وقف المواطن السيناوى «أبوطارق» على حافة الطريق الدولى – العريش – القنطرة شرق بمدينة بئر العبد وهو يشاهد الشاحنات العسكرية تقل دبابات ومدرعات قادمة من سيناء بعد انسحابها من منطقة الحدود المصرية «رفح والشيخ زويد» فى طريقها إلى معسكر الجلاء العسكرى بالإسماعيلية، حيث وضع كلتا يديه على رأسه وقال: «يا الله هذا المشهد يذكرنى بانسحاب القوات المسلحة من سيناء إبان نكسة عام 1967» وبانفعال شديد واصل بالقول: «عاد الجيش بخفى حنين، بعد أسبوعين من التمركز بمنطقة الحدود منكسرا وجريحا كال«نسر» الذى أطلقت القوات المسلحة اسمه على العملية التى حققت فشلا ذريعا فى سيناء». ولم يكن «أبو طارق» وحده الذى تألم نتيجة لرؤيته مشهد انسحاب الدبابات العسكرية، بل إن غالبية أهالى سيناء عبروا عن غضبهم وسخطهم لانسحاب الجيش من منطقة الحدود الشرقية ، دون أن يحقق أى نجاح فى المهمة التى دخل سيناء من اجلها وهو القضاء على كافة البؤر الإجرامية التى تهدد امن واستقرار حدود مصر الشرقيةبسيناء خاصة بعد وقوع الحادث الإجرامى الذى أودى بحياة 16 ضابطا وجنديا من قوات حرس الحدود برفح يوم الخامس من أغسطس من العام الجارى خلال تناولهم طعام الافطار بشهر رمضان المبارك. وقال الشيخ عارف أبو عكر من وجهاء عائلة العكور التابعة لقبيلة «السواركة» بمدينة الشيخ زويد إن انسحاب الدبابات من محيط الشيخ زويد وتحديدا المنطقة «ج» كان بمثابة صدمة كبيرة لكل مشايخ وأهالى سيناء،خاصة أن هذا الانسحاب يأتى بناء على مطالب إسرائيل ، وقد كنا متفائلين بالتواجد العسكرى على الحدود ووجود تغيير ملموس على اتفاقية السلام «كامب ديفيد» التى حان الوقت لإلغائها وانتشار الجيش على حدودنا الشرقية وتأمين أراضينا فى سيناء. وأكد بكر محمد سويلم - مدير تنفيذى لإحدى جمعيات تنمية المجتمع منطقة «الجورة» إن الدولة تراجعت عن محاربة الإرهاب، وهذا دليل على انتهاء العملية «نسر» دون تحقيق ما أتت من أجله. واستنكر انسحاب الدبابات فى الوقت الذى انتشرت فيه الجماعات المسلحة، يأتى هذا بعد مطالبة إسرائيل بانسحاب المعدات العسكرية التابعة للجيش المصرى من المنطقة «ج» رغم اختراق إسرائيل لاتفاقية السلام ودفعها لكتيبة عسكرية كاملة تتمركز فى المنطقة «د» التى تنطبق عليها بنود اتفاقية «كامب ديفيد» بأن تظل منطقة منزوعة السلاح، دون أن تحتج مصر على ذلك ولمطالب إسرائيل بسحب قواتها من تلك المنطقة. وقال الشيخ «ناصر أبو عكر» من وجهاء قبيلة السواركة وعضو الغرفة التجارية بشمال سيناء: «لقد غمرتنا الفرحة منذ وصول الدبابات إلى مدينتى رفح والشيخ زويد، ولكننا فوجئنا بانسحابها دون سابق إنذار ودون تحقيق نتائج ايجابية ملموسة على الأرض، تتعلق بتحقيق أهداف العملية «نسر»، ويتساءل «أبوعكر» قائلا: إذا كان انسحاب قوات ومعدات الجيش من المنطقة «ج» مطلباً إسرائيلياً فهذه نكسة كبرى لنا ولمصر كلها وواصل قائلا:وإلى متى سنظل نخضع لمطالب إسرائيل؟!! وحسب شهود عيان من أبناء منطقتى رفح والشيخ زويد فان عملية انسحاب القوات الجيش ومدرعاته من شمال سيناء جاءت على خلفية زيارة قام بها عدد من العلماء التابعين للرئاسة لشمال سيناء مطلع الأسبوع الماضى تم خلالها التوصل لاتفاق ينص على ألا يهاجم الجنود أيا من الجهاديين فى سيناء وفى المقابل لن يكون هناك هجمات مضادة من قبل الجهاديين.، وحسب تصريحات «حمدين سلمان ابوفيصل» أحد أبرز الإسلاميين فى سيناء وأحد المشاركين فى المحادثات: فإن الطرفين قد توصلا لاتفاق من شأنه تهدئة الوضع «إلى الأبد». وأضاف «أبو فيصل» قائلا: إنه من المفترض وفقا للاتفاق ألا يهاجم الجنود أيا من الجهاديين فى سيناء وفى المقابل لن يكون هناك هجمات مضادة من قبل الجهاديين وهذا الاتفاق من شأنه أيضا أن يوقف أى متسللين يهدفون تخريب مصر فى إشارة للمتشددين القادمين من خارج سيناء. ووصف نشطاء سياسيون من أبناء سيناء الحوار المطروح فى سيناء بأنه يكشف غياب الثقة بين الرئيس «مرسي» وقوى الأمن الداخلى والتى كانت تحت حكم «مبارك» تشن حملات قوية على الإخوان المسلمين، فيما أكد عدد من القادة الأمنيين أنهم لم يكونوا على علم بالأمر إلا عند وصول الوفد إلى سيناء وقاموا بزيارة ما أسموه بالمعاقل الرئيسية للإسلاميين المتشددين فى مدينتى رفح والشيخ زويد. وقال الكاتب والشاعر أشرف العنانى ، المقيم بمدينة الشيخ زويد ، معلقا على انسحاب دبابات الجيش المصرى من سيناء بأن «انسحاب الدبابات المصرية من المنطقة «ج» فى سيناء لا معنى له سوى أن إسرائيل هى التى تحكم وتتحكم فى سيناء» مشيرا إلى أن «سحب الدبابات يعنى نكسة للإرادة والسيادة المصرية على أرض سيناء»، مضيفاً: «لكل من بقلبه ذرة وطنية فان يوم 29 أغسطس 2012 لا يقل سواداً عن 5 يونيه 1967 وستثبت الأيام القادمة تبعات هذا الانسحاب الدرامى الكئيب». وكان الشيخ «نزار غراب» الذى رافق وفد علماء الرئاسة لشمال سيناء قد قال فى تصريح ل«صوت الأمة»: لن يحدث جديد هنا فى سيناء إلا إذا حدث تعديلاً فى طريقة تعامل الدولة مع أهالى سيناء، وعدم التعامل مع الإقليم عسكريا وأمنيا. ووقف العملية «نسر» التى ينفذها الجيش والشرطة، ويجب أن يكون التعامل سياسيا واقتصاديا، وإنهاء التعامل العسكرى والأمنى مع الإقليم، ونحن نحاول تحسين سمعة السلفية الجهادية أمام الرأى العام، وإزالة سوء الفهم لدى سلطات الدولة عن المنتمين لهذا التيار. وعقدت القوى الثورية بسيناء، الجمعة، اجتماعاً على خلفية ما أسموه قرار إخلاء القوات والأسلحة من منطقة رفح والشيخ زويد، وما يسمى المنطقة «ج» بمشاركة «حركة ثوار سيناء وتحالف شباب سيناء و6 إبريل، وائتلاف 25 وعدد من القوى الثورية الأخرى، وقال الناشط السياسى أحمد الغول، المتحدث باسم حركة شباب سيناء، إن الهدف من الاجتماع هو بحث اتخاذ إجراءات تصعيدية ضد سحب القوات المسلحة للأسلحة الثقيلة من سيناء، وهو ما وصفه ب«النكسة» وقال إن الجيش قام بسحب كل المعدات الثقيلة ولم يبق هناك سوى المدرعات ودوريات الأمن العادية، معتبراً ذلك قراراً غير مفهوم ولا يمكن تفسيره إلا بتعرض مصر لضغوط إسرائيلية لسحب القوات، خاصة أن هناك احتجاجات فى الشارع الإسرائيلى على وجود معدات وأسلحة ثقيلة فى المنطقة «ج» ورفح والشيخ زويد. وأضاف أن أهالى سيناء كانوا أكثر المتضررين من العملية «نسر» لكننا كنا ننتظر تطويرها وليس سحبها بتلك الطريقة حتى تؤتى بثمارها، لذلك نحتاج إلى تفسير فورى من وزير الدفاع. وقال «الغول» إن «أهالى سيناء ليسوا لعبة فى أيديهم» ونحتاج إلى معرفة أسباب انسحاب القوات بتلك الطريقة المشينة، وأضاف: الأهالى أصبحوا مهددين يومياً ويعيشون حالة من الارتباك، خاصة أن هناك عناصر مجهولة تقوم بزرع المفرقعات فى كل مكان وآخرها قنبلة فى «قرية سما العريش»، وأشار إلى أن سبب فشل العملية «نسر» من وجهة نظرهم هو غياب المعلومات عن الجيش وعن العناصر التى تقوم بالهجوم على الكمائن بالمنطقة، تم نشر المحتوى بعدد 612 بتاريخ 3/9/2012