· منظمات أقباط المهجر تروج للفيلم علي مواقعها · التقنية الفنية والمادية العالية تكشف الجهات الصانعة للفيلم جرت العادة عندما يهاجم أي أحد أي دين أو حتي عقيدة انسانية فإنه يستر نفسه مدعيا إنه يهاجم سلوكيات معتنقي هذا الدين، ويربأ بنفسه عن مهاجمة الدين بذاته .. إلا في حالة "يوتا" المزعوم منتج فيلم "فتنة محمد" فهو يؤكد أنه لا يحمل خصومة أو ضغينة لأي مسلم ولكنه ضد الإسلام نفسه، بل ويزعم أن المسلمين مضطرون أن يكونوا دمويين وإرهابيين لا لشيء إلا لأن هذه هي طبيعة دينهم فهو يعتبر أن المسلمين ارهابيون لأنهم ضحايا تعاليم دينهم ! وهذا ال"يوتا" أو المتستر خلف هذا الاسم انتح شريطا مرئيا اسماه فيلم "فتنة محمد" ويقول إنه رد علي كتاب د . محمد عمارة (الفتنة الطائفية متي - وكيف - ولماذا) وهو الكتاب الذي أثار الكثير من الجدل ليس محله هنا، ولكن اللافت أن "يوتا" يعتبر هذا الفيلم انتصارا لحقوق الاقباط المضطهدين في مصر، في حين أن الفليم كله باستثناء آخر 5 دقائق لم يتعرض لأي قضية قبطية مصرية أو حتي دولية ! فالفيلم يعمل فقط علي إدانة الإسلام ويخلط بتعمد بين المقاومة العربية المشروعة ضد الهجمة "الصهيو أمريكية" وبين أي ممارسات ارهابية روجت لها ادارة بوش في اطار تبريرها للنزعة التوسعية وهي ما أسمته الحرب علي الارهاب ويعتمد في ذلك علي الفبركة التي توفرها التقنيات الحديثة من جرافيك ومونتاج وغيرها بالاضافة إلي التجهيل المتعمد فأنت تري اشخاصا يقتلون اشخاصا آخرين بدون أن نعرف من أولئك أو هؤلاء ولكنه طبعا يعتبر القتلة هم الإسلاميون ويضع الخلفية الصوتية لاجزاء من القرآن الكريم، فآيات الجهاد أو الآيات التي تتحدث عن عقاب قطاع الطرق والمفسدين في الارض نزعت من سياقها لتكون مبررا يراه صانع الفيلم للقتل والترويع. نري أيضا رسوما غير واضحة ويكتب علي الشاشة "محمد يقطع رءوس الكفار" ثم أحد الاصوات يقول أن رسول الاسلام قطع بيديه مابين 600،900 رأس من يهود بني قريظة ويربط بين ذلك وبين مايقوم به من اسماهم المجاهدين في العراق عندما يقطعون رءوس الرهائن .. في العمليات التي تفتعلها المخابرات الامريكية واعوانها لتشويه صورة المقاومة وتسمع من يقول انهم يحذون حذو رسولهم. مشهد آخر يورد مقاطع من خطب الشيخ متولي الشعراوي وبعض أئمة المساجد في دعائهم علي الكفار ويضع ذلك باعتباره تحريضا علي الارهاب من أئمة الإسلام لتطبيق صحيح الإسلام كما يراه صناع الفيلم وهو القتل والتمثيل بالجثث. حتي اللقاءات التليفزيونية لم يتركها "يوتا" فنشاهد مجدي مهنا في برنامجه الشهير يوجه سؤالا لمحمد عمارة عن قتل من هو غير مسلم وطبعا يقطع "يوتا" المشهد قبل أن يرد عمارة لانه ببساطة ليس فيلما إنما هو عملية "مونتاج" كبري قامت بها جهة ذات امكانيات تقنية ومادية عالية جدا. ولأن الفيلم موجه اساسا إلي العقل الغربي فنلاحظ التركيز علي أحداث مدريد مثلا التي فجرت بها قطارات وأحداث 11 سبتمبر وتظهر صور الضحايا علي خلفية لآيات قرآنية تحث علي قتال المشركين .. وفجأة يقحم مشهدا لأحد التظاهرات الفلسطينية التي تحرق علم "اسرائيل" ، لاحظ الربط بين مقاومة الاحتلال المشروعة بنصوص القانون الدولي، وبين مايريد الفيلم إثباته من دموية الاسلام وارهابه وفجأة أيضا تسمع مذيعا بإحدي الفضائيات يسأل : "هل تقيصدي أن الإسلام هو من بدأ صراع الحضارات؟" وتأتي الاجابة بصوت نسائي تظهر صاحبته علي الشاشة أقل من عشر ثوان : نعم أقصد ذلك !، طبعا لم نعرف من هي هذه السيدة ولم نعرف من هذا المذيع ولا إيه الحكاية أصلا ! ثم يذهب الفيلم لمنطقة أخري تتعلق بتربية الاطفال ونسمع من ينتقد المناهج التي تدرس لاطفال المسلمين فتحضهم علي الارهاب - لاحظ ماتفعله الانظمة العربية المرتبطة بالادارة الأمريكية في ما يسمي "بتطوير المناهج" التي وصلت إلي نزع اسم فلسطين من الخرائط بل ومحاولة انتزاع آيات الجهاد من القرآن الكريم. مشهد آخر لطفلة فلسطينية عمرها 3 سنوات تسألها المذيعة عن اليهود وتجيب الطفلة بأنها تكرههم، وطبعا ارجع الفيلم ذلك إلي عنصرية وارهابية المسلمين الذين يعلمون أولادهم الحقد والكراهية، طبعا لم يوضح الفيلم هل تكون هذه الطفلة مثلا رأت بيتها يدمر أو أهلها يقتلون وربما تكون أخت محمد الدرة الذي قتل بأيد باردة أو علي الأقل تكون شاهدت في قنوات أخري مذابح "قانا" أو "بحر البقر" أو "صابرا وشاتيلا" ناهيك عن مجازر محرقة غز ة الأخيرة، يعترض الفيلم علي كراهية طفلة في عمر الثلاث سنوات لليهود وكأن المفروض انها في هذه السن تفرق بين اليهودية كدين يحترمه الاسلام والمسلمون، وبين الصهيونية كعقيدة سياسية يعتنقها متطرفون يحرقون الزرع والضرع ويروعون الاطفال.. بالعكس أن ما تقوم به آلة الحرب الصهيونية في فلسطين هو من يعلم أطفالنا الكرهية والحقد إنهم يزرعون الارهاب ويطلبون منا أن نباركه. لقطة مسلية حيث تظهر سيدة منفعلة جدا وتسأل : بأي حق تصفهم بالضالين ؟" تقصد نهاية صورة الفاتحة عندما يدعو المسلم ربه ألا يجعله من الضالين.. وهذا الدعاء اعتبره الفيلم عداوة الاسلام لكل ماهو غير مسلم ! بل ويعتبر أن المقصود بالمغضوب عليهم هم "اليهود" والمقصود بالضالين هم المسيحيون.. هنا دخل "يوتا" في باب التفسير وأتي بما لم يأت به الاوائل من المفسرين. طبعا الفيلم نسي قضية الاقباط واضطهادهم المزعوم ولكن لم ينس قضية المرأة التي تهتم بها أمريكا فنشاهد امرأة تتعرض للضرب، لا نعرف من هي ولا لماذا تضرب خاصة أن الضرب من عدة أشخاص في طريق عام وفي الخلفية نسمع صوتا نسائيا يقول : " إنه صراع بين من يعامل المرأة كالبهيمة ومن يعاملها كإنسان" ولا نفهم من هذا الصوت ومخرج الفيلم لا يفهم كيف كرم الاسلام المرأة .. وأنا لا أفهم علاقة هذا الكلام بحقوق الاقباط في مصر. إذا كان صناع هذا الفيلم يقصدون أن المرأة المسلمة مظلومة ومضطهده، فهل يعني ذلك أن المرأة المسيحية في وضع آفضل ؟ هل معاملة الزوجة المسيحية في الريف المصري من قبل زوجها تختلف عن المعاملة الي تتلقاها الزوجة المسلمة لمجرد أنها مسلمة؟.. هل أحد من صناع هذا الفيلم يمكن أن يكون مصريا وعاشر المصريين وشاهد عاداتهم العائلية ؟! * لقد مللنا تكرار أن الاضطهاد في مصر ليس ضد الاقباط ولا المرأة ولا حتي البهائيين، الاضطهاد في مصر لا علاقة له بالدين أو الجنس ولكنه مرتبط بالطبقة المستغلة الحاكمة وأتباعها وحواشيها.. فقتيل تلبانة الذي لقي حتفه من أثر تعذيب الشرطة كان مسلما، بينما ساويرس مسيحيا، فأيهما الذي تعرض لاضطهاد ؟ وبالمثل نري امرأة تقتل في الصعيد تحت سقف منزلها الذي هدمه ضابط شرطة متعمدا وامرأة آخري اسمها مشيرة خطاب أو اسمها فرخندة حسن أو غيرها من الاسماء.. وكلهن نسوة ..ولكن هل هن متساويات في الحقوق؟ انها مسألة مرتبطة بالبعد أو القرب من السلطة والطبقة الحاكمة وليس الدين أو الجنس أو العرق. بعد فاصل التسالي يعيدنا الفيلم إلي المشاهد الدموية والتعذيب وتقطيع اطراف لا تعرف إن كانت تجري في "أبوغريب" أو "جوانتانامو" أو أي مكان علي ظهر البسيطة، ولا نعرف جنسيات ولا ديانة ولا عقيدة من يظهرون علي الشاشة إلا أن اصحاب الفيلم رأوا أن ذلك هو تطبيق لآيات قرآنية تتحدث عن عقاب قطاع الطرق والمجرمين والغريب أنه حتي لم تظهر وجوه أحد من القائمين علي التعذيب أو ضحاياهم ؟ والأغرب أن يخلط كل ذلك ببعض الطقوس الشيعية التي تمارس في مناسبات محددة حيث يقوم الفرد بغرض التطهر بإصابة نفسه تكفيرا عما يراه هو من ذنوب اقترفها.. الفيلم يري ذلك "ارهابا"، فإذا كانت إصابة الانسان لنفسه إرهابا، فماذا عن قتل النفس "الانتحار" التي توجد أعلي معدلاته في مجتمعات لا تدين بالاسلام.. ألا يكون هذا بالمنطق ارهابا مركبا علما بأن الاسلام حرم أن يؤذي الانسان نفسه حتي لوبتدخين سيجارة! ثم يروي الفيلم قصة يقول انها من "صحيح البخاري" تتحدث عن محاصرة "الرسول صلي الله عليه وسلم" واتباعه لبعض اليهود في "المدينة" واخبرهم بضرورة الجلاء إلي خارج "المدينة" واعطاهم مهلة لبيع ممتلكاتهم (لم يصادرها ولم يهدم البيوت فوق رءوسهم بالرغم من أنهم لم يكونوا يحتمون بعلم الأممالمتحدة أو تحت إدارة "الأونروا".. ولكن الفيلم يعتبر أن ذلك التصرف الكريم الحضاري تجاه الأعداء هو ارهاب وعنصريه! ويفضح صناع الفيلم انفسهم أو بالاحري يفضحون من ورائهم عندما يظهر أحد الاشخاص قائلا "إن المسلمين سوف يستولون علي البيت الأبيض لتطهيره ورفع راية الاسلام عليه".. هكذا .. طبعا لأن الفيلم موجه إلي الغرب عموما وأمريكا خصوصا فيحاول إثارة مشاعر الخوف والعداء تجاه كل ماهو إسلامي ويربط بين ذلك وبين المقاومة العربية في العراق وفلسطين محاولا إثبات أن المسلمين متعصبون بدليل أن القرأن يقول أن الإسلام هو خير الأديان.. هل هناك أي دين يقول معتنقوه أنه ليس الأفضل؟ عندما اعتنق الفيلسوف الفرنسي "روجيه جارودي" الاسلام سألوه كيف يعتنق هذا الدين الدموي، فأجاب بأن الاستعمار الذي عانت منه البشرية عدة قرون كان صناعه مسيحيين، والحروب العالمية الأولي والثانية وقنبلة "هيروشيما" وهتلر و.. و .. كلهم كانوا مسيحيين فهل يعني هذا أن المسيحية دين حرب ودمار؟، انتهي كلام "جارودي" واضيف إليه أني شخصيا اعتقد في صحة الديانة اليهودية ولا أنسب إليها أبدا مايقوم به الصهاينة من مجازر سواء في غزة الآن أو علي مدي النصف الأخير من القرن العشرين عندما كانت عصابات "الارجون" و "الهاجاناه" تبقر بطون النساء العربيات، وتقطع اطراف الشباب وتقتل الشيوخ وتهدم البيوت فوق رءوس ساكنيها .. كل هذا هل يمكن نسبته إلي اليهودية؟ هل إبادة الهنود الحمر في القارة الأمريكية أو السكان الأصليين في استراليا، أو استعباد الافارقة وشحنهم مكبلين إلي العالم الجديد كالحيوانات يمكن أن ينسب إلي الديانة المسيحية؟ خطأ منهجي وخلط في الأوراق متعمد أن نحسب سلوكيات أفراد أو حتي حكومات وشعوب علي دين ما أو حتي عقيدة. عندما دهست الدبابات الصينية الطلاب المتظاهرين في "بكين" هل يحسب هذا علي الشيوعية؟.. وعندما كانت أنظمة الموز الديكتاتورية في أمريكا اللاتينية تلقي بمعارضيها الشيوعيين احياء من الطائرات .. هل يحسب هذا علي المسيحية أو علي أي ديانة يمكن أن يكون معتنقها مقترفا لكل الذنوب والآثام؟ * الشيء المستفز الموضح لأغراض الفيلم هو التوقيت الذي صدر فيه متزامنا مع مجازر غزة التي جعلت كل شعوب الارض تدرك هوية النظام الحاكم في "اسرائيل".. حتي أن الحكومة الأمريكية قررت التعاقد مع شركة علاقات عامة لتحسين صورتهما في العالم.. هل هذا الفيلم هو باكورة انتاج هذه الشركة؟ * إن الحرفية التي تم بها انتزاع لقطات من سياقها وتوظيفها في هذا الاطار المسموم تدل علي وجود جهة ذات امكانيات عالية تقنيا وماديا.. الغرض واضح في كل لقطة ومشهد فنجد المعلق يذكر أنه تم تدمير كنيستين في بغداد .. ويتناسي العشرات من المساجد و "الحسينيات" - أماكن عبادة شيعية - وآلاف البيوت والمباني التي دمرت في العراق .. بل يتناسي أن كل هذا الدمار تم بأوامر الجلاد "بوش" المسيحي المتدين الذي يبدأ أي اجتماع أو لقاء بصلاة خاصة يتلوها، معتقدا أنه مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ أهل الارض من الأشرار (الذين يحددهم هو!) وهذا الكلام معروف ومنشور علي لسانه وعلي لسان اعوانه من المحافظين الجدد. هل يتصور أحد أن الفيلم يعترض علي قراءة القرآن باللغة العربية؟ طبعا هذا ليس اعتراضا شكليا ولكنه يكشف الهدف النهائي المقصود وهو الهوية العربية التي تعتبر اللغة من أهم وشائجها، وهذا ينسجم مع الهجمة الثقافية الي نراها حولنا تستهدف هويتنا حتي وصلت إلي القنوات الفضائية التي بالصدفة يملكها نجيب ساويرس والتي تقدم حتي نشرات الاخبار باللغة العامية. * أنا لا اتهم أحدا بأي شيء ولكني أري أن مجرد تنصل الكنيسة من هذا الفعل الدنيء لا يكفي .. فتوزيع الفيلم يتم عبر مواقع الكترونية علي النت يقوم علي أغلبها إناس علي علاقة وثيقة بالكنيسة المصرية وهم في نفس الوقت علي علاقة ربما أوثق بمنظمات وجهات في الخارج تهدف أولا إلي محو الهوية العربية فقضيتهم ليست أقلية مضطهدة كما يحاولون تصديرها في العنوان ولكن القضية الأهم هي محو كل ما يقف ضد المشروع "الصهيوأمريكي" في المنطقة. لأن كل من يكتوي بالنار فعلا من ابناء شعبنا يعرف أن السبب في ذلك أنظمة حكم فاسدة مدعومة من أمريكا وربيبتها اسرائيل، وهذه الانظمة لاتفرق في ظلمها بين مسلم ومسيحي لأن القضية ببساطة ليست قضية دين.. بل قضية طبقة مستغلة وطبقة كادحة، قضية حاكم فاسد ومحكوم ساكت .. وأضرب مثلا علي ذلك بأن جورج اسحق المسيحي كان ممنوعا من السفر مثله مثل مجدي حسين المسلم وغيرهما في حين أن عائلة ساويرس المسيحية أيضا تمتلك طائرة خاصة للتنقل.. الفرق أن ساويرس من الطبقة الحاكمة المسيطرة، بينما جورج يقول "كفاية".. فيتعرض للاضطهاد.