تحولت شهادات الاعتماد والأيزو إلي وسيلة لتضليل المواطنين من قبل بعض معامل التحاليل والمؤسسات الطبية الخاصة لجذب أكبر عدد من الضحايا. الواقعة التي بين أيدينا تفضح أحد هذه المعامل التي استغلت غياب رقابة الجهات الحكومية وضعف المعلومات المتوفرة لدي المواطنين عن حقيقة تلك الشهادات ومدي صحتها من عدمه خاصة أن الجهات المانحة لتلك الشهادات جميعها أجنبية وهو معمل البرج والذي خرج بضجة حول تربعه علي عرش المعامل في مصر وانفراده بالامتيازات الطبية غير المتاحة لغيرها بموجب شهادة الايزو وأخري اعتماد دولي. الغريب أن وزارة الصحة وجهاز حماية المستهلك يكتفيان بالفرجة ليس أكثر رغم استلامهما خطابات رسمية من الجهات المانحة لتلك الشهادات تؤكد عدم مصداقية المعمل في الإعلان عن هذه الشهادات بهذه الطريقة. أكثر من شهرين مضيا حتي الآن ولم تتحرك وزارة الصحة وجهاز حماية المستهلك لاتخاذ الإجراءات القانونية لمنع هذه المهزلة رغم أن وزارة الصحة منوطة بالمراقبة علي كل ما يصدر من تصرفات من المؤسسات الطبية الخاصة حفاظا علي صحة المواطنين وسكوتها بهذا الشكل يثير علامات استفهام، وشبهات عديدة فالواقعة تفجرت عندما أعلن معمل البرج بأنه المعمل الوحيد المعتمد دوليا في مصر رغم أن هذا ليس صحيحا وباخطار وزارة الصحة اعترفت أن هذا خطأ لابد من تصحيحه لكنها آثرت السكوت بعد ذلك رغم أن القائمين علي معمل البرج استمروا في هذا الضجيج بالإضافة لارسالهم رسائل SMS علي هواتف الأطباء والمرضي وخطابات بريدية علي العيادات والمراكز الطبية وادعي معمل البرج أنه حاصل علي شهادة «سويداك Swedac» بالمخالفة للحقيقة فالمعروف لجميع المتخصصين أن عدد التحاليل الطبية 900 تحليل وبالرجوع إلي مقر مؤسسة سوديك الرئيسي في السويد الجهة المانحة لشهادات الاعتماد أكدت أن معمل البرج حصلا علي شهادة اعتماد في 24 تحليل فقط من بين 900 تحليل أي بنسبة 3% من إجمالي التحاليل وهذا عكس ما يردده القائمون علي المعمل ومنه إن معمل البرج حاصل علي شهادة الأيزو منذ 1997، بخلاف الحقيقة فحسب خطاب الشركة الأمريكية لتسجيل النظم فأن معمل البرج تقدم للحصول علي شهادة الأيزو 1999 ولم يحصل عليها في 1997 . كما ادعي معمل البرج أنه حاصل علي شهادة المراجعة الدولية لنتائج التحليل من الكلية الأمريكية لعلوم الأمراض «Cap sur vey» وبإبلاغ منظمة Cap، أكدت أنه غير صحيح وأنها ستنبه عليهم بعدم استخدام شعار المنظمة مرة أخري. الكارثة لم تعد تكمن في مخالفات معمل البرج بل في صمت وزارة الصحة وجهاز حماية المستهلك اللذين دائما يتغنيان بحرصهما الشديد علي حماية صحة وسلامة المواطن المصري. الفضيحة الأولي لعمل البرج أكدتها محكمة شمال الجيزة الكلية عندما لجأ لها أحد ضحايا معمل البرج ويدعي رشدي إبراهيم كبير مرشدين بهيئة قناة السويس فحصل علي حكم منها بتعويضه بمبلغ 30 ألف جنيه، قال المواطن في دعواه أنه شعر بآلام والتهابات حادة في المعدة وأخذ الطبيب المختص في أحد المستشفيات عينة من المعدة بالمنظار وارسلها إلي معامل البرج لإجراء الفحص الباثولوجي وجاءت النتيجة بوجود انقسامات خبيثة في الخلايا «سرطان بالمعدة» وطلب المعمل في تقريره بضرورة إجراء جراحة عاجلة خلال أسبوع لاستئصال جزء من المعدة. في تلك الأثناء كان رشدي يستعد للسفر إلي لندن لإجراء فحوصات طبية وإجراء جراحة في العمود الفقري وهناك أجري تحاليل للتأكد من حقيقة مرضه.. وتم أخذ عينة أخري للفحص وأكدت التحاليل عدم وجود أورام خبيثة، وأعاد الطبيب المختص بلندن فحص شرائح العينات التي تم فحصها بمعمل البرج في مصر ليثبت خلوها من أي أورام سرطانية. وبعد أن أجري جراحة العمود الفقري توجه إلي اسكتلندا لإعادة الفحص مرة ثالثة وجاءت النتيجة سلبية. كما أكدت أيضا تقارير الطب الشرعي بعد مراجعة الاخصائيين والتأكد من فحص جميع التحاليل الطبية بمعامل البرج في مصر والمعامل الطبية بانجلترا وارسال العينات إلي معامل الطب الشرعي والتي أكدت أن المواطن يعاني فقط من التهابات مزمنة بالمعدة دون اصابته بأي أورام خبيثة وعليه أكد تقرير الطب الشرعي وجود قصور شديد ومعيب يستوجب المساءلة في وصف التغيرات الباثولوجية بالعينات المأخوذة من المعدة، ما أدي إلي دخول المدعي في إجراءات طبية إضافية كبدته معاناة نفسية قد تؤدي إلي مضاعفات خطيرة إضافة إلي تكبده مصاريف إضافية وتحمله تذاكر سفر وتكلفة تحاليل أخري. لذلك ألزمت المحكمة معمل البرج بدفع تعويض 30 ألف جنيه للمدعي.