· ياكنيسة ياقيادة .. إحنا جاهزين للشهادة.. هتاف طائفي معناه دق طبول الحرب الأهلية بين المسلمين والمسيحيين شعاري الدائم هو: فليغضب من يغضب.. المهم ألا تغضب الحقيقة.. قضيتي ليست إرضاء المسيحيين أو مغازلة المسلمين بقدر ما هي إرضاء الله والضمير، انقاذاً للوطن وصوناً للمسلمين والمسيحيين معاً. الصراحة التي تتبعها خطوات عملية صريحة هي الحل وليست كليبات الزيف والخداع.. نعم، مشهد الشيخ الذي يعانق قساً أو الهلال الذي يجاور صليباً تحول في مصر إلي كليب ساخر مكانه القنوات الغنائية أو الكوميدية ومع ذلك مازلنا نصر علي اللجوء إلي هذا السلاح الذي يقتلنا جميعا مسلمين ومسيحيين يقتلنا لأننا نستخدمه في إخفاء الأزمات والمشاكل الحقيقية المتعلقة بالعلاقة بين المسلمين والمسيحيين، في مصر فنستيقظ كل فترة علي كارثة أو مذبحة جديدة.. دعونا إذن نفرغ ما في رءوسنا وعقولنا وقلوبنا وصدورنا «من صراحة وليس من غضب» فالغضب يزيد الفتنة اشتعالاً والصراحة هي خراطيم الماء التي تطفئ النار. أولاً: حوادث الفتنة الطائفية لن تتوقف والمذابح ستتكرر ما دمنا نتعامل مع ملف العلاقة بين المسلمين والمسيحيين علي أنه ملف أمني ونضعه في يد أجهزة الأمن وبالتحديد مباحث أمن الدولة.. الكارثة تبدأ من هنا لأن هذا الملف سياسي واجتماعي وثقافي ونفسي، أما الأمن فهو المحطة الأخيرة.. للأسف الشديد هذا الملف يبدأ من الأمن وينتهي عند الأمن ويمر في كل أحداثه ببوابات الأمن إذا داس مسيحي علي قدم مسلم أو العكس ذهبت القضية إلي أمن دولة.. إذا أحبت فتاة مسيحية شاباً مسلماً أو العكس تحولت علاقة الغرام إلي ملف في أمن الدولة مع أن مكانها الطبيعي كوبري قصر النيل، حيث يجلس المحبون «أو الحبيبة» أو باب أريد حلاً في الصحف أو المأذون بعد استيفاء الإجراءات القانونية.. في مباحث أمن الدولة يمكن أن يصطدم كتف شاب مسلم يحب فتاة مسيحية بكتف أحد المتهمين بقلب نظام الحكم .. كلاهما ذاهب للتحقيق.. وكلاهما صاحب ملف أمني.. القضية سياسية اجتماعية ثقافية قبل أن تكون أمنية.. القضية تهم كل مؤسسات الدولة ووزارات الحكومة بمافي ذلك وزير البيئة.. الجميع معني بالقضية، لأن مصير الوطن معلق في رقبة التعايش بين المسلمين والمسيحيين.. جاءني صوت وزير الإسكان الأسبق المهندس حسب الله الكفراوي حزينا وغاضباً لما حدث في نجع حمادي وروي لي قصة قديمة تصلح لأن تكون نموذجاً يؤكد أن الملف يعني كل وزراء الحكومة وليس الأمن وحده.. قال: في نهاية السبعينيات شهدت مصر حادثة فتنة طائفية في أسيوط فتفتق ذهني عن فكرة عملية يمكن أن تنزع فتيل التوتر وهي بناء مسجد بجوار كنيسة في مدينة العاشر، اتصلت بالبابا شنودة وأنهينا الإجراءات ووضعنا حجر الأساس وأقمنا احتفالاً بذلك وبعدها جاءني صوت الرئيس الراحل أنور السادات بطريقته المعهودة: برافو ياكفراوي.. خطوة عملية في ظل حديث الأقباط عن مشاكلهم المتعلقة ببناء وترميم الكنائس مع أن البعض قد يتساءل: ما علاقة وزير الاسكان بالفتنة الطائفية.. السؤال غبي وساذج لأنه لا قيمة أن يبني وزير الإسكان في بلد مهدد بالخراب إذا اشتعلت الفتنة الطائفية.. لا قيمة لما يقوم به وزير البيئة أو السياحة أو التجارة إذا احترقت مصر بنار الفتنة الطائفية.. الملف ليس أمنيا والحل الأول يبدأ بانتزاعه من يد أجهزة الأمن وتحديداً مباحث أمن الدولة والتعامل معه علي أنه ملف سياسي اجتماعي ثقافي. كل مؤسسات الدولة كانت تعلم أن الوضع الطائفي في نجع حمادي مشتعل ومع ذلك لم يتحرك أحد لأنهم تركوا الملف للأمن وحده. ثانيا: فلنكن أكثر صراحة.. الخطر ليس فقط في أن الملف في يد الأمن ولكن الأخطر أن جهاز الأمن نفسه لايخلو من التعصب والطائفية.. نعم وبكل صراحة يوجد ضباط شرطة بل أجنحة داخل جهاز الشرطة تتعامل بطائفية مع المسيحيين وتراهم مواطنين من الدرجة الثانية وإذا عرضت عليهم مشكلة بين مسلم ومسيحي انحازوا للمسلم من باب التعصب الطائفي، لقد اعترف الرئيس الأمريكي أوباما بالفشل وأقال عدداً من المسئولين في المخابرات الأمريكية لمجرد أن القاعدة كانت ستفجر طائرة في ديترويت، أما هنا في مصر فلم يعترف أحد بفشل الأمن ولم يتم إقالة أي مسئول أمني مع أن كل المتابعين للأوضاع في نجع حمادي كانوا يتوقعون أن شيئا ما سيحدث بعد حرق منازل الأقباط رداً علي اغتصاب فتاة مسلمة علي يد قبطي.. إن عدم الاعتراف بالفشل الأمني وعدم محاسبة المقصرين في جهاز الأمن يعزز المخاوف لدي المسيحيين من وجود تواطؤ أمني مع مرتكبي المذبحة. ثالثا: المناهج التعليمية تحض علي التعصب والطائفية وتعلم التلاميذ أن الأقباط مواطنون من الدرجة الثانية ولابد من تنقيتها من شوائب الكراهية والعنصرية. رابعاً: الثقافة الشعبية السائدة هي الأخطر حيث تتعامل هذه الثقافة مع المسيحي علي أنه كافر.. وفي أقاليم مصر يعتدي الصبية الصغار بالطوب علي القس إذا مر في الشارع وهم يهتفون: الكنيسة ولعت والقسيس أهو.. وإذا استضاف مسيحي مسلماً في منزله ورفض أن يشرب أو يأكل باغته بسؤال تقليدي شهير وهو: أنت ما بتاكلشي عند المسيحي؟!.. هذه هي الثقافة الشعبية السائدة والتي لابد من تغييرها بجهد ضخم من المجتمع كله وليس من مؤسسات الدولة فقط لأنها ثقافة العوام التي تحتاج للغة خاصة وأساليب تتلاءم معهم.. هذا هو أكبر حاجز يفرق بين المسلمين والمسيحيين في مصر وإذا هدمناه أو حطمناه لقضينا علي الفتنة الطائفية نهائيا. خامسا: هناك مطالب حقيقية ومشروعة للأقباط أسمع وأقرأ عنها منذ عشرات السنين لدرجة أنها صارت تراثاً أو فلكوراً مع أنها مطالب ملحة مثل تعقيدات الخط الهمايوني المتعلقة ببناء وترميم الكنائس فلا يستطيع الأقباط ترميم سور أو انقاذ جدار داخل كنيسة إلا بعد الحصول علي الموافقات المعقدة.. أيضا نسبة تمثيل الأقباط في الوظائف المهمة منخفضة للغاية.. الحزب الوطني مثلاً لايرشح أقباطا في الدوائر المختلفة بحجة أن نجاحهم مستحيل وهو مفهوم يكرس الطائفية ويؤكد العنصرية مع أن الحزب الوطني يقوم بتقفيل الصناديق وتزوير الانتخابات وبالتالي يمكنه بالمرة أن يزورها لصالح قبطي مادام التزوير هو شعاره السائد في الانتخابات. سادسا: في المقابل يقع بعض الأقباط في أخطاء فادحة تتعلق باللجوء إلي الخارج أو الاستقواء بالغرب والأمريكان وهو المنهج الذي تقوده معظم تنظيمات أقباط المهجر وينجذب إليه بعض المسيحيين في الداخل وهذا الأسلوب يخرب العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، حيث يعطي المسلمين شعوراً بأن الأقباط مرتبطون بالخارج وأنهم لا يلجأون للقانون المصري وأنما للحماية الأمريكية، الأمر الذي يباعد بين المسلمين والمسيحيين ويساهم في إشعال الفتنة. سابعا: يقع بعض الأقباط أيضا في خطأ آخر وهو اللجوء إلي الكنيسة عند الأزمات بدلاً من اللجوء إلي مؤسسات الدولة أو إلي القانون وهو مسلك طائفي يزيد من نار الفتنة الطائفية ويجعل المقابل له أن يلجأ المسلم إلي المسجد وإلي الفتاوي الدينية.. وقد أثبتت قضية وفاء قسطنطين خطورة هذا الاتجاه الذي يمزق الوطن.. لذلك أنزعجت جداً من لجوء المتظاهرين الأقباط الغاضبين إلي الكنيسة مساء يوم الأربعاء الماضي فالخطر هنا.. اللجوء إلي القانون ومؤسسات الدولة هو الحل.. والأخطر أنهم رددوا هتافات تصلح للحروب الأهلية ولايجب استخدامها أبداً في مصر مهما كان حجم الغضب المشروع مثل: ياكنيسة ياقيادة إحنا جاهزين للشهادة، ما الذي نتوقعه إذن لو رفع مسلمون في المقابل شعارات الاستشهاد لمواجهة تهديدات الأقباط.. المسيحيون سيحصلون علي حقوقهم بالقانون وليس بالتلويح بالشهادة، ولذلك كان البابا شنودة أكثر حكمة ونجح في تهدئتهم. ثامناً: يقع بعض الأقباط في فخ «تضخيم الحوادث» انطلاقاً من الشعور بالاضطهاد،.. مثلاً إذا هربت فتاة مسيحية مع شاب مسلم أحبها صرخوا قائلين: خطفوها لإدخالها في الإسلام مع أنهم يعلمون أن القضية عاطفية لا علاقة لها بالهلال أو الصليب.. بالمسجد أو الكنيسة وترتاح العائلة لهذا التفسير، لأن هروب البنت بدافع الحب عار أما اختطافها لإدخالها في الإسلام فيحول العار إلي قضية سياسية وأمنية، وصادف أنني كنت أول من فتح هذا الملف وناقشه صحفيا وتليفزيونيا، وتجمعت لدي عشرات القضايا المتعلقة باختفاء مسيحيات بدافع الحب والعكس أيضا موجود، أي اختفاء مسلمة أحبت مسيحياً بدافع الحب وخرجت بنتيجة مفادها أن 95% من حوادث الاختفاء ترجع إلي العاطفة ولا علاقة لها بالدين.. وبمجرد أن ناقشنا هذه القضية وأخرجناها من الخفاء إلي العلن ومن الظلام إلي النور وتحدث معظم الهاربين بعد ذلك وأكدوا أن القضية عاطفية وطلبت معظم العائلات مني عدم مناقشة قضايا اختفاء بناتهم لأنهم يفضلون ألا تظهر الحقيقة، وهي أن القضية عاطفية بعد أن أقنعوا الناس بأنها قضية اختطاف طائفي بهدف الأسلمة، التضخيم هنا خطر ولعب بالنار والأفضل وضع الحوادث والأزمات في حجمها الحقيقي. تاسعاً: انطلاقاً مما سبق يقع الأقباط في خطأ جسيم آخر وهو عدم الاعتراف بالتفسير العاطفي والجنسي لحوادث الفتنة الطائفية ودللت علي ذلك بحوادث الهروب العاطفي التي تتحول إلي فتنة طائفية، هناك أيضا فتنة طائفية تنطلق من حوادث الشرف.. هناك ألعاب جنسية وصبيانية للمراهقين تتحول إلي فتنة طائفية.. توزيع «سي دي» جنسي لشاب مسيحي يعتدي علي فتاة مسلمة أشعل الفتنة في ديروط كذلك لايمكن بأي حال من الأحوال فصل قضية اغتصاب فتاة مسلمة علي يد قبطي في فرشوط عن مذبحة نجع حمادي.. والربط بينهما لايعني أبداً أننا نعطي مبرراً للقتلة والارهابيين الذين ارتكبوا المذبحة، لأن واقعة الاغتصاب لاتنفي وجود فتنة طائفية نائمة استيقظت وانطلقت من قضية جنسية وإجرامية والمذابح والفتن الطائفية تحتاج إلي شرارة.. الذين يحاولون فصل الحادثتين.. الاغتصاب والمذبحة لايريدون حلولاً واقعية.. الاخفاء ليس حلاً، لأننا نريد أن نستفيد من المصائب والأزمات بدون رتوش أو تجميل.. لو اجتمعت الدولة بمؤسساتها وذهبت برجالها إلي نجع حمادي لاقناع الناس بأن المغتصب مجرم سيعاقب بموجب القانون وأن انحرافه لا علاقة له بالهلال أو الصليب لما حدثت المذبحة أو علي الأقل لتم احتواء الفتنة الطائفية.. ثم إن واقعة الاغتصاب تزامن معها الحديث عن صور لفتيات مسلمات علي موبايلات المسيحيين حسبما اعترف مرتكبو المذبحة. في كل الأحوال نحن إذن أمام ألعاب صبيانية وجنسية للمراهقين والمراهقات وأمام أمراض جنسية وحوادث إجرامية لا علاقة لها بالدين ولكنها تستغل لإشعال الفتنة. عاشراً: أعضاء مجلس الشعب يلعبون بنار الفتنة الطائفية من أجل المكاسب الانتخابية والمصالح السياسية.. لايهمهم إلا حصانة مجلس الشعب حتي لو احترق الوطن.