رائحة مميزة، تقود أنفك لهذا المطعم، لتناول طعام يظّن البعض أنه «شعبي»، فمنذ سنوات عديدة مضت وهو يشتهر بين فئات المجتمع كافة بأنه الوجبة التي لم يستطع أحد أن يقاومها، ف «الكشري» المكون من عدة حبوب تتداخل جميعها لتصنع طبق شهي، لم يعد في متناول الطبقة الفقيرة فقط، بل أصبحت تكلفته باهظة بعد ارتفاع أسعار مكوناته، ليرتفع ثمنه إلى الضِعف. «فاعل خير»، شعار اتخذه الحاج إيراهيم العيسوي، صاحب أحد محال الكشري بمحافظة بورسعيد، ليجعل المحل الصغير الذي يملكه ليس مصدر رزق فحسب، بل أيضًا مشروع لتجارة مع الله لا تخسر، فمن خلاله استطاع أن يُطعم المساكين الذين لا يمتلكون قوت يومهم، عن طريق وجبة من «الكشري» تقدم مجانًا، دون مقابل، في يوم الجمعة من كل أسبوع، تحديدًا من الواحدة ظهرًا وحتى السادسة مساءً، فمن لا يملك المال يستطيع أن يلجأ لهذا المحل الصغير ليشبع جوعه. «تجارة مع الله»، بهذه الكلمات وصف الحاج إبراهيم العيسوي، صاحب المطعم، ما يفعله من توزيع الوجبات دون مقابل، فغلاء البقوليات والأرز والمكرونة لم يجعله يرفع من سعر علبة الكشري، بل على العكس كان دافع له لعمل الخير -بحسب قوله- مضيفًا «اللي انا بعمله مش دعايا انا راجل أعمال ليا اسمي وعملي ومش محتاج للدعاية». ويضيف «العيسوي» أن الموقع الذي يوجد به المحل، موقع حيوي يعيش فيه عدد من فئات المجتمع المختلفة، لكن أغلبها الفقيرة ومحدودي الدخل، لذا علّقت لافتة كُتب عليها «يسر الحاج إبراهيم العيسوي أن يقدم وجبة كشري مجانية إن شاء الله كل يوم جمعة من كل أسبوع من الساعة 1 ظهرًا حتى الساعة السادسة مساءً». «هدفي إسعاد المساكين والأكل من المطالب الأساسية في حياة كل إنسان»، بهذه الكلمات عبر الحاج عيسوي عن ما يقصده من وراء هذا العمل الخيري، وعن سؤاله عن كيفية التمييز بين الفقير وغير الفقير، قال أنه لا يكترث لهذا الأمر، فهو يترك النية لله؛ ليحسب له في ميزان حسناته أنه أطعم فقراء في وقت ارتفع فيه أسعار الطعام.