محافظ الغربية يتابع ميدانيًا تطوير ورصف شارع فلسطين بزفتي    وزيرة التنمية المحلية ومحافظ قنا يتفقدان مشروع تطوير كورنيش النيل بتكلفة 300 مليون جنيه    ترامب وحدود التراجع الديمقراطى فى أمريكا    العراق تانى مرة    استشهاد طفل إثر انفجار مخلفات الاحتلال في غزة    توروب يعلن قائمة الأهلي لمباراة سيراميكا كليوباترا    لخلافهما على ثمن تليفون.. شاب ينهي حياة صديقه طعنا بكفر الدوار    احتفالية فنية ب أم كلثوم في الأكاديمية المصرية بروما    هيئة الاستعلامات: صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل تجارية بحتة وفق اعتبارات اقتصادية    نقيب المهندسين ومحافظ الأقصر يشهدان توقيع بروتوكول مشترك    بيلاروسيا تعلن نشر صاروخ أوريشنيك الروسى الفرط صوتى على أراضيها    محاربة الشائعات    نازك أبو زيد: استهداف الكوادر الصحية والمستشفيات مستمر منذ اندلاع الحرب في السودان    نازك أبو زيد: الفاشر وكادوقلي والدلنج على شفا المجاعة بسبب الحصار    جدول امتحانات الفصل الدراسى الأول لطلاب النقل والشهادة الإعدادية بالجيزة .. اعرف التفاصيل    تقرير: برشلونة لم يتوصل لاتفاق لضم حمزة عبد الكريم    وفد الأهلي يسافر ألمانيا لبحث التعاون مع نادي لايبزيج    الأهلي يرفض بيع عمر الساعي ويقرر تقييمه بعد الإعارة    «التضامن» تشارك فى احتفالية ذوى الإعاقة    الداخلية تضبط سيارة توزع أموالا بمحيط لجان فارسكور    الجيزة: غلق جزئي بمحور أحمد عرابي أعلى محور الفريق كمال عامر غدا الجمعة    أراضى المانع القطرية بالسخنة «حق انتفاع»    المخرج أحمد رشوان يناشد وزارة الثقافة المغربية التحقيق في أزمة تنظيمية بمهرجان وجدة السينمائي    بنك الإسكندرية يحصل على حزمة تمويل بقيمة 20 مليون دولار أمريكي    نازك أبو زيد: الدعم السريع اعتقلت أطباء وطلبت فدية مقابل الإفراج عن بعضهم    إطلاق مبادرة «مصر معاكم» لرعاية أبناء شهداء ومصابي العمليات الحربية والإرهابية    نهائي فيناليسيما..مواجهة مرتقبة بين الأرجنتين وإسبانيا في مارس    أسرة الراحلة نيفين مندور تقصر تلقى واجب العزاء على المقابر    الداخلية تضبط مطبعة غير مرخصة بالقاهرة    جولة الإعادة بالسويس.. منافسة بين مستقلين وأحزاب وسط تنوع سلوك الناخبين وانتظام اللجان    الصحة اللبنانية: 4 جرحى فى الغارة على الطيبة قضاء مرجعيون    قطر تستضيف مباراة إسبانيا والأرجنتين فى بطولة فيناليسيما 2026    صوتي أمانة.. "غازي" عنده 60 سنة ونازل ينتخب بكفر الشيخ: شاركت أنا وعيلتي كلها| صور    قصور الثقافة تنظم زيارة للأطفال ذوي الهمم إلى متحف دار الأوبرا المصرية    الأرصاد: تغيرات مفاجئة فى حالة الطقس غدا والصغرى تصل 10 درجات ببعض المناطق    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    فوز مصر بجائزتي الطبيب العربي والعمل المميز في التمريض والقبالة من مجلس وزراء الصحة العرب    هل تتازل مصر عن أرص السخنة لصالح قطر؟.. بيان توضيحي هام    "هى" تتصدر المشهد الانتخابى فى اليوم الثانى لانتخابات النواب بحدائق القبة    الترويج لممارسة الدعارة.. التحقيق مع سيدة في الشروق    ضبط شخصين يوزعان كروت دعائية وأموال على ناخبين بأجا في الدقهلية    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    الرعاية الصحية: مستشفى الكبد والجهاز الهضمي قدّم 27 ألف خدمة منذ بدء تشغيل التأمين الصحي الشامل    عمرو طلعت يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي التابع لتنظيم الاتصالات    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    الداخلية تضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متنوعة خلال 24 ساعة    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    تشكيل نابولي المتوقع أمام ميلان في كأس السوبر الإيطالي    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن العرب وايران
نشر في صوت الأمة يوم 27 - 02 - 2013

ربما لا يصح حصر قضية العلاقات مع إيران فى خلاف السنة والشيعة، ففى إيران كتلة سنية كبيرة، والطابع السنى هو الغالب فى دول العالم الإسلامى، وفى الأمة العربية بالذات، وهى قلب عالم المسلمين، وأمة القرآن بامتياز، وحاضنة «الأزهر» منارة المسلمين العلمية الكبرى، وقد أفتى الأزهر قبل خمسة عقود بجواز التعبد على المذهب الشيعى الجعفرى، تماما كمذاهب السنة الأربعة
صحيح، أن بعض عقائد الشيعة مما يجرح نقاء العقيدة الإسلامية، لكن الدين الواحد يوحدنا، فقرآننا واحد، ونبينا واحد، وقبلتنا إلى الصلاة واحدة، ربما الفرق فى اعتقاد الشيعة بالإمامة النصية، وهو اعتقاد تاريخى بأكثر منه اعتقاد دينى، وأقرب إلى أسطورة صنعتها ظروف المطاردة المتصلة للشيعة من دول الخلافة الإسلامية، وهو ما ألجأ الشيعة إلى «التقية»، وإلى بناء عالم مواز حول فكرة الإمامة الشرعية، وخلق طبقة من رجال دين لا يعترف بها صحيح الاعتقاد الإسلامى، ثم إنه فاقم عادات مذمومة فى أوساط بعض الشيعة، كسب الصحابة أو ذم السيدة عائشة أم المؤمنين، وهى العادات التى يتبرأ منها عقلاء الشيعة، وتماما كما تبرأ منها الإمام على بن أبى طالب فى قولته الشهيرة خلال حروب الفتنة الكبرى، فقد قال الإمام العظيم واصفا حربه مع مخالفيه: «لقد التقينا، وربنا واحد، ونبينا واحد، ودعوتنا إلى الإسلام واحدة»، فلم يكن الخلاف دينيا أبدا، بل كان خلافا فى السياسة وشئون الحكم.
والخلاف أو الاتفاق مع إيران يجب أن يكون سياسيا لا دينيا، ولا يقع فى خية سياسة «فرق تسد»، ولا ينزلق إلى مشاحنات مذهبية رذيلة، ومع الحرص العربى طبعا على الانتصاف لأهل السنة والجماعة فى إيران، وطلب المساواة الكاملة لهم فى حقوق المواطنة والاعتقاد والعبادات، ليس فقط لأنهم من السنة، بل لأن غالبهم عرب يعانون من التسلط القومى الفارسى، ويطمحون إلى التحرر من ربقة الاستيلاء على أراضيهم ومقدراتهم، ومحاولات محو هويتهم القومية، ومأساتهم أسبق بالطبع من نشوء الدولة الإسلامية الشيعية فى إيران، وتماما كمأساة استيلاء شاه إيران على جزر الإمارات العربية الثلاث، فالخلاف قومى وليس طائفيا، وهذه فيما نظن هى البوصلة الصحيحة، والتى تصحح النظرة للشيعة فى الدول العربية، فهم عرب قبل وبعد كل شىء آخر، فشيعة إمارات الخليج والسعودية عرب كالسنة تماما، وشيعة البحرين عرب، والشيعة فى العراق عرب عاربة لا مستعربة، وخطيئة إيران فى العراق هى التنكر لعروبة الشيعة فيه، والتعامل معهم كأنهم من رعايا دولة الفرس، وهو سلوك احتلالى وعدوانى بامتياز، أغرى به الفراغ الذى خلفه الغزو الأمريكى للعراق، واستمسكت به إيران لمنع نهوض العراق وتأكيد عروبته الجامعة من جديد، وإذا كانت السياسة الإيرانية «الإسلامية» تكثر من استخدام تعبيرات كالاستكبار والاستضعاف، فإن ما تمارسه إيران اليوم فى العراق هو استكبار وصلف استعمارى، وسحق لهوية شيعة العراق القومية العربية، وحجزهم بدواعى الذهب والسيف عن الالتحاق بثورة العراقيين الجارية، والهادفة لتحرير وطنهم، وإعادة بناء دولتهم التى حطمها الاحتلال، وبالطبع، فليس المجال هنا لمناقشة مصير ثورة العراق المنتصرة بإذن الله، بل لإيضاح الطبيعة القومية لا المذهبية للخلاف مع إيران، فهى أى إيران دولة الفرس لا دولة الشيعة، والمعروف أن إيران الحالية دولة متعددة القوميات، لا يشكل الفرس فيها سوى أربعين بالمئة من السكان، وهم يتسلطون على القوميات الاخرى فى إيران كالعرب والكرد والبلوش والأوزبك وغيرهما، لكن غالب أهل إيران من الشيعة دينيا، وهو ما يجعل من «التشيع» و«المذهبية الشيعية» عنصرا مفيدا فى التماسك الداخلى بأكثر من الإعلان الصريح للقومية الفارسية، أى أن القصة فى إيران اليوم لا تعدو جعل «التشيع» قناعا للتعصب الفارسى.
نقول ذلك حتى يستبين المغزى القومى للتمدد الإيرانى، وفى ظروف فراغ موحش ساد المنطقة بعد انهيار المشروع القومى العربى قبل عقود، فقد تحولت المنطقة العربية طويلا إلى ما يشبه «الربع الخالى»، وتمدد المشروع الأمريكى الإسرائيلى مسيطرا فى العواصم وقصور الحكم، ولم يجد فى المقابل منافسا غير المشروع الإيرانى، والذى يلبس قناع التشيع، ويبدو مفيدا فى دعم حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية بالقلب العربى، لكنه يبدو مدمرا عند الأطراف، وخاصة فى العراق المبتلى باحتلال إيرانى فعلى، وبتحكم طهران فى حكومة الدمى ببغداد، وهو ما لا تصح مواجهته بغير نزع القناع الطائفى، وإبراز الطابع القومى الجامع للسنة والشيعة العرب، وليس بالوقوع فى فخ تأجيج المعنى الطائفى المفتعل، ولا حل بغير أن تكف إيران عدوانها القومى الفارسى، وبالاختيار أو بالإجبار، فليس من مصلحة إيران على المدى المتوسط والبعيد أن تواصل سيرتها العدوانية فى العراق، أو أن تفرض الوصاية على سوريا، أو أن تجعل من القومية العربية الجامعة عدوا مستديما، خاصة أن شعوب الأمة العربية تستيقظ الآن، وتتوالى ثوراتها المأزومة فى المدى القريب، والمنتصرة بإذن الله فى المدى المتوسط والبعيد، وبعد أن تتخلص من شوائب طائفية علقت فى زمن المحنة العربية الكبرى، وتبنى مشروعها للنهوض والتوحد والاستقلال، فقد بدت صورة إيران مضيئة لسنوات، وكان السبب ظاهرا، فقد دخلت فى صدام مع المشروع الأمريكى - الإسرائيلى المسيطر، لكن نهوض مشروع عربى يجعل الأمر مختلفا، ويجعل إيران فى موضع الخاسر لو ظلت على سيرتها غير المكترثة بالعرب، ويخلق خصومة لا تفيد الفرس ولا العرب، فلا يضيرنا كعرب أن تكون إيران دولة قوية، وكل ما يضيرنا أن تكون دولة معتدية على حقوقنا، ولو كفت إيران عدوانها المتصل فى العراق بالذات، فسوف تجد ظهيرا شعبيا عربيا لحقوقها كدولة جوار جغرافى وامتداد إسلامى، فلا أحد ينكر أن إيران الإسلامية حققت تقدما هائلا فى المشروع النووى والصناعات العسكرية بالذات، ولا أحد ينكر أنها حققت تطورا علميا ممتازا، وبفضل التخطيط الاستراتيجى السليم، وتوافر الموارد المالية الكبيرة، وهو ما قد يصح أن تهتدى به أقطار عربية وقعت فريسة التخلف، لكن نظام الحكم فى إيران مما لا يصح أن يهتدى به أحد، وتغييره مسئولية الشعب الإيرانى وليس مسئوليتنا، تماما كما أنه ليس من حق طهران توجيه النصح لثوراتنا الفريدة، فثورات العرب الجديدة شىء مختلف بالجملة عن ثورة إيران القديمة.
نشر بتاريخ 25/2/2013 العدد 637


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.