انتهت الجمعية التأسيسية من وضع المسودة النهائية للدستور وقدمتها للدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية والذى يقرر دعوة المواطنين للاستفتاء على الدستور، ولكن هناك العديد من المعوقات ستواجه عملية الاستفتاء، أبرزها: رفض القوات المسلحة الاشراف على أى انتخابات قادمة بما فيها الاستفتاء القادم، ثانيها: اضراب القضاة.. حيث يحدد الاعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 أن الاستفتاء على الدستور يتم فى يوم واحد وتحت اشراف قضائى كامل، وبالتالى فإن هناك مشكلة حقيقية وهى رفض القضاة الاشراف على الاستفتاء، وثالثها: رفض جميع القوى المدنية الاعتراف بمسودة الدستور التى انتجتها الجمعية التأسيسية بسبب الخلاف حول كثير من المواد، فضلاً عن هيمنة السلفيين والإخوان على الجمعية. وكان الرئيس مرسى قد عقد اجتماعاً امنياً مع رئيس الوزراء ووزيرى الدفاع والداخلية لبحث الاستعدادات الخاصة بالاستفتاء على الدستور إلا أن الرئيس فوجئ برفض وزير الدفاع عبدالفتاح السيسى إقحام الجيش فى أى عملية سياسية مرة اخرى، وأن الجيش عاد إلى ثكناته ولن يتدخل فى صراع العملية السياسية. من ناحيته أكد وزير الداخلية أحمد جمال الدين أن الوزارة غير مستعدة الآن لتأمين الاستفتاء، خاصة فى ظل تصاعد الاحتجاجات فى البلاد الآن، وطالب الوزير بإجراء الاستفتاء على ثلاث مراحل حتى يتسنى له توفير القوات اللازمة، إلا أن الاعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس حدد الاستفتاء فى يوم واحد وبعد هذا الاجتماع وحتى يؤمن وزير الدفاع موقفه بالبعد عن صراع العملية السياسية فى ظل الانقسام الذى تعانى منه البلاد حول مسودة الدستور، وأصدرت القوات المسلحة بياناً بأنها بعيدة تماماً عن العملية السياسية وأنها مسئولة عن حماية الشعب، وأمام هذا الخوف قرر مرسى فى الاعلان الدستورى مد عمل الجمعية التأسيسية شهرين حتى يستطيع خلالها دراسة تأمين عملية الاستفتاء، والغريب أن مرسى برر سبب مد عمل الجمعية شهرين بالاستجابة للقوى السياسية للتوافق والعودة إلى الجمعية لصياغة الدستور فى الوقت الذى صدرت فيه تعليمات رئاسية بسرعة انجاز المسودة النهائية للدستور خلال 48 ساعة، مما دفع الجمعية بتكثيف عملها لمدة يومين وعقد جلسات متتالية استمرت حتى فجر يومى الخميس والجمعة وهو ما كشف كذب بيان رئاسة الجمهورية بأن مد عمل الجمعية التأسيسية هدفه التوافق بين القوى السياسية، حيث انتهت الجمعية من اعمالها بعد يومين وليس خلال شهرين بل إنه تم تمرير وسلق 234 مادة بالدستور الجديد فى 13 ساعة. الازمة الثانية والأكبر التى تواجه مرسى فى اجراء الاستفتاء على الدستور هى رفض القضاة الاشراف على الاستفتاء، خاصة أن الاعلان الدستورى يشترط الاشراف القضائى على الاستفتاء، مما يعنى أن هناك أزمة حقيقية ستواجه مرسى فى ظل غضب القضاة. من ناحيته يؤكد المستشار محمد الأسيوطى نائب رئيس محكمة النقض أن القضاة لن يشرفوا على الاستفتاء فى ظل هذا الإعلان الدستورى، الذى هو بمثابة «إعدام دستورى» أعدم به الرئيس جميع سلطات الدولة، وفى ظل عدم رضا القضاة على مسودة الدستور التى تم سلقها، وقال المستشار أشرف ندا رئيس محكمة استئناف القاهرة إن اجمالى القضاة نحو 12 ألف قاض لن يشرفوا على الاستفتاء، وأن مرسى لا يستطيع اصدار اعلان دستورى لأن الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس لا يعطيه الحق، فضلاً عن أن الاستفتاء لابد وأن يتم فى يوم واحد يضعه فى مأزق آخر، وبالتالى فإن القضاة هم المعنيون بالإشراف على الاستفتاء ونحن لن نشرف على الاستفتاء. فيما أكد صبحى صالح القيادى الإخوانى أن القاضى المضرب عن العمل بحجة الاعلان الدستورى عليه أن يترك العمل لأن المحكمة ليست محل بقالة حتى يغلق أى قاض المحكمة فى التوقيت الذى يريده، فأى انتهاك يتحدثون عنه فى الاعلان الدستورى فليراجعوا القوانين ليعلموا أين يقع الانتهاك على السلطة القضائية، وشدد على أن القضاة سيشرفون على الاستفتاء ومن سيمتنع سيحال إلى التأديب وسنطارد القضاة الذين لا يشرفون على الاستفتاء برفع دعاوى قضائية وجنح مباشرة ضدهم، وسهل جداً أن «اعمل قانون» ونستطيع أن نصدر قانوناً نخفض فيه سن التقاضى وهو ما سيؤدى لإقالة العديد من القضاة المحرضين للعصيان، وعلى القضاة المضربين ألا يتقاضوا أجوراً. وقال محمود غزلان المتحدث الرسمى باسم جماعة الإخوان المسلمين إن ما يسمى باضراب القضاة لن يخيفنا، لأن الاستفتاء على الدستور سيجرى فى الميعاد الذى سيعلنه الرئيس مرسى، وهناك نحو 8 آلاف قاض على يقين بأنهم سيشرفون على الانتخابات، وهم قضاة النيابة الادارية وهيئة قضايا الدولة، فضلاً عن أن القضاة الجالسين سيشاركون فى الاستفتاء. وقال جمال جبريل رئيس لجنة نظام الحكم بالجمعية التأسيسية إن إضراب القضاة اصاب المحاكم بالشلل، ومن المتوقع عدم مشاركتهم وفى هذه الحالة، على الرئيس مرسى أن يصدر اعلاناً دستورياً جديداً يسمح بجعل الاستفتاء على مراحل طبقاً لما هو متوافر من القضاة الذين سيشاركون فى الاستفتاء، أو أن يسمح لغير القضاة بالاشراف على الاستفتاء. نشر بالعدد 625 بتاريخ 3/12/2012