الفيلم مسيء وبذئ وتافه وحقير، ورغم ذلك، لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم حيا بيننا، لنهانا عن كثير مما نقول ونفعل دفاعا عن سيرته الشريفة العطرة ولأبى أن نرد عنه الإساءة بمثلها والفحش بمثله، بل ولفزع لمقتل السفير الأمريكى فى ليبيا ولاستنكر حرق الإنجيل والهجوم على السفارة الأمريكية فى القاهرة بالمولوتوف! فالواضح اننا لانعرف شيئا عن سماحة ديننا ولا رحمة ربنا ولانعرف شيئا عن خلق رسولنا الذى هببنا للدفاع عنه! ولو كان الرسول حيا بيننا لزجر كثيرا من المتنطعين والمتفيهقين وهو القائل «هلك المتنطعون» وهم المبالغون فى الأمور أى المتشددون. أما رسولنا الذى لانعرفه فقد كان حليما رفيقا، وعلى خلق عظيم. فهو القائل: «إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطى على الرفق ما لايعطى على العنف وما لا يعطى على سواه» وهو القائل: «إن الرفق ما يكون فى شئ إلا زانه ولا ينزع من شئ إلا شانه. ويروى أن اعرابيا بال فى المسجد النبوى فقام الناس إليه ليقعوا فيه «ليضربوه» فحال الرسول بينهم وبينه وقال «لا تزرموه» أى لاتقطعوا عليه بوله، وأمر النبى بصب سجلا من الماء فوقه «دلوا» ثم نادى الأعرابى وقال له «إن هذه المساجد لايصلح فيها شئ من الأذى أى «القذر» وإنما هى للصلاة وقراءة القرآن وذكر الله. وضحك النبى والصحابة حين رفع الاعرابى يديه إلى السماء داعيا «اللهم ارحمنى ومحمدا ولا ترحم أحدا سوانا»! ويقول الرسول «إن من أحبكم إلى وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا. وإن أبغضكم إلى وأبعدكم منى يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيقهون! ويقول: ما من شئ أثقل فى ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق وأن الله يبغض الفاحش البذئ وعنه: «ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب. ويقول أنس بن مالك: عملت خادما لرسول الله عشر سنوات فما نهرنى قط وما سألنى عن شئ فعلته، لم فعلت هذا وما سألنى من شئ لم افعله لمَ لمْ تفعل هذا. ويقول الرسول: الكلمة الطيبة صدقة.. وفى حديث آخر: اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة. وفى غزوة أحد كسرت رباعيته وشج وجهه الشريف، فشق ذلك على الصحابة فقالوا له: يارسول الله «ادع على المشركين»، فقال: انى لم ابعث لعانا وإنما بعثت رحمة للعالمين». وحين ذهب لقبيلة ثقيف طالبا الحماية لما ناله من اذى قومه قابله سادتها بقبيح القول والأذى وقابله الأطفال برمى الحجارة عليه فأصابه من الهم والحزن ما جعله يسقط مغشيا عليه ولم يفق إلا و«جبريل» قائما عنده يخبره بأن الله بعث لك ملك الجبال برسالة يقول فيها «إن شئت يامحمد اطبقت عليهم الأخشبين» والأخشبان جبلان يحيطان بمكة، فأبى النبى وقال: أرجو ان يظهر من اصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئا. والواقع اننا أحوج ما نكون إلى الاقتداء بسلوك الرسول الذى لانعرفه، فلو كنا نعرفه، لما كثر المتشدقون والمتنطعون والمتفيهقون. وما كانت ردود الافعال الوحشية والهمجية التى قدمت صورة سلبية عن الإسلام الذى لانعرف عنه شيئا! وكما قال رفاعة الطهطاوى حين ذهب إلى أوروبا: رأيت اسلاما بلا مسلمين وفى بلادنا مسلمون بلا إسلام! ومنهم الذين هاجموا السفارة الأمريكية بقنابل المولوتوف وسبوا الشعب الامريكى ولعنوا أصحاب الديانات الأخري! ومعظمهم شباب عاطل دون العشرين من عمرهم لم يقرأوا القرآن ولا السيرة النبوية الشريفة ولايعرفون شيئا عن الاسلام وسماحته ولا الرسول ورحمته! إنهم ضحايا خطاب دينى ودعوى يحض على الغضب ويحرض على العنف ونفى الاخر! خطاب دينى يتصدى له دعاة أفظاظ غلاظ القلب لا يدعون إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ولايجادلون بالتى هى أحسن وإنما سبابون ولعانون وشتامون! وجوههم غاضبة ساخطة مكفهرة لايتبسمون ابدا مع أن الله سبحانه وتعالى يروى لنا أن النبى سليمان عليه السلام تبسم ضاحكا من قول نملة لقومها محذرة إياهم «ادخلوا مساكنكم لايحطمنكم سليمان وجنوده وهم لايشعرون» ورسولنا الكريم يقول: تبسمك فى وجه أخيك صدقة، ايها المتنطعون تبسموا يرحمكم الله نشر بالعدد 614 بتاريخ 19/7/2012