قتحمت الثورة التكنولوجية الهائلة كل مناحي الحياة المعاصرة ، فلم يعد بإمكان أحد الاستغناء عن الهاتف المحمول الذي تخطت إمكانياته قدرات الكمبيوتر المحمول، كما أصبحت ثلاجات البيت الحديث موصلة بالإنترنت لطلب ما ينقصها من مواد غذائية من السوبر ماركت ، فضلا عن أن أجهزة التلفزيون الحديثة صارت تتمتع بإمكانيات تقنية متطورة ساهمت بقوة في استعادة عرشها الذي سلبته منها أجهزة الكمبيوتر. وعلي الرغم من هذا التطور التقني المذهل ما زالت تقنيات وسائل الترفيه داخل السيارة تقنيات قديمة لا تساير هذه التقدم التكنولوجي الذي بات أحد أهم معالم العصر الحديث. ويوضح رالف هيرتفيتش رئيس فريق التطوير بشركة مرسيدس - بنز عملاق صناعة السيارات الفارهة في العالم السبب في ذلك ويقول بأنه يعود إلي اختلاف مراحل التطوير وبطء معدلات نقل البيانات في التقنيات المستخدمة في السيارات. وفي هذا السياق يؤكد خبراء السيارات أن صناعة السيارات لن تقف مكتوفة الأيدي، وإنما ستسعي جاهدة إلي مواكبة أحدث التقنيات في عالم الترفيه والمتعة ؛ إذ ستشهد أنظمة الملاحة مزيدا من التطوير ، كما ستصبح أنظمة المعلومات والترفيه موصلة بالإنترنت أكثر من ذي قبل مع العمل علي تيسير طرق الاستعمال، فضلا عن التوسع في استخدام أنظمة الأوامر الصوتية. وتعتزم بعض شركات السيارات تزويد موديلاتها الجديدة بأنظمة ملاحة وأنظمة معلومات وترفيه موصلة بشبكة الإنترنت وذات وحدات عرض واستعمال سهلة الاستخدام. من بين تلك الأنظمة نجد نظام ماي كوماند ونظام مبتكر للغاية سيظهر خلال خمسة أعوام حيث إنه من المقرر أن يشتمل علي وظائف حديثة ومتطورة للغاية تقدم لقائد السيارة مزيدا من المعلومات وتجعله علي دراية تامة بكل ما يحدث علي الطريق ، فبجانب أحدث الخرائط سيقوم هذا النظام بعرض صور بالقمر الصناعي توضح لقائد السيارة أماكن التكدس المروري ومواقع العمل بالطريق. وبالإضافة إلي ذلك سيتم ربط الخرائط بقواعد بيانات تتيح لقائد السيارة معرفة أقرب محطات التزود بالوقود وأسعار البنزين وكذلك أقرب الجراچات وعدد أماكن الانتظار بها. كما سيتضمن نظام المعلومات والترفيه جميع محطات الراديو علي الإنترنت وسيتيح لقائد السيارة إمكانية إجراء الاتصالات الهاتفية بأسعار مناسبة بفضل تقنية "نقل الصوت عبر الإنترنت" كما سيتمكن الجالسون علي المقاعد الخلفية من تصفح شبكة الإنترنت أثناء الرحلة. ومن الأنظمة التي تعد خطوة مهمة علي درب تجهيز السيارات بأحدث تقنيات المعلومات نظام أوتو لينك الذي قامت شركة "كونتيننتال" الألمانية الرائدة في مجال الصناعات المغذية لصناعة السيارات بتطويره. وتتمثل مهمة هذا النظام المبتكر في ربط السيارة بالإنترنت عبر الهاتف الجوال. وبذلك تتاح لقائد السيارة إمكانية الحصول علي المعلومات والخدمات التي تساعده وتمكنه من قضاء أمتع الأوقات أثناء القيادة. ومن ناحية أخري يقول المتحدث باسم شركة "كونتيننتال" التي تتخذ من مدينة شفالباخ بغرب ألمانيا مقرا لها أنه بفضل هذا النظام المتطور للغاية سيصبح بإمكان قائدي السيارات مراقبة بعض وظائف السيارة والتحكم فيها عبر هاتفهم الجوال وكذلك مراقبة الحالة العامة للسيارة. وفي هذا الإطار تشير المتحدثة باسم شركة "بي إم دابليو" إلي أن أنظمة الملاحة ستستخدم في المستقبل علي نطاق أوسع ، لا سيما بغرض مراقبة السيارة. فبفضل نظام الملاحة سيكون بمقدور قائد السيارة تحديد أسلوب القيادة الملائم لمواقف القيادة المختلفة ، وعلي سبيل المثال يمكن لقائدي السيارات الهجين إيقاف عمل البطاريات الكهربائية لتوفير الطاقة إذا أخبره نظام الملاحة بأن أمامه طريق منحدر ، في حين يستطيع قائدو السيارات ذات محركات البنزين زيادة قدرة المحرك إذا ما ظهر لهم علي شاشة نظام الملاحة بيان يطلعهم علي اقترابهم من دخول طريق سريع. وكي يستمتع قائد السيارة ومرافقوه أثناء القيادة تم تجهيز أنظمة المعلومات والترفيه بشاشة ذات تقنية حديثة ومتطورة للغاية ؛ ألا وهي الشاشة الثنائية. وعن كيفية عمل هذه الشاشة المبتكرة يقول "مايك موهان" رئيس فريق التطوير بشركة چاجوار البريطانية إنها عبارة عن شاشة مقسمة إلي قسمين لتتيح إمكانية مشاهدة حدثين في نفس الوقت. فبينما يتابع قائد السيارة الخريطة التي يظهرها له نظام الملاحة علي أحد قسمي الشاشة، يشاهد الراكب الأمامي فيلما أو أغنية أو برنامجا علي القسم الثاني من الشاشة، علما بأن الصوت سيخرج حينئذ عبر سماعات الرأس. وكلما زادت الوظائف التي يتيحها نظام المعلومات والترفيه، زادت صعوبة استعمالها. ومن هذا المنطلق تعكف الشركات المنتجة للسيارات التي تجهز سياراتها بهذه البرمجيات المتطورة علي إيجاد حلول من شأنها تيسير استعمال هذه التقنيات الحديثة لتحقيق الاستفادة المرجوة منها. فها هي شركة لكزس اليابانية الشهيرة تلجأ إلي حل مبتكر للغاية كسرت به القوالب الجامدة التي تسيطر علي طرق استخدام أنظمة المعلومات والترفيه في السيارات، فبدلا من المفتاح الذي يتم إدارته أو الضغط عليه أو بدلا من شاشة اللمس قامت لكزس بتجهيز الموديل الأمريكي من الطراز "HS 250h" بنظام معلومات وترفيه مزود بجهاز تأشير في الكونسول الأوسط عبارة عن فأرة كمبيوتر "ماوس" معدلة، حيث يعتمد جهاز التأشير هذا علي "كرة تتبع" يمكن لقائد السيارة بواسطتها تحريك المؤشر علي الشاشة والتصفح عبر القوائم باستخدام زري الماوس. ومن ناحية أخري يؤكد "أليكساندر هوبر" عضو فريق التطوير بشركة "بي إم دابليو" علي أن الأوامر الصوتية هي مستقبل استعمال أنظمة المعلومات والترفيه في السيارات. ويدعم هوبر وجهة نظره بقوله إن أزرار ومفاتيح الاستعمال مناسبة جدا عندما تكون السيارة متوقفة، أما أثناء القيادة فهي غير مناسبة بالمرة، إذ يتسبب استعمالها في تشتيت ذهن قائد السيارة أثناء القيادة ، حيث يجب عليه أن يمسك عجلة القيادة جيدا ،حتي لا يتعرض لخطر حوادث الطرق. ومن هذا المنطلق عمدت شركة "بي إم دابليو" إلي تحسين نظام الأوامر الصوتية التي تجهز بها سياراتها وأضافت إليه في طرازات العام القادم خاصية "الإدخال المباشر". وبمجرد تشغيل هذه الخاصية بضغطة واحدة علي الزر المخصص لها بعجلة القيادة يستطيع قائد السيارة مثلا تحديد "الوجهة" لنظام الملاحة بكل سهولة ويسر ، حيث يكفي تحديد الوجهة بجملة واحدة فقط ودون الحاجة إلي إدخال اسم المدينة والشارع ورقم المنزل. ويشير السيد "روبرت هاين" عضو فريق التطوير بشركة "بي إم دابليو" إلي أن فريق التطوير بالشركة يعكف حاليا علي تطوير نظام الملاحة بحيث يمكن الاستغناء عن ضرورة تحديد قائد السيارة للوجهة، إذ سيكون بإمكان نظام الملاحة التعرف علي خصائص حركة جسم قائد السيارة لتحديد وجهة الرحلة. وفيما يعد تطورا مذهلا في مجال أنظمة المعلومات والترفيه التي يتم تزويد السيارات بها قامت شركة "بي إم دابليو" بتجهيز الطراز الخاص من السيارة ميني الشهيرة "Camden" بنظام المعلومات والترفيه "Mission Control" الذي يتضمن أكثرمن 1500 نص صوتي يغطي 120 موضوعا مختلفا أثناء القيادة. ومن أمثلة المهام التي يضطلع بها هذا النظام تحية قائد السيارة وتوضيح كيفية عمل نظام تشغيل وإيقاف المحرك وتنبيه السائق إلي تذكر موعد صف السيارة للانتظار. ويعترف السيد "فابريس بارادو عضو فريق التطوير بأن هذا الأمر يبدو ضربا من الخيال ، إلا أنه يؤكد علي أن هذا النظام يقدم يد العون لقائد السيارة في مختلف مواقف وظروف القيادة التي يمر بها، فهو يتضمن علي سبيل المثال العديد من النصائح والإرشادات التي تهدف إلي القيادة الآمنة وتحقيق اقتصادية الأداء.