نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز، تقريرًا كشفت فيه عن دعوة كبرى الصحف الأمريكية وعلى رأسها «وول ستريت جورنال، ونيويورك تايمز»، وعشرات الصحف الصغيرة المشرعين الفيدراليين، إلى منح الصناعة استثناء من قواعد مكافحة الاحتكار للتفاوض بشكل جماعى مع عمالقة التكنولوجيا، لمواجهة استحواذ شركتى «جوجل» و«فيسبوك»، على 70% من حصة إعلانات الإنترنت بعد السطو على حقوق الملكية الفكرية الخاصة بالموضوعات الصحفية ونشرها على مواقعها وجني عشرات المليارات من الدولارات سنويًا، في المقابل تراجعت إيرادات الصحف الأمريكية من الإعلانات من 50 مليار دولار منذ 10 سنوات إلى 18 مليار دولار فقط. برلماني: «فيس بوك» يربح «ببلاش» شن الدكتور نادر مصطفى، أمين سر لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب، هجومًا حادًا على الشركات متعددة الجنسيات التي أصبحت تتحكم في إدارة المحتوى الصحفي عبر الإنترنت، من خلال التسويق والترويج والسماح بوصوله أو تقييده مثل شركتي «جوجل» و«فيسبوك»، بدون معايير واضحة وصريحة وهو ما يهدر استثمارات بملايين الجنيهات لمواقع صحفية محترمة وتربح «ببلاش من ورا الصحف المصرية». وأضاف «مصطفى»، ل«صوت الأمة»، أن هذا الكلام منطقى لبداية انتباه الصحف الأمريكية والأوروبية للمخاطر نتيجة الدخول في عصر جديد قوامه تكنولوجيا المعلومات، وأصبح لزامًا علينا فى مصر التنبه أيضًا لما تمثله هذه الشركات من مخاطر على مؤسساتنا الصحفية القومية والخاصة بنفس الطريقة الذى تقوم بها الشركات الأوروبية والأمريكية الصحفية. وحول الوضع فى مصر، قال أمين سر لجنة الثقافة والإعلام والآثار: «بالفعل تربح هذه المؤسسات في الوقت الذى تتكبد فيه الصحف خسائر ضخمة، خاصة وأن المحتوى الصحفى يتم إنفاق الملايين عليه من مرتبات إلى مصاريف إدارية في ظل أوقات حرجة تمر بها المؤسسات الصحفية والإعلامية وبالتالى يحدث نوع من أنواع الخلل المالى لهذه المؤسسات في الوقت الذى تحقق الشركات الدولية بعدد أقل من الموظفين أرباحًا بعشرات المليارات من الدولارات، فإنه فى المقابل تتحمل الشركات القومية الخاسرة هذه التكاليف نيابة عن الشركات الدولية، فهل يعقل أن من ينفق الشركات المحلية بينما يكون الرابح هو الشركات الدولية». وتابع: «وهي تمثل خلل للمجال الإعلامى وتضع المجال في مرتبة يصعب إدارة موارده بشكل فعال في المادة الإعلامية والإعلانية أيضًا والأمور تزداد سوءًا، والمنتج الإعلامى لهذه المؤسسات يعرض على مواقع الفيس بوك وجوجل ويحقق مشاهدات بينما المنتج الأصلي لهذه المادة يتكبد خسائر ولا يحقق نسب زيارة عالية للمواقع أو أرباح مالية». وأكد أن البرلمان سيدرس جدوى تعامل الصحف الأمريكية مع شركتى «جوجل» و«فيسبوك»، ودعت المؤسسات القومية والهيئات الإعلامية لدراسة ومتابعة هذه التجربة تحديدًا بحيث نستطيع الدروس المستفادة وعمل دراسة مصرية مثل الأمريكية لرصد الخسائر الناتجة عن سياسات «جوجل» و«فيسبوك»، من خلال المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والتقدم بها لمجلس النواب لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية المؤسسات الصحفية الوطنية وتوفير مناخ صحى لممارسة العمل وحرية تداول المعلومات. وقال: «علينا أن ننظر في كافة البدائل من أجل تطوير مؤسساتنا والنظر للتحديات الجديدة التى تجابهه هذه المؤسسات سواء من خلال الشركات متعددة الجنسيات التى تدخل في مجالات الإعلام بقوة من جهة أو التحديات الداخلية من جهة أخرى مثل ضعف الإمكانيات وصعوبة العمل بطريقة مربحة اقتصاديًا لأن ذلك يعود بالنفع على الصحافة للمستوى القومي ويؤدي لمصلحة الوطن». عضو بلجنة الدفاع خسائر الصحف المصرية ما بين 1 إلى 1.5 مليار جنيه سنويًا بسبب جوجل وفيس بوك وقال أحمد إسماعيل، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، إن الأزمة المثارة حول تآكل حصة إعلانات الصحف الورقية والإلكترونية في مصر نتيجة ممارسات تجارية لشركتى «جوجل» و«فيسبوك»، يمكن اعتبارها جريمة احتكار حيث تقوم الشركتان بالتحكم في عدد الزوار وتفضيلات المواقع وكذلك تقييمها وتسعير نسب الإعلانات وفي نفس الوقت هي مستفيد تجاري وبالتالى هى عملية احتكارية متكاملة الأركان يجرمها القانون المصرى، هذا بخلاف ما تحدثه هاتين الشركتين من إضرار بالأمن القومى لمصر من حيث اختراق أمن شبكة الإنترنت والتحكم عن بعد في نوعية الأخبار والمعلومات والتى أطلق عليها الرئيس الأمريكي جون ترامب مؤخرًا «فيك نيوز» أى الأخبار المزيفة التى ساهم في ترويجها وبثها موقع التواصل الاجتماعى الأكثر شهرة عالميًا «فيسبوك». وحذر «إسماعيل»، في تصريح خاص، من ضياع ما يتراوح بين مليار و1.5 مليار جنيه سنويًا كحصيلة تقديرية لسوق إعلانات الصحف والقنوات التى هجرت وسائل الإعلام المحلية لتقوم بتسديد رسومها عبر الإنترنت في معاملات لا تخضع لسيطرة الدولة ولا للخزينة العامة لتمول نشاطات توسعية لشركات أمريكية عابرة للقارات، ونسينا فى الأساس أنه يمكن توجيه تهم لشركتى «جوجل» و«فيسبوك» بأنهما يقومان بالسطو والاعتداء على حقوق الملكية الفكرية والتى وقعت مصر على العديد من الاتفاقيات وكذلك الولاياتالمتحدة لاحترام هذه الحقوق. ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبي مؤخرًا، غرم شركة «جوجل» قرابة 2 مليار دولار نتيجة تلاعبها في نتائج ظهور بعض المواقع على محرك البحث الأكثر انتشارًا عالميًا ما نتج عنه خسائر لشركات أوروبية لم تقم بدفع إعلانات لمحرك البحث حتى يظهرها أنها أفضل من أخرى أقل منها في الجودة والعراقة لمنتجاتها، وفي العام الماضى غرم الاتحاد أيضًا شركة فيس بوك بسبب عدم إفصاحها على تفاصيل صفقة بيع تطبيق الرسائل الأشهر «واتس آب». خبير: أزمة إعلانات الفيسبوك وجوجل تستوجب تكوين جبهة إعلامية للتفاوض قال الخبير الاقتصادى أحمد سعد، إن حرية التجارة الدولية من أهم مبادئ أعضاء منظمة التجارة الدولية، إلا أن تلك الحرية تتلاشى إذا أضرت بالكبار هذه هي القاعدة التجارية غير المعلنة، والصراع بين شركة أبل الأمريكية وشركة سامسونج الكورية خير دليل. وتساءل أحمد سعد، فى تصريح خاص ل«صوت الأمة»: هل لوبي الإعلام الأمريكي قادر على تغيير القوانين الأمريكية بما يخدم مصالحه؟، لافتًا إلى أنه لا شك في قدرة لوبي الإعلام الأمريكي على الضغط سياسيا لتعديل قوانين الاحتكار بما يخدم مصالحها لتأثير الإعلام الأمريكي على قبول الشعب الأمريكي ورفضه للسياسيين. وأكد «سعد»، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تستطيع فرض شروطها التجارية على الشركات الدولية والعالمية بسبب هيمنتها الاقتصادية والسياسة، وسبق أن ألزمت أمريكاسويسرا بالإفصاح عن حسابات المواطنين الأمريكيين بسويسرا في انتهاك صريح لضوابط سرية حسابات العملاء. أما في حالة مصر، أكد الخبير الاقتصادى، أن الوضع مختلف ويحتاج لتكوين جبهة من الكيانات الإعلامية والتواصل مع مواقع التواصل الاجتماعي والتفاوض معها مباشرة دون تدخل من الدولة المصرية للحصول على حصة من مقابل الإعلانات التي تجذبها تلك المواقع في مقابل نشر التقارير الإعلامية، مع تحديد آلية لكيفية التنفيذ. خبير تسويق: الدولة ملزمة بحماية الصحف من هيمنة «جوجل» و«فيسبوك» على الإعلانات قال الدكتور محمد عمارة، خبير التسويق السياسى، إن تغول شركات التكنولوجيا العالمية وسطوها على إعلانات الصحف، يأتى ضمن مخطط من أجهزة المخابرات الأجنبية، خاصة الأمريكية للسيطرة على حرية الصحافة، بعد أن تخطت حدود غير مسبوقة، عقب نشرها لملايين الوثائق والتسريبات الرسمية والمحادثات الهاتفية والفيديوهات عبر صفحات مواقعها الإلكترونية، ما تسبب في حرج للمخابرات والكونجرس ودوائر صنع القرار الأمريكي، ما جعلها تطلق عنان التحكم لشركات التكنولوجيا التي تتعاون معها في السر والعلن من خلال جمع معلومات عن البشر في كافة أنحاء العالم، وكنوع من المكافاة قامت بالتغاضي عن ممارساتها الاحتكارية في الاستحواذ على 70% من الإعلانات عبر الإنترنت في الولاياتالمتحدة وحدها. وأضاف «عمارة»، ل«صوت الأمة»، أن شركتي «جوجل» و«فيسبوك»، يمارسان سياسات من شانها أن تدمر مئات الصحف الكبرى حول العالم ليكون لهاتين الشركتين السيطرة على الرأى العام العالمي، ولأنهما شركتان أمريكيتان فإن المخاطر التي سوف تمثلها لمصر تحديدًا سيكون لها بعدًا أمنيًا لذلك يجب على مجلس النواب عقد اجتماعات طارئة مع وزارات الاتصالات، والدفاع، والداخلية، والمالية، والتخطيط، والهيئة الوطنية للصحافة، لحسم هذا الملف لأن ليست الصحف وحدها هي التي ستتأثر بمثل هذه التبعات بل سيمتد التأثير إلى الأمن القومي، من خلال تمرير الرسائل السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، بل والتاريخية عبر مواقع قد تكون مجهولة الهوية تحصل على دعم أو موافقة هذين الموقعين الأمريكيين، وبالتالي ستتدمر أجيال وتزيف الحقائق وتفقد الدولة قدرتها على التواصل والفعل ورد الفعل، وستكون معلومات المصريين مقدمة على طبق من ذهب للشركتين الالكترونيتين الهادفتين للربح المادي.