أكد رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون في مستهل كلمته خلال افتتاح القمة العربية الاقتصادية اليوم الأحد قائلا "إن لبنان قد دفع الثمن الغالي جرّاء الحروب والارهاب، وهو يتحمّل منذ سنوات العبء الأكبر إقليمياً ودولياً، لنزوح الأشقاء السوريين، مضافاً الى لجوء الأخوة الفلسطينيين المستمر منذ سبعين عاماً، بحيث أصبحت أعدادهم توازي نصف عدد الشعب اللبناني، وذلك على مساحة ضيقة ومع بنى تحتية غير مؤهلة وموارد محدودة وسوق عمل مثقلة"، اضافة الى "الاحتلال الاسرائيلي المتربص بنا، والذي لا ينفك يتمادى منذ سبعة عقود في عدوانه واحتلاله للأراضي الفلسطينية والعربية وعدم احترامه القرارات الدولية وقد وصل اليوم الى ذروة اعتداءاته بتهويد القدس وإعلانها عاصمة لإسرائيل وإقرار قانون "القومية اليهودية لدولة إسرائيل". واعتبر في الوقت عينه "ان الأخطر من كل ذلك هو حال التعثر الداخلي والتبعثر التي يعيشها الوطن العربي". ونشرت "إن.ن.أ" الوكالة الوطنية للاعلام على موقعها الالكتروني أن الرئيس اللبناني شدد على "ان أول تحدٍ يواجهنا اليوم هو أن نجعل من كل الأحداث المؤلمة التي أصابتنا حافزاً للعمل سوياً على الخروج من الدوامة المفرغة لسلسلة الحروب وتداعياتها، والمضي بمسيرة النهوض نحو مستقبل أفضل لشعوبنا"، عارضا لسبل معالجة جذور هذه الأزمات داخليا من خلال "السعي الى القضاء على الفقر الذي يولد عدم المساواة والحروب والارهاب، كذلك محاربة الفساد والقيام بالإصلاحات الضرورية على كل الصعد وتأمين استقرار التشريع وعدالة القضاء لتوفير عامل الثقة للاستثمارات"، واقليميا من خلا "عمل مشترك يقوم على على بناء الانسان العربي، وحفظ حقوق المرأة وابراز دورها الأساسي في مجتمعاتنا وحماية الطفولة، وتثقيف الشباب وتحصينهم علمياً، والتشجيع على معرفة الآخر"، مذكرا في هذا الاطار بدعوته الى "إنشاء "أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار" لما تشكّل من مساحة لقاء بين البشر." وطرح سلسلة أسئلة في هذا الاطار، فقال: "أين نحن اليوم من السوق العربية المشتركة، والإجراءات المساعدة على تصريف الانتاج الزراعي مع احترام الرزنامات الزراعية والمعاملة بالمثل التي تتيح التكامل العربي؟ وأين المشاريع الكبرى مثل مشاريع الربط بين الدول العربية بما فيها الربط الكهربائي، وكذلك منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وزيادة معدل الاستثمارات البينية والمباشِرة في الأقطار العربية؟ ألم يحن الوقت لتسهيل التبادل البرّي عبر النقاط الحدودية وفتح المعابر التي تسمح بمرور البضائع بين دولنا؟" ودعا "المجتمع الدولي إلى بذل كل الجهود الممكنة وتوفير الشروط الملائمة لعودة آمنة للنازحين السوريين الى بلدهم، ولا سيّما إلى المناطق المستقرّة التي يمكن الوصول اليها، أو تلك المنخفضة التوتر، من دون أن يتم ربط ذلك بالتوصل الى الحل السياسي، وعلى تقديم حوافز للعودة لكي يساهموا في اعادة اعمار بلادهم والاستقرار فيها". وتقدّم بمبادرة ترمي "إلى اعتماد استراتيجية إعادة الإعمار في سبيل التنمية" داعياً إلى "وضع آليات فعالة تتماشى مع هذه التحديات، ومع متطلبات إعادة الإعمار وفي مقدمها تأسيس مصرف عربي لإعادة الإعمار والتنمية يتولّى مساعدة جميع الدول والشعوب العربية المتضرّرة على تجاوز محنها، ويسهم في نموها الاقتصادي المستدام ورفاه شعوبها وتحقيق أهداف التنمية المستدامة." وفي هذا الإطار، دعا كذلك "جميع المؤسسات والصناديق التمويلية العربية للاجتماع في بيروت خلال الأشهر الثلاثة المقبلة لمناقشة وبلورة هذه الآليات". مواقف رئيس الجمهورية ومبادرته جاءت في خلال الكلمة التي ألقاها بإسم لبنان مفتتحا بها الدورة الرابعة من القمّة العربيّة التنمويّة: الاقتصاديّة والاجتماعيّة، التي انعقدت في بيروت، بعد تسلم لبنان رئاستها من المملكة العربية السعودية. واعتبر الرئيس عون في كلمته "أن انعقاد هذه القمة في بيروت في هذه المرحلة الدقيقة التي تعيشها المنطقة هو تأكيد على دور لبنان ورسالته في محيطه والعالم"، متمنيا لو كانت "مناسبة لجمع كل العرب، فلا تكون هناك مقاعد شاغرة"، ومؤكدا "اننا بذلنا كل جهد من أجل إزالة الأسباب التي أدت الى هذا الشغور، إلا أن العراقيل كانت ويا للأسف أقوى"، أسفا ايضاً "لعدم حضور الإخوة الملوك والرؤساء ولهم ما لهم من عذرٍ لغيابهم"ن ومشددا "ان لمّ الشمل حاجة ملحّة انطلاقاً من أن جبه التحديات التي تحدق بمنطقتنا وهويتنا وانتمائنا لن يتحقق إلا من خلال توافقنا على قضايانا المركزية المحقة، وحقوقنا القومية الجامعة. كما قال"في ظل التحديات الجسام والمهام الكبرى التي تواجهنا بعدما عصفت الحروب والأزمات في عدد من البلدان العربية، أتقدم بمبادرتي الرامية إلى اعتماد استراتيجية إعادة الإعمار في سبيل التنمية داعياً إلى وضع آليات فعالة تتماشى مع هذه التحديات، ومع متطلبات إعادة الإعمار وفي مقدمها تأسيس مصرف عربي لإعادة الإعمار والتنمية يتولّى مساعدة جميع الدول والشعوب العربية المتضرّرة على تجاوز محنها، ويسهم في نموها الاقتصادي المستدام ورفاه شعوبها وتحقيق أهداف التنمية المستدامة". وأضاف "وفي هذا الإطار أدعو جميع المؤسسات والصناديق التمويلية العربية للاجتماع في بيروت خلال الأشهر الثلاثة المقبلة لمناقشة و بلورة هذه الآليات".