بدعوة من وزير التعليم العالي.. انعقاد اجتماع مجلس أمناء جامعة الجلالة الأهلية    محافظ الفيوم: النزول بالحد الأدنى للقبول بالتعليم الثانوي العام إلى 221 درجة    الجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية تشارك في بطولة العلمين للجامعات    الفجر في القاهرة 4.46.. جدول مواعيد الصلوات الخمسة بالمحافظات غداً الثلاثاء 12 أغسطس 2025    ضوابط صرف الكتب المدرسية للمدارس الخاصة والدولية للعام الدراسي 2025-2026    بعد أنباء فرض رسوم جمركية أمريكية.. محللون: الذهب أصل مالي لا يمكن التعامل معه على أنه سلعة    استحداث إدارة مختصة في وزارة النقل لدعم التعاون المصري الأفريقي    11 أغسطس 2025.. جني أرباح يهبط بالبورصة دون مستوى 36 ألف نقطة مجددا    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: قرار قضائي عاجل بشأن «ابنة مبارك».. وحبس المتهمين في واقعة ركل «فتاة الكورنيش»    إصدار 1188 ترخيص إعلان.. والمرور على 1630 محلا ضمن حملات إزالة الإعلانات العشوائية بالمنيا    رجل السياحة الأول في مصر.. هشام طلعت مصطفى يواصل التألق في قائمة فوربس    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 215 ألف شهيد وجريح    صور تجديد حديقة الورود في البيت الأبيض تثير الجدل لتشابهها مع منتجع ترامب    حزب الله: لن تستطيع الحكومة اللبنانية نزع سلاحنا    اجتماع تحضيري بين فيفا وبيراميدز لتنسيق مباراة أوكلاند سيتي بكأس الإنتركونتيننتال    فيبا تضع مباراتي مصر ضمن أبرز 10 مواجهات في مجموعات الأفروباسكت    سلوت: ليفربول بحاجة لتحسين الأداء الدفاعي    تعرف علي موعد مباراة منتخب مصر وبوركينا فاسو فى تصفيات كأس العالم 2026    الشربيني رئيساً لبعثة الشباب إلى المغرب    اقتصادية الإسكندرية: تأجيل محاكمة صاحبة حساب مروة بنت مبارك لاتهامها بسب وفاء عامر ل30 أغسطس    ضبط قائد سيارة استعرض وسمح لمرافقيه بالجلوس على النوافذ بالبحيرة    الأرصاد: صور الأقمار الصناعية تظهر تشكل السحب الرعدية الممطرة على وسط وجنوب سيناء    شارع المعز يحتضن أولى جولات الملتقى الثقافي لفنون الفتاة والمرأة الحدودية    غدا.. انطلاق فعاليات المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء    ذكرى رحيل نور الشريف.. تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياته وموقف عائلته من السيرة الذاتية    12 Angry Men وثيقة فنية دائمة الصلاحية |فضح الحياة .. لا تمثيلها!    قصة المولد النبوى الشريف مختصرة للأطفال والكبار    هل يُسبب الشاي أعراض القولون العصبي؟    نجم الدوري الألماني يختار النصر السعودي.. رفض كل العروض من أجل كريستيانو رونالدو    التحقيقات في مقتل شاب بعين شمس: الضحية تدخل لفض مشاجرة فلقى مصرعه طعنا    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    هآرتس: نتنياهو يواجه صعوبات في تسويق خطة احتلال غزة    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    رغم رفض نقابات الطيران.. خطوط بروكسل الجوية تُعيد تشغيل رحلاتها إلى تل أبيب    حريق ضخم فى "آرثرز سيت" يُغرق إدنبرة بالدخان ويُجبر الزوار على الفرار    فريق مصري في طريقه.. الاتحاد الليبي يتأهل للكونفدرالية بمشاركة كهربا    "هل الخطيب رفض طلبه؟".. شوبير يفجر مفاجأة بعد مكالمة وسام أبو علي    فتوح أحمد: الإعلام الرياضي ومَن يبثون الفتن هاخدهم معسكر بسوهاج 15 يومًا- فيديو وصور    بفستان جريء.. نوال الزغبي تخطف الأنظار بإطلالتها والجمهور يعلق (صور)    التعليم تصدر بيانا مهما بشأن تعديلات المناهج من رياض الأطفال حتى ثانية إعدادي    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    خالد الجندي: كل حرف في القرآن يحمل دلالة ومعنى ويجب التأدب بأدب القرآن    أمين الفتوى يحذر التجار من هذه التصرفات في البيع والشراء    وزير الري يؤكد أهمية أعمال صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    «عبدالغفار»: «100 يوم صحة» قدّمت 40 مليون خدمة مجانية خلال 26 يومًا    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    بعد مصرع شخصين وإصابة 7 آخرين .. التحفظ على كاميرات المراقبة فى حادث الشاطبى بالإسكندرية    الشاطر يكتسح شباك التذاكر.. وأمير كرارة: من أحب التجارب لقلبي    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    الرعاية الصحية: إنقاذ مريضة من فقدان البصر بمستشفى الرمد التخصصي ببورسعيد    ضبط 8 أطنان خامات أعلاف مجهولة المصدر في حملة تفتيشية بالشرقية    «لمحبي الصيف».. اعرف الأبراج التي تفضل الارتباط العاطفي في أغسطس    لليوم ال 11.. «التموين» تواصل صرف مقررات أغسطس    نائب ترامب: لن نستمر في تحمل العبء المالي الأكبر في دعم أوكرانيا    طب قصر العيني تطلق أول دورية أكاديمية متخصصة في مجالي طب الطوارئ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 11-8-2025 في محافظة قنا    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«أولاد البلد».. كتالوج في الإسفاف الفني
طارق الشناوي يكتب:
نشر في صوت الأمة يوم 26 - 09 - 2010

· رأينا في الفيلم كل شيء من أراد أن يري الفتوات يجد ومن يريد النساء والرقص والجنس يجد ومن يريد المخدرات يجد وحتي القواد يذهب ليصلي ومع ذلك فإن الفيلم لاعلاقة له بالسينما
في الماضي كانت أفلام العيد تشهد ذروة الصراع السينمائي أعني بالماضي قبل 13عاماً، حيث كانت تتسابق أفلام يلعب بطولتها نجوم شباك بحجم "عادل إمام" ، "نادية الجندي" ، "محمود عبد العزيز" ، "أحمد زكي" ، "نبيلة عبيد" الآن صار موسم العيد هو بمثابة بواقي أفلام الصيف، كل فيلم غير قادر علي المنافسة مع الأفلام التي لعب بطولتها السوبر ستار، في الصيف كان مصيرها العرض في العيد وكأنها بلغة كرة القدم "دوري المظاليم" الذي يشارك فيه كل من فاته قطار الدرجة الأولي!! عرض هذا العيد أربعة أفلام وهي "أولاد البلد" ، "سمير وشهير وبهير" ، "عائلة ميكي" ، "الرجل الغامض بسلامته"..
استطاع أن يحصد الإيرادات الأعلي في العيد فيلم "أولاد البلد" بتلك التوليفة "السبكية" نسبة إلي "أحمد السبكي" منتج الفيلم الذي دأب علي أن يصنع هذه النوعيات من الأفلام حيث يضع كل الحكايات والمفردات والشخصيات الممكنة وغير الممكنة في مثل هذه الأحوال مثل الراقصة والبلطجي والمطربة والمطرب والفتوة والقواد والعاجز جنسياً والعاهرة.. كل ما يمكن أن يعثر عليه حتي يصل به الأمر قبل نهاية الأحداث إلي أن يتوجه القواد قبل تترات الختام إلي الله ليصلي في الجامع ويطلب المغفرة بينما الراقصة تتوقف عن الرقص عارية وتواصل الرقص بجلباب شرعي.. هل هناك هدف ما أو حتي هل هناك قصة سينمائية من الممكن متابعتها؟ الواقع إنه لا يوجد سوي إيفيهات أغلب الظن انه قد شارك في صنعها عدد من النجوم الذين لعبوا بطولة الفيلم مثل "محمد لطفي" ، "سليمان عيد" ، "رامي غيط" ، "أحمد راتب" ، "سعد الصغير" كل علي حسب مقدرته بأن يضيف شيئاً مما يمكن أن يضحك الناس أو يعتقد أنه من الممكن أن يضحك الناس!!
تبدأ الأحداث لحظة خروج "محمد لطفي" من السجن بعد خناقة ونعرف فيما بعد أن مثله الأعلي هو "فريد شوقي" ولهذا يضع صورته في منزله ويجري معه حوارا من طرف واحد عن الفتونة وهو في نفس الوقت علي علاقة حب وشروع في زواج مع الراقصة "دينا" وهو لا يعرف أنها تعمل راقصة تقولي ازاي أقولك ما اعرفش هو كده.. وهكذا تتأكد الحكمة بأن الزوج أو الحبيب هما آخر من يعلم.. شقيق دينا "علاء مرسي" قواد يتزوج النساء اللاتي يعملن لحسابه في الدعارة.. "سعد الصغير" عامل حرفي وبينما الوجه الجديد "رامي غيط" عازف عود أو يعتقد أنه عازف ومطرب صوته يخاصم كل الأعراف الفنية ويعلم شقيقته "إنجي وجدان" وجيرانه أصول الغناء.. تتخلل الأحداث كل المواقف التي من الممكن أن يلهث وراءها الجمهور مثل كرة القدم لم ينس الفيلم أن يضع جملة حوار تتناول ما حدث في مباراة "أم درمان" التي أدت إلي تصدع العلاقات السياسية بين مصر والجزائر ويذكر أن من بين المشجعين الذين آزروا الفريق المصري "سعد الصغير" و "فردوس عبد المجيد" بدلاً من "عبد الحميد".. أيضاً لا ينسي "سليمان عيد" الذي يؤدي دور حانوتي أن يشيع جنازة كبير مشجعي الزمالك وتصبح الفرصة مهيأة لإقامة جنازة تجمع بين جمهور الفريقين بالزي الكروي الشهير لكل منهما والنعش يغطيه زي فانلة الزمالك وتنتهي إلي إطلاق كل الإيفيهات علي فريق الزمالك التي تؤكد خسارته الفادحة أمام الأهلي وأنه قد صار نكتة بين الفرق وبالطبع فإن أغلب الجماهير من مشجعي الأهلي فهو فريق الأغلبية ولهذا ينحاز إليه القسط الأكبر من جمهور السينما أيضاً.. ومع ذلك لم ينس لزوم تحلية البضاعة أقصد "شعوطة" البضاعة أي جعلها أكثر سخونة أن يضع خطاً سياسياً يؤديه "أحمد راتب" الذي يريد أن يصبح عضواً بمجلس الشعب ويلجأ إلي أبناء حارته ليؤازروه في الانتخابات وتنجح الخطة بالفعل ويصل بفضل أبناء دائرته تحت قبة البرلمان ونكتشف أنه يتاجر في الممنوعات ويريد الحصانة من مجلس الشعب للتغطية علي نشاطه الإجرامي وينتهي الفيلم بثورة غضب يعلنها أولاد البلد.. القواد يذهب للجامع ونراه أكثر من مرة يطلب المغفرة من الله بعد أن قتلت إحدي زوجاته التي تعمل لحسابه وذلك بعد أن اعتدي عليها بالضرب بالسكين أحد الزبائن.. بينما "دينا" تكتفي بالرقص بالجلباب بعد أن تقول أنها لم تخترع بدلة الرقص كما أن لاعبة السباحة لم تخترع المايوه وكل مهنة تشترط زياً خاصاً بها ورغم ذلك تتنازل عن بدلة الرقص وتكتفي بالجلباب - وهو بالمناسبة كان أكثر إثارة علي جسدها من بدلة الرقص - و "محمد لطفي" يستعد للزواج منها وتنجح خطة "سليمان عيد" في استعادة رجولته بعد أن غير مهنة "الحانوتي" التي كانت تحول دون إكماله العلاقة كلما تذكر صراخ أهل المتوفي وهكذا يتحول إلي التشجيع الكروي ويرتدي فانلة أحد اللاعبين المشهورين لعله يستطيع إحراز أهداف في هذا المجال.. ويلقي القبض علي "أحمد راتب" بمساعدة أهل الحتة متلبساً بالإتجار في الممنوعات أوقعت به خطة "دينا" التي تعمل عنده ممرضة ولا تتعجب فإنها تعمل ممرضة صباحاً وراقصة مساءً وهكذا وضعت له قرصا منوما في العصير وسرقت الخزنة ووزع أهل الحارة الذين حصلوا علي هذه الغنيمة علي أهل الحارة الذين لم يشاركوا في السرقة الفلوس الحرام.. هل رأيتم سذاجة أكثر من تلك السذاجة!!
لا شيء في هذا الفيلم من الممكن أن تراه سوي أنه يلهث وراء الإيفيهات التي من الممكن أن تثير الضحك وباستخدام أي وسيلة ممكنة أو غير ممكنة.. لم يقدم المخرج "إسماعيل فاروق" أي لمحة لها علاقة باختراع السينما التي عرفها العالم قبل نحو 115عاماً!!
دائماً الأعياد مرتبطة بتلك التوليفة التي يقدمها المنتج "أحمد السبكي" لجمهوره ولا يمكن سوي أن تنسب الفيلم في هذه الحالة إلي منتجه مثل فيلم "علي الطرب بالتلاتة" الذي شارك فيه أيضاً "سعد الصغير" و«دينا» فالأمر لا يتجاوز سوي نفس الحالة من مطرب وراقصة وعدد من أولاد البلد.. الغريب أن التليفزيون كان يذيع طوال شهر رمضان واحداً من المسلسلات التي تتناول أيضاً أولاد البلد باسم "الحارة" وهو من أفضل المسلسلات التي عرضت في السنوات الأخيرة ولكننا بالفعل كنا نشاهد الحارة بكل شخوصها المتعارف عليها أما هذه المرة فإن المخرج "إسماعيل فاروق" يستدعي من الذاكرة كل ما يعتقد أنها الحارة وفي مثل هذه الأحوال لن تعثر علي شيء ولن يتبقي شيء في الذاكرة ويظل السؤال لماذا يقبل الجمهور علي هذه النوعيات من الأفلام؟!
أحرص دائماً علي أن أذهب إلي دور العرض الشعبية التي تستقبل الأفلام في العيد وتفتح أمامها كل الأبواب ووجدت بالفعل زحاماً أدي إلي تدخل رجال الشرطة حتي لا تحدث تجاوزات قد تشعل موجة التحرش الجنسي مثلما حدث قبل عامين في وسط مدينة القاهرة.. كانت دار العرض لديها خمس شاشات مختلفة الاتساع ولديها ثلاثة أفلام من بين الأربعة المعروضة في العيد الاثنان الآخران هما "الراجل الغامض وبطولة "هاني رمزي" والثاني "عائلة ميكي" إخراج "أكرم فريد" وبطولة "لبلبة".. دار العرض لا تعرف سوي أن تطبق شعار "اللي تكسب به العب به" وهكذا كان الجمهور وأغلبه من الشباب قد توجه إلي "أولاد البلد" فقرر صاحب الدار أن يفتح له أربع شاشات من بين الخمس وشاشة واحدة للرجل الغامض بينما ألغي عرض "عائلة ميكي".
جمهور العيد له مواصفات غير تقليدية لأنه جمهور موسمي وليس جمهورا دائما يذهب إلي دور العرض هو يدخل إلي دار السينما طوال العام ضارباً كل القواعد المتعارف عليها فهو قبل أن يبدأ عرض الشريط يصفق ويغني وبمجرد أن يشاهد أي من المشاركين في الفيلم يصفق وبعد أن يستمع إلي أي كلمة تجري علي لسان أحد الأبطال يضحك سواء أكان ما يسمعه يستحق الضحك أم الرثاء.. الجمهور جزء من شروط نجاح تلك اللعبة، يأتي وهو مهيأ للتوحد مع نجومه ويتقبل منهم كل شيء إنه يضيف إلي ما يرددونه من إيفيهات بإيفيهات أخري وهو محمل بأكياس اللب والفيشار و "البمب" وينتهي الأمر في نهاية المطاف بعد أن تنفد العيدية إلي أنه بمجرد أن تقرأ كلمة النهاية علي الشاشة وتنقضي أيام العيد يجري بعيداً عن هذه النوعيات من الأفلام التي تضحك عليه لا لأنها أفلام مسلية فلا أحد يكره التسلية ولا لأنها أفلام ضاحكة فلا أحد يكره الضحك حتي ولو كان لمجرد الضحك ولكن ما رأيناه في هذا الفيلم ليس له علاقة بالضحك أو التسلية أو التهريج إنه الإسفاف الفني كما ينبغي أن يكون الإسفاف!!
أراد المنتج أن يضع في فيلمه كل شيء، من يريد أن يري فتوات وخناقات يجد، من يريد النساء والرقص والجنس يجد من يريد كرة القدم يجد، من يريد المخدرات يجد، من يريد الإيمان سوف يشاهد في الأحداث أكثر الأبطال جنوحاً في ارتكاب المعاصي وهو القواد والذي أدي دوره "علاء مرسي" يذهب للجامع ويصلي، حرص المخرج علي أن يقدمه لنا أكثر من مرة وهو يتوجه إلي الله وعيونه تمتلئ بدموع الندم طالباً العفو والمغفرة.. وهكذا رأينا في هذه الحارة كل شيء ولكننا لم نر أي شيء له علاقة بالسينما أنه "كتالوج" مرئي في تعليم فن الإسفاف!!
***********
حدث في مهرجان الإسكندرية
أخطاء «عمر الشريف» التي صارت «خطايا»
علي المنصة أثناء إدارتي للندوة الافتتاحية لمهرجان الإسكندرية والتي تناولت فيلم "المسافر" كان "عمر الشريف" بيننا لأول مرة وكان حضوره الندوة يحمل موافقة ضمنية علي الشريط السينمائي أو علي أقل تقدير تسامح مع الفيلم.. كان "عمر" سبق له وأن حضر أول ندوة أقيمت للفيلم في مهرجان "فينسيا" في بداية شهر سبتمبر من العام الماضي ويومها لم يكن قد شاهد "المسافر" حيث أن الندوة عقدت في أعقاب العرض الصحفي الذي لم يحضره "عمر" بينما عرض الفيلم مرة أخري في المساء.. بعد أن شاهد "عمر" الفيلم مساءً فتح النيران ضد الجميع ممن تصادف تواجده بالمهرجان خاصة المخرج "أحمد ماهر" والبطل المشارك "خالد النبوي" وبات واضحاً أن "عمر الشريف" لا يطيق مشاهدة "المسافر" مرة أخري بعد أن أصبح بينه وبين الفيلم مساحة واسعة من الخلاف ولهذا عندما وجه له مهرجان "أبو ظبي" الدعوة بعد "فينسيا" بشهر واحد اعتذر عن حضور عرض الفيلم في الافتتاح وأيضاً الندوة التي أعقبت العرض وإن كان هذا لم يمنعه من حضور باقي فعاليات مهرجان "أبو ظبي".. ظل "عمر" رافضاً الفيلم ،لم يخف غضبه حتي في مهرجان الإسكندرية وقال في الندوة أعجبني الجزء الثالث وليست هذه نرجسية مني لأني بطل المقطع الثالث ولكن ولا شك هناك خطأ في الجزأين الأول والثاني للفيلم.. وأضاف طلب مني المخرج "أحمد ماهر" أن ألعب بطولة الجزء الثاني ولكني رفضت لأنني لن أكون مقنعاً وأنا أؤدي دور رجل في الخمسين إلا أنه بعد ذلك أكد علي أن الفيلم أجريت له عملية مونتاج في الجزأين الأولين وصار أفضل حالاً.. لم يثر هذا الكلام شهية أحد للكتابة عنه ولكن الكلمة التي فتحت شهية الصحافة علي مصراعيها للكتابة هي عندما وصف جمهور السينما بأنه جاهل لأنه أحب أفلام "إسماعيل يس" الذي صار الأشهر في زمانه برغم أنه لا يجيد علي حد وصف "عمر" فن التمثيل.. "عمر الشريف" من واقع متابعتي له تخونه الألفاظ ولا يعرف أحياناً دلالاتها أتحدث بالطبع عن الألفاظ العربية التي ابتعد عنها سنوات متعددة ونادراً ما يتحدث بها مثلاً جملة "انت عامل ايه" التي صارت تستخدم كثيراً في التعامل اليومي بدلاً من "ازيك" تزعجه كثيراً ولا يستطيع الرد عليها رغم بساطتها ويسأل دائماً "عامل ايه في ايه؟".. مثلاً أراد "عمر" يوماً أن يصف الرئيس "جمال عبد الناصر" بأنه كان يتعامل مع الأمريكان وهذه حقيقة معروفة ولكن كلمة يتعامل لم يستطع أن يتذكرها فاستبدلها بكلمة "عميل" للأمريكان وليس متعاملاً معهم حدث ذلك في مهرجان القاهرة في مؤتمر عقده قبل عامين أخذتها الصحافة بالطبع واعتبرتها تحمل اتهاماً وتعريضاً للرئيس "جمال عبد الناصر" وحاول "عمر" أكثر من مرة الاعتذار عنها ولكن كان قد "سبق السيف العزل".. مثلاً أثناء ندوة "المسافر" التي أقيمت مؤخراً في مهرجان الإسكندرية لم يجد "عمر" سوي أن يقول لما طلعت من بطن أمي كان يريد أن يقول عندما ولدت خانه أيضاً التعبير.. كانت "فاتن حمامة" حريصة علي ألا يتورط "عمر الشريف" في تكرار هذا التعبير الذي كثيراً ما أشار إليه أنها حبه الأول والأخير والوحيد لأنها متزوجة منذ أكثر من 15 عاماً من الدكتور "محمد عبد الوهاب" وهو مثل أي زوج شرقي لا يرحب بمثل هذه الأقوال وطلبت منه ألا يذكر ذلك مجدداً وبالفعل التزم "عمر" بتحذير "فاتن" إلا أنه في مهرجان "فينسيا" الذي عقد في العام الماضي كرره ربما لأن الجمهور أغلبه أوروبي إلا أن الصحافة العربية كانت حاضرة.. لا أري "عمر الشريف" قاصداً وعامداً متعمداً إهانة الجمهور المصري ولا حتي "إسماعيل يس" عندما وصف الجمهور بالجهل و"إسماعيل يس" بعدم إجادة فن التمثيل هو فقط يبحث عن تعبير ملائم لمعني أن الجمهور يقبل علي الأفلام التجارية لأنها تتماشي مع ثقافته أكثر ولا تجعله حريصاً علي أن يجهد نفسه بالتفكير في تفاصيلها وأفلام "إسماعيل يس" بالطبع في مجملها هي أفلام تجارية وكثيراً ما هوجم "إسماعيل يس" في الصحافة وكانت هناك تحذيرات في الخمسينيات من القرن الماضي توجه لأولياء الأمور عبر الصحافة بعدم تعريض أطفالهم لأفلام "إسماعيل يس".. الآن أصبح "إسماعيل يس" هو أهم نجم كوميدي يتابعه الأطفال!! هل نصدر مثلاً أمراً بأن نحجر علي"عمر الشريف" ونمنعه من حضور الندوات واللقاءات الجماهيرية أم أن علينا أن نستوعب تلك الشطحات التي يطلقها وجزء كبير منها سببه - علي الأقل هذا تفسيري - هو أن مدلولات الكلمات تخون "عمر" أحياناً.. لقد كان "يوسف شاهين" في أحيان كثيرة تفلت منه هو أيضاً الكلمات وقد يخرج علي النص ولهذا صدرت أوامر في التليفزيون المصري خلال السنوات الخمس الأخيرة من حياته بمنع استضافته علي الهواء!
وبالطبع الدولة كانت تخشي أن تنفلت من "يوسف شاهين" بعض كلمات لها حساسيتها فيما يتعلق بالوضع السياسي أما كلماته التي قد يبدو بعضها خارجاً عن العرف الاجتماعي فلم تكن تقلق الدولة كثيراً!
من حقنا أن نراجع "عمر الشريف" في كلماته وعليه أن يعتذر عندما لا يحسن اختيار الكلمات فهو مثلاً قال في أحد البرامج قبل نحو عام ونصف أن فلوس الفن حرام.. لم يكن يقصد الحرام بمعناه الديني ولكن كان يريد أن يقول أن النجوم يحصلون علي مبالغ كبيرة كأجور بينما المخرج والكاتب لا يحصلون علي 10% من هذه الأجور رغم أنهم يبذلون جهداً أكبر ولم يجد كلمة أخري تسعفه سوي "حرام".. وهو ما فسره البعض بأن "عمر" يحرم الاشتغال بالفن رغم أنه من البديهي لا يمكن أن يحرم الفن.. متي نكف عن إحالة أخطاء "عمر الشريف" إلي خطايا وأقول بنفس القدر علي "عمر الشريف" أن يسارع بالاعتذار عندما تنفلت منه بعض الكلمات حتي لا يمنح شرعية للخطأ حتي لا يكبر أكثر وأكثر ويصبح خطيئة؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.