صدمتني الحملة العدائية التي يقودها الإعلام المصري ضد حزب الله وزعيمه حسن نصر الله .. والتي وصل الحال بها إلي المطالبة برأس نصر الله، لأنه تجرأ وأرسل عددا من الصبية خططوا لعمليات إرهابية ضد مصر.. وهي تهمة مازالت قيد التحقيق. هذه الحملة المسعورة لم نر مثلها في الصحف المصرية ولا القنوات التليفزيونية ضد الصهيوني ليبرمان الذي هدد بضرب السد العالي وأهان مصر ورئيسها وشعبها.. ولم يحدث أن شنت الصحف المصرية حملة ضد السفارة الأمريكيةبالقاهرة التي تحولت إلي وكر للجواسيس الأمريكان الذين يتجسسون علي دبة النملة في مصر، بل إن السفارة الأمريكيةبالقاهرة تضم مكتبين رئيسيين، أحدهما للمباحث الفيدرالية الأمريكيةF.B.I ، والآخر للمخابرات المركزية الأمريكية C.I.A، وأنهم - أي جواسيس أمريكا - يجوبون الأراضي المصرية بطولها وعرضها، ويحصلون علي ما يريدون من معلومات دون أن يعترضهم أحد!! - وهذا يشكل أكبر تهديد للأمن القومي المصري. وما تفعله السفارة الإسرائيلية، والمركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة خطير.. وخطير جدا يمس الأمن القومي المصري في العمق.. فالسفارة تزرع عدة هوائيات معقدة وأجهزة تنصت تستطيع التقاط أية مكالمة تليفونية ليس في القاهرة وحدها ولكن في مصر كلها، وبسهولة شديدة .. كما أن مركزها الأكاديمي يمارس نشاطا مخابراتيا تحت زعم إجراء الأبحاث .. كما أن جواسيس إسرائيل يرتعون في مصر، ويجوبون سيناء يمارسون فيها نشاطات مشبوهة.. ومع ذلك لم نجد كتبة النظام يشنون حملة ضد هؤلاء مثلما فعلوا - ومازالوا - مع حزب الله وحسن نصر الله .. الذي تحول فجأة إلي عدو لدود لمصر وشعبها. أنا لا أدافع عن الشيح حسن نصر الله، ولا عن حزب الله، بل أري أن نصر الله أخطأ في حق مصر مرتين.. الأولي عندما وصف الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني عام 2000بأنه أول نصر عربي علي إسرائيل، متجاهلا ما حققه الجيش المصري العظيم من نصر علي إسرائيل في حرب 1973، وقد كتبت وقتها مقالا في جريدة «الوفد» بعنوان «عيب ياشيح نصر الله» .. انتقدت فيه غرور زعيم حزب الله. أما الخطأ الثاني الذي وقع فيه نصر الله عندما حرض الجيش المصري في يناير الماضي للتحرك دفاعا عن غزة.. وقد ردت القيادة السياسية علي حسن نصر الله بالطرق السياسية المتعارف عليها، وليس بأسلوب الردح الذي نراه ونشاهده ونقرأه اليوم. أقول هذا لأن الحملة الإعلامية ضد حزب الله وحسن نصر الله مبالغ فيها وتصب في النهاية في مصلحة إسرائيل .. بل إن إسرائيل وعلي لسان ساستها لا تخفي فرحتها لما وصل إليه الحال بين حزب الله ومصر.. ويجب ألا ننسي أن حزب الله هو الذي كسر مؤخرا شوكة إسرائيل، وسدد لها ضربات موجعة، وأجبرها علي الانسحاب من الجنوب اللبناني دون التوقيع علي أي اتفاقية أو فرض شروط.. هذه حقيقة يجب ألا نغفلها لأن إسرائيل مازالت وستظل هي العدو الرابض علي حدودنا .. تتربص بنا، وتمارس سياستها في الوقيعة بين أبناء الأمة العربية. حتي الصهيوني شيمون بيريز الرئيس الإسرائيلي لم يخف فرحته لما حدث.. قال بيريز: »مصر وحزب الله يتناحران بدوننا.. هذا شيء عظيم».. ولم ينس هذا الصهيوني في تصريحه للصحف الإسرائيلية دق «اسفين» أو الوقيعة بين مصر وإيران، حيث قال: إن خبر القبض علي عناصر من حزب الله في مصر الأسبوع الماضي يعد ضربة للرئيس الإيراني أحمدي نجاد الذي يحشد قواه ضدنا - أي ضد إسرائيل - إلا أن هناك أيضا قوي بدأت تتجمع ضده - في إشارة للنظامين المصري والأردني - .. وأضاف بيريز : يجب علينا توحيد كل الخصوم .. خصوم إيران «السنة»، والأوروبيين وغيرهم من الذين يخشون القوة النووية!!.. وقال بيريز: إن مصر شريكتنا ضد حماس وإيران وحزب الله.»!! وما قاله شيمون بيريز كلام خطير، لأنه يتهم النظام المصري بالانقلاب علي حزب الله لخدمة إسرائيل.. ولا نعرف حقيقة هذا الكلام، ولماذا صمتت السلطات المصرية ولم ترد علي شيمون بيريز.. وأين كتبة النظام الذين سخروا أقلامهم للهجوم علي حزب الله وحسن نصر الله، من هذه الاتهامات الخطيرة الموجهة إلي رأس النظام المصري؟! إن إسرائيل تسكب الزيت علي النار لإشعال حريق كبير في المنطقة العربية، وقد بدأت النيران تشتعل بين السنة والشيعة، وأخشي أن نبلع الطعم الإسرائيلي، لأننا سنكون الخاسرين، وستكون إسرائيل الرابحة. لذا علي النظام الحاكم في مصر أن يعالج القضية المتهم فيها حزب الله بشكل عقلاني بعيدا عن التهديد والوعيد وقطع رقبة حسن نصر الله ولغة الردح.. إن حزب الله هو إضافة للمقاومة العربية في مواجهة عدو صهيوني نازي يريد أن يلقي بنا جميعا في الجحيم.