يدعي النظام الحاكم في مصر، أنه لم يغلق صحيفة، ولم يقصف قلما.. ويخرج علينا صفوت الشريف بمناسبة وبدون مناسبة ليعلن أننا نعيش الآن أزهي عصور الديمقراطية، وحرية الرأي، وأن الصحافة في مصر تتمتع بحرية لم يسبق لها مثيل.. ونحن ندرك أن صفوت الشريف يمارس دوره في خدمة نظام فاسد.. وندرك أنه رغم الضربات الموجعة التي تلقاها علي يد الوريث جمال مبارك وشلته، كسرت بعض عظامه، لكنها لم تقض عليه.. وبذكاء الرجل استطاع أن يسترد جزءاً كبيراً من نفوذه وسلطاته داخل دائرة صناعة القرار في مصر، بعد أن أوشك علي الاطاحة به مثلما حدث مع كمال الشاذلي.. لكن هناك دلائل تؤكد تورط صفوت الشريف في تدبير وحياكة العديد من المؤامرات التي أطاحت ببعض الشرفاء والرموز المحترمة في هذا البلد.. ويبدو أن قدرته الفائقة علي تنفيذ تعليمات النظام في تدبير المؤامرات جعلته يسترد ما فقد منه خلال سنوات قريبة، وجعلته يتمتع بنفوذ واسع، لأن النظام دائما يحتاج إلي أمثال صفوت الشريف. وإذا كان صفوت الشريف رجل النظام يردد أن مصر تشهد أزهي عصور الحرية.. فنحن نقول له: بأمارة إيه.. وأي حرية تتكلم عنها، هل هي حرية الصراخ وشد الشعر؟! نقول لصفوت الشريف: إن النظام الذي يدافع هو عنه وباستماته، أغلق صحيفة كبيرة بالضبة والمفتاح.. وشرد عشرات الصحفيين العاملين بها، ورغم صدور أحكام قضائية نهائية بعودة الصحيفة، لم يحترم نظام الحكم أحكام القضاء.. ولم يعط الصحفيين حقوقهم، وتركهم هم وزوجاتهم وأولادهم يتسولون لقمة العيش في دولة حرية الرأي والتعبير.. وهذه جريمة في حق نظام مبارك. والحكاية المريرة التي يعلمها صفوت الشريف «رجل النظام» ورئيس المجلس الأعلي للصحافة ويدفن رأسه في الرمال أمامها، أنه منذ 9 سنوات صدر قرار سياسي متعسف بغلق جريدة الشعب لسان حال حزب العمل الذي كان يرأسه الراحل المهندس إبراهيم شكري.. وطوال هذه السنوات لجأ صحفيو الشعب إلي القضاء العادل لحسم النزاع بين الصحيفة والدولة بجبروتها.. وصدرت أحكام قضائية نهائية بعودة الصحيفة إلي الحياة، بلغ عدد هذه الأحكام 14 حكماً.. لكن هذه الأحكام لم تعجب النظام الذي «يصدع دماغنا» كل يوم بأنه يحترم أحكام القضاء.. ولم تكن هذه هي الجريمة الوحيدة التي ارتكبت في حق صحيفة الشعب، بل إن النظام أراد مرمطة الصحفيين، فقرر غلق ملف التأمينات الخاص بالزملاء.. يعني موت وخراب ديار.. ومنذ 20 مايو الماضي وصحفيو الشعب معتصمون في نقابة الصحفيين للمطالبة بعودة الصحيفة والحصول علي حقوقهم المهدرة، لكن النظام لم يستجب، ووقف نقيب الصحفيين الاستاذ مكرم محمد أحمد ومجلس النقابة موقفاً مشرفاً مع الزملاء المعتصمين، وأعلنوا تضامنهم مع قضية صحيفة الشعب وقرروا عقد لقاء مع صفوت الشريف بصفته رئيساً لمجلس الشوري ورئيسا للمجلس الأعلي للصحافة لكن الشريف رفض لقاء أعضاء مجلس نقابة الصحفيين لوضع حل لهذه المأساة.. وهذه جريمة في حق الشريف. ولا نعرف هل تنفيذ أحكام القضاء بعودة صحيفة الشعب للصدور يحتاج إلي تدخل رئيس الجمهورية أو حتي العرض عليه؟! وإذا كانت الحكومة نفسها ترفض تنفيذ أحكام القضاء، فهل مطلوب من أفراد الشعب احترام أحكام القضاء.. إن هذا الأمر يتطلب تدخل رجال القضاء أنفسهم، لأنه ليس من العدل أن يصدروا أحكاماً قضائية نهاية ولا تنفذ.. فهذا يضيع هيبة القضاء ويجعل الناس تكفر بالعدالة الضائعة.