سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كاظم أبو الخلف المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة في فلسطين ل"صوت الأمة": الوضع في القطاع شديد التعقيد وبعيد عن أي تعاف حقيقي بسبب الانتهاكات الإسرائيلية
اليونيسيف تحذر: الشتاء تزيد قسوة الوضع الإنساني في غزة 165 طفلاً توفوا لسوء التغذية و19 طفلًا بسبب البرد.. وانهيار شبه كامل للمنظومة الصحية.. و660 ألف طفل فقدوا عامين دراسيين كاملين
بعد مرور نحو 3 أشهر على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، يظل استمرار التدهور الإنساني في القطاع، وتفاقم معاناة الأطفال والسيدات نتيجة الحرب والنزوح ونقص الخدمات الأساسية، ما تبرز تساؤلات ملحة حول حجم الكارثة الإنسانية وحدود الاستجابة الدولية. وللوقوف على واقع الأوضاع الميدانية، والتحديات التي تواجه العمل الإنساني، نجري هذا الحوار مع كاظم أبو الخلف المتحدث باسم منظمة الأممالمتحدة للطفولة «اليونيسف» في فلسطين، للحديث عن صورة المشهد الإنساني اليوم، وأولويات التدخل العاجل لحماية الأطفال وضمان حقوقهم الأساسية. وإلى نص الحوار.. كيف تصف المشهد الإنساني العام في قطاع غزة حاليًا، خصوصًا أوضاع الأطفال والنساء في ظل استمرار القصف والنزوح ونقص المساعدات رغم مرور نحو ثلاثة أشهر على اتفاق وقف إطلاق النار؟ المشهد الإنساني العام في قطاع غزة يمكن وصفه بأنه شديد التعقيد، ولا يزال بعيدًا عن أي تعاف حقيقي، رغم مرور نحو ثلاثة أشهر على اتفاق وقف إطلاق النار، صحيح أن الاتفاق أتاح دخول بعض المساعدات الإنسانية، إلا أن هذه الكميات لم ترقَ إلى المستوى الذي جرى الاتفاق عليه، ولم تكن كافية لتغطية حجم الاحتياجات المتراكمة، ونتيجة لذلك، ما تزال معاناة المدنيين مستمرة، لا سيما النساء والأطفال الذين يتحملون العبء الأكبر من تداعيات القصف المتكرر، والنزوح، وتدهور الأوضاع المعيشية، وقد زاد دخول فصل الشتاء من قسوة الواقع الإنساني، حيث ترافقت الظروف الجوية القاسية مع نقص المأوى ووسائل التدفئة، ما انعكس بشكل مباشر على صحة الأطفال، في ظل تسجيل وفاة نحو 165 طفلًا بسبب سوء التغذية، إضافة إلى 19 طفلًا بسبب البرد والأحوال الجوية، وفق معطيات رسمية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية.
وما أبرز التحديات والعوائق التي تواجه فرق اليونيسف والمنظمات الإنسانية في إيصال المساعدات داخل غزة؟ أبرز التحديات التي تواجه فرق اليونيسف والمنظمات الإنسانية تتمثل في هشاشة اتفاق وقف إطلاق النار ذاته، حيث لا يزال الوضع الأمني غير مستقر، وقُتل منذ سريانه أكثر من 80 طفلًا، ما يعكس خطورة البيئة التي تعمل فيها الفرق الإنسانية، إلى جانب ذلك، فإن كميات المساعدات التي تدخل القطاع لا تتناسب مع حجم الاحتياجات المتنامية، كما أن آلية إدخال المساعدات تخضع لقيود معقدة، إذ تقتصر على عدد محدود من المعابر التي تعمل أحيانًا بشكل متقطع، الأمر الذي يربك عملية التخطيط ويؤثر سلبًا على استمرارية التوزيع، وحتى بعد دخول المساعدات، فإن إيصالها إلى مختلف مناطق القطاع يواجه صعوبات لوجستية وأمنية، ويتطلب تنسيقات قد تقبل أحيانًا وترفض في أحيان أخرى.
حذّرت اليونيسف من ارتفاع خطير في معدلات سوء التغذية بين الأطفال، هل لديك أرقام أو تقديرات حديثة؟ البيانات المتوفرة لدينا تشير إلى وضع مقلق للغاية فيما يتعلق بسوء التغذية بين الأطفال في قطاع غزة، فبحسب تقديرات حديثة، هناك 9,300 طفل لا يزالون يعانون من سوء التغذية الحاد، من بينهم أكثر من ألف طفل في مرحلة سوء التغذية الحاد الوخيم، وهي المرحلة الأخطر التي تهدد حياة الطفل بشكل مباشر، ولا تقتصر خطورة هذه الأزمة على الوفيات فقط، بل تمتد آثارها على المدى الطويل، إذ تؤدي إلى التقزم وضعف جهاز المناعة وتأثيرات صحية دائمة قد ترافق الطفل طوال حياته، ما يجعل التعامل مع هذه الأزمة أولوية إنسانية قصوى.
في ظل النقص الحاد في الغذاء والمياه النظيفة، كيف تعمل اليونيسف على الوقاية من تفشي الأمراض، خاصة بين الأطفال صغار السن؟ الوقاية من تفشي الأمراض في هذا السياق تمثل تحديًا كبيرًا، خصوصًا في ظل النقص الحاد في الغذاء والمياه النظيفة وتدهور خدمات الصرف الصحي، تعتمد جهود اليونيسف على توفير المكملات الغذائية والعلاجات اللازمة للأطفال، إلى جانب برامج متابعة صحية مستمرة، إلا أن فعالية هذه الجهود تتطلب استمرارية العلاج لفترات زمنية كافية، غير أن النزوح المتكرر، والانقطاعات المفاجئة في الخدمات، والقصف المتجدد في بعض المناطق، تؤدي في كثير من الأحيان إلى تعطيل مسار العلاج، ما يعرّض الأطفال لانتكاسات صحية ويزيد من احتمالات تفشي الأمراض، خاصة بين الرضع وصغار السن.
مع دخول فصل الشتاء والطقس البارد، ما خطط اليونيسف لتلبية احتياجات المأوى والتدفئة للأطفال والعائلات النازحة؟ مع دخول فصل الشتاء، كثّفت اليونيسف تدخلاتها لتوفير مستلزمات التدفئة والمأوى، حيث جرى توزيع كميات كبيرة من البطانيات والفرش وملابس الشتاء للأطفال، في محاولة للتخفيف من آثار البرد القارس على العائلات النازحة، ومع ذلك، تبقى هذه التدخلات استجابة طارئة لا ترقى إلى مستوى الاحتياجات الفعلية، إذ إن غياب المأوى اللائق واستمرار النزوح يجعل من الصعب توفير حماية حقيقية للأطفال والعائلات، ويؤكد الحاجة إلى حلول أكثر استدامة تتجاوز المساعدات المؤقتة.
ما أوضاع النساء الحوامل في غزة حاليًا، وما المخاطر الصحية التي يواجهنها؟ أوضاع النساء الحوامل في قطاع غزة بالغة الصعوبة، في ظل تدهور النظام الصحي ونقص الرعاية الطبية الأساسية، تواجه النساء الحوامل مخاطر صحية متزايدة نتيجة محدودية الوصول إلى خدمات المتابعة قبل الولادة، ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية، إضافة إلى الضغط الهائل الواقع على المرافق الصحية العاملة بشكل جزئي، هذا الواقع ينعكس سلبًا على صحة الأمهات والمواليد الجدد، ويزيد من احتمالات حدوث مضاعفات صحية كان من الممكن تفاديها في ظروف طبيعية.
كيف تؤثر الاعتداءات ونقص الإمكانيات على المرافق الصحية وقدرتها على التعامل مع حالات الأطفال والمواليد الجدد؟ الاعتداءات المستمرة ونقص الإمكانيات أدّيا إلى انهيار شبه كامل في المنظومة الصحية في قطاع غزة، فعدد المستشفيات العاملة تقلّص إلى النصف تقريبًا، وهي تعمل بقدرات محدودة للغاية، ما يجعل قدرتها على التعامل مع الحالات الحرجة، وخاصة الأطفال والمواليد الجدد، محدودة جدًا، ونتيجة لذلك، بات عدد كبير من الأطفال بحاجة إلى تلقي العلاج خارج القطاع، في ظل غياب الإمكانيات اللازمة لعلاجهم داخليًا، وهو ما يشكّل عبئًا إنسانيًا إضافيًا على العائلات والمنظومة الصحية على حد سواء.
على الصعيد التعليمي، ما حجم الضرر الذي لحق بالعملية التعليمية في غزة؟ وهل توفر اليونيسف بدائل؟ نحو 640 إلى 660 ألف طفل في سن الدراسة فقدوا عامين دراسيين كاملين، وهو ما يؤكد أن العملية التعليمية في قطاع غزة تعرضت لضرر بالغ، هذا الانقطاع لا ينعكس فقط على التحصيل العلمي، بل يمتد إلى الجوانب النفسية والاجتماعية للأطفال، تعمل اليونيسف على توفير بدائل تعليمية ومساحات تعلم مؤقتة، إلا أن هذه الجهود تواجه تحديات كبيرة، خاصة في ظل الصدمات النفسية التي يعاني منها الأطفال، ووجود أعداد كبيرة من الأيتام والأطفال ذوي الإعاقات الناتجة عن الحرب.
هل تقدم اليونيسف برامج دعم نفسي واجتماعي للأطفال المتأثرين بالصدمات؟ تولي اليونيسف اهتمامًا كبيرًا بالدعم النفسي والاجتماعي للأطفال المتأثرين بالصدمات، من خلال برامج مخصصة تهدف إلى مساعدتهم على التكيف مع آثار الحرب والنزوح، غير أن الوصول إلى جميع الأطفال المحتاجين يظل تحديًا كبيرًا، بسبب النزوح المستمر، وتدمير البنية التحتية، وصعوبة الوصول إلى بعض المناطق، ما يستدعي تعزيز هذه البرامج وتوسيع نطاقها بشكل أكبر.
في الضفة الغربية، حيث تزايدت أعداد النازحين، كيف تقيّمون الأوضاع الإنسانية هناك مقارنة بقطاع غزة؟ الأوضاع الإنسانية في الضفة الغربية تشهد بدورها تدهورًا ملحوظًا مع تزايد أعداد النازحين، وتنامي الاحتياجات الأساسية للأطفال والعائلات، ومع ذلك، تبقى الأزمة في قطاع غزة أكثر حدّة وتعقيدًا، نظرًا لحجم الدمار الواسع، والانهيار شبه الكامل للخدمات الأساسية، واستمرار القيود المفروضة على إدخال المساعدات.
كيف تقيّمون مستوى التعاون الدولي مع اليونيسف في دعم برامجها الإنسانية في فلسطين؟ رغم وجود تعاون دولي مع اليونيسف، إلا أن هذا التعاون لا يزال دون مستوى الاحتياجات المتفاقمة على الأرض، حجم الكارثة الإنسانية يتطلب استجابة دولية أكثر شمولًا وسرعة، تضمن تدفق المساعدات دون عوائق، وتوفير الوقود والمعدات الطبية، وإعادة تأهيل البنية التحتية الصحية والخدمية، من دون ذلك، ستبقى الجهود الإنسانية محدودة الأثر، وغير قادرة على إحداث تغيير جوهري في حياة الأطفال والعائلات المتضررة في قطاع غزة.