عددُ الرواة الوضاعين حوالى عَشَرَةِ آلاف راوٍ - وعدد الكتب التى ذكرت هلاء الوضاعين، وحكمت عليهم بالوضع، حوالَيْ اثنْى عَشَرَ كتاباً - منها الكامل فى الضعفاء لابن عدى - والضعفاء، للعُقيليّ - والموضوعات لابن الجوزى- وهؤلاء كلهم وضعوا أقوالاً مكذوبة، ونسبوها إلى الرسول المعصوم - صلى الله عليه وسلم -فهم يعرفون سلاسل الرواة، فيأخذ كل منهم سلاسل، ويوصل رواية ما كَذَبَهٌ إلى أحد الصحابة - كابن عباس وعبدالله ابن مسعود - والسيدة يحرص على أن يصدقه الناس، فيوصل سلسلة الرواة إلى أحد من هؤلاء الصحابة الأجلاء - الذين لم يقولوا ما قال، ولم يسمعوا به وهذا.. يعنى أن فى كتب الحديث كثيراً من الأحاديث المكذوبة، قد تبلغ ثلث ما فى كتب الحديث - وحتى الإمامين الكبيرين الصدوقين فى أنفسهما - وهما: البخاريّ ومسلم - كُذِبَ عليهما - وصدّقا الرواية الكاذبة التى جاء الكذب، بل من راوٍ سابق يكذب، والخبر الذى ورد عنه وأنه صادق!- ومن أين لهما أن يعرفا أنه كذاب، وهما لم يرياه، بل مات قبل ولادتهما؟- وهما ليسا معصومين ولا يعلمان الغيب؟ - أشراطها فى القرآن: - لم يرد القرآن إلا ثلاثة أشراط هى: - قوله تعالى: (حتى إذا فُتحت يأجوجُ ومأجوجُ، وهمْ من كلَّ حَدبٍ ينسلون) - (الأنبياء -96) - ثم: ( وإذا وقعَ القولُ عليهم أخرجنا لهم دابّةً من الأرض تُكلمهم ان الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ) -( النمل -82) - والثالثة: (فارتقبْ يومَ تأتى السماءِ بدخانٍ مُبينٍ - يغشى الناسَ هذا عذابُ أليٌم) (الدخان - 10، 11) - القيامة تأتى بغتةً: - السؤال هنا - كيف للساعة أن يكون لها - أشراط - وهى تأتى بغتةً ؟ قال تعالى: ( ثَقٌلتْ فى السماوات والأرض لا تأتيهمْ إلا بغتةً) ( الأعراف -187) - وجاءت ( بغتةً ) فى أربعَ عَشْرَةَ آيةً: الجواب - أن ثَمّةً حقبةً زمنية بين الأشراط وبين المباغتة - الأشراط تنذر، ولكن قد يمر نصف قرن قبل المباغتة، حتى يكون لدى الناس وقت لكى يؤمنوا. فبعد آية -الأنبياء - جاء قوله تعالى: ( واقترب الوعد الحق...) (97)- والاقتراب، فى القرآن، يعنى الزمن البعيد. أمَا قوله تعالى: (اقترب للناس حسابهم، وهم فى غفلة معرضون)؟ - (الأنبياء-1) - ومع ذلك لا يزال الحساب بعيداً لا يعلم إلا الله متى يأتى. وثمّة - مُبْعدات - بين الشرط وبين المباغتة فى الآيتين الأخريين - كهذه الآية - - أحاديث أشراط الساعة - غير صحيحة: - أوّلاً = لأن الرسول الحكيم المعصوم لا يعلم الغيب، وأشراط الساعة من الغيب الذى لا يعلمه إلا الله تعالى، فالله - عزّ وجلّ - يرشد رسوله أن يقول (قلْ لا أملك لنفسى نفعاً ولا ضرّاً إلا ما شاء الله. ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير...) -( الأعراف -188). أما قول الله تعالى: ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً - إلا من ارتضى من رسول، فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً) -(الجنّ26،27).واضحُ أنه لا تصريح بإطلاع من ارتضى من رسول على كامل الغيب، وإنما جاء التعبير (إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً) - فالأداة إلاّ « هنا بمعنى « لكن « أى: لكن من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه وصداً لكى يطلعوه على بعض الغيب - لا كل وهو الغيب الذى تدعو له الدواعى لإنجاح دعوته، أى: يُطلعه الرصد على غيب يفيده فى اقتناع الناس به، مما يقع فى حينه، أو بعد وقت قصير، يفترض أنه لا يزيد على شهر، حتى تكون العبرة منه مشاهدة. أمّا عِلْم الغيب كله فليس مما يُطلعٌ اللهٌ العليم عليه رسله، لأنه لا تدعو الدواعى الحاضرة له، - وعلى هذا.. فأحاديث أشراط الساعة كلها غير صحيحة. لأنها من الغيب الذى لا تدعو له الدواعي، ولا يفيد فى اقناع الناس، بل قد يدعو إلى تكذيبهم للرسول - كلَّ رسول - أو الشّكّ فى صدقه. ونورد مثلاً على هذه الأحاديث حديثاً وَرَدَ فى صحيح الإمام مسلم. وهو مثل على هذا النوع من الأحاديث، لأنها تذكر أشياء لا تختلف فى ذواتها. قال كما تلخص عن مسلم حديثى حرملة ابن يحيى، أخبرنا ابن وهب،أخبرنى يونس، عن ابن شهاب.. (إن أشراط الساعة هى: الدخان - الدجال - الدابة - طلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى - عليه السلام - ويأجوج ومأجوج - وثلاثة خسوف = خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب - وخسف بجزيرة العرب - وآخرٌ ذلك نار مخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ). - أولاً - السند - فيه راوٍ ضعيف هو يونس ابن خباب - ضعفه ابن عديّ، فى - معجم أحاديث الضعفاء - من كتاب الكامل لابن عدى -(27/2080ص- 172) - وابن شهاب الزهرى - مدلّس، والمدلّس ضعيف (وكل المصنفين فى الجرح والتعديل - يعتبرون الرواية التى فيها راوٍ ضعيف - باطلة، لا يجوز نسبتها للرسول المعصوم - صلى الله عليه وسلم - فهذا الحديث مكذوب. - ثانياً - المتن ( = المضمون )- من حيثُ المضمون - الراوى الضعيف بل الراويان - ذكرا ما ورد فى القرآن ثم أضافا له ما ليس منه، وليس صحيحاً. فالدخان، ويأجوج ومأجوج - والدابة -واردات فى القرآن - وقد تبينا أنهُنّ علامات تسبق - المباغتة - بزمن طويل. أما سائر ما بقى.. فمكذوب لأنه لم يرد فى القرآن، ولأن الغيب لا يعلمه إلا الله، ولأنه لا دواعيَ من الغيب البعيد - تدعم الرسول فى دعوته - كما بيّنا، سابقاً. - ولأن الدجّال.. كذبُ مَحض، يأتى بآيات ويطلب من الناس أن يعيدوه لأنه يدعى أنه - الله - ومعه جبل من خبز - وجبل من ماء. وتنزه الله - الحق العدل - أن يعطىَ الدجال آيات تغرّر بالناس، ليعبدوه، ونزول عيسى - عليه السلام - خرافة، لأن الله - سبحانه - قال: (إنى متوفّيكَ ورافعُكَ إلىّ، ومطهرّك من الذين كفروا...) -( الأعراف -55) - ولو كان فى قدَر الله أن يعيده إلى الأرض، لأكمل بقوله - (ومعيدك إلى الأرض قبل يوم القيامة) ولله المثل الأعلى. وَحَدَكٌ ضخم كهذا - لو كان صحيحاً - لاشار إليه القرآن قطعاً، لأن القرآن لا يهمل الإشارة إلى عظائم الأمور.والنار التى تخرج من اليمن وتطرد الناس إلى محشرهم - مكذوبة. لأنه، عند المحشر، لا يَمَن، ولا جزيرة عربية، ولا آسيا، ولا إفريقية، ولا أوروبية... إلخ - لأن الله يقول عن يوم القيامة: (يومَ تبدّلُ الأرض غيرَ الأرض والسماواتُ وبرزوا لله الواحد القهار )- (إبراهيم-48). - خاتمة: لقد وَضَحَ أن أحاديث أشراط الساعة، وهى متشابهة، كلها مكذوبة، لأن ما ورد فى أحد أصحّ كتابين فى الحديث مكذوب سنداً - ومتناً - فكيف بالكتب التى دونه: والله تعالى أعلم