اليوم.. أولى جلسات اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام بمقر الأكاديمية الوطنية للتدريب    مدير «تأهيل الخصوص» في «تزوير مستندات ذوي الإعاقة»: «ثغرات التقييم وراء إصدار بطاقات لغير المستحقين»    التصديري للملابس الجاهزة: هدفنا التوسع في الأسواق الأوروبية    باستثمارات 20 مليون دولار.. وزير قطاع الأعمال يتفقد التشغيل التجريبي لمصنع بلوكات الأنود    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    دار الإفتاء توضح حكم ارتداء الأساور للرجال.. متى يكون جائزًا ومتى يُمنع؟    محافظ أسيوط يعلن عن إعادة تأهيل الشوارع والميادين بحي شرق    جامعة بنها تبدأ مرحلة تقييم كلياتها استعدادًا لجائزة التميز الحكومي 2025    سويلم يلتقى وزير الزراعة الموريتانى ضمن فعاليات "إسبوع القاهرة الثامن للمياه    27 مليون دولار وحَملة إعادة إعمار.. بريطانيا تعلن دعمًا لإنقاذ غزة بعد قمة شرم الشيخ    المتحدث باسم بلدية "غزة" يطالب بفتح جسر بري وبحري وجوي لدعم القطاع    أدهانوم: وسعنا من عملياتنا في غزة ولا بد من إعادة تأهيل النظام الصحي بالقطاع    انطلاق اللقاء الأول من فعاليات النسخة الرابعة للمؤتمر الوطني للنشء فى أسيوط    فرانكو دوناتو وأحمد شبراوي ضمن أفضل 10 رماة في العالم    الداخلية توقع بروتوكول تعاون مع الاتحاد المصري للكيك بوكسينج لرفع كفاءة طلاب معاهد معاوني الأمن    سحب 981 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    آمال ماهر نجمة افتتاح مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية ال33    وزير التعليم يجري جولة مفاجئة لمدارس الفيوم    جامعة جنوب الوادي تنظم ندوة حول "التنمر الإلكتروني"    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    «الصحة» تنظم يوما علميًا للتعريف بالأدلة الاسترشادية بمستشفى المطرية التعليمي    الأرصاد: استقرار بالأحوال الجوية وفرص أمطار ببعض المناطق    ارتفاع عدد الوفيات بين تلاميذ تروسيكل منفلوط ل3 أطفال    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 يبدأ يوم 23 الشهر الجاري    مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدا يكشف عن لجنة تحكيم دورته الثانية    سفير فلسطين بالقاهرة: دور مصر محورى فى وقف الحرب ومنع تهجير سكان غزة    تسليم شهادات التحقق من البصمة الكربونية ل6 شركات محلية    رئيس إندونيسيا يؤكد دعمه لاتفاق شرم الشيخ للسلام فى غزة    مدير منتخب مصر يكشف سبب استبعاد أحمد الشناوي عن المعسكرات    ماكرون: الأسابيع والأشهر المقبلة ستشهد هجمات إرهابية وزعزعة للاستقرار    إشادة دولية بالتجربة المصرية في الاعتماد الصحي خلال مؤتمر ISQua الدولي بالبرازيل    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    هل وجود تشريعات لتنظيم منتجات التبغ البديلة يحد من مخاطر التدخين؟    العد التنازلي بدأ.. المتحف المصري الكبير يستعد لإبهار زواره بكنوز الفرعون الذهبي    ثلاثية أبطال أكتوبر في قصر العيني.. بطولات تتجدد بين ميادين الحرب والطب والسلام    تعددية مُؤَسَّسة.. مجلس الشيوخ المصري في دورته الثانية يعيد رسم ملامح الحياة الحزبية    "الوطنية للانتخابات" تعلن الخميس القائمة المبدئية لمرشحي مجلس النواب 2025 وتبدأ مرحلة الطعون    عاجل|الصحة تغلق مركزًا غير مرخص للتجميل في مدينة نصر تديره منتحلة صفة طبيب    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة وفرص ضعيفة لأمطار خفيفة    وزير الصحة يبحث مع نظيرته الألمانية تعزيز التعاون خلال فعاليات قمة برلين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    "قمة شرم الشيخ للسلام" تتصدر اهتمامات الصحف الكويتية    اليوم.. الحكم على 4 متهمين ب"خلية الحدائق"    مصرع شاب إثر سقوطه من الطابق الرابع في الغردقة    أسعار اللحوم اليوم اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025    الكنيسة الأسقفية تؤيد اتفاق شرم الشيخ وتثمن جهود القيادة المصرية من أجل السلام    صحيفة ألمانية: سياسة برلين تجاه حرب غزة أفقدت ألمانيا نفوذها الدولي    تصفيات كأس العالم - رأسية فولتماده تمنح ألمانيا الفوز على إيرلندا الشمالية وصدارة المجموعة    رئيس المجلس الأوروبي: تخصيص 1.6 مليار يورو لدعم السلطة الفلسطينية خلال العامين المقبلين    النادي المصري يُثمن جهود الرئيس عبد الفتاح السيسي لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني    شادي محمد: حسام غالي خالف مبادئ الأهلي وأصول النادي تمنعني من الحديث    وفاة شقيق عبد المنعم إبراهيم .. تعرف على موعد ومكان العزاء    جولة داخل متحف الأقصر.. الأكثر إعجابًا بين متاحف الشرق الأوسط    خالد الغندور: مصر زعيمة الأمة العربية ولها دور فعال فى إنهاء الحرب بغزة    «التعليم» توضح موعد بداية ونهاية إجازة نصف العام 2025-2026 لجميع المراحل التعليمية    توتر داخلي وعدم رضا.. حظ برج الدلو اليوم 14 أكتوبر    «زي النهارده».. وفاة الشاعر والإعلامي واللغوي فاروق شوشة 14 أكتوبر 2016    دولة التلاوة.. تاريخ ينطق بالقرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر.. هندسة التوازن في شرقٍ مضطرب
نشر في صوت الأمة يوم 11 - 10 - 2025

لم يكن خبرُ زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى شرم الشيخ مفاجئًا، بقدر ما كان متسقًا مع مشهدٍ يعيد رسم الشرق الأوسط. ففي لحظةٍ تتقاطع فيها الحروب مع الحسابات، تعود مصر لتؤكد حقيقتها القديمة: أنها لا تتحرك بدافع الصوت المرتفع، بل بدافع الضرورة. وبينما ينشغل الآخرون بتبدّل الخرائط، تظل القاهرة ثابتة على معادلتها الراسخة: أمنها أولًا، واستقرار الإقليم من بعدها.

منذ عامين، حين اشتعلت حرب غزة الأخيرة واهتزّت توازنات الشرق الأوسط، بدت العواصم الكبرى عاجزة عن فرض وقفٍ مستدام لإطلاق النار. غير أن القاهرة، التي تعرف تضاريس النار قبل تضاريس الميدان، عملت بصمتٍ طويل انتهى إلى اتفاق شرم الشيخ — اتفاقٍ جمع إسرائيل وحماس برعاية مصرية، وبتنسيقٍ مع قطر وتركيا والولايات المتحدة.

ولم يكن الاتفاق مجرّد هدنةٍ إنسانية، بل خريطةً جديدة لإعادة توزيع النفوذ والأمن في القطاع. فبين محور نتساريم وفيلادلفي ومعبر رفح، أعادت مصر صياغة خطوط السيطرة، واضعةً نفسها في مركز المعادلة لا على هامشها. لم تسعَ القاهرة إلى الهيمنة، بل إلى منع الفراغ؛ لأن السياسة، كما الجغرافيا، لا تعرف الفراغ طويلًا.

وفي هذا السياق، وجّه الرئيس عبدالفتاح السيسي دعوةً رسمية إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحضور مراسم توقيع الاتفاق، في خطوةٍ تحمل دلالاتٍ سياسية تتجاوز البروتوكول. وقد أفادت قناة "القاهرة الإخبارية"، نقلًا عن وسائل إعلام إسرائيلية، أن ترامب يعتزم عقد قمةٍ عربية–أوروبية خلال زيارته لمصر، لبحث مستقبل قطاع غزة. وإذا ما عُقدت القمة، فستكرّس شرم الشيخ من جديد منصةً للحوار الدولي، بعد أن كانت لعقودٍ عنوانًا للسلام والتفاهم في المنطقة.

أما البنود التي نصّت على إشرافٍ مصري مباشر على حركة المعابر، وتنظيم عودة النازحين، وضمان تدفّق المساعدات، فقد كشفت تحوّل الدور المصري من الوساطة إلى الضمان. فالقاهرة لا ترفع شعارات، بل تشتغل بالمصلحة القومية وحدها، إدراكًا منها أن الاستقرار لا يُصنع بالخطب، بل بإدارةٍ دقيقةٍ للصراع وضبطٍ محسوبٍ لإيقاعه.

ما تفعله مصر اليوم هو التطبيق العملي لمبدأ "الواقعية الدفاعية" في العلاقات الدولية: أن تحمي مصالحك دون أن تستفز الآخرين، وأن تتحرك ببطءٍ محسوب حين يكون الإسراع خطأً استراتيجيًا. القاهرة تعرف متى ترفع الصوت، ومتى تكتفي بأن تُسمع همسها. فهي لا تبيع أحلامًا، بل تشتري وقتًا، وتبني مساحاتٍ للتهدئة وسط صخبٍ يعيد رسم المنطقة.

إن اتفاق شرم الشيخ ليس نهاية جولةٍ دامية فحسب، بل بداية مرحلةٍ جديدة في توازن الشرق الأوسط. مرحلةٌ تديرها القاهرة بعينٍ باردةٍ وعقلٍ يقظ، لا بوصفها حكمًا بين الخصوم، بل كدولةٍ تعرف أن قوتها الحقيقية تكمن في قدرتها على إبقاء الباب مفتوحًا أمام الجميع.

وفي زمنٍ تتنازع فيه القوى الكبرى على التأثير، اختارت مصر أن تكون صوت الاتزان. تراهن على الدبلوماسية لا كترفٍ سياسي، بل كأداةٍ للبقاء. فحين يتحدث الآخرون عن الحرب، تردّ القاهرة بالفعل لا بالضجيج.

ولعلها المرة الأولى منذ سنوات، يعود فيها ميزان الشرق الأوسط ليُوزَن من القاهرة، لا من العواصم البعيدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.