العزاء في والد محمد الشناوي    الموعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والقادسية في كأس السوبر السعودي    فانتازي يلا كورة.. انخفاض سعر عمر مرموش    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    "حياة كريمة" تقدم خدماتها الطبية المجانية ل 1200 مواطن بالمنيا    رعاية القلوب    ذات يوم 20 أغسطس 1953.. إذاعة صوت العرب تحرض المغاربة ضد نفى الاحتلال الفرنسى للسلطان محمد الخامس.. و«علال الفاسى» يبكى أثناء تسجيل كورال أطفال نشيد «يا مليك المغرب»    طلاب الثانوية العامة بالنظام الجديد يؤدون امتحان الدور الثاني في الرياضيات البحتة    "مكانش بيسيب فرض"..جيران والد حارس الأهلي في كفر الشيخ يكشفون اللحظات الأخيرة في حياته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قالوا حرية وقالوا عدالة البسوا إسود ع الرجالة
نشر في التحرير يوم 22 - 12 - 2011

استفاد الإسلامجيون من كون الخلفية الثقافية «النظرية» للشعب المصرى تشبه ما يدعون إليه. ليس فيها شىء صادم. «الغَيرة» والصدق، واجتناب الكذب، وهكذا. الآن توشك السياسة أن تجعل الإسلامجيين يدينون أنفسهم بألسنتهم، ويخربون بيوتهم بأيديهم، ويفرطون فى بضاعتهم الرائجة. فالإسلامجى خالد عبد الله يعلق على انتقاد البرادعى الاعتداء على حرمة جسد فتاة «قصر العينى» بقوله مستنكرا ومستخفا: «إيه التقوى دى ياد؟» ونادر بكار المتحدث باسم حزب النور يضحك له مشجعا، والإخوان المسلمون يصمتون صمت الإبل على مستوى القادة، ويستنذلون نذالة الضبع على مستوى القاعدة. كل هذا يضع الإسلامجية -أُمّات دقون- فى مصف واحد مع عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطنى السابق، بطل المكالمة التليفونية الشهيرة، أحمد شوبير. هذا الأخير يتساءل: لماذا كانت الفتاة ترتدى ملابسها «على اللحم»؟ فكان كرجل النكتة. قال له أحدهم رأيت زوجتك مع رجل غريب فى الغابة القريبة. فانطلق غاضبا ثم عاد باسما وقال للواشى: «ملعون أبو الناس يا شيخ! كلهم شجرتين ويقولوا غابة؟!». لم يستطع كل هؤلاء الشنبات والذقون المذكورين أعلاه أن يفهموا «مربط الفرس» فى الموضوع. الذى لا علاقة له بالشكليات، إنما بإنسانية المعتدَى عليها. كل هؤلاء الشنبات والذقون يندرجون فى خانة واحدة، جمعتها النساء المتظاهرات فى قلب القاهرة فى مقطع من هتافهن: «البسوا إسود ع الرجالة».
والرجال ليسوا بالضرورة ذوى نخوة، مثلهم مثل النساء، بعضهم ذو نخوة وبعضهم يقطر نذالة. لكن، على كل الأحوال، المجتمع الحالى ربط الرجولة بصفات مثل النخوة والشهامة والغيرة. حين تهدأ المشاعر بخصوص ما حصل فى التحرير ستبقى صورة نخوة الشاب الذى دافع عن فتاة «قصر العينى» وتحمّل ضربا أرقده فى المستشفى، وهو بالصدفة مسيحى، فى مقابل نذالة الإسلامجيين الذين نسوا «الغيرة لله»، والدفاع عن الحرمات، ووا معتصماه. ستبقى تلك نادرة شعبية تحكى عنهم. وما أسوأ الأقوال التى تكذبها الأفعال. لا سيما حين يتعلق الأمر بجماعات بَنَت قوتها السياسية على أكتاف خطابها الاجتماعى. ستبقى نذالة الإسلامجيين كلمة جامعة، لا تلتفت إلى حقيقة أن بعضا قليلا منهم اتخذ مواقف مشرفة. سيبقى هتاف «البسوا إسود ع الرجالة» يختصر الموضوع.
لقد كنت عضوا فى جماعة إسلامية لمدة ست سنوات. كنت أرى نفسى تقيا ورعا، يراعى الله ما استطاع، يتصدق من أمواله ومن وقته، وإضافة إلى ذلك عكفت على القرآن فحفظته كله فى الإجازات الصيفية لأربع سنوات متعاقبة، بدأتها وأنا مراهق فى السادسة عشرة من عمرى. أنظر من حولى فأجدنى أفعل ذلك بينما أقرانى مشغولون بأمور «تافهة». خلال تلك السنوات أدركت أيضا مجموعًا أهّلنى لدخول كلية الطب. يعنى، باختصار، كنت أظن فى نفسى خيرا، دينا ودنيا. لكن عند نقطة معينة التحقت بكلية الطب جامعة القاهرة، ووجدت نفسى محاطا بشباب «عاديين».
الدين شىء يشبه الهواء. ماذا تقول فى شخص كلما وقف معك قال: أنا الآن أشهق، الهواء يتحرك من تجويف الأنف إلى القصبة الهوائية إلى الرئتين، الحجاب الحاجز نزل إلى أسفل وخلق منطقة ضغط منخفض، الآن الحجاب الحاجز يعلو، الهواء يخرج من رئتى إلى قصبتى الهوائية... إلخ. هذا يشبه بعض ما تفعله الجماعات الدينية بنا، وما فعلته بى. الإسلامجى يصير عاجزا عن التفكير فى الأخلاق خارج نطاق التبرير الدينى المعلن، خارج معادلة الحلال والحرام، خارج معادلة إضافة الحسنات وطرح السيئات، خارج نطاق الفتوى المنوط بها إلزام ملايين الناس باتخاذ موقف موحد، دون أن يكون لهم يد فى اختيار هذا الموقف. كانت تلك إحدى صدماتى الأولى. اكتشفت أن هذا الإنسان التقى الورع الذى كنتُه ليس إنسانا سمحا بما فيه الكفاية، ولا سخيا بما فيه الكفاية، فى ما لا أستطيع ترجمته إلى حسنات. حتى أدركت أن علىّ أن آخذ الموضوع بيسر، وأن أنسى أننى أحفظ من القرآن أكثر مما يحفظ أقرانى أو من الأحاديث مئات أضعاف ما يحفظ أقرانى، أن أتواضع، لا تفضلا، وإنما إدراكا لحقيقتى الإنسانية. أدركت أنى إنسان عادى، وملىء بالعيوب، كما له حظه من الميزات. بمنتهى الصراحة، ليس بحفظ النصوص الدينية يرتقى الإنسان، إنما بالفهم. وليس بالشعارات يرتقى الإنسان، إنما بالفعل الذى يراه الإنسان خيرا. وهاكم دليل آخر ولن يكون أخيرا، لخصه هتاف نساء مصريات: «قالوا حرية وقالوا عدالة... البسوا إسود ع الرجالة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.