الخطاب الأول للبابا لاون الرابع عشر.. نداء إلى السلام والوحدة    أسعار ومؤشرات العملات الرقمية اليوم.. بيتكوين تهيمن بحصة سوقية قدرها 63.9%    محافظة الجيزة تزيل حالات بناء مخالف بمنطقة المنصورية فى الهرم    الأونروا تدين اقتحام قوات إسرائيلية لمدارس فى القدس الشرقية    تشيلسى ضد يورجوردين.. البلوز يتفوق بهدف فى الشوط الأول.. فيديو    ترامب يأمل في حل المشكلة النووية الإيرانية دون قصف ويريد للإيرانيين النجاح الكبير    تشكيل تشيلسي - الشباب يغلبون على موقعة حسم التأهل لنهائي دوري المؤتمر    تصفيات كأس العالم - فلسطين تواجه عمان في الأردن    طاقم إسعاف كفر الشيخ يجري عملية ولادة لسيدة في محطة قطار    المعاينة: ماس كهربى وراء حريق شركة أدوية بالأزبكية    أحمد داود وخالد كامل يحضران ندوة فيلم الهوى سلطان بمهرجان المركز الكاثوليكى    الخارجية الألمانية تنشر بيانا باللغة الروسية في الذكرى السنوية لنهاية الحرب العالمية الثانية    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    أخبار مصر اليوم.. بوتين يستقبل السيسي في الكرملين    "أوتشا": عنف المستوطنين بالضفة الغربية فى تزايد    هيبة: مصر أنفقت 550 مليار دولار على تحسين البنية التحتية خلال 10 سنوات| خاص    مستشار وزيرة التخطيط: 44% من القوى العاملة بحلول 2030 ستكون من الجيل التكنولوجيا الحديثة    نفس توقيت نهائي الكأس.. ديسابر يعلن ضم ماييلي لقائمة الكونغو الديمقراطية في يونيو    الزمالك يدعم فريق اليد ب 3 صفقات استعدادا للسوبر الأفريقي وكأس الكؤوس    محافظ سوهاج يتفقد مركز الكوثر الطبى ويوجه بخطة عاجلة لتشغيله    السبت المقبل.. 23 ألف طالب يؤدون امتحانات الفصل الدراسي الثاني بجامعة أسوان    معدات ثقيلة لرفع سقف موقف قوص المنهار فوق 40 سيارة (صور)    رائحة كريهة تكشف عن جثة خمسيني متعفنة بالحوامدية    النواب يناقش تعديل قانون مهنة الصيدلة وتنظيم إصدار الفتوى الشرعية    تقرر مد مسابقة توفيق الحكيم لتأليف المسرحي .. اعرف تفاصيل    «كان يخاف ربه».. هالة صدقي تحسم جدل أزمة طلاق بوسي شلبي من الراحل محمود عبد العزيز    ما تأثير الحالة الفلكية على مواليد برج الحمل في الأسبوع الثاني من مايو 2025؟    أكشن بتقنيات عالية.. الإعلان التشويقي لفيلم المشروع X ل كريم عبد العزيز    فعاليات تثقيفية متنوعة ضمن دوري المكتبات بثقافة الغربية    مسابقة قرائية بمكتبة مصر العامة    ياسمينا العبد: كنت متأكدة إني هبقى سبب فشل مسلسل «موضوع عائلي 3» (فيديو)    أمين الفتوى: لا يجوز للزوج أخذ "الشبكة" من زوجته رغمًا عنها بعد الزواج    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    انطلاق قوافل المراجعة النهائية المجانية لطلاب الشهادة الإعدادية بالأقصر (صور)    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    القومى للبحوث: اكتشاف إنزيم مهم من فطر الاسبرجليس لتقليل الكوليستيرول بالدم    الدخان الأبيض يعلن بدء رحلة بابا الفاتيكان الجديد.. الأجراس تدق والاحتفالات تملأ الشوارع    وزارة الشباب والرياضة ... شكراً    طلاب جامعة الدلتا التكنولوجية يشاركون في معرض HVAC-R.. صور    رابط نتيجة الاختبارات الإلكترونية للمتقدمين لوظائف معلم مساعد مادة رياضيات    خبراء يحذرون: الزمن هو الخطر الحقيقي في النزاع النووي الهندي الباكستاني    محافظ الجيزة: تحسين كفاءة النظافة بمحيط المدارس استعدادا للامتحانات    محافظة الجيزة ترفع 150 طن مخلفات في حملات نظافة مكبرة    نيوم يدخل على خط المنافسة لضم سعود عبد الحميد.. والاتحاد يتصدر السباق    غموض حول اختفاء فتاة ببنها.. والأسرة تناشد الأمن مساعدتها في العودة    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    انخفاض عمليات البحث على "جوجل" عبر متصفح سفارى لأول مرة لهذا السبب    زوجة الأب المتوحشة تنهى حياة طفلة زوجها بالشرقية    محافظ مطروح يتفقد تصميمات الرامبات لتيسير التعامل مع طلبات ذوي الهمم    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    خالد بيبو: كولر ظلم لاعبين في الأهلي وكان يحلم بالمونديال    تركيا: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات الإنسانية وتحاول تهجير الفلسطينيين وتثبيت وجودها في غزة بشكل دائم عبر توسيع هجماتها    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرادعى: لا أفكر فى رئاسة مصر ولن أشارك فى مجلس ثلاثى

الدكتور محمد البرادعى ألقى فى وجهى بمفاجآت عديدة وأنا أجرى معه هذا الحوار، أخطرها أنه لا يفكر فى رئاسة مصر، وأنه لا يعتزم ترشيح نفسه لو أجريت انتخابات نزيهة ومحترمة. كنت أجلس معه أحاوره فى حديقة منزله بالهرم، من الواحدة وحتى الثالثة تقريبا من ظهر الخميس، ولم يكن الجيش قد ألقى بيانه العسكرى الأول الذى فهم منه المصريون أن حسنى مبارك انتهى كرئيس للبلاد.
غير أنى وأثناء إعداد الحوار للنشر جال بخاطرى أن الدكتور البرادعى كان يعلم، ولأكون أكثر دقة: كان يستقرئ التطورات الدراماتيكية السريعة التى شهدها مساء الخميس وصباح الجمعة.
دخلت منزل البرادعى متأهبا لتسجيل تفاصيل لحظة مصافحة أولى بينى وبين الرجل الذى انتقدته كثيرا منذ إطلالته الأولى على المشهد السياسى فى مصر قبل أكثر من عام، وكنت أتهمه دوما بأنه غير متداخل وغير مشتبك وغير جاد بالقدر الكافى فى خوض معركة التغيير فى مصر، وفاجأتنى هذه الحفاوة والنبل الإنسانى وعلامات الرضا عن النفس التى بدت على ملامحه، وبدأ الحوار وإليكم تفاصيله:
● تصوراتك للفترة القادمة.. هل تستعد لخوض الانتخابات؟
لم أعد نفسى لهذه المسألة، إذا استطعت أن أرى أن مصر بها انتخابات حرة نزيهة، أكون أنا كمحمد البرادعى قد أديت دورى، إنما سأستمر ألعب أى دور يود الشعب أن ألعبه، ورغم أن حق الترشيح متاح للجميع، إلا أننى اعتقد أننى لا أطرح نفسى، مصر فيها بدائل كثيرة.
● إذا جاءتك مجموعة من الشعب وطرح اسمك للترشيح؟
انا أديت دورى وسأستمر أشارك وأقدم النصيحة، ولكن لن أطرح نفسى، وإذا رأى جزء عريض من الشعب أن أطرح نفسى لن أخذله.
● هل تفكر فى رئاسة مصر؟
لا أفكر فى رئاسة مصر ولن أدخل الانتخابات، سأكون سعيدا أكثر لو كتب أحد أنى الأب الروحى للثورة، سأعيش باقى حياتى راضيا ومرتاح الضمير.
● إذا طلب منك مشاركة فى هذا المجلس الرئاسى؟
لن أشارك، وكما أنا قاعد معك الأهم أن أتاكد أن الأمور ماشية بطريقة صحيحة، هناك الكثيرون الذين يستطيعون الدخول فى المجلس الرئاسى.
● إذا عرفت أن هناك حملة توقيعات على بيان لترشيحك للرئاسة؟
لن أخذل الشعب المصرى، وأعتقد أن هناك بدائل كثيرة، وأعتقد أن هذا ليس تفكيرى، سأكون أسعد الناس إذا لقيت فى مصر انتخابات حرة وبرلمان نزيه.
● مين يصلح لرئاسة مصر؟
هناك الكثيرون يصلحون، لكن لن أطرح أسماء، لازم يكون له مصداقية، وخبرة، وفى هذه الحالة سأكون ناصحا وأقدم له ما أستطيع أن أقدمه، نحن فى مرحلة انتقال أجيال، أود أن أرى رئيسا فى أوائل أو منتصف الخمسينيات، الجيل بتاعى لابد أن ينقل العصا.
● ماذا تقول لشباب الثورة؟
اصمدوا فقد أنجزنا 80% والباقى قليل وتوحدوا، أنتم أساس وصانعو الثورة وأوجه دعوة فورية لتشكيل حكومة انتقالية تدير البلاد فى ال6 شهور المتبقية.
● البعض يرى أنك ابتعدت قليلا عن الشارع.. حصلت فترة اختفاء، أوجدت مسافة بينك وبين الشارع، ما علاقتك بميدان التحرير واتصالك مع الشباب؟
علاقتى مع ميدان التحرير مستمرة مع جميع الشباب، أو جميع مجموعات الشباب، الأسبوع الماضى كان عندى 10 منهم، وهذا الأسبوع كان عندى 20 منهم اعتقل منهم 9 أثناء خروجهم من منزلى، عن طريق الذين مازالوا لا يتصورون عدم بقاء النظام، روجوا شائعة أنى تحت الإقامة الجبرية، ضربونى بمدفع المياه فى الجيزة، وهى رسالة بأنهم إذا فعلوا ذلك معى فممكن أن يفعلوه مع اى شخص، اعتقلوا صحفيين وشبابا.
لكن المهم أنا على اتصال بالشباب، أنا نزلت مرة وكان هناك تدافع لتحيتى والحديث معى وكدت اختنق، ولكنى على تواصل بهم، وقد كانت رؤيتى منذ البداية أن حريتى فى الحركة محدودة، رأيت منذ اليوم الأول لوصولى مصر أن الاعتماد على طبقة ما يطلق عليها النخبة غير مجدية فالأحزاب ميتة كما تفضلت أنت وكتبت كثيراً، الوحيدون الذين كانوا يتمتعون بالصدق هم الشاب، وكان لابد من عملية توعية، ولكن الشباب من كل المستويات لم يكن خائفا «واحد منهم قال لى أنا دخلت السجن، ومش هخاف أدخل السجن تانى» كان مبدئى أساسا أن قوتنا فى عددنا وأنى لست المخلص وأنتم من ستصنعون التغيير، وهذا ما حصل، فالتغيير حصل على أيدى الشباب ولم يكن ممكنا أن يحصل بغير هذه الطريقة وبدون أب أو قائد.
● لكن سفرياتك كانت طويلة وغريبة أحيانا؟
كنت أسافر لأنى فى تلك الفترة لم أكن مخططا لهذا الأمر، كان عندى الكثير من الالتزامات، عندى الكتاب الذى سيصدر فى أبريل عن دار الشروق، وبه شهادتى على ما جرى للعراق (قربوا وقت إصداره عشان الأحداث دى) كما كنت أعمل مفوضا من الأمم المتحدة، والأهم أنا مقتنع ومازلت إن إيقاد الكشاف من الخارج على مصر لكى يرى الكل ما يحدث وخلق تعاطف مع مصر وحقها فى التغيير والإصلاح السياسى، بالاضافة إلى أن النظام كان يحب أن أتحول إلى سياسى محلى لا يسمع عنى أحد.
لقد خرجت حتى أستطيع أن أخاطب المصريين والعالم وأجرى أحاديث مع وسائل الإعلام، تصور أن الجزيرة والحرة رفضوا حتى منحهما تصريحا لإجراء مقابلة معى فى مصر، وكنت أذهب للخارج كى اتكلم مع الشعب المصرى، وكنت حريصا على المصداقية، لأن النظام كان يريد أن يأخذ الشعب المصرى لوحده بحيث لا يسمع عنه أحد، كانت هناك اعتبارات مختلفة للغياب، لكن جزءا منها أنى كنت أقول للعالم أن مصر والعرب ليسوا مصدرين للإرهاب ولكن نشارك فى الحياة والحضارة الإنسانية، لذلك كنت أريد العمل مع الشباب ليعرف مسئوليته وأخيرا عرفها، وبأسرع مما كنت أستطيع.
● أذكر تصريحا لك منذ أكثر من 5 أشهر عن أن مظاهرة مليونية واحدة ستكون الأولى والأخيرة فى عمر هذا النظام.. نحن الآن أمام أكثر من مليونية واحدة؟
ما حدث أن الشعب المصرى حقق معجزة، من ناحيتى التوقيت والكفاءة، لكننا كنا نتوقع أن هذا سيحدث عاجلا أم آجلا، إذ لا يمكن أن تحكم شعبك لأكثر من 30 عاما وتقضى على حقه وحريته، وحقه فى العيش وحقه كإنسان، فكان لا بد أن يحدث انفجار، مثل «حلة البخار».
وأعنى السرعة والكثافة التى خرجت بها الثورة، واعتقد أن الشباب الذين نظموها لم يكونوا متوقعين فى يوم 25 أن ينزل أكثر من 5 آلاف أو 10 آلاف، لم يكن أحد يدرى أننا وصلنا لحافة الهاوية.
الشعب المصرى استعاد الروح والثقة بالنفس، جاءنى واحد منذ يومين وقال لى أنا كنت أخجل من إظهار جواز السفر المصرى، واليوم أنا فخور بهذا الجواز»، لقد تحول الشعب المصرى فى 24 ساعة، من رجال أو نساء غير واثقين فى أنفسهم بعد القضاء على كل القيم الإنسانية بداخلهم من كرامة وعزة وحرية، إلى مخلوقات أخرى بما يؤكد أن هذه القيم لم تختف بل كانت كامنة فى أعماق الإنسان المصرى.
● هل فاجأتك الأعداد الحاشدة التى خرجت؟
فاجأتنى، فقد كنت أتكلم عن حدوث ذلك ولكن أن يحدث بهذه السرعة وبهذه الأعداد فهذا ما لم أتوقعه، ولكنى الآن عندما أفكر فى الحدث بعد وقوعه أجد نفسى غير متفاجئ، لأن مصر كانت قد أصبحت فى قاع المجتمع الدولى بكل المعايير، وفى قائمة الدول الفاشلة، لأن من شعبها 30% لا يقرأ ولا يكتب، ومنه 40% تحت خط الفقر، وبالتالى فقدنا دورنا تماما كقوة إقليمية، وأصبح الموجود فى المنطقة أردوغان وإيران وإسرائيل، وأصبحت الدول العربية مجموعة من الدول المتفرجة، على جميع مشكلاتها الإقليمية والعالمية، وليس لنا دور غير المتلقى كالطفل أو حامل الرسائل، إنما كمنطقة فضاء عربى أو ناس لهم ثقافة فلا.
بدأنا التجمع العربى سنة 45 واليوم فجرنا كل ما يجمعنا ببعض كعرب وكأمة إسلامية وما يجمعنا بأفريقيا، اليوم عندما أرى حدود مصر وما يطلقون عليه سلام، وهو ليس سلاما بين الشعب المصرى وبين الإسرائيليين، سلام بين حكومتين، أنا اليوم أرى السودان تنفصل ونحن نقف فى موضع المتفرج، وأرى حرب العراق التى كان من الممكن تجنبها، وأرى غزة وأشعر أننا أصبحنا نوعين من السجانين، سجان مصرى يمنع عنهم الأكل والشرب، وسجان إسرائيلى.
● بمناسبة حرب العراق.. النظام يبنى حملته ضدك على موقفك فى حرب العراق.. هذه مسألة تحتاج لشرح وتوضيح؟
للأسف نحن نواجه نظاما إعلاميا فاشيا، يعتمد على أن الشعب المصرى لا يقرأ ولا يكتب، وهو جزء أصيل من منظومة الثقافة والتعليم، اليوم هناك 7 ملايين «link» عندما تكتب محمد البرادعى، على محركات البحث على الإنترنت، من بينها 3 ملايين «link» تقول إننى دخلت فى صراع مع المعسكر الأمريكى بشأن العراق، وهذا ما سيتضح من خلال كتابى الذى ستصدره الشروق بعد شهرين.
والثابت أننى فى يناير 2003 وقبل الاحتلال الأمريكى قلت لا توجد أى أسلحة نووية فى العراق، واعطونى شهورا قلائل، وهذه الشهور ستكون استثمارا فى السلام، وقبلها بأسبوع قلت أنه لا توجد لدينا أية دلائل على وجودها، والجرائد العربية كانت تذكر هذا وأننى أقف ضد حرب العراق، ثم إن قلادة النيل التى أعطانى إياها مبارك، كان من أسباب منحها لى ما قدمته لمصر وللأمة العربية والإسلامية، وعندما بدأت أتكلم عن الحرية والديمقراطية، تحولت إلى عميل إيرانى وعميل عراقى، ومع الإخوان.
● منذ إطلالتك الأولى على المشهد السياسى المصرى - هل حدثت أية اتصالات مع رموز النظام، للتهديد أو تقديم العروض، أو خلافه؟
على الإطلاق، لما تكلمت كنت أقصد أن هذه بلدنا كلنا بما فيها النظام، وكنا قد بدأنا نتحدث عن الحاجة إلى انتخابات حرة نزيهة، ودستور ديمقراطى، وأننا لدينا رئيس جمهورية يملك سلطات لا وجود لها فى أى نظام، وبرلمان مشوه لا يملك التمثيل، وحالات قمع متعددة، كنا نتحدث عن الإصلاح بشكل عام، وحددنا المطالب السبعة، وفى اليوم الثانى من هذا البيان، خرجت جريدة الأهرام وأخواتها تقول إننى قادم لتخريب مصر ولم يحاولوا لمرة واحدة مناقشتى حتى هذا اليوم، لماذا لا يكون المصريون فى الخارج لهم حق التصويت، ولماذا لا توجد رقابة قضائية على الانتخابات، ولماذا لا يوجد حرية تكوين الصحافة.
وقد هب الشعب المصرى وثار يوم 25 يناير لتكون هذه المطالب مشروعة، وقد كنت أطلب هذا قبل عدة سنوات خلال لقاءاتى مع الرئيس مبارك، الذى كان يستمع ولكن لا شىء يتغير، وكان النظام لا يدخل فى أى نقاش موضوعى لأنه يعلم أنه ليس لديه حجة، جماعة الإخوان المسلمين أطلقوا عليها «المحظورة» وفجأة أصبحت غير محظورة، فأى مصداقية تكون لهذا النظام الذى يتحرك بدافع عندما ينكشف.
● كيف تفسر رد فعل مبارك على هذه الثورة؟
أول خطبة للرئيس مبارك بعد الثورة تتسم إلى حد كبير بالعنجهية، حيث قال سنغير قيادات الحزب الوطنى، فتم ركله، ثم قال سنغير المادتين 66، و77، فتم ركله، فخرج ليقول إن جمال مبارك لن يترشح، وتم ركله فخرج يقول إذن سألغى هيئة الحزب الوطنى، وهو ما يضعنا أمام أنه نظام غير قادر على فهم حتى المطالب، التغيير، وأن الشعب المصرى يريد التحول من نظام ديكتاتورى لنظام ديمقراطى، والعنجهية التى استمرت، عندما يخرج عمر سليمان ويقول إن مصر ليس بها ثقافة الديمقراطية، فهذا يعنى أننا نسمح للثعلب أن يرعى عشة الفراخ، وعملية حوار وتفاوض تمضى كأنها مونولوج، جلس فيها ناس لا يمثلون الشعب المصرى وشباب هذه الثورة. وقد تحدثت مع الشباب بأن الشرعية استردها الشعب لذا لا يمكن أن نترك عملية انتقال السلطة فى يد هذا النظام خلال المرحلة المؤقتة، ولابد أن نكون مجلسا رئاسيا من 3 أفراد أحدهم من الجيش، ونشكل حكومة انتقالية لمدة سنة لا يكون لها انتماءات، إنما أشخاص لهم مصداقية وهدفهم هو الإعداد لانتخابات حرة نزيهة، لإلغاء قانون الطوارئ، أما أن نترك المبادرة لنظام فاقد للشرعية ولا يعى الديمقراطية، فهذا غير مقبول والناس مازالت تخاف أن يستجمع النظام قواه للعودة مرة أخرى، خصوصا أنه نظام فقد أعصابه لدرجة أنهم عذبوا مراسل مجلة «فورين بوليسى» وأهانوه بعد اعتقاله فى مصر لمدة يومين تلقى خلالهما ضربا مبرحا عقابا على إجرائه حوارا معى، وهذا يعنى أن هذا النظام لا يفهم.
● الآن هناك أكثر من جهة تتحدث باسم الثورة، فهناك لجنة حكماء وهناك ثورة ميدان التحرير.. والدكتور أحمد زويل يتحدث بشكل منفرد.. هل هذا كله يشكل خطرا على الثورة؟ وما هو تصورك لصيغة إجماع وطنى حقيقى على تبنى مطالب محددة؟
أعتقد أن هناك اجماعا وطنيا على مطالب محددة، ولكن للأسف لدينا دولة بوليسية لها 60 سنة، والملتفون على الثورة الآن هم جزء من النظام البوليسى، وهناك أناس لم نسمع صوتهم فجأة اكتشفوا أن هناك تغييرا عندما قامت الثورة، وأصبحت الفئران تقفز على الثورة، بطرق مختلفة.
ورأيى أن هذه مرحلة من أهم المراحل لتوجيه الطاقة المتفجرة من الشباب إلى أن نضع خطة سليمة وننتقل من جزئية الثورة التى كان مطلبها الأساسى رحيل مبارك، لأن النظام هو حسنى مبارك، وقد ذكرت أكثر من مرة أن الشعب المصرى شعب عاطفى ومستعد لإعطائه الخروج الآمن الذى يليق به كرئيس دولة وليس كحسنى مبارك، ولكنه كان لا بد أن يرحل وكل ما حدث فى مصر الآن سببه هو، وكل ما يحدث من حيل، للأسف خدع بها الناس من عينة «من بعدى سيكون فوضى فى مصر» والخدعة الثانية أن مصر ستتحول إلى دولة دينية يسيطر عليها الإخوان وكأنهم الشيطان، هم جماعة دينية محافظة، ولكنهم موجودون فى كل مكان فى العالم، وطالما تعمل فى إطار سلمى وتحت خطوط حمراء فى دولة مدنية لا يمكن أن أقول عليها محظورة وعندما فرض الحظر كان فى حالة غيبوبة، وحالة عنجهية، وصل حديثه إلى أن الشعب أصبح عبئا عليه، وكأنه يقول «أسهل لى أن أحكم لو لم تكونوا موجودين.
● الكلام كثير عن خريطة الطريق والمخارج منها.. كيف تتصور الطريقة المثلى للخروج من هذه الحالة والشباب يرفعون سقف المطالب والنظام متمسك ببعض الأشياء.. وقوى عديدة جدا تتحدث كل فى اتجاهه؟.
كنت أرى أن أول شىء أن الرئيس مبارك إذا لم يفهم بمنطق العقل سيفرض عليه أن يغادر، وبعد ذلك ننظر فى كل القوى التى دخلت على الخط، كل واحد يريد أن يتكلم عن الثورة، كل واحد قاعد فى مارينا وخايف على عربيته المرسيدس أو على البيت اللى اشتراه.
وما أراه أن الشعب فى ميدان التحرير فاهم لهذا الكلام، وتعددت اللجان الشعبية، والشباب لابد أن يكون له حركة ممثلة عنه، ويشاركون فيها، ليتفقوا على واحد أو اتنين لتمثيلهم، وفى رأيى أن استمرار عمر سليمان لن يضيف جديدا، لكن المهم فى هذه الفترة أن نفرز الصادق وغير الصادق، ثم نروح لفترة انتقالية، إعداد دستور جديد، لو فعلنا هذا، وبعد ذلك رئيس جمهورية جديد وبرلمان جديد نكون بدأنا الطريق السليم، ولكن بدون ذلك فنحن نرجع للوراء.
وربما تأخذ المسألة بعض الوقت وبعض الفوضى والعشوائية، ولكن هذه الفوضى ممكن أن تنتقل بنا إلى حالة نظام أو حالة فوضى، شباب فرحان بنشوة الانتصار، وبأن له دورا، وهناك حاجة لمجموعة من الناس التى تستطيع أن تساند مصر من الناحية الاقتصادية، من رأيى أن نبدأ فى هذه السنة من الصفر اقتصاديا، سياسيا، من ناحية التعليم والصحة، ونستغلها فى إعداد دراسات، ولا نخجل أن نقول إننا نحتاج لخبرة من الخارج فى كل مكان، وإذا وصلنا إلى ذلك وغادر النظام فمسألة التمويل لا أعتقد أنها ستكون موجودة على الاطلاق، لأن تغيير مصر معناه تغيير عالم عربى، عالم إسلامى، التغيير سيصل الصين، مصر ستكون حديثة فى الحرية، وعندنا المصريين فى الخارج، لا توجد عندنا مشكلات فى الموارد البشرية ولا المادية، لكن نضع نفسنا على الطريق السليم ونفرز الصالح من الطالح.
● من أين يأتى الخطر على الثورة المصرية؟
الخطر على الثورة المصرية من أننا لا نديرها بالطريق الصحيح، أن لا نتفق، عمرنا ما اتعلمنا نتفق على شىء، اتعلمنا شخصنة المسائل.. المطلوب الآن أى واحد فى الجيش يختار واحدا قاضيا محترما وشخصية مدنية ثالثة فى مجلس ثلاثى للرئاسة.
جريدة الشروق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.