اليوم.. بدء تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب    وزير البترول يكشف تفاصيل الزيادة المقبلة في أسعار الوقود    عاجل- قوائم تبادل الأسرى تكشف أسماء بارزة.. ومصر تكثف تحركاتها لضمان نجاح اتفاق خطة ترامب وتهدئة الأوضاع في غزة    رسائل خاصة من محمد صلاح للاعبين قبل موقعة جيبوتي لحسم التأهل للمونديال    فيريرا يخطر أجانب الزمالك بموعد الانتظام في التدريبات تجنبا للعقوبات    كلويفرت: جاهزون لمواجهة السعودية.. ولماذا تم اختيار حكم كويتي؟    "التعليم": لا إجبار للطلاب على الالتحاق بنظام البكالوريا الجديد    حررت 21 محضرا.. مديرة مدرسة بالبحيرة: طليق بنتي ضربني وسح لني وعايزة حقي (فيديو)    طقس اليوم الأربعاء| تقلبات جوية جديدة.. للقاهرة نصيب منها    حكاية ضريح مسجد سيدي عمر الإفلاقي في دمنهور بالبحيرة (صور)    رئيس الوزراء: مشروع تلال الفسطاط في مراحله النهائية وسيكون أكبر حديقة عامة على مستوى الشرق الأوسط    بوتين: القوات الروسية سيطرت على نحو 5 آلاف كيلومتر مربع في أوكرانيا خلال عام 2025    نتنياهو يهدد: سنستعيد جميع المحتجزين ونقضي على حركة حماس    متحدث التعليم يكشف تفاصيل حافز ال1000 جنيه للمعلمين    اللوتري الأمريكي 2027.. خطوات التقديم الصحيحة والشروط الكاملة    وزير البترول: تطوير التعدين وتعزيز إنتاج الغاز لضمان أمن الطاقة وتحقيق التنمية المستدامة    الأهلي يقترب من التعاقد مع جيث ثورب مديرًا فنيًا للفريق الأول    صراع ثلاثي على صدارة هدافي الدوري الإيطالي قبل التوقف الدولي    محمد عز: فوز الأهلي 2009 على بيراميدز جاء عن جدارة واستحقاق    رياضة ½ الليل| مدرب الأهلي.. الجزيري في السعودية.. تشكيل جديد بالزمالك.. واعتزال الأسطورة    أبرزها مصر وجيبوتي| موعد مباريات اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025.. إنفوجراف    محمد معيط يكشف موعد تعافي الاقتصاد المصري وتحسن الاحتياطي النقدي    إحالة جميع العاملين بمدرسة في كفر الدوار للتحقيق بسبب مغادرتهم قبل المواعيد الرسمية    د. عمرو عبد المنعم يكتب: الإخوان والمزايدة الرخيصة على حماس    هاتف Realmi K9 Pro.. نقلة جديدة بتقنيات تتحدى الكبار    بعد تغيبه من 3 أيام.. العثور على جثة طفل في مقابر الكرنك بقنا    إحالة أوراق مرتكبي " مجزرة ابو حزام" لفضيلة المفتي في قنا    سمير عمر: مصر تقود جهود الوساطة منذ أوسلو وترحب بالدور القطري والتركي والأمريكي    بوتين: الجيش الروسي يسيطر على 5 آلاف كيلومتر مربع في أوكرانيا    حفل إطلاق النسخ المترجمة لكتابى أحمد أبو الغيط «شهادتي» و«شاهد على الحرب والسلام»    حكايات يرويها - سامح قاسم: النصر في عيون السينما والأدب والفن التشكيلي    محافظ الإسكندرية يبحث مع مديرة «اليونسكو» بالقاهرة تعزيز التعاون المشترك    هنا شيحة تتألق في مهرجان "جيلنا".. وتُكرَّم من المركز الكاثوليكي    وجبات عشاء صحية في لمح البصر.. حضّرها في 10 دقائق فقط    إنطلاق المبادرة الرئاسية للكشف عن أمراض سوء التغذية في مدارس قنا    المؤلفان زاك بايلين وكيت سوسمان يكشفان ل"اليوم السابع" كواليس مسلسل Black Rabbit    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 8102025    "لهذا السبب "انقطاع مفاجئ للمياه عن مدينة أسيوط مساء اليوم    حركة حماس: المسعى الإسرائيلي الحصول على الرهائن ثم استئناف الحرب    محافظ الغربية يستقبل نائب وزير الصحة ويؤكد القطاع الطبي يشهد طفرة غير مسبوقة    الطلاب الممنوعون من تطعيمات المدارس بأمر الصحة    هؤلاء ممنوعون من السفر لحج القرعة لعام 2026 (انفوجراف)    محافظ المنوفية يحيل عدداً من المختصين بالزراعة والوحدة المحلية بالبرانية وجريس للنيابة    شحاته السيد عضواً بتحالف اليونسكو للدراية الإعلامية والمعلوماتية    مدبولي: استضافة مصر لقاءات بين حماس وإسرائيل دليل على قوتنا الإقليمية    قبل مغادرته.. البابا تواضروس يُدشّن كنيسة أُنشئت بأمرٍ ملكي في عهد الملك فاروق قبل أكثر من 80 عامًا    رمضان عبد المعز: الإيمان بأقدار الله يُريح الروح ويُهدي القلب    ما حكم سب الدين عند الغضب؟.. أمين الفتوى يُجيب    مجلس جامعة حلوان يستهل جلسته بالوقوف دقيقة حداد على روح رئيس الجامعة الأسبق    توزيع جوائز مسابقة أفضل مقال أو دراسة نقدية حول الأفلام القصيرة جدًا بأكاديمية الفنون.. غدًا    فتح باب التسجيل لقبول دفعة جديدة من الدارسين برواق العلوم الشرعية والعربية بالأزهر    «بصلي وبصوم وبسرق وعاوزة أكفر عن ذنبي».. أمين الفتوى يجيب    بسبب معاكسة فتاة.. إصابة شخصين في مشاجرة بالأسلحة البيضاء في أوسيم    بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم: أحمد عمر هاشم خدم كتاب الله وساند المسابقة    وزير الخارجية يلتقي رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري    محافظ بورسعيد للطلاب: عليكم بالتمسك بالأخلاق الحميدة التي يرسخها الأزهر الشريف    أبرز قرارات المجلس الأعلى لشئون التعليم والطلاب خلال اجتماعه بجامعة السويس    وكيل صحة بني سويف يشيد بدور التمريض: العمود الفقري للمنظومة الصحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشرف مروان.. خدع إسرائيل حيا وميتا
نشر في صوت الأمة يوم 04 - 10 - 2025

أشرف مروان يفجر تل أبيب من قبره بتقارير تكشف كيف تلاعب برجال الموساد
الصحف العبرية تنشر وثائق جديدة عن "الملاك" واستدراجه تسفي زامير ك"الابله" وتنفيذ أكبر خدعة استراتيجية

منذ رحيل أشرف مروان في ظروف غامضة عام 2007، قصته لم ترحل. فهو الرجل الذي جعل إسرائيل تعيش نصف قرن في ارتباك دائم، بين الإنكار والاعتراف، بين الأسطورة والفضيحة.
وفي النهاية، تبقى الحقيقة التي يحاولون الهروب منها بعد نصف قرن وباعترافاتهم أن الملاك لم ينقذهم، بل فضحهم، وأن حرب 6 أكتوبر 1973 لم تكن فقط هزيمة عسكرية لإسرائيل، بل فضيحة استخباراتية كشفت خيبتها أمام العالم.

ضربة موجعة.. سقوط الأسطورة
منذ حرب أكتوبر 1973 وحتى اليوم، لا تزال إسرائيل عاجزة عن حسم روايتها بشأن رجل واحد: أشرف مروان، فهو في نظرهم "الملاك" الذي أغرقهم بالمعلومات، لكنه في نظر المصريين البطل الذي كشف عجز الموساد وأدخل إسرائيل في دوامة أكبر خدعة استراتيجية عرفتها المنطقة.
كلما نشرت الصحف العبرية وثائق جديدة عن القضية، يزداد الغموض، لكن تزداد معه الحقيقة وضوحًا: أن تل أبيب كانت ضحية خداع بارع جعلها تبدو ضعيفة وعاجزة أمام العالم.
الإسرائيليون أطلقوا على مروان لقب "الملاك" واعتبروه "أغلى عملائهم"، فمنذ عام 1970، بدأ يمدهم بفيض من الوثائق والرسائل، حتى اعتقدوا أن رجلهم داخل القاهرة لا يمكن أن يُخدع، لكن ما لم يدركوه هو أن هذا الثقة العمياء كانت الفخ بعينه. فكل معلومة، وكل تحذير، وكل وثيقة، لم تكن سوى خيوطًا في خطة مصرية متقنة قادت تل أبيب إلى لحظة الانكسار في السادس من أكتوبر.

خداع أكتوبر.. أكبر فضيحة استخباراتية
يوم الخامس من أكتوبر 1973، سافر رئيس الموساد تسفي زامير إلى لندن للقاء مروان. التحذير الذي نقله "الملاك" لإسرائيل كان أن الحرب ستندلع مساء السادس من أكتوبر. لكن الحقيقة أن القوات المصرية بدأت هجومها ظهرًا، في وقت لم تكن تل أبيب فيه مستعدة. هكذا وجدت إسرائيل نفسها في مواجهة صدمة مزدوجة: هجوم عسكري مباغت، وكشف استخباراتي مدوٍ جعل أجهزتها تبدو عاجزة أمام الرأي العام.
منذ تلك اللحظة، دخلت إسرائيل في معركة إنكار طويلة. رفضت الاعتراف بأن مروان كان يعمل لصالح مصر، وبدأت تسوّق روايات متناقضة، تارةً ترفعه إلى مرتبة "الجاسوس الأسطوري"، وتارةً أخرى تصفه بالمهووس بالمال أو بالمهووس بالمقامرة.
لكن جوهر المعركة ظل كما هو: تل أبيب لا تريد الاعتراف بأنها خُدعت على يد رجل واحد، لأن ذلك يعني انهيار أسطورة "الموساد الذي لا يُقهر".
التقرير الأخير لصحيفة يديعوت أحرونوت فجّر الغضب مجددًا. عاموس جلعاد، المسؤول الأمني السابق، كتب صراحة: "لقد كنا ضحية خداع استراتيجي مصري، والملاك كان رأس الحربة".
جلعاد طالب بلجنة تحقيق جديدة، مؤكدًا أن نصف قرن لم يُنهِ صدمة أكتوبر، وأن إسرائيل ما زالت تعيش آثار أكبر عملية تضليل في تاريخها. هذه الأصوات ليست سوى اعتراف غير مباشر بأن خيبة تل أبيب في تلك الحرب لا تزال تلاحقها.
وتعلم إسرائيل أن حرب 1973 لم تكن مجرد معركة عسكرية، بل كانت أيضًا معركة رواية، ولهذا تحاول حتى اليوم إعادة صياغة القصة لجيل جديد لم يعش الهزيمة.
ورغم محاولات تل أبيب تسريب "وثائق سرية" وافتعال "روايات بديلة" في محاولة لترميم صورة جيش ودولة سقطت في اختبار المخابرات، لكن الحقيقة تظل أقوى: أشرف مروان لم يكن مجرد رجل، بل كان المرآة التي كشفت عجز تل أبيب وضعفها.

فضيحة جديدة تهز إسرائيل.. "الملاك" استدرج رئيس الموساد مثل الأبله
في تقريرها المثير، اعترفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أن أشرف مروان لم يكن مجرد "مصدر" للموساد، بل كان الفخ الأكبر الذي نصبته القاهرة في قلب تل أبيب. التحقيق وصفه بأنه "الترس المركزي" في خطة الخداع المصرية التي سبقت وأثناءت حرب أكتوبر 1973، مؤكدًا أنه استدرج رئيس الموساد تسفي زامير "كالأبله" وتلاعب به لسنوات طويلة.
التقرير الذي نشر في ملحق "7 أيام" تضمن شهادات خطيرة لم يُسمح بنشرها إلا بعد وفاة الجنرال شلومو جازيت، الرئيس الأسبق للاستخبارات العسكرية. غازيت اعترف بأن مروان زُرع بمهارة داخل المنظومة الإسرائيلية حتى صار محاطًا بالثقة العمياء، ليصبح الأداة الأهم في تضليل تل أبيب قبل "يوم الغفران".
ووفق التفاصيل التي أوردتها الصحيفة، شارك مروان في اجتماعات حساسة في أغسطس 1973 جمعت الرئيس أنور السادات بنظيره السوري حافظ الأسد، حيث تم الاتفاق على موعد الحرب في السادس من أكتوبر. لكن بدلاً من تمرير هذه المعلومة المصيرية للموساد، ضخّ الرجل سلسلة إنذارات متضاربة عن مواعيد أخرى للحرب، مدعومة بتقديرات تُرجّح أن القتال قد لا يبدأ أصلًا.
حتى التحذير الذي أرسله عشية العبور، كان غامضًا ومتأخرًا، ولم يُسعف قادة إسرائيل في الاستعداد للصدمة. والنتيجة كانت هجوم مباغت أسقط أسطورة الجيش الذي لا يُقهر.
ورغم أن الإعلام العبري يواصل وصف مروان ب"أفضل جاسوس عرفته إسرائيل"، فإن التحقيق الجديد يقر بمرارة أنه لم يكن سوى أداة مصرية بارعة في تدمير جهاز الموساد من الداخل وكشف هشاشة أجهزته أمام العالم.

نشكركم لحسن تعاونكم
الدكتور محمد عبود، أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة عين شمس، قال إن ما نشرته الصحافة العبرية مؤخرًا يمثل بمثابة إقرار غير مسبوق بأن أشرف مروان لم يكن مجرد مصدر معلومات، بل كان السلاح الأخطر الذي استخدمته مصر لتضليل إسرائيل قبل وأثناء حرب أكتوبر 1973، مشيراً إلى أن ما تكشفه الوثائق الإسرائيلية الآن لا يفاجئ المصريين، فالمخابرات العامة المصرية لديها سجل طويل من الاختراقات الناجحة داخل إسرائيل، بعضها أُعلن عنه وبعضها لا يزال طي الكتمان، لكن جميعها يشهد على قوة المدرسة المصرية في العمل الاستخباراتي.
وأوضح عبود، أن هناك ثلاث إشارات قاطعة تؤكد وطنية مروان: الأولى جنازته الرسمية التي أقيمت له في القاهرة، والثانية شهادة الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي وصفه ب"الرجل الوطني"، أما الثالثة فتصريحات اللواء عبدالسلام المحجوب، أحد أبرز قادة المخابرات، الذي كشف أنه تولى بنفسه تدريب مروان على تنفيذ خطة خداع ممنهجة لإرباك أجهزة الأمن الإسرائيلية.
وأشار عبود إلى أن اللواء المحجوب عُرف بابتكاره لخطط تعتمد على زرع عملاء داخل منظومة الخصم لكسب الثقة ثم تمرير رسائل مغلوطة تربك صناع القرار. وهو نفس الأسلوب الذي اتبعه في عملية "جمعة الشوان"، التي انتهت بالعبارة الشهيرة: "من المخابرات العامة المصرية إلى المخابرات الإسرائيلية.. نشكركم على حسن تعاونكم معنا."
وأضاف أستاذ الدراسات الإسرائيلية أن فريقًا من الباحثين المصريين المتخصصين في اللغة العبرية، بقيادة الراحل الدكتور إبراهيم البحراوي، ترجموا محاضر لجنة "أجرانات" الإسرائيلية، وهي التحقيقات الرسمية مع قادة الجيش والموساد عقب الحرب. هذه الوثائق، المطبوعة في عشرة مجلدات بالمركز القومي للترجمة، تضمنت اعترافات مباشرة من شخصيات بحجم إيلي زعيرا (رئيس الاستخبارات العسكرية) وتسفي زامير (رئيس الموساد) ورئيس الأركان دافيد إليعازر، جميعها تقر بأن مروان كان جزءًا محوريًا من خطة الخداع المصرية التي أربكت تل أبيب، وأدت إلى خسائر فادحة بلغت 2400 قتيل إسرائيلي وفق الأرقام المعلنة.
ويخلص عبود إلى أن ما يروّجه الإعلام العبري اليوم من روايات متضاربة لا يغير من الحقيقة شيئًا، بل يكرّس صورة واحدة: أن أشرف مروان كان بوصلة خطة الخداع المصرية، ورمزًا لخيبة إسرائيل التي لا تزال تطاردها بعد نصف قرن من الهزيمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.