من أقوي سمات هذه الثورة «ثورة 25 يناير» وأجملها وأعمقها أثراً في المشهد السياسي سمة الوعي ومستوي اليقظة لأغلبية الشعب المصري.. فهذه الصحوة الجماهيرية العامة وهذه الاطلالة الحقيقية علي المشهد السياسي بكل ما فيه من حسنات وعيوب ومن سواد وبياض للصورة تؤكد أننا استطعنا أن نرتقي ونرتفع نحو مستويات قياسية في مستوي وعينا المجتمعي العام لمجمل الواقع ومشاكله وعوائقه، وفي خلال عام ونصف العام وصلنا إلي نقاط لم نصل إليها خلال عقود وأعوام عديدة ماضية.. فهذه الصحوة الجماهيرية العامة ستكون حافزا أساسيا ومهما جدا من الرغبة الحقيقية في الإصلاح والتغيير للأفضل وتقربنا من ادراك الحقائق والاطلاع علي الأمور المخفية تحت ركام الزيف الإعلامي الرسمي الذي يمارس دور استغفال وتضليل الشعب.. فليست هناك جريمة أشد بشاعة في وقتنا الحالي من جريمة ادامة الجهل والتخلف وخداع البسطاء من الشعب وتضليله عن طريق طمس الوعي ومحاربة الفكر وحجب الحقائق.. فيجب علي جميع الأطراف أن تدرك القول السائد «لا يصح إلا الصحيح».. وأن تدرك أيضا أنه لم يعد هناك مجال لممارسة الاستغفال ولم يعد هناك متسع لمواصلة لعبة التضليل والمخادعة ولم ولن يستطيع أي طرف مهما أوتي من قوة أن يعيد المارد إلي القمقم وسوف تبقي مساحة الوعي في ازدياد لتنتشر في جموع العامة وبسطاء الناس والدليل هذا التراجع الشديد في شعبية التيارات الإسلامية وما عاد يجدي أو ينفع التستر علي الفاسدين وأيضا المماطلة واستهلاك الوقت ولن يجدي أيضا الخداع بكل أشكاله لأن وعي الشعب المصري يزداد يوما بعد يوم وشعاع اليقظة يعم في أرجاء الوطن.. فتحسين الأحوال ولو بشكل طفيف والإصلاحات الجزئية هنا وهناك وهذا الحراك الشعبي الدائم المشتعل والذي يرصد كل صغيرة وكبيرة ويستمع لصوت الحق والحرية يجعلنا أكثر قدرة وفاعلية علي انتزاع اصلاحات حقيقية وجوهرية تنلقنا من مرحلة إلي أخري بشكل ممنهج ومبرمج سليم.. فشرارة الوعي التي اشتعلت في نفوس الشباب ولامست الحقيقة المرة بكل تفاصيلها لن تهدأ وتستكين إلا باكتمال ما بدأته في سكة الاصلاح والحرية والكرامة ولن نتوقف مهما تكن العقبات ومهما يكن حجم المكر والدهاء الذي يتمتع به معسكر الفساد والمفسدين في أرض الوطن.. وما يقتضي ضرورة فهمه أن الأمور في وطننا الحبيب لا يمكن أن تنقلب بين يوم وليلة من أدني درجات الانحطاط والظلم والفساد والاستبداد إلي قمة الحرية والعدالة والرخاء وأيضا ما يجب معرفته أن الحرية والعدالة والعيش في رخاء لا يمكن أن تأتي لقوم كسالي يتثاءبون ويتمنون من الآمال أن تأتيهم علي طبق من ذهب.. انها المرة الأولي التي ننتخب رئيسا للبلاد وهذا يحملنا مسئولية ما نختار.. وليكن الرئيس شخصا منا وليس منهم.. شخصا ينحاز للفقراء والبسطاء ويهتم بالتعليم والثقافة والرعاية الصحية.. شخصا طيب الملامح لأن سيماهم علي وجوههم.. شخصا يؤمن بأن مصر دولة مدنية وأن الدين لله والوطن للجميع.. شخصا واضحا يتكلم عن ذمته المالية بصراحة لنعرف ما له وما عليه وليكن نسراً يحلق في سماء مصر بفخر وأيضا زعيما بالقول والفعل فيه من جمال الطبع وكياسة الخلق وصدق الكلمة ليكون ناصرنا علي كل من يعاديه وليأتينا بالصباح بعد ليل طويل ونكون معه وبه حامدين لله وشاكرين.. وعمار يا مصر يا أم الصابرين. نشر بالعدد 597 تاريخ 19/5/2012