لا تبشرني أي بادرة حتي الآن عن كيفية نجاة الرئيس السوداني «عُمر حسن البشير» بل نجاة السودان كله من محنة وقوع هذا الرئيس في قبضة المحكمة الجنائية الدولية، بعد أن فرغ المدعي العام للمحكمة «أوكامبو» من دوره، وصدر قرار المحكمة الدولية بتوقيفه ومطاردته!، ليمثل أمامها الرئيس «البشير» متهماً بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور بجنوب السودان، بل النذير الشؤم يأتيني من ردود أفعال الرئيس السوداني وصحبته العربية بفشل المسعي للخروج من هذه المحنة، فالرئيس السوداني لم يجد غير أساليب نظام الفرد الواحد الذي لا يري وطنه بغيره رئيساً مهما كان الثمن!، مما لا يغيب عن فطنة أي عربي أو أجنبي يشاهد كل يوم علي الشاشات التليفزيونية الفضائية المظاهرات الشعبية العارمة التي جابت أنحاء السودان علي رأس بعضها البشير شخصياً في العربات المكشوفة تندد بالمحكمة الدولية ومؤامرات كل الدنيا علي السودان ورئاسته للسطو علي خيرات السودان! ودونما أي إشارة سابقة اكتشف الرئيس السوداني أن منظمات الإغاثة والمعونة الدولية العاملة في السودان ما هي إلا منظمات تجسس عاملة لحساب المدعي العام الدولي «أوكامبو» ومحكمته الدولية فبادر «البشير» إلي طرد 13 منظمة دفعة واحدة!، وقد أكد أحد المسئولين السودانيين أن هذا القرار بالطرد لا رجعة فيه!، حتي لو كان المعلوم السائد في العالم أن هذه المنظمات تباشر إغاثتها ومعوناتها لسودانيين «تصعب أحوالهم علي الكافر» كما يقول العامة في مصر!، وأبلغنا مسئول سوداني آخر في الحزب الحاكم أن «مساومات» بين النظام السوداني وجهات غربية قد جرت بعد صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية عارضة تعطيل قرار التوقيف أو الصفح عنه نهائياً شريطة أن يقدم «البشير» وعداً بألا يرشح نفسه لولاية رئاسية جديدة!، وهي المساومات التي رفضتها حكومة «البشير»!، فبقي التهديد الدولي بتوقيف الرئيس البشير والقبض عليه حتي لو ارتفعت به طائرة في الجو بعيداً عن أجواء السودان، حيث تنتظره اعتراضات طائرات «معادية» لتنفيذ قرار المحكمة وتسليم «البشير»!، الذي لم يترك وسيلة لاثبات أنه غير خائف إلا وسلكها حتي أنه رقص بين الجماهير السودانية «الغاضبة» رقصة فولكلورية شعبية بزي الريش الملون!، ولما كان الرئيس «البشير» قد أعلن أنه بسبيله إلي حضور مؤتمر منعقد في الدوحة القطرية متحدياً «المؤامرة الدولية عليه»، فإنه جعل من سفره إلي اريتريا «جارته» بقعة أخري للتحدي ولو ليوم واحد!، وعندما لوحت بعض الفصائل المعارضة في جنوب السودان بأنها تسعي لاستثمار الفرصة الحالية في الانقلاب علي نظام الرئيس السوداني!، أشار «البشير» إلي «الشيطان قد دخل» بين الفصائل! أما جامعة الدول العربية والخارجية المصرية ودول عربية أخري فقد رأت أن مساعيها في الضغط لتأجيل قرار المحكمة الدولة وتعليقه لمدة عام فقط!، حتي يتسني لحكومة السودان تعديل أوضاع الجنوب السوداني خاصة دارفور.. أشارت هذه كلها إلي فشل مساعيها حتي الآن!، وقد اعلن «أوكامبو» أن ملك السودان يقصد الرئيس البشير قد أصبح عارياً، وأنه لن يفلت من مثوله أمام المحكمة!، وقد وجد «البشير» أن حكاية حضوره مؤتمر الدوحة المرتقب انعقاده قد تكون حكاية صعبة أمامه!، فكان أن قدم له النصح من جبهة لا يرفض لها طلباً، رأت أن تصدر نصحها علي هيئة فتوي إسلامية لا تبيح له السفر إلي الدوحة، والبقاء بين أهله وشعبه لدرء الحظر الماثل عليه بل علي السودان كله في حالة السفر!، لقد أنذرني كل ذلك مع بعض من الظن الآثم عندي بعدم استبعادي مؤامرة بعض أطرافها عربية لتسليم البشير! بأن نذير الشؤم في محنة البشير والسودان بكل ما يجري علينا قد سيطر!، وأنه لا بشارة تلوح في الأفق تؤذن بفرج قريب!