كتبت- إيمان البصيلي: فى معركة الأكلة الأكثر شعبية النصيحة الأولى دائما للسائحين القادمين إلى مصر هى زيارة الأهرامات طبعا.. وتناول الكشرى والفول والطعمية، مهما كلفك ذلك من أدوية المعدة.. التجربة تستحق ! وعلى الرغم من الاختلاف حول أصل الكشرى ، فبعضهم يقر بأصالة مصريته، إلا أن البعض الآخر يؤكد أنه من أصل هندى، جاء إلى مصر مع الحرب العالمية الأولى تحت مسمى كوتشرى ، وهو عبارة عن عدس وأرز فقط، وطوره المصريون بإضافة الحمص والبصل والدقة والمكرونة والشعرية والشطة والكمون، مما أعطاه طعما مميزا جعل الجميع يفضلونه عن نظيره الهندى، أما الفول والطعمية فهما الوجبة الأساسية والدائمة للمصريين، خصوصا على الإفطار، ولا يقتصر تناولها على الفقراء فقط، وإنما هى وجبة مميزة أيضا لدى الأغنياء، ولكنهم غير مجبرين عليها على عكس الفقراء، نظرا لانخفاض سعرها، فى العام الماضى، ظل الثلاثى الكشرى والفول والطعمية البطل الرئيسى للأكل الشعبى فى مصر، وهو أمر يبدو أنه مرشح لسنوات طويلة قادمة.. هذه السطور احتفاء بالأبطال الثلاثة. طارق ابن أبو طارق يتحدث إليكم: سر نجاح الكشرى.. الحب والتوابل! هو أحد المعالم المميزة فى شارع شامبيليون فى وسط القاهرة، يعرفه الأجانب قبل المصريين، فيكفى أن تقول لأحدهم أريد أن آكل كشرى؟ فعلى الفور يدلك على أبو طارق ، أحد أشهر محال الكشرى المصرية، التى تميزت بصناعته منذ ما يزيد على ال50 عامًا، ولذلك لن يكون غريبًا عليك عندما تدخل المحل أن تبدأ رحلة بحث فى أدواره الخمسة عن طاولة خالية أو مقعد لك، وسط زحام شديد من مختلف الأعمار، بداية من الأطفال الموجودين بصحبة أسرهم وشباب الجامعات ومجموعات الأصدقاء من الجنسين، فعشاق الكشرى المصرى لا يترددون فى الذهاب إلى أبو طارق لتناول طبقهم المفضل. الكشرى بالنسبة لنا مش مجرد تجارة ومكسب، ده حب وتاريخ عيلتنا من أكتر من خمسين سنة، طفل بدأ يشتغل على عربية كشرى من وهو عنده 13 سنة، لحد ما وصل وبقى عنده أشهر محل كشرى فى مصر والعالم العربى ، هكذا بدأ طارق يوسف، الابن الأكبر لصاحب المحل حديثه ل التحرير ، مضيفًا أن الكشرى هو الأكلة الأولى لدى المصريين، ولا يختلف اثنان على حبه، فيقبل عليه الغنى والمليونير قبل الفقير قائلا: لم يعد الكشرى الآن هو وجبة الفقير، فالأغنياء أيضًا يعشقون الكشرى، وهناك وزراء وسفراء وفنانون كثيرون يأتون إلى هنا لتناول الكشرى، ومنهم الوزير أحمد أبو الغيط وعمر سليمان وحمدين صباحى ونجوى إبراهيم وشيرين وفيفى عبده وميس حمدان وعمرو أديب وشعبان عبد الرحيم وإسماعيل الشاعر، كان يرسل فى طلب كميات كبيرة من الكشرى، وهناك وزراء وسفراء عرب يأتون لتناول الكشرى والتقاط الصور لإرسال رسالة أنهم بين المصريين ويحبون الأكل الشعبى مثلهم . يحكى طارق عن ارتفاع سعر طبق الكشرى، ويؤكد أن السبب يرجع إلى ارتفاع أسعار المياه والكهرباء والعمالة والمكونات، ولكنه يرى فى الوقت نفسه أن هذا أمر طبيعى، خصوصا أن الأسعار لم ترتفع كثيرًا، وما زال طبق الكشرى فى متناول المواطن البسيط غير متوقع أن تحدث زيادات كبيرة فى سعره فى العام الجديد. يقول طارق إنه على الرغم من سير حركة بيع الطواجن أكثر من الكشرى، فإن الحاج يرفض أن يدخله ضمن نشاط صناعته، لأنه يرى أن صناعة الكشرى بالنسبة إليه رسالة وحب خاص، فنحن عائلة بتحب الكشرى ونحب نعمله ونقدمه للناس ونفرح قوى لما الناس تقول عن الكشرى بتاعنا حلو، وبنشتغل دايمًا على أننا نطور فيه ونقدمه بشكل أفضل للزبون . مضيفًا أن المصريين يحبون الكشرى، لأنه يعوضهم عن اللحوم ويمنحهم كل العناصر الغذائية التى يحتاج إليها الجسم، إضافة إلى أنه يمكن إضافة مذاقات مختلفة عليه كالدقة والشطة والبصل، مما يجعله محببًا لدى كثيرين، الكبار والصغار، الشباب والأطفال، الأغنياء والفقراء. لا نخلط الطواجن بالكشرى حفاظا على نقاء المهنة.. وطبَقنا شعبيته أكبر من شعبية الفول والطعمية يؤكد طارق أن طبق الكشرى يتفوق فى شعبيته عن كل الأطباق الأخرى بما فيها الفول والطعمية، فيقول: الفول والطعمية الناس بتفطر بيهم الصبح بس، لكن الكشرى ممكن يتاكل طول الوقت، وكمان الناس بتحبه، لأنه ممكن يكون مشطشط، وممكن يكون حار بالدقة أو عادة بالبصل والحمص . طارق يؤكد أن سر تميز طبق كشرى أبو طارق هى النظافة والاعتماد على جودة المكونات، وانتقاء توابل معينة يختارها الحاج ، والنظافة والاعتماد على الأشياء الطبيعية والبعد عن الأوانى الحديثة والنار الكهربائية، والأهم من ذلك هو الحب الذى نصنع به الكشرى، فيخرج الطبق مميزًا وينال رضا الزبون، ولا يسبب له أى مشكلات فى معدته أو حموضة، فيقول: الكشرى نَفَس ولو إنتى عملتى الأكل بحب، الحب ده بيوصل للناس، المهم تختارى مكونات الأكلة بعناية، والتوابل اللى هتضيفيها، وتدى الأكلة حقها فى الطهى، ساعتها هيطلع الكشرى حلو جدا . يحكى طارق عن أن الكشرى وجبة محببة لدى الأجانب الذين يزورون مصر، وقبل الثورة كانت تأتى أفواج كثيرة لتناول كشرى أبو طارق ، ولكن تغير الأمر بعد الثورة، نظرًا لعدم وجود نشاط فى حركة السياحة القادمة لمصر. قائلًا: من الصعب أن يزور أجنبى مصر دون أن يأتى لتناول الكشرى عند أبو طارق، وأعتقد أن الأجانب يعرفون كشرى أبو طارق أكثر من المصريين أنفسهم . فى كل الأحوال فإن طبق الكشرى عند أبو طارق يبدأ من سبعة جنيهات، وهو رقم لا يزال مناسبا لعديد من الطبقات الاجتماعية فى مصر، وأن يمثل وجبة غذاء محترمة، تعين المرء على الاستمرار حتى المساء، وربما حتى صباح اليوم التالى، هو وقدراته بقى! مدير آخر ساعة : سر شعبية الفول أنه مابيتهضمش طبق الفول وقرينته الطعمية، هما طعام المصريين المفضل، الذى لا يختلف عليه اثنان، غنيًّا كان أو فقيرًا، على الرغم من اشتهاره بأنه طبق الفقراء، يقول محمد عبد الجابر مدير مطعم آخر ساعة الشهير بشارع الألفى بوسط القاهرة، إن الفول ليس فقط وجبة الفقراء، فهناك أيضًا أغنياء يقبلون عليه بشراهة، وأيضًا من يعانون من مرض الأنيميا، إضافة إلى أن الفول هو عشق المصريين الأول، فهو وجبة متكاملة وبه كل العناصر الغذائية التى تفيد الجسم، وكذلك الطعمية التى يدخل فى صناعتها أنواع مختلفة من الخضراوات، فهى مزيج من البروتينات والخضراوات والأملاح والنشويات. الشعب المصرى لن يترك الفول والطعمية مدى الحياة ، هذا ما قاله الجابرى، مؤكدًا أن المصريين يحبون الفول والطعمية، لأنها أكلة مشبعة ولا تنهضم بسهولة، وتعطى الجسم طاقة، إضافة إلى أنها وجبة متكاملة وتكون أحلى مع وجود الطحينة والبطاطس المحمرة والباذنجان والبصل والمخللات بجوارها، وجميعها منتجات زهيدة الأسعار، وفى متناول المواطن البسيط وتصنع سفرة مميزة ويحبها الكبار والصغار. ويؤكد الجابر أن سر تعلق المصريين بالفول والطعمية هو إمكانية تنوع صناعتهما، فلم يعد هناك فقط الفول بالزبدة أو بالزيت الحار، ولكن هناك الفول بالصلصة وبالطحينة وبالحمص، والبيض الأومليت، والبيض المسلوق، وهناك الطعمية المشطشطة والطعمية بالبيض والعجة، والطعمية عين الكتكوت، والطعمية الكفتة، فيقول: الفول والطعمية أكلة حرشة ومفيدة عن اللحوم ومابترفعش الضغط ولا السكر ولا الكوليسترول، ولا بتكوّن دهون، والواحد ياكلها فتديله طاقة، ويشرب كوباية شاى وراها يبقى كده اتظبطت . نبيع 7 آلاف ساندويتش فول وطعمية فى اليوم.. فكيف يمكن أن ينافسنا الكشرى؟ عبد الجابر أكد أن حركة البيع والشراء الخاصة بسندويتشات الفول والطعمية تفوق باقى السندويتشات الأخرى، فيقول: مافيش حد مبياكلش فول ولا طعمية، بيه ولّا باشا ولّا ابن غفير، لكنهم ممكن يختلفوا على الشاورمة أو الهوت دوج والبرجر، أو أى أكلة أخرى، واحنا كمحل آخر ساعة متكون من سبع فروع، تقريبًا بنبيع 7 آلاف سندويتش فول وطعمية يوميا . مضيفًا أن هناك كثيرين من الفنانين والإعلاميين والقضاة يأتون إليه من وقت لآخر لتناول الفول والطعمية، خصيصًا كحمدين صباحى وأحمد الزند وزكريا عبد العزيز وأيمن نور وطلعت زكريا وأشرف زكى وروجينا ومحمد رمضان. أسعار الفول والطعمية لم ترتفع كثيرًا خلال عام 2014، وهو ما أكده عبد الجابر، على الرغم من تأكيده ارتفاع أسعار الكهرباء والمياه وأجور العمال، متوقعًا أن لا تزيد الأسعار أيضًا فى عام 2015، فيقول: الأسعار تقريبًا ثابتة مازادتش كتير، وحتى لو زادت يعنى الناس هتبطل تاكل فول وطعمية، لا يمكن، وفى كل الأحوال إحنا بنتعامل بمنطق بيع كتير واكسب قليل . ويؤكد عبد الجابر أن الفول لا ينافسه أى طبق آخر حتى الكشرى، فالكشرى حسب رأى عبد الجابر لا يؤكل إلا بعد الظهر، ولكن الفول والطعمية يمكن تناولهما على مدار اليوم، ولا صحة لما يشاع عن أن الفول أو الطعمية تتعب المعدة، خصوصا إذا تم شراؤها من محل له باع فى صناعتها، وذو سمعة طيبة، ويحرص على انتقاء أفضل أنواع الفول البلدى وأجود أنواع الخضراوات والزيوت. مضيفًا أن روح الفول هو اختيار الطحينة الخام والزيت الجيد وعمل دقة الفول بحرفية. رمضان هو موسم مميز لصناعة الفول والطعمية، على حد قول عبد الجابر، خصوصا أن المصريين يفضلونه فى السحور، لأنه وجبة مشبعة تساعدهم على الصيام على مدار اليوم. مضيفًا أنه بخلاف ذلك يتم تناوله على مدار اليوم، ففى الصباح يفضل المصريون الفول بالزيت الحار أو بالزيت العادى، ولكن بعد الظهر من الممكن أن يتناولون الفول بالسجق أو بالبيض الأومليت أو باللية، وكذلك الطعمية، يفضلون بعد الظهر الطعمية الإسكندرانى أو بالجبنة الرومى أو المشطشطة.