طالب الدكتور «على الغتيت» أستاذ القانون الدولى والاقتصاد المقارن بمحاكمة السيسى لرئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب ووزير الاستثمار الدكتور أشرف سالمان ولجنة الاصلاح التشريعى لخداعهم الرئيس وتقديمهم له قانونا يحيز التصالح مع رجال الأعمال الفاسدين. وأكد «الغتيت» أن إلغاء العدم عن الفقراء وفى المقابل إلغاء الضريبة على أرباح البورصة بمثابة جريمة، كما كشف عن كارثة بقوله إن العديد من ضباط الشرطة ارتدوا عباءة القضاء مما أدى لأن ينظر هذا القاضى للشخص على أنه مدان حتى تثبت براءته. وحذر «الغتيت» ممن يقدمون أنفسهم على أنهم خبراء استراتيجون ليكشفوا بعض أسرار الدولة عبر ظهورهم فى الفضائيات.. سألناه فى الحوار التالى: ■ بعد مرور عام على تولى الرئيس السيسى للحكم ماذا عن تقييمك لهذه الفترة؟ - هذه ليست فترة رئاسة السيسى ولكنها فترة تكليفه من الشعب لانقاذ الدولة، وهو ما يعد اتفاقا دستوريا بين الطرفين منذ 30 يونيو وحتى 26 يوليو 2014 وقد التزم كلا الجانبين بمجموعة من الاتفاقات الدستورية المقدسة حيث نفذ الرئيس اتفاقه مع الشعب بحماية الدولة، وكذلك الشعب الذى دعم الرئيس بمقاومته وصموده لعدم استمرار الرئيس السابق فى الحكم، ولكن الشعب للأسف سرعان ما تناسى انه كما له حق على الرئيس فعليه واجبات كثيرة تتطلب ضرورة العمل الجاد للنهوض بالدولة ولكن ذلك لم يحدث حيث إن الشعب لم يوف بواجباته كاملة فتحول الجميع إلى متسكعين فى الشوارع ،الوظائف والتعليم والصحة حتى المفكرون اختفوا من الصورة والاعلاميون والمثقفون يثيرون الكثير من التساؤلات اكثر مما يجيبون عليها ويحتدمون فى المواقف ويفرضون آراءهم على الواقع المصرى بما يعيدنا إلى ما سبق على ثورة 25يناير ويتعاملون مع الوضع الحالى كأن النظام السابق لمبارك قد عاد، مما يعمل على تعويق مصر عن الوصول إلى ما تريد، ولذلك لا يمكن محاسبة السيسى بمفرده ولكن لابد من محاسبة الشعب ايضا لانه فى حالة كسل حقيقى عن العمل ويختلق لنفسه المبررات المرضية لما لا يفعل، ومن ثم فقد الغى الشعب نفسه من المشهد بالرغم انه شريك اساسى للرئيس فى ادارة الدولة. ■ ماذا عن محاربة الفساد؟ - المشكلة الحقيقية تكمن فى الفساد العقلى قبل الفساد المالى والاخلاقى وهو ما ينحرف بالفكر المجتمعى عند البعض إلى التطرف من خلال تعامله مع الآخر ويبعدنا عن اصل الخير بالمودة والرحمة التى امرنا بها المولى عز وجل فى كتابه العزيز بصرف النظر عن عقيدة الآخر التى اختارها مع ربه، ولذلك فمحاربة الفساد العقلى من خلال تطوير الخطاب الدينى الذى طالب به الرئيس هى السبيل للقضاء على الفساد فى شتى المناحى لان الفساد مرض عام فى الدولة. ■ هل لدينا من يجيدون تطوير الخطاب الدينى؟ - بشكل عام المجيد فى عمله بلا اخلاق، اما المجيد بأخلاق يهمش فلا يأخذ حقه من الدولة، بضدها تتميز الاشياء وهذه سمة الحكومة فى التعامل مع من يجيدون المهنية فى كافة المناحى، وهو ما يؤكد أن الحكومة بها عناصر تعمل على تهديم كل ما يأمله الشعب لعدم بذل الجهد اللازم للنهوض بالدولة وتحويله من طاقة ايجابية إلى طاقة تخريبية فى المجتمع للتنفيس عن شعوره بالظلم، فهل هذه حكومة. ■ الحكومة نالت من شعبية السيسى لأن الشعب اختاره ولم يختر حكومته، مما يلقى بالمسئولية على الرئيس؟ - بالفعل الرئيس مسئول عن حكومته ولانها فاشلة لابد من اقالتها فورا، ولكن ايضا يجب على الشعب التفرقة بين الحكومة والرئيس لان المسئولية تقع على الحكومة اما المساءلة فهى للرئيس مع ضرورة الاختيار بمعايير الكفاءة حتى لا نتعرض لحكومة فاشلة أخرى !! ■ هل مازال النظام القديم يعمل على تفكيك مفاصل الدولة؟ - بكل تأكيد الثورة لم تقض الا على رأس النظام فقط بخلع الرئيس الأسبق مبارك فى 25 يناير باعتباره الرأس اما باقى الجسد مازال يعمل بكل قوته للعودة مرة اخرى فتغيير الشعب لا يمكن أن يبدأ من الرأس وانما لابد أن يبدأ من الجذر ولذلك اطالب بمحاكمة بعض اعضاء الحكومة الذين كذبوا على الرئيس وغشوه عندما قدموا له مجموعة من التعديلات التشريعية المختلفة فى عدة مجالات قبل المؤتمر الاقتصادى بيوم واحد حتى لا يمكنه التحقق مما قدموه له، شغل عيال فى رمل لم يصلوا إلى سن المحاسبة لان الرمل لا يمكن أن يكون حقيقة. ■ ماذا تقصد بذلك؟ ومن هم تحديدا؟ - التشريع الخاص بتعديل احكام قانون الاجراءات الجنائية رقم 16 لعام 2015 وهو يسمح بهدم قاعدة اساسية متصلة بالنظام العام فى مصر غير مسبوقة فى أى مكان فى العالم فمن يرتكب جرائم متصلة بالاعتداء على المال العام وصدرت ضده عقوبة فإذا وصل الحكم إلى محكمة النقض من حق رئيس الوزراء أن يلغى الحكم بالتصالح مع المتهم علشان يدينا شوية فلوس كيف يمكن أن يتم التصالح مع متهم فى جريمة خاصة بقانون العقوبات التى تصل عقوبتها للأشغال الشاقة لتحقيق مبدأ الردع امام الخارجين على القانون، فإذا تمت المصالحة معهم يؤدى إلى هدم اساس البلد، بمعاقبة المجرمين واللصوص وكأن الدولة تشجع الحرامية على سرقتها والاستيلاء على مالها العام ثم تتصالح معهم مقابل أن يمن اللصوص على البلد بقرشين من اللى نهبوه وكأن الدولة تشجع على السرقة ونهب المال العام من خلال هذا التشريع الابدى ! وكأننا عدنا إلى عصر الحاكم بأمره!! ■ هل ترى أن هذا التشريع تم تفصيله لصالح لبعض الهاربين بأموال الدولة منذ 25 يناير وحتى الآن؟ - بالتأكيد وقد استغله بالفعل محامى «حسين سالم» عندما قدم طلب صلح لرئيس الوزراء مقابل التنازل عن بعض الملايين (الملاليم)، وقد تم تمريره التشريع فى هدوء شديد حتى لا يعلم به المواطنون ولم نكتشفه الا من خلال طلب الصلح الذى ذكرته، فلا يمكن ابدا للرئيس السيسى الرجل العسكرى المنضبط أن يوقع على مثل هذا التشريع الهادم الا بأسلوب الغش والتحايل عليه لانه قدم له من قبل وزير الاستثمار قبل المؤتمر الاقتصادى بيوم واحد فإما أن يثق الرئيس فى الوزير الذى اختاره رئيس الحكومة واما أن يؤجله لحين عرضه على مستشاريه ونظرا لان الوقت لم يسمح بذلك وافق الرئيس عليه لثقته فى وزير الاستثمار الذى وكلته الحكومة للنهوض بمناخ الاستثمار، لانه من غير المتوقع أن يكون الوزير غشاشا، ولذلك اطالب السيسى بمحاكمة رئيس الوزراء ووزير الاستثمار محاكمة سياسية وإلغائه لهذا التشريع، وإما أن يخرج علينا الرئيس ويصارحنا بأنه كان يعلم بتفاصيل هذا القانون حتى نعرف من صاحب المسئولية فى هذا الامر الخطير؟ لان اقالة الحكومة لاتكفى فى هذا الامر وانما ضرورة المحاسبة السياسية مرتين الاولى على الجرم السياسى والثانية لتعمد فعل الجرم، ولكن للاسف اذا اقيل وزير الاستثمار لفشله الذريع فسوف تأتى الحكومة بمن هو اسوأ منه كما يتبع دائما. ■ هل الخلفية الاقتصادية لوزيرالاستثمار تتناسب مع منصبه التنفيذى فى الحكومة؟ - الاستثمار يعنى التصنيع، اما البورصة فهى البيع والشراء والمضاربة فى صالة قمار، ووزير الاستثمار عمله الاساسى بورصجى ونشاطه كله فيما يحققه من البيع والشراء فى شركات البورصة مما يدفعه للعمل جاهدا لاستغراق هذا التفكير فى النشاط الاقتصادى فى الدولة ولذلك لا يمكن أن يدير الاستثمار بمعناه التصنيعى بما يتناسب مع منصبه التنفيذى فى الدولة ولكن اختياره يرجع إلى ابراهيم محلب، اما السيسى فقام بالتوقيع فقط على القائمة التى اختارها رئيس الوزراء! ■ وماذا عن اختيار المستشار احمد الزند وزيرا للعدل؟ - لا تعليق، من يختار عليه أن يتحمل نتيجه اختياره ! ■ الشعب الكادح يتحمل الارتفاع الجنونى للأسعار ورفع الدعم وفى المقابل يتم الغاء الضريبة على ارباح البورصة من المليونيرات! ما تبريرك لهذا التناقض الغريب فى سياسة الدولة؟ - إلغاء الدعم جريمة، أما إلغاء الضريبة على البورصة من اجل عدم الغائها دوليا امر مرفوض، ياريت تتهد البورصة، فليس لدينا نشاط اقتصادى يبرر لوجود سوق مال فالأهم من البورصة هو كيفية مشاركة الشعب كله فى المشروعات الصناعيه ! ■ المادة 73 من الدستور تنص على احترام حقوق الإنسان فهل يتم ذلك فى السجون المصرية؟ - قضية حقوق الانسان فى مصر قضية مزيفة على مجتمعاتنا العربية، حتى فى امريكا طالما تدخلت فيها السياسة والمال والاقتصاد واستراتيجيات الدول، ولذلك فالسجون موبوءة اما بالفساد فى عدم منحها للمسجون حقوقه الانسانية المكفولة له دستوريا أو بمنحه ماليس له حق فيه من وسائل الرفاهية مع عدم السماح الا للنيابة فقط بالتفتيش على السجون. ما تعليقك علي اقتراح مجلس حقوق الانسان بتأجيل عقوبة الاعدام لمدة 3 سنوات؟ = اقتراح سيئ النية ومبنى علي غير خلفية تأصيلية للمسائل القانونية والعقابية واستقلالية الدولة فالحكم القضائى يجب ان يكون ناجزا، وهذا الاقتراح يدعو إلي تعديل العقوبة من اعدام إلي سجن ولذلك فهو يتنافي مع استقلالية الدولة والدفاع الاجتماعى من اجل الخضوع لمن ينقذونا من الخارج. ■ التفتيش على السجون من قبل النيابة فقط امر خطير قد يمنع الوصول للحقيقة ماذا عن ذلك؟ - الكارثة الحقيقية فى القضاء تكمن فى أن عدد رجال الشرطة الذين ارتدوا عباءة القضاء أكثر من الذين عملوا بالقضاء منذ البداية وهذا امر خطير يؤدى إلى خلل فى التطبيق لان التأهيل النفسى لمهمة ضابط الشرطة تختلف تماما عن مهمة القاضى فالأول يتعامل مع المواطن فى قسم الشرطة على انه متهم قبل أن يحاكم اما القاضى فيتعامل مع المتهم على انه برىء حتى تثبت ادانته والاثنان مختلفان تماما فى طبيعة التكوين. ■ هل قانون التظاهر تحول إلى سيف على رقاب المواطنين؟ - كل التشريعيات القانونية التى صدرت منذ 11 فبراير 2011 معيبة ويجب اعادة النظر فيها بما يشمل قانون التظاهر لان بها العديد من العوار التشريعى ومن ثم ففكرة التظاهر فى التشريع غير منضبطة فإذا استقام المشرع استقام كل شىء فى الدولة. ■ ماذا عن إصدار المحكمة الإدارية العليا قانوناً بحظر الاضراب للموظف العام واحالته للمعاش؟ - ما يتم تداوله من خلال قانونيين بخصوص هذا الشأن كذب وجهل وتشويه للقضاء لان ما اصدرته المحكمة الادارية العليا لا ينطبق على الموظف العام وانما يختص بواقعة مختلفة ومحددة وهو تعدى ثلاثة موظفين فى الوحدة المحلية بالمنوفية بضرب مديرتهم وحجزها ومنع المواطنين من الدخول للمكان لانهاء مصالحهم وبناء عليه تم احالتهم للمحكمة التأديبية لانها واقعة خاصة وقررت المحكمة معاقبتهم بالاحالة على المعاش والحرمان منه وهى عقوبة تأديبية مناسبة للفعل الذى ارتكب وهو لا ينطبق تماما على حظر اضراب الموظفين فى الوظائف الحكومية كما ادعى بعض القانونيين والمثقفين لتشويه صورة القضاء دون بذل أى جهد فى قراءة اسباب الحكم ،اوفهم اسبابه ودوافعه. ■ لك تحفظ على قرارات اللجنة العليا للانتخابات فماذا عن ذلك؟ - الحكومة واللجنة العليا للانتخابات قليلة البضاعة، وقد طلب منهم السيسى تعديل القانون خلال 10 ايام ولم يتغير شىء على مدى شهور ولذلك فالعملية الانتخابية مٌفسخة لان كل واحد عايز يفصل النظام الانتخابى بما يناسبه من خلال صفقة توافقية تلفيقية تفصيلية مثلما حدث فى توليفة لجنة الخمسين ومهامها ومن قام بها وكلها قامت على خطأ ترتب عليه اخطاء متتالية نتج عنها ما نعانى منه الآن، فهل يجوز أن يرأس اللجنة العليا للانتخابات رئيس الوزراء وهو مقاول فى حين انها تحتاج لمفكر وفيلسوف، فمن يتقمص دور الإله يجب أن يسقط فيما نحن فيه الآن! ■ هل لديك امل فى الاصلاح التشريعى من خلال البرلمان القادم؟ - أملنا فى البرلمان مثلما نطلب من الصخر شربة ماء ، وعلينا أن نتحمل النتائج لاننا صٌناعه.