وُلدت ونشأت فى بيت جدتى بحى عابدين، كان اسمها «بخيتة» وكانت نموذجاً للمرأة الصعيدية القوية , كانت تضج بالحياة.. كانت أمية لا تعرف القراءة والكتابة ولكنها كانت تمتلك ما يُسمى بفطنة الوجدان.. لم تكن تمتلك من متاع الدنيا إلا أبناءها فلقد باعت مصوغاتها قطعة قطعة لتستعين بها على وعثاء الطريق. ربت سبعة أبناء وأحفاد كثيرين كنت منهم، مازلت أتذكر حكاياتها الأسطورية وعينيها المبتسمة دائماً فى خجل ويديها وهى تحاول إخفاء ضحكاتها. زرعت فى أبنائها جميعا قيم الصعيد من ود وتراحم وصدق وأمانة وشهامة، كانت دائما تنظر لأمى بإعجاب شديد فهى أولى بناتها التى تحصل على الثانوية العامة وتعمل موظفة بإحدى شركات القطاع العام، أتذكرها وهى تنظر لأمى بشغف وهى تحكى عن عملها وصديقاتها وما يفعلنه فى الشركة، لم تخف على أمى بل شجعتها وساندتها. كانت لا تملك إلا أحلامها، أحلامها لأبنائها وسعادتهم واستقرارهم، أتذكرها وهى تستيقظ فجرا لتُعد الإفطار لجدى ثم وهى تودعه على باب المنزل وتدعو له دعاءها الأثير «ربنا يحنن عليك». معنى البخت فى المعجم الوسيط «الحظ»، فاسمها بخيتة يعنى محظوظة، وأعتقد أن لها نصيباً من اسمها، فلقد عاشت تنعم بحب أبنائها وأحفادها، وانتقلت إلى رحمة الله وما زالت سيرتها العطرة حية فى نفوسنا حتى الآن، رحمها الله، وسلامٌ إليكن وعليكن يا كل الجدات الطيبات.