حتي وقت قريب كنا نعتقد، ككثير غيرنا، أن أهم السلبيات التي يتسم بها أداء وكيل تويوتا في مصر هي الرغبة في الربح دون الاكتراث بالعميل الذي يحقق هذا الربح للوكيل. ولكن خلال الأسبوعين الماضيين تكشفت لنا كثير من الحقائق التي تتعلق بتلك الشركة التي بدأت العمل في السوق المحلي قبل 30عاماً وهو تاريخ طويل يفترض أنه مكن الشركة خلال تلك الفترة من ترسيخ تقاليد ناضجة تعمل بموجبها في السوق. والطبيعي أن تكفل تلك التقاليد حقوقاً لعملاء الشركة والعاملين فيها، ولكن المؤسف أن الواقع يبدو عكس ذلك تماماً. كثير من الوقائع التي حصلنا علي تفاصيلها وسنوالي نشرها علي مدار أسابيع كشفت عن نهج ديكتاتوري تسلكه الشركة وهو أمر لا يعنينا طالما لم تنعكس آثاره السلبية علي أحد ولكن عندما تكون النتيجة ضياع حقوق عاملين مصريين بينما يجني أصحاب التوكيل وكبار مديريه مئات الملايين من الدولارات كأرباح عن أعمالهم في مصر فالأمر هنا لا ينبغي السكوت عليه. وفي هذا الشأن لا نتحدث عن تكهنات أو أقاويل بل عن أرقام ووثائق تكشف الكثير من الجوانب التي تتعلق بعمل هذا الوكيل في مصر وإدارته الحالية التي تبدو كواجهة لا "تحل ولا تربط" بل قد تجبر بعض العاملين علي الاستقالة كما سنري في هذا الموضوع بالتفصيل. بدأت القصة منذ أعوام قليلة مع مطالبة بعض قياديي الشركة برفع مرتبات العاملين بتوكيل تويوتا في مصر وبناءاً عليه توجه أحد قياديي الشركة البارزين لدبي لمقابلة الوكيل وقام بذلك بالفعل ولكن رفض أصحاب التوكيل زيادة الأجور وترتب علي ذلك استقالة القيادي الكبير ربما كنوع من الاحتجاج علي رفض الزيادة. وأعقب ذلك تولي أحمد منصف منصب القيادة في تويوتا أيجيبت ويصفه بعض المقربين بأنه رجل بلا صلاحيات خاصة وأنه جاء كرئيس تنفيذي للشركة وليس عضواً منتدباً وبالتالي فهو علي حسب وصف بعض العاملين بالشركة مجرد أداة للتنفيذ بلا صلاحيات لاتخاذ القرارات بل أن البعض يقول بأنه يتهرب من اللقاء مع أي من العاملين لسماع شكواهم كما أنه لا يملك صلاحيات التعيين والفصل في الشركة، بل ويتردد أن أحمد هارون هو من يقوم بإدارة عمليات الشركة من دبي رغم أنه هو الأخر لا يملك صلاحيات العضو المنتدب. بدأت المشاكل في الشركة مع تولي أحمد منصف إدارة الشركة في مصر حيث كان قراره الأول هو سحب السيارات المخصصة لكثير من كبار موظفي الشركة أو من تستدعي طبيعة عملهم وجود سيارة وتوالت بعدها المشاكل مع العاملين حيث بدأت جهود الاستغناء عن كثير من العاملين دون إبداء للأسباب. وعلي ما يبدو كانت عمليات الفصل تتم بناءاً علي تعليمات من دبي. وكانت عمليات إجبار العاملين علي الاستقالة تتم بشكل مشابه في جميع الحالات تقريباً حيث يقوم شريف سمير وهو رئيس القطاع الإداري بالشركة، الذي تم الاستغناء عنه بعد أن أتم مهمته في تسريح عدد كبير من العاملين، بالانفراد بكل موظف مطلوب فصله علي حدة لفرض الاستقالة عليه بل خيارات أخري. وفي حالة الرفض كان الأمن يمنع العامل من دخول مقر عمله وبالتالي نجح رئيس القطاع الإداري في إجبار عدد لا باس به من العاملين علي الاستقالة. ربما الغريب في الأمر أنه فرض الاستقالة يستوجب الاتفاق علي تسويات مالية معينة تتضمن حصول العاملين المجبرين علي تلك الاستقالة علي حقوقهم ولكن في حالة العاملين بتويوتا كان التأكيد علي أنهم لن يحصلوا علي تلك المستحقات في كل الأحوال. ونتيجة لذلك توجه البعض إلي الصحف للشكوي ونشر البعض بالفعل تلك الشكاوي وكانت النتيجة هي حالة من الذعر انتابت كبير مسئولي تويوتا في مصر الذي سارع بصرف جزء من مستحقات بعض العاملين ربما لإسكاتهم. حملة الاستغناء عن العاملين جاءت بعد أن صدرت التعليمات لكل رئيس قطاع بإقالة بعض العاملين لديه رغم أن بعض هؤلاء العاملين يتمتعون بخبرة كبيرة في مجالات التسويق وخدمات ما بعد البيع وبالتالي فإن الإقالات تمت بناءاً علي دوافع شخصية بحتة. موظفو الشركة الذين تمت إقالتهم بالقوة لا يزالوا يطالبون بصرف مستحقاتهم المتبقية لدي الشركة ومنها حساب الأرباح التي لم يحصل العاملين علي نسبتهم منها رغم أن الشركة حققت خلال الفترة ما بين 1988 و2008 أرباحاً زادت عن 202 مليون جنيه مصري منها قرابة 39،5 مليون جنيه فقط عن عام 2008 و61،5 مليون جنيه في عام 2007. وتتوافق تلك المطالبات مع ملاحظة لهيئة سوق المال قدمتها لرئيس مجلس الإدارة رداً علي طلب بشأن الموافقة علي إصدار أسهم مقابل زيادة رأس المال المصدر من 100 مليون جنيه مصري إلي 200 مليون جنيه مصري بزيادة قدرها 100 مليون جنيه مصري. حيث قالت الهيئة بالنص: "نود الإحاطة إلي أنه بدراسة المستندات المرفقة بالإخطار تلاحظ الهيئة أن حساب توزيع الأرباح لم يتضمن حصة العاملين المقررة بالمادة 41 من قانون الشركات المساهمة الصادر بالقانون 159 لعام 1981. وتنفيذاً لفتوي الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع بمجلس الجولة بجلستها في 6/2/1991 والتي انتهت إلي أن ترحيل الشركة لجميع أرباحها بعد استقطاع الاحتياطي القانوني كاحتياطي يزاد بها رأس مال الشركة في صورة أسهم مجانية للمساهمين يعتبر توزيعاً للربح يتعين إجراؤه وفقاً لأحكام القانون بما فيها تخصيص نسبة منه لأرباح العاملين. ويضيف الخطاب: "برجي موافاتنا بالآتي: حساب توزيع الأرباح بعد خصم حصة العاملين وفقاً لما تقدم وذلك عن الأعوام 2007 وما قبلها." انتهي كلام هيئة سوق المال ولكن لم ينته الحديث عن وكيل تويوتا في مصر وإدارته الفاشلة. وللحديث بقية في الأسبوع القادم.