نائب محافظ الأقصر يفتتح فصول متعددي الإعاقة بمدرسة الأمل للصم وضعاف السمع (صور)    22 صورة ترصد انطلاق امتحانات صفوف النقل بالدقي    وزير التموين: التحديات العالمية الراهنة تتطلب تعزيز التعاون الاقتصادي ودعم سلاسل الإمداد    الكيرجاوي يكسب البلدي.. تعرف على أسعار وأنواع خراف الأضاحي بأسوان    الرئيس يوجه باتخاذ كل ما يلزم من إجراءات بشكل مسبق لضمان استقرار التغذية الكهربائية    رئيس مصلحة الضرائب: إصلاحات ضريبية شاملة لدمج الاقتصاد غير الرسمي    بحوث "مباشر" تحدد القيمة العادلة لسهم "بنيان" عند 7.94 جنيه    إعلام عبري: إعادة وفد التفاوض الإسرائيلي من الدوحة بالكامل    زلزال يضرب بني سويف دون خسائر أو إصابات    أوروجواي تستدعي السفيرة الإسرائيلية بعد الهجوم على دبلوماسيين في جنين    أمريكا ستتحمل المسؤولية.. إيران تحذر من نوايا إسرائيلية للهجوم على منشآتها النووية    وول ستريت جورنال: ترامب أخبر قادة أوروبا أن بوتين ليس مستعداً لإنهاء حرب أوكرانيا    أيمن الجميل فى افتتاح بطولة بالم هيلز الدولية للإسكواش: دعم الرياضة استثمار حقيقى فى مستقبل الوطن    سون وبوستيكوجلو.. 10 أعوام بين البكاء والمواساة والمجد الأوروبي    "وسطاء فقط".. مفاجأة بشأن رحيل إمام عاشور للدوري السعودي    كرة يد - إنجاز تاريخي.. سيدات الأهلي إلى نهائي كأس الكؤوس للمرة الأولى    بعد قرار الرمادي.. الزمالك يبدأ الاستعداد لمواجهة بتروجيت في الدوري    السيسي ورئيس وزراء بريطانيا يبحثان تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية    3 مصابين في حريق منزل بالشرقية    "آيس وبودر وهيدرو".. ضبط 19 تاجر مخدرات في بورسعيد    ماتت تحت الأنقاض.. مصرع طفلة في انهيار منزل بسوهاج    ضبط مصنع بدون ترخيص لإنتاج الأسمدة والمخصبات الزراعية المغشوشة بالمنوفية    برنامج "فضفضت أوى" يتصدر الأكثر مشاهدة على Watch it بعد عرض حلقته الأولي    مملكة الحرير على "ON" قريبا    أول تعليق من مايان السيد بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي في احتفالية "أسرتي.. قوتي"    مكتبة الإسكندرية تحتفل باليوم العالمي للمتاحف    مهرجان كان، إيل فانينج تخطف الأنظار في جلسة تصوير فيلم Sentimental Value    بدلة فريدة وإطلالة عصرية.. «مسلم» يخطف الأنظار في حفل زفافه (صور)    أمين الفتوى: هذا سبب زيادة حدوث الزلازل    الأزهر للفتوى يوضح أحكام المرأة في الحج    خالد الجندي: يوضح حكم الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة؟    تأثير الكبد الدهني على القلب- نصائح فعالة للوقاية    رئيس «الرقابة والاعتماد» يفوز بجائزة الطبيب العربي 2025 في «الحوكمة الصحية»    الدكتور محمد خليل رئيسًا لفرع التأمين الصحي في كفر الشيخ    محافظ الغربية يستقبل وكيل وزارة الزراعة الجديد    وزير الداخلية الفرنسي يأمر بتعزيز المراقبة الأمنية في المواقع المرتبطة باليهود بالبلاد    عاجل.. غياب عبد الله السعيد عن الزمالك في نهائي كأس مصر يثير الجدل    إعلام عبري: إسرائيل تستعد للسيطرة على 75% من أراضي غزة    ضبط لحوم غير صالحة ودواجن محقونة بالمياه في بورسعيد قبل عيد الأضحى    تأجل محاكمة اللاعب إمام عاشور ل جلسة 19 يونيو للنطق بالحكم في اتهامه بسب وقذف مشجع بالدقهلية    الكشف عن اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    جامعة بنها الأهلية تنظم اليوم العلمي الأول لكلية الاقتصاد وإدارة الأعمال    وزير البيئة: ربط التنوع البيولوجي بأهداف التنمية المستدامة أولوية قصوى    «القومي للمرأة»: استحداث اختصاص اضافي للجنة البحث العلمي    سون هيونج مين يقود توتنهام لتحقيق لقب الدوري الأوروبي ويصف نفسه ب"أسطورة ليوم واحد"    مباشر مباراة الأهلي والمنتدى المغربي في نصف نهائي الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    «سلوكك مرآتك على الطريق».. حملة توعوية جديدة لمجمع البحوث الإسلامية    الزراعة : تعزيز الاستقرار الوبائي في المحافظات وتحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ 2025    محافظ دمياط يتابع تطوير عيادة الطلبة بشطا    محافظ القاهرة يُسلّم تأشيرات ل179 حاجًا (تفاصيل)    راتب 28 ألف جنيه شهريًا.. بدء اختبارات المُتقدمين لوظيفة عمال زراعة بالأردن    سعر الريال القطرى اليوم الخميس 22-5-2025 فى منتصف التعاملات    "التميز في النشر العلمي الدولي" ورش عمل بجامعة حلوان    هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبي    «فولكانو ديسكفري»: نشاط زلزالي محتمل في الإسكندرية أو القرب منها    طلاب الصف الأول الثانوي يؤدون اليوم امتحان العلوم المتكاملة بالدقهلية    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    خالد الجندي: الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة «جائزة» بشروط شرعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف أيوب يكتب: الفتنة السوشيالية الكبرى
نشر في صوت الأمة يوم 29 - 02 - 2020

الأسبوع الماضى عاشت مصر ثلاثة أحداث متباينة، الجامع بينها أن الحوار والنقاش حولها كان هو المسيطر على وسائل التواصل الاجتماعى «السوشيال ميديا»، فالكل كان يريد أن يدلى بدلوه، وكأنه العالم ببواطن الأمور، والشاهد فى النهاية أننا كنا أمام مسرحية سوشيالية تتكرر أمامنا كل يوم، دون أن ننتبه لخطورتها.

الواقعة الأولى كانت رياضية، إلى أن تحولت بفعل عوامل عصبية إلى «خناقة شوارع»، فقبل أن يطلق حكم مباراة السوبر المصرى فى استاد الشيخ محمد بن زايد بأبو ظبى بين الأهلى والزمالك صافرته، كانت الأجواء السوشيالية مشحونة، لكن لم يتوقع أحد أن نرى خناقة السوشيال مجسدة على أرضية الاستاد، فما بين كر وفر وإشارات بذيئة وضرب ب«الشلوت»، كان المشهد مأساويا لا يليق باسم قطبى الكرة المصرية، ولا بالدولة المصرية.

هدأ الجميع فى انتظار عقوبات اللجنة الخماسية التى تدير اتحاد الكرة بشكل مؤقت، ويا ليتها ما عاقبت أحدا، لأن قرارات اللجنة أشعلت فتيل أزمة حاول العقلاء أن يجعلوها مكتومة، فعاد الصراخ والعويل مرة أخرى، وانتهى إلى المشهد الرياضى «الشاذ» الذى كان عليه استاد القاهرة الدولى مساء الاثنين الماضى، حينما اضطر حكم مباراة القمة الليتوانى لإطلاق صافرته معلناً انتهاء المباراة لصالح النادى الأهلى، لعدم وجود الفريق المنافس «الزمالك»، الذى برر غيابه بتعطل أتوبيس اللاعبين فى الشوارع.

وبعيدا عن الحديث عن المبررات التى ساقتها إدارة نادى الزمالك لغيابهم عن المباراة، فإن ما حدث كان شاهدا على تحولات دراماتيكية فى مسار الكرة المصرية، عنوانها أن الإدارة تحولت من الجبلاية إلى السوشيال ميديا، لكنها إدارة بقوانين السوشيال التى تبيح كل الموبقات، بل وتلتمس العذر للجميع.

قبل أن نغلق ملف مباراتى القمة، كانت السوشيال ميديا مسرحا لخناقة أخرى لا تقل حمية عن الأولى، وعنوانها هذه المرة «هل يدخل مجدى يعقوب الجنة؟»، وتحولت وسائل التواصل الاجتماعى إلى ساحة للمبارزة الدينية بين متابعين لا علاقة لهم بنصوص الدين مطلقا، فكانت النتيجة توزيع صكوك الجنة بين كل المتابعين، وكأن الجنة تدار على فيس بوك وتويتر.

وقبل أن نودع الأسبوع السوشيالى الملىء بالقضايا الساخنة، توفى الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، لتبدأ المبارزة السوشيالية من جديد بين المترحمين عليه باعتباره أحد قادة حرب أكتوبر المجيدة، وبين آخرين عميت عقولهم قبل عيونهم، فكانوا أشد تطرفا من ذلك الشيخ الذى أفتى بأن «يعقوب» لن يطأ الجنة لأنه مسيحى.

الشاهد فى كل ذلك أن السوشيال ميديا باتت أسلوب حياة للمصريين، وهى المحرك الرئيسى لهم تجاه الكثير من القضايا، فمع وفاة مبارك صباح الثلاثاء نسى الجميع ما حدث مساء الاثنين فى مباراة القمة التى غاب عنها أحد القطبين، وقبلها نسى الجميع ما حدث مع مجدى يعقوب، وتحولنا جميعا إلى ما يشبه القطيع، نسير خلف السوشيال ميديا فى الطريق الذى تختاره لنا.

أصبحنا عبيد التريند والجرى خلف الأعلى بحثا على فيس بوك أو تويتر.. نتحرك دون أن ندرى أننا نساق دون إرادة كاملة منا.

الشاهد أن السوشيال ميديا باتت «أفيونة» المصريين، وصارت بمثابة الإدمان، ومع مرور الأيام تحولنا ربما دون أن ندرى إلى وقود فى حرب الفتنة التى تعتبر مواقع التواصل الاجتماعى الساحة الأبرز لها اليوم، فالخلاف بين الجماهير هدفه الأساسى أن تحدث فتنة، لكنها ليست فتنة كروية وإنما فتنة شعبية.. وهو نفس ما حدث فى قضية الدكتور مجدى يعقوب، وأيضا فى وفاة مبارك.

إنها الفتنة الكبرى الذى طالما حذرنا منها.. فتنة جعلت أصحاب العقول الرشيدة يخشون قول الحق لأنهم لا يريدون أن يكون رأيهم محل لوم أو تعليق لاذع ورافض لمبدأ الحياد.

نعم غاب الحياد ولم يعد له وجود، والسبب أن لعنة اللايك والشير هى المتحكمة فى رغباتنا قبل أن يحكمنا الضمير.. هذه اللعنة جعلت كثيرين يسيرون مع القطيع دون أن يدركوا أنهم جزء من وقود الفتنة، التى يراد لها أن تقع بين المصريين.

نعم هناك بيننا من لا يصدق حتى اليوم منطق «حروب الجيلين الرابع والخامس»، والتى تستخدم فيها وسائل التواصل الاجتماعى لتدمير الأوطان، عبر نشر شائعات وإثارة الفتن والضغائن، لذلك من واجب الإعلام وكل المهتمين بالشأن العام ألا يملوا من ذكر مخاطر هذه النوعية من الحروب، والهدف ليس بث الخوف والكراهية لدى المصريين من وسائل التواصل الاجتماعى، وإنما أن يكونوا منتبهين للخطر، وأن يعوا جيدا أن لعنة اللايك والشير لا تضاهيها لعنة فقد الوطن، إذا ما اشتعلت الفتنة، وانتقلت من الفضاء الإلكترونى إلى أرض الواقع.

كثير من الدول حوّلت جزءا من مخصصاتها المالية لتمويل مثل هذه الحروب التى لا تكلفها عناء المواجهة المباشرة، فالأمر لا يخلو من كونه مجموعة لجان إلكترونية تتابع قضايا بعينها فى دول معينة، وتعمل على إذكاء الفتنة والخلاف بين مستخدمى السوشيال ميديا فى هذه البلدة، وفى نفس الوقت بث مجموعة من الشائعات والعمل على ترويجها حتى يعتبرها المتابعون حقيقة مؤكدة.

هذه هى الاستراتيجية التى تقوم عليها حروب الفتنة السوشيالية، والتى كانت ولا تزال مصر معرضة لها.. كانت الشائعات وقودها الأساسى، لكن لأن هذا الوقود فشل فى تحقيق مبتغاه، فكان البديل البحث عن المتناقضات فى المجتمع المصرى واللعب عليها، ولأن قضية «الفتنة الطائفية» بين المسلمين والمسيحيين باتت «موضة قديمة» لدى محركى اللجان الإلكترونية، جرى استدعاء متناقضات أخرى، وكانت الكرة والرياضة فى عمومها هى الهدف الجديد.

نعم هناك أخطاء كارثية وقع فيها مسئولون عن الكرة والرياضة فى مصر، لكن مثل هذه الأخطاء متكررة، وكان من الممكن احتواؤها وفق أطر قانونية وتنظيمية كفيلة بوضع حد لمثل هذه الكوارث، لكن الذى جرى أن السوشيال ميديا للأسف الشديد كان لها تدخل سلبى، فبات الاحتواء صعب المنال، ويوم وراء الآخر كبرت كرة الثلج، ووصل بنا الحال إلى أن الأمور أصبحت خارج السيطرة.

الهدف مما ذكرته أعلاه ليس «شيطنة السوشيال ميديا»، لكن أن نكون منتبهين ومدركين جيدا لما يدور حولنا، وألا نكون عبيد اللايك والشير، فوسائل التواصل الاجتماعى لها فوائد كثيرة وعظيمة أيضا، لكن فى نفس الوقت هى سلاح ذو حدين، فكما لها فوائد لها أيضا مخاطر، ومخاطرها فى استخدامها من قبل آخرين فى تحريك الرأى العام فى الاتجاه الذى يريدونه، وهو ما أقصده بفكرة «القطيع» التى أخشى أن نكون جزءا منه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.