دقائق وتبدأ مباراة نادى الزمالك والنادى المصرى في الجولة الثالثة من مباريات الدورى المصرى الممتاز، عشرات المواطنين يجلسون على كراسى، بعضها خشبية وأخرى بلاستيكية «خفيفة»، وبصوت أجش حماسي يُقدم المعلق أيمن الكاشف المباراة وسط صمت المدرجات المُعتاد، دعوات خافتة فى النفوس يدعوها الجالسين، ما بين «الزمالك يارب» و«ويارب يتعادلو»، ثم يسكت الجميع وتبدأ المباراة بضغط شديد من الفريق الأبيض على الفريق المُستضيف. انقلب المقهى رأسا على عقب في الدقيقة 14 من عمر المباراة، وسط صمت 3 ممن يرتدون ال«تى شيرت الأبيض» يجلسون أمام الشاشة، بينهم رجل عجوز ألقى ب«كوباية الشاى» على الأرض مردداً بصوت مرتفع وسط «دوشة» المُشجعين «مينفعش كدة يا جدعان، فقد وضع اللاعب «أبو سليمة» الهدف الأول فى مرمى الزمالك، بعد إرسال عرضية مُتقنة من اللاعب عمرو موسى من «ضربة ركنية» لتلمس رأس الوافد جديد «جريندو» ليُصيب «أبو سليمة» مشجعى الزمالك الثلاثة وغيرهم من الآلاف فى منازلهم بال«جلطة» المؤقتة.
لم تكن مبارة الزمالك والمصري الأخيرة في الدوري المصري الممتاز هي المباراة الوحيدة التي يعزف جماهير الزمالك فيها عن الجلوس عن المقاهي لمشاهدة فريقهم وهو يلعب، سواء على المستوى المحلى أو الإفريقى، بل كانت هذه المباراة نموذجاً دائما عن عدم رغبة الكثير من الزمالكاوية فى الجلوس على المقاهى سواء للمشاهدة أو للتحدث بشكل عام فى الكرة، فقد أصبح من الطبيعى أن يجلس 4 أشخاص على الأكثر من مشجعى الزمالك فقط لمشاهده على «القهوة» والباقى من مشجعى الأهلي.
«فريرا» «مرتضى منصور» «ميت عقبة»، «أبطال القرن الحقيقين» «الزمالك قادم» «نيبوشا حلو وبيفهم» «يا ترى هنكسب المرة دى؟» «الفريق أحلى من غير شيكا» «الزمالك قادم تانى» جميعها أشياء وأسئلة تدور فى ذهن المواطن الزملكاوى قبل التفكير إلى الذهاب إلى المقهى لمشاهدى الفريق، لكن يبقي السؤال الأهم والأكثر إلحاحاً «من هيدفع حق المشاريب المرة دى؟ مرتضى منصور اللى بيجيب كل يوم مدرب؟».
لعل أهم أسباب عزوف الزملكاوية عن مشاهدة فريقهم وسط تجمعات من الأهلوية ومشجعي الفرق الأخرى، هو ما شهده الفريق خلال السنوات الماضية، فقد شهدت تلك السنوات إحباطاً كبيراً لهم، بل وأن وصل الأمر إلى أن بعضهم كان يُشجع فريقه سراً، يجلس فى منزله ويغلق بابه عليه، ويتابع مباريات الفريق فى صمت، ويعاتب نفسه بعد كل هزيمة على تضييع وقته على مشاهدة الفريق وهو يٌهزم، ويشعر الزملكاوى بالراحة فى ذلك بعيداً عن معايرة الأهلاوية له على سوء حال فريقه.
«حرقة الدم المُضاعفة»، أحد أهم أسباب عزوفهم عن مشاهدة الفريق، سواء في حالة فوزه أو خسارته، ففي حالة الفوز، لا يسلم الزملكاوي أبدا من تقليل الأهلاوية من شأن الفريق الذي يُلاعبه الزمالك، والتشكيك بشكل مستمر في أداءه، مُستغلين اهتمام الزملكاوية بأداء الفريق أكثر من نتائجه، كما حدث في مباراة الإنتاج الحربي الأولى للزمالك فى الدورى، وفى حالة الهزيمة ومع أول هدف، تبدأ المُضايقات التي تتطور إلى حد الشجار والسباب.
«الزمالك قادم»، جملة أطلقها جمهور الزمالك لمُساندة فريقه، ولكن سرعان ما تحولت هذه الجملة التي تحمل معاني كبيرة بالنسبة لكل زملكاوى، إلى محل سخرية من الجماهير المُنافسة، ومادة خام لل«تريقة» على حالة الفريق الأبيض فى السنين العجاف التى لم يرى فيها أى بطولة سوى 4 بطولات كأس وبطولة دورى وحيدة والوصول إلى نهائى كأس إفريقيا، وبعد أن كان لقب «أسياد إفريقيا» حكرا على جمهور الزمالك، تحول اللقب إلى منافسه اللدود النادى الأهلى بعد حصوله على 6 بطولات دورى أبطال إفريقيا خلال ال 15 عاما الأخيرة ليصبح الإجمالى 8 بطولات تصدراً على نظرائه الزمالك ومازيمى بإجمالى 5 بطولات.