اللجنة العامة رقم 1 بجنوب سيناء تعلن نتائج الحصر العددي لأصوات الناخبين    بالأرقام.. الحصر العددي للأصوات بالدائرة الثالثة بمحافظة الإسماعيلية    السوبرانو أميرة سليم تقدم أنشودة إيزيس بمهرجان صدى الأهرامات    من كوريا وقطر وسلطنة عمان.. تكريم ثلاثة قامات مسرحية في افتتاح مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي    ترامب: «خطة ال28» للسلام في أوكرانيا «مجرد خريطة»    مادورو: سندافع عن فنزويلا ضد أي تهديد والنصر سيكون حليفنا    21 مرشحا بينهم رضا عبد السلام، إعلان الحصر العددي لأصوات الناخبين باللجنة 46 في المنصورة    الأجور في قانون العمل.. منظومة أكثر شفافية لحماية العامل وترسيخ العدالة    طيران الاحتلال يقصف خان يونس ويواصل عمليات نسف المباني في غزة    تكريم 6 نجوم من مصر في مهرجان ضيافة السينمائي الدولي (فيديو)    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    ننشر المؤشرات الأولية لفرز لجان السويس في انتخابات مجلس النواب    مؤشرات أولية.. الإعادة بين 4 مرشحين بدائرة شبين الكوم في المنوفية    جدل بعد تداول محضر يظهر تطابق 4 مرشحين بالدائرة الأولى بالشرقية    تقدم مرشح حزب النور ومستقبل وطن.. المؤشرات الأولية للدائرة الأولى بكفر الشيخ    الفيوم تحتضن مهرجان البيئة وجامعة الفيوم تشارك بفاعلية في الحدث    وعكة صحية تُدخل والدة رضا البحراوى المستشفى    محمود فتح الله: تصريحات حسام حسن الأخيرة تعتبر الأسوأ في تاريخ مدربي منتخب مصر    السيد القصير في أول اجتماع لأمانة الجيزة: نشكر اللواء الدالي.. ونؤكد الدعم الكامل لمرشحي الحزب    «كارثة طبيعية» الحلقة 9.. محمد سلام يقرر بيع كليته لمساعدة أولاده    أخبار نصف الليل| قناة السويس تستعيد أسطول «ميرسك».. وارتفاع أسعار الذهب    ثقف نفسك | الأرض تغضب وتثور.. ما هو البركان وكيف يحدث ؟    مجلس الأمن والدفاع السوداني: فتح المعابر وتسهيل دخول المساعدات    خبير مناخ: استمطار إسرائيل للسحب يؤثر على نهر العاصي    محمد صبحي: والدي أوصى بسقوطي في معهد الفنون.. وطردني    محمد علي السيد يكتب:.. تك.. هأ هأ    عاجل.. قائمة الأهلي لمواجهة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    خمسة لطفلك | كيف تكتشفين العدوى الفيروسية مبكرًا؟    محمد صبحي يكشف تفاصيل إصابته ب«الوسواس القهري»    دراسة تكشف عن 3 مخاطر من إيقاف أدوية إنقاص الوزن قبل الحمل    ب8 سيارات إطفاء.. السيطرة على حريق مصنع تدوير القطن والأقمشة بالقليوبية| صور    القبض على 3 متهمين بسرقة مصوغات ذهبية من شقة في الطالبية    ضبط مدير مبيعات وطالب جامعي يديران مركزًا طبيًا غير مرخص في بولاق الدكرور    مصرع طفل دهسه قطار أثناء عبوره شريط السكة الحديد بالعياط    بروسيا دورتمنود يمطر شباك فياريال برباعية نظيفة    بيان رسمي.. الاتحاد السكندري: لم ننسحب من نهائي مرتبط السلة    ترتيب دوري أبطال أوروبا.. تشيلسي يقترب من المربع الذهبي وبرشلونة ال15    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بحدائق أكتوبر    كريم الدبيس: أي حد أفضل من كولر بالنسبالى.. وجالى عرضين رسميين للاحتراف    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الخميس والسبت فى دور ال32 بكأس مصر    بالأرقام.. مؤشرات اللجنة الفرعية رقم 44 بدائرة المطرية محافظة القاهرة    لجنة السيدة زينب تعلن محاضر فرز اللجان الفرعية للمرشحين بانتخابات النواب    مصرع طفل 15 سنة في تصادم دراجة وسيارة نقل خلال حفل زفاف غرب الأقصر    رئيس البرازيل السابق جايير بولسونارو يبدأ تنفيذ حكم بالسجن 27 عاما بتهمة التخطيط لانقلاب    بعد تصنيف بعض فروع الإخوان كمنظمات إرهابية.. الفقي: ترامب يبعث برسالة غير مباشرة لحماس    جامعة المنيا: اعتماد استراتيجية الابتكار والأمن السيبراني    بمشاركة مرموش.. السيتي يخسر على ملعبه أمام ليفركوزن في دوري الأبطال    إطلاق مشروع الطريق الأخضر لعالم أكثر أمانًا بقنا بتعاون بين الإنجيلية والبيئة و"GIZ"    الصحة: ضعف المناعة أمام الفيروسات الموسمية وراء زيادة حدة الأعراض    تطوير 5 عيادات صحية ومركز كُلى وتفعيل نظام "النداء الآلي" بعيادة الهرم في الجيزة    خصوصية الزوجين خط أحمر.. الأزهر يحذر: الابتزاز والتشهير محرم شرعا وقانونا    مدبولي يلتقي نائب رئيس "المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني".. صور    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    رئيس الوزراء والوزير الأول للجزائر يترأسان غدا اجتماع اللجنة العليا المشتركة    مواجهة نارية في دوري أبطال أوروبا.. برشلونة وتشيلسي لايف    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص كلمة الرئيس اللبناني في قمة بيروت الاقتصادية
نشر في صوت الأمة يوم 20 - 01 - 2019

أكد رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، أن لبنان قد دفع الثمن الغالي جرّاء الحروب والارهاب، وهو يتحمّل منذ سنوات العبء الأكبر إقليمياً ودولياً، لنزوح الأشقاء السوريين، مضافاً الى لجوء الأخوة الفلسطينيين المستمر منذ سبعين عاماً، بحيث أصبحت أعدادهم توازي نصف عدد الشعب اللبناني، وذلك على مساحة ضيقة ومع بنى تحتية غير مؤهلة وموارد محدودة وسوق عمل مثقلة"، إضافة إلى "الاحتلال الإسرائيلي المتربص بنا، والذي لا ينفك يتمادى منذ سبعة عقود في عدوانه واحتلاله للأراضي الفلسطينية والعربية وعدم احترامه القرارات الدولية وقد وصل اليوم الى ذروة اعتداءاته بتهويد القدس وإعلانها عاصمة لإسرائيل وإقرار قانون "القومية اليهودية لدولة إسرائيل". واعتبر في الوقت عينه "ان الأخطر من كل ذلك هو حال التعثر الداخلي والتبعثر التي يعيشها الوطن العربي".
وشدد عون على أن أول تحدٍ يواجهنا اليوم هو أن نجعل من كل الأحداث المؤلمة التي أصابتنا حافزاً للعمل سوياً على الخروج من الدوامة المفرغة لسلسلة الحروب وتداعياتها، والمضي بمسيرة النهوض نحو مستقبل أفضل لشعوبنا"، عارضا لسبل معالجة جذور هذه الأزمات داخليا من خلال "السعي الى القضاء على الفقر الذي يولد عدم المساواة والحروب والارهاب، كذلك محاربة الفساد والقيام بالإصلاحات الضرورية على كل الصعد وتأمين استقرار التشريع وعدالة القضاء لتوفير عامل الثقة للاستثمارات"، وإقليميا من خلا "عمل مشترك يقوم على على بناء الإنسان العربي، وحفظ حقوق المرأة وابراز دورها الأساسي في مجتمعاتنا وحماية الطفولة، وتثقيف الشباب وتحصينهم علمياً، والتشجيع على معرفة الآخر"، مذكرا في هذا الإطار بدعوته الى "إنشاء "أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار" لما تشكّل من مساحة لقاء بين البشر".
اقرأ أيضًا: هذا ما طالب به «عون» العرب في قمة بيروت الاقتصادية.. ومصادر تنفي تشكيل الحكومة
وطرح رئيس لبنان سلسلة أسئلة في هذا الإطار، فقال: "أين نحن اليوم من السوق العربية المشتركة، والإجراءات المساعدة على تصريف الإنتاج الزراعي مع احترام الرزنامات الزراعية والمعاملة بالمثل التي تتيح التكامل العربي؟ وأين المشاريع الكبرى مثل مشاريع الربط بين الدول العربية بما فيها الربط الكهربائي، وكذلك منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وزيادة معدل الاستثمارات البينية والمباشِرة في الأقطار العربية؟ ألم يحن الوقت لتسهيل التبادل البرّي عبر النقاط الحدودية وفتح المعابر التي تسمح بمرور البضائع بين دولنا؟"
ودعا عون: "المجتمع الدولي الى بذل كل الجهود الممكنة وتوفير الشروط الملائمة لعودة آمنة للنازحين السوريين الى بلدهم، ولا سيّما إلى المناطق المستقرّة التي يمكن الوصول اليها، أو تلك المنخفضة التوتر، من دون أن يتم ربط ذلك بالتوصل الى الحل السياسي، وعلى تقديم حوافز للعودة لكي يساهموا في اعادة اعمار بلادهم والاستقرار فيها".
وتقدّم رئيس لبنان بمبادرة ترمي "إلى اعتماد استراتيجية إعادة الإعمار في سبيل التنمية" داعياً إلى "وضع آليات فعالة تتماشى مع هذه التحديات، ومع متطلبات إعادة الإعمار وفي مقدمها تأسيس مصرف عربي لإعادة الإعمار والتنمية يتولّى مساعدة جميع الدول والشعوب العربية المتضرّرة على تجاوز محنها، ويسهم في نموها الاقتصادي المستدام ورفاه شعوبها وتحقيق أهداف التنمية المستدامة." وفي هذا الإطار، دعا كذلك "جميع المؤسسات والصناديق التمويلية العربية للاجتماع في بيروت خلال الأشهر الثلاثة المقبلة لمناقشة وبلورة هذه الآليات."
مواقف عون ومبادرته جاءت في خلال الكلمة التي القاها بإسم لبنان مفتتحا بها الدورة الرابعة من القمّة العربيّة التنمويّة: الاقتصاديّة والاجتماعيّة، التي انعقدت في بيروت، بعد تسلم لبنان رئاستها من المملكة العربية السعودية. وقد ترأس الرئيس عون الجلسة وعلى يمينه الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط ويساره وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل.
وقد اعتبر عون في كلمته "أن انعقاد هذه القمة في بيروت في هذه المرحلة الدقيقة التي تعيشها المنطقة هو تأكيد على دور لبنان ورسالته في محيطه والعالم"، متمنيا لو كانت "مناسبة لجمع كل العرب، فلا تكون هناك مقاعد شاغرة"، ومؤكدا "اننا بذلنا كل جهد من أجل إزالة الأسباب التي أدت الى هذا الشغور، إلا أن العراقيل كانت ويا للأسف أقوى"، أسفا أيضاً "لعدم حضور الإخوة الملوك والرؤساء ولهم ما لهم من عذرٍ لغيابهم"ن ومشددا "ان لمّ الشمل حاجة ملحّة انطلاقاً من أن جبه التحديات التي تحدق بمنطقتنا وهويتنا وانتمائنا لن يتحقق إلا من خلال توافقنا على قضايانا المركزية المحقة، وحقوقنا القومية الجامعة.
وكان قبل إعلان الرئيس عون افتتاح أعمال المؤتمر، تم التقاط الصورة التذكارية الرسمية للقادة ورؤساء الوفود المشاركة في القمة وهم أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني، رئيس جمهورية موريتانيا محمد ولد عبد العزيز، رئيس مجلس الأمة الجزائري عبد القادر بن صالح ممثلا الرئيس عبد العزيز بو تفليقة، الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، نائب رئيس مجلس الوزراء للعلاقات والتعاون الدولي في سلطنة عمان أسعد بن طارق ممثلا شخصيا للسلطان قابوس بن سعيد، وزير المالية في المملكة العربية السعودية محمد بن عبدالله الجدعان، وزير الاقتصاد سلطان سعيد المنصوري في دولة الإمارات العربية، وزير الخارجية المصري سامح شكري، وزير خارجية جيبوتي محمد علي يوسف، وزير الشؤون الخارجية في جزر القمر محمد الامين سيف اليمني، وزير الشؤون الخارجية في تونس خميس الجهيناوي، وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، وزير الخارجية العراقي الحكيم محمد علي الحكيم، وزير الخارجية الصومالي أحمد عوض، وزير الخارجية لمملكة البحرين الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة ممثلا ملك البحرين، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية دولة الكويت صباح الصباح، رئيس مجلس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، النائب الأول لرئيس الجمهورية السوداني الفريق أول بكري حسن صالح، وزير الصناعة والتجارة اليمني محمد عبد الواحد التميمي.
وقد حضر الجلسة الافتتاحية الرئيس المكلف سعد الحريري، ورؤساء جمهورية سابقون ووزراء ونواب ورؤساء الطوائف اللبنانية والقادة الأمنيون وسفراء دول عرب وأجانب والمحافظون ومدراء عامون وحشد من الشخصيات الرسمية والاقتصادية والصناعية والنقابية والإعلامية ومدعوون.
وإلى نص كلمة الرئيس «عون»...
أصحاب الفخامة والسمو والمعالي والسعادة رؤساء الوفود
معالي السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية
الحضور الكريم،
أهلاً بكم في بيروت أم الشرائع ومهد الحرف
أهلاً بكم ضيوفاً في بلدكم، وإخوة أعزاء تلتقون في هذه القمة لمجابهة التحديات الاقتصادية والتنموية التي تواجه بلداننا، فعسى أن تتكلّل جهودنا بنجاح يلبي طموحات شعوبنا وآمال الاجيال الطالعة، وأن نخطو خطوة على طريق النهوض والإزدهار وتعزيز العمل التنموي العربي المشترك. وأود أن أشكر بداية جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز على رئاسته الدورة السابقة للقمة.
أيها الإخوة،
لقد ضرب منطقتنا زلزال حروب متنقّلة، بعض دولنا كانت في وسطه مباشرة وبعضها الاخر طاولته الارتدادات، وفي كلتا الحالتين الخسائر فادحة، بشرياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً...
لسنا اليوم هنا لنناقش أسباب الحروب والمتسببين بها والمحرضين عليها، إنما لمعالجة نتائجها المدمرة على الاقتصاد والنمو في بلداننا والتي عادت بنا أشواطاً الى الوراء،
فالحروب الداخلية، وتفشي ظاهرة الإرهاب والتطرّف، ونشوء موجات نزوح ولجوء لم يعرف العالم لها مثيلاً منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، أثرت سلباً على مسيرة التنمية التي تشق طريقها بصعوبة في المنطقة، خصوصاً في بعض الدول التي تعاني أساساً من مشاكل اقتصادية واجتماعية، فإذا بهذه الحروب تلقي بثقلها عليها وتفرمل كل محاولات الاستنهاض، وستستمر انعكاساتها وتداعياتها عليها لسنين عديدة مما سيعيق حتماً تنفيذ أي رزنامة اقتصادية واجتماعية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة فيها، ويجعلها تتأخر عن باقي دول العالم.
فأين دولنا من مسيرة تحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، من القضاء على الفقر المدقع، الى محاربة عدم المساواة والظلم، أو إصلاح تغيّر المناخ، في وقت تهدم البيوت على رؤوس أصحابها، وتنتهك أبسط حقوق الشعوب بالحرية والعيش الكريم، وينتشر الدمار في مناطق عديدة من الدول العربية، ويغادر ملايين الناس أوطانهم نحو دول أخرى هي أصلاً تنوء تحت أحمالها وتضيق بسكانها؟
أيها الإخوة،
اني أتكلم من موقع العارف إذ إن لبنان قد دفع الثمن الغالي جرّاء الحروب والارهاب، ويتحمّل منذ سنوات العبء الأكبر إقليمياً ودولياً، لنزوح الأشقاء السوريين، مضافاً الى لجوء الأخوة الفلسطينيين المستمر منذ سبعين عاماً، بحيث أصبحت أعدادهم توازي نصف عدد الشعب اللبناني، وذلك على مساحة ضيقة ومع بنى تحتية غير مؤهلة وموارد محدودة وسوق عمل مثقلة.
من ناحية أخرى هناك الاحتلال الاسرائيلي المتربص بنا، والذي لا ينفك يتمادى منذ سبعة عقود في عدوانه واحتلاله للأراضي الفلسطينية والعربية وعدم احترامه القرارات الدولية وقد وصل اليوم الى ذروة اعتداءاته بتهويد القدس وإعلانها عاصمة لإسرائيل وإقرار قانون "القومية اليهودية لدولة إسرائيل"، غير آبه بالقرارات الدولية، مع ما يعني ذلك من ضرب للهوية الفلسطينية ومحاولة الاطاحة بالقرار 194 وحق العودة. أضف الى ذلك التهديدات الإسرائيلية والضغوط المتواصلة على لبنان، والخروقات الدائمة للقرار 1701، وللسيادة اللبنانية، براً وبحراً وجواً.
ولكن أخطر من كل ذلك هو حال التعثر الداخلي والتبعثر التي يعيشها الوطن العربي، ومعلوم أن "كل مملكة تنقسم على ذاتها تخرب، وكل بيت منقسم على ذاته لا يثبت". وهذا الخراب يطاول ركائز أوطاننا وفي مقدمها الاقتصاد والازدهار والتنمية.
أيها الإخوة،
يقول أديبنا ومفكرنا الكبير جبران خليل جبران: «ويل لأمة تلبس مما لا تنسج، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر»، وكي تصبح أمتنا أمة منتجة "تنسج وتزرع وتعصر" وتحقق أمنها الغذائي، أمامها الكثير من التحديات، وأول تحدٍ يواجهنا اليوم هو أن نجعل من كل الأحداث المؤلمة التي أصابتنا حافزاً للعمل سوياً على الخروج من الدوامة المفرغة لسلسلة الحروب وتداعياتها، والمضي بمسيرة النهوض نحو مستقبل أفضل لشعوبنا، ولنا مثال في اوروبا التي عرفت كيف تلملم جراح حروبها، ووصلت الى السلام عبر الازدهار الاقتصادي والاجتماعي.
أيها الإخوة،
تنعقد قمّتنا بعد انقطاع دام لعدة سنوات شهدَ العالم خلالها القرار التاريخي الذي اتخذته الدورة السبعون للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2015، تحت الرقم 70/1، وأقرّت بموجبه خطة التنمية المستدامة لعام 2030 القائمة على سبعة عشر هدفاً.
وقد جاء في اول هذا القرار أن هذه الخطة "تمثل برنامج عمل لأجل الناس وكوكب الأرض ولأجل الازدهار. وهي تهدف أيضا إلى تعزيز السلام العالمي في جو أفسح من الحرية".. من هنا اخترنا للقمّة التنمويّة العربيّة عنوان: الازدهار من عوامل السلام. وتحقيق الازدهار مهمة شاقة ولكن ليست مستحيلة.
إن معالجة جذور الأزمات والسعي الى القضاء على الفقر الذي يولد عدم المساواة والحروب والارهاب يجب أن يكونا أولوية، كذلك محاربة الفساد والقيام بالإصلاحات الضرورية على كل الصعد وتأمين استقرار التشريع وعدالة القضاء لتوفير عامل الثقة للاستثمارات الداخلية والخارجية. كما يتوجّب علينا تنسيق البرامج والخطط العربية قبل انعقاد قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في نيويورك بتاريخ 25 أيلول المقبل بحضور قادة العالم.
وبالتلازم مع السير بالمشاريع الاقتصادية والاستثمارية والزراعية ضمن رؤية شاملة ومتكاملة، يجب أن يرتكز أساس عملنا المشترك على بناء الانسان العربي، وحفظ حقوق المرأة وابراز دورها الأساسي في مجتمعاتنا وحماية الطفولة، وتثقيف الشباب وتحصينهم علمياً، والتشجيع على معرفة الآخر، من هنا كانت مبادرتنا بالعمل على إنشاء "أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار" لما لها من أبعاد ثقافية واجتماعية، ولما تشكّل من مساحة لقاء بين البشر.
أيها الأخوة،
إننا نأمل أن تساهم هذه القمّة في تفعيل النشاط بالمشاريع العالقة، والعمل على اكمالها وانجازها لما في ذلك من مصلحة أكيدة لكل شعوبنا. فأين نحن اليوم من السوق العربية المشتركة، والإجراءات المساعدة على تصريف الانتاج الزراعي مع احترام الرزنامات الزراعية والمعاملة بالمثل التي تتيح التكامل العربي؟ وأين المشاريع الكبرى مثل مشاريع الربط بين الدول العربية بما فيها الربط الكهربائي، وكذلك منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وزيادة معدل الاستثمارات البينية والمباشِرة في الأقطار العربية؟ ألم يحن الوقت لتسهيل التبادل البرّي عبر النقاط الحدودية وفتح المعابر التي تسمح بمرور البضائع بين دولنا؟ وأين نحن من تصحيح مسار اتفاقية التيسير العربية كي تصبح أكثر عدالة وشمولية؟
كما نأمل أن تلحظ القمّة التنموية مشاريع عصرية مفيدة للعالم العربي، وقد تقدّم لبنان بمشروع عن الاقتصاد الرقمي نظراً لأهمية التطور التكنولوجي والمعلوماتي وما نتج عنه من تغيّرات لا يمكن إغفالها مثل التجارة الالكترونية والحكومة الرقمية.
ان لبنان يدعو من هذا المنبر المجتمع الدولي الى بذل كل الجهود الممكنة وتوفير الشروط الملائمة لعودة آمنة للنازحين السوريين الى بلدهم، ولا سيّما إلى المناطق المستقرّة التي يمكن الوصول اليها، أو تلك المنخفضة التوتر، من دون أن يتم ربط ذلك بالتوصل الى الحل السياسي، وعلى تقديم حوافز للعودة لكي يساهموا في اعادة اعمار بلادهم والاستقرار فيها.
وقد عملنا على اقتراح مشروع بيان ختامي يصدر عن القمّة حول أزمة النازحين واللاجئين نظراً لانعكاسات هذه الأزمة الخطيرة على اقتصادات دولنا، وأبعد من ذلك، لما تشكّله من مخاطر وجودية على النسيج الاجتماعي القائم في المنطقة.
في ظل التحديات الجسام والمهام الكبرى التي تواجهنا بعدما عصفت الحروب والأزمات في عدد من البلدان العربية، أتقدم بمبادرتي الرامية إلى اعتماد استراتيجية إعادة الإعمار في سبيل التنمية داعياً إلى وضع آليات فعالة تتماشى مع هذه التحديات، ومع متطلبات إعادة الإعمار وفي مقدمها تأسيس مصرف عربي لإعادة الإعمار والتنمية يتولّى مساعدة جميع الدول والشعوب العربية المتضرّرة على تجاوز محنها، ويسهم في نموها الاقتصادي المستدام ورفاه شعوبها وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفي هذا الإطار أدعو جميع المؤسسات والصناديق التمويلية العربية للاجتماع في بيروت خلال الأشهر الثلاثة المقبلة لمناقشة و بلورة هذه الآليات.
أيها الإخوة،
إن انعقاد هذه القمة في بيروت في هذه المرحلة الدقيقة التي تعيشها المنطقة هو تأكيد على دور لبنان ورسالته في محيطه والعالم، وكنا نتمنى أن تكون هذه القمة مناسبة لجمع كل العرب، فلا تكون هناك مقاعد شاغرة، وقد بذلنا كل جهد من أجل إزالة الأسباب التي أدت الى هذا الشغور، إلا أن العراقيل كانت ويا للأسف أقوى. ونأسف أيضاً لعدم حضور الإخوة الملوك والرؤساء ولهم ما لهم من عذرٍ لغيابهم،
ويبقى لمّ الشمل حاجة ملحّة انطلاقاً من أن جبه التحديات التي تحدق بمنطقتنا وهويتنا وانتمائنا لن يتحقق إلا من خلال توافقنا على قضايانا المركزية المحقة، وحقوقنا القومية الجامعة، وفي ذلك ترجمة لإرادة شعوبنا التوّاقة الى الازدهار والاستقرار.
ختاماً، أجدّد الترحيب بكم متمنياً التوفيق لأعمال قمّتنا، والسلام عليكم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.