عقوبات غربية تم فرضها على الاقتصاد الروسي، دفعت ثمنه الأسواق العالمية خاصة وأن أوروبا تعتمد بشكل كبير على الطاقة الروسية وتحاول إيجاد حل للأشهر القليلة المقبلة، فمنذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية شهدت أسعار النفط والغاز أرقام قياسية لم تشهدها من قبل ليحذر برونو لومير وزير الاقتصاد الفرنسي من إن أزمة الطاقة الحالية المترافقة مع ارتفاع كبير في الأسعار "شبيهة في حدتها بالصدمة النفطية في العام 1973" ، ونتيجة تزايد المخاوف من فرض عقوبات على النفط الروسي، شهدت الأسواق العالمية للنفط قفزات عنيفة في الأسعار ووفقا لصحيفة "الجارديان" البريطانية فقد أشارت الي إن أسعار النفط ارتفعت بأكثر من 10٪ وتقترب من أعلى مستوياتها على الإطلاق بعد أن هدد خطر فرض حظر أمريكي وأوروبي على الخام الروسي بصدمة تضخمية في الأسواق العالمية. النفط كما أعلنت رئيسة مجلس النواب الأمريكي (الكونجرس) نانسي بيلوسى، أن المجلس يدرس إمكانية إعداد مشروع قانون يحظر استيراد النفط وموارد الطاقة من روسيا وهو ما يزيد من عزلة روسيا عن الاقتصاد العالمي"، مضيفة "مشروع القانون الخاص بنا سيحظر واردات النفط الروسي ومصادر الطاقة إلى الولاياتالمتحدة ويقطع العلاقات التجارية الطبيعية مع روسيا وبيلاروسيا، وسيصبح أول خطوة نحو منع روسيا من الوصول إلى منظمة التجارة العالمية". فيما أعلن البيت الأبيض، فرض حظر على واردات النفط الروسي، وتعهدت المملكة المتحدة بالتخلص التدريجي من الواردات من البلاد بحلول نهاية هذا العام. كما حذرت شركة ريستاد إنرجي، في تقرير لها من اتباع دول غربية أخرى خطى أميركا "بشكل جماعي " وحظرت النفط الروسي، فقد ترتفع أسعار النفط الخام إلى 240 دولاراً للبرميل هذا الصيف. وقالت شركة أبحاث الطاقة، إن مثل هذه الخطوة ستتسبب في فجوة بنحو 4.3 مليون برميل يوميا لا يمكن ببساطة استبدالها بسرعة بمصادر أخرى للإمداد فيما توقع جولدمان ساكس، أنه بالنظر إلى الدور الرئيسي لروسيا في إمدادات الطاقة العالمية، فقد يواجه الاقتصاد العالمي قريباً واحدة من أكبر صدمات إمدادات الطاقة على الإطلاق، مضيفاً أن نطاق الصدمة قد يكون هائلاً ، مضيفا إن الأزمة الروسية الأوكرانية قد تؤدي إلى توقف حوالي 3 ملايين برميل يومياً من صادرات النفط والمنتجات البترولية الروسية المنقولة بحراً. وحتى بعد الإفراج عن احتياطيات النفط الطارئة، وزيادة إنتاج النفط من أوبك، واحتمال رفع العقوبات عن إيران وفنزويلا، قال بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس إن سوق النفط العالمية ستترك "بلا حاجز" وحذر البنك من أن ذلك سيتطلب تقويض الطلب من خلال ارتفاع الأسعار ما سيضطر العالم إلى استخدام كميات أقل من النفط. وهذا بدوره قد يضر بالاقتصاد إذ يعني تحركا أقل بالسيارات وتقليل الطيران وانخفاض كمية النفط المستخدمة في صناعة منتجات مثل البلاستيك. ويري العديد من الخبراء الدوليين أن احتمالية وقوع الصدمة النفطية الثالثة وارد وذلك مع تزايد الطلب علي النفط خاصة من جانب الصين والهند، وذلك مع تناقص العرض في 33 من أصل 48 بلداً منتجاً. الصدمات النفطية السابقة عرف النفط تاريخا حافلا من الصدمات منذ اكتشافه في بنسلفانيا في عام 1859 وقد نجمت تلك الصدمات النفطية من الاختلالات في التوازنات السياسية فهل يمكن الحديث عن صدمة نفطية ثالثة في ظل قلق دولي على الطاقة. وقعت الصدمة النفطية الأولى في عام 1973 عقب حرب أكتوبر فلم تكن الحرب بين إسرائيل والعرب محصورة في قناة السويس ومرتفعات الجولان، فتداعياتها طالت الغرب فيما عُرف حينها ب"صدمة النفط"، إثر قرار منظمة "أوبك" منع تصدير النفط إلى الدول الداعمة لإسرائيل. ومع انتقل السلطة من الاحتكارات النفطية إلى منظمة أوبك، شهد النفط ارتفاع في سعر البرميل من 4 دولارات إلى 13 دولاراً . البنك وسعت استراتيجية الغرب بزعامة الولاياتالمتحدةالأمريكية وقتها ضرب أوبك، وإضعاف البلدان العربية المصدرة للنفط، وتهميشها، ولاسيما بعد ظهور دول أخرى منتجة من خارج المنظمة، وذلك لتقليل الدور السياسي العربي على الساحة الدولية، سواء لناحية صناعة القرارات أو التأثير فيها، أو لناحية التفاوض بخصوص المسائل المصيرية التي تعني العالم العربي في أكثر من مجال . ولم يقتصر الامر علي ذلك فقد وقعت الصدمة النفطية الثانية بعد سقوط الشاه وانتصار الثورة الإيرانية في عام 1979 ليقفز سعر برميل النفط من 13 دولاراً إلى 40 دولاراً، وبلغ النفط آنذاك مستواه القياسي: 99،04 دولار في أبريل 1980 . ومع بداية العام ، 1985 بدأ المشهد النفطي العالمي يتغير: فقد طغت الأحداث على أوبك، التي فقدت سلطتها في تشكل سعر برميل النفط، لتصبح مجرد سعر للسوق ويصبح تأثير أوبك مقتصراً على العرض، الذي تمثله بنحو 43% فقط، وعلى الرغم من بعض الأحداث الكبيرة مثل حرب تحرير الكويت في عام 1991 فإن أسعار النفط اتجهت نحو الانخفاض حتى نهاية القرن العشرين وبداية من سنة 2004 وهي سنة النمو القوي على الطلب استمر الارتفاع في النفط ، ثم في سنة 2005 بسبب إعصار كاترينا، وأخيرا في سنة ،2007 حيث انتقل سعر البرميل من أدنى مستوى له 50 دولاراً إلى ما يقارب 100 دولار.